هل ينفع الانتقام حقا؟

بسم الله الرحمن الرحيم

يمشى محمد في هدوء, في خطوات ثقيلة , في ثقة كبيرة متجها بجسده للأ مام وبعقله للوراء لا يلتفت يمنة ولا يسرة وصل أمام بوابة العمارة , اتجه للدور الخامس ضغط على الجرس في هدوء فتح حسين الباب وما لبث أن أخرج محمد من جيبه مسدسًا وما هي إلا ثانية واحدة حتى سقط حسين قتيلا غارقا في دماءه , تذكر محمد في هذه اللحظة ما حدث له من ماض أليم
كان محمد طالبًا في كلية الحقوق , كان شديد الذكاء والتفوق وكان دائما يحصل على المرتبة الأولى في كل سنة , تخرج محمد فى كلية الحقوق وكان حلمه أن يعمل وكيلا للنيابة وخاصة أنه المرشح لهذا المنصب , وكان فقيرًا , ولفقره ازداد تعلقا بهذا الحلم , استطاع حسين زميل محمد أن يشترى هذا المنصب بمال أبيه رجل الأعمال الشهير , تحطمت آمال محمد وأحلامه التى بناها فى السراب أمام ناظريه , وغرقت سفينة الأحلام والطموحات فى بحر الظلمات , مرض أبو محمد حزنا كمدا على حال ابنه , ولضياع الحلم المنشود اعتزل محمد الدنيا لفترة توالت فيها الأزمات الواحدة تلو الأخرى , تزوجت حبيبته من حسين, الباشا وكيل النيابة , ومات أبوه بعد معاناة شديدة مع المرض والحزن والأسى , ولكنه خرج من هذه الأزمات قويا شامخا تناسها بصعوبة نعم , ولكن الأزمات الشديدة تصنع الرجال الأقوياء.
عمل محمد فى مكتب للمحاماة ثم افتتح مكتبا خاصا به واستطاع بذكاءه فى وقت قليل أن يكسب شهرة كبيرة وذاع صيته بين الناس , تحسنت أحواله المادية كثيرا, وتبدلت أحواله من الحزن للفرح , ولكن هناك شيئا ما ينغص عليه هذا الفرح , شيء لا يستطيع أن ينساه , يراه أمام عينيه فى كل لحظة , إلى أن جاءه رجل أعمال ومعه شيك بدون رصيد , شيك قدره 10 ملايين جنيه , طلب منه رجل الأعمال أن يبذل قصارى جهده فى هذه القضية وأنه سوف يؤتيه أجرا عظيما , استلم محمد الشيك وما أن نظر فيه حتى تغير وجهه بين السرور والفرح , نعم لقد حان الوقت ليتخلص مما ينغص عليه حياته , كان الشيك قد أخذه رجل الأعمال فى معاملات له مع والد حسين ولكنه تنصل منه بعد أن تعرض لخسارات متتاليه أفقدته الكثير من الأموال
تقدم محمد لهذه القضية وقلبه مفعم بالانتقام , وما أن علم والد حسين أن محمدا هو الذى يتولى القضية حتى انتابه شيء من السخط والكبر والغضب فى آن واحد , استطاع محمد أن يكسب القضية وشعر ساعتها بلذة الانتقام وأصبح سعيدا بهذه اللذة نعم لم يذق طعم هذه السعادة من قبل ولكنه أحبها , تآمر حسين ووالده ضد محمد وألقيا به فىالسجن فى تهمة أحكمت له بشده قضى بمقتضاها فى السجن عدة سنين
خرج من السجن إنسانا آخر لا يرى أمامه إلا شيئا واحدا هو الانتقام ولكن بشدة تختلف عن المرة السابقة وها هو يشعر بتلك السعادة وحسين صريعا تحت قدميه غارقا فى دماءه. ولكن هل نفعه الانتقام حقا؟
{احترامي}