رسالة من كائنات مجهولة
الرسالة هى أشهر ما يتم تبادله بين المحبين، فهى أول ما يُرسل للحبيب فى بداية العلاقة، وأول ما يُعيده هذا الحبيب فى نهايتها، ولذلك غنت نجاح سلام «عاوز جواباتك؟ يعنى افترقنا خلاص؟». وغنى محمد عبده «لا تردين الرسايل، ويش أسوى بالورق؟».. وهناك رسائل لها طبيعة خاصة مثل تلك التى كتبها نزار قبانى من تحت الماء، أو تلك التى قد يجدها أحدهم فى زجاجة فوق الماء، ولكن هل يمكن أن تجد رسالة فى زجاجة نبيذ؟ حدث ذلك بالفعل مع رجل اسكتلندى، منتصف القرن الماضى، حيث التقط زجاجة نبيذ معتقة لعشرين عاماً ووجد رسالة معلقة بها تقول: «أنا فتاة فى الثامنة عشرة من عمرى، أرجو من الرجل الذى يصل لهذه الزجاجة أن يرسل لى». وبالفعل أرسل الرجل رسالة للعنوان المرفق، وكانت دهشته بالغة حين وصله الرد بعد أيام يقول: (آسفة، قد ينتظر النبيذ، لكن الفتاة لا يمكنها ذلك).
وأكثر رسائل نكرهها هى تلك المسجلة التى تصلنا على الموبايل، معلنة رفضها لمكالمتنا لأى سبب. وبمناسبة الموبايل، فقد اعتاد زوجان بريطانيان أن يروّحا على نفسيهما بإرسال رسائل قصيرة للهاتف المحمول الذى دفناه مع جدتهما قبل ثلاث سنوات، وأصيبا بصدمة حين تلقيا منذ أسابيع رداً من هاتفها يقول: «إننى أرعاكما وكل أموركما ستتحسن، ما عليكما سوى المضى قدماً». كان الأمر مرعباً إلا أنه سرعان ما تم كشف السر، فقد باعت شركة المحمول الرقم إلى أحد العملاء، مع العلم أنها كانت قد تعهدت برفع هذا الرقم من الخدمة.
وعلى طريقة تبديل الخطابات فى فيلم «سلامة فى خير» لنجيب الريحانى، أرسل سياسى بريطانى رسالتين، واحدة إلى ابنة أخته فى ليلة دخلتها والأخرى إلى ممثلة مشهورة فى أول ليلة عرض لمسرحيتها الجديدة، وحدث خطأ أبدل الرسالتين ببعضهما، فاندهشت ابنة أخته ليلة الصباحية حين وجدت رسالة من خالها يقول فيها: «أنا واثق من أنك تألقتى الليلة الماضية كعادتك».
وللسياسيين طرائفهم مع الرسائل، فقد تلقى أحد وزراء الدفاع الأمريكيين رسالة من فلاح أوروبى قرأ بحثاً يؤكد أن خصوبة الأراضى القريبة من مدينتى هيروشيما ونجازاكى اليابانيتين قد زادت بفعل القنابل الذرية التى تم إلقاؤها على المدينتين، منتصف الأربعينيات، فبعث هذا الفلاح رسالة للوزير يرجوه أن يقذف المزارع المجاورة لمزرعته بالقنبلة الذرية، وأن يخبره قبل الموعد بيوم، وكتب فى ذيل رسالته: (أتمنى أن يظل الأمر سراً بيننا).. أما الرئيس الأمريكى تيودور روزفلت فقد وصلته رسالة من غلام فى الثانية عشرة من عمره جاء فيها: «سيدى الرئيس، لو أن القانون يسمح بتجنيد المدرسين، فإننى أعرف مدرساً لم يلتحق بالخدمة العسكرية، اسمه جيمس سميث، وهو فى السادسة والعشرين من عمره».
قد يلخص البعض هدف الحياة كلها على أنها مجرد رسالة يقدمها ليرفع شأن مجتمعه، أو يقدمها فى شكل تقرير إلى السلطة ليبلغ عن مجتمعه. وانتشار النوع الثانى هو رسالة شديدة اللهجة للشعوب، وفى الوقت ذاته رسالة تحذير لمرسل التقارير الذى سيأتى عليه يوم قريب لن يجد رسائل من معجبيه ولن يقدم له أحد «رسالة الغفران»، ولو كان رجلاً لكتب رأيه على العام، وبالتالى فمن الممكن اعتبار تقاريره: «رسالة من كائنات مجهولة».
11-05-2014 ~ 09:36 PM
رد: رسالة من كائنات مجهولة
العرض العادي
