وكانت هذه المسألة تظهر في مسائل عديدة: مساحة قطع مكافئ، مركز جاذبية مثلث، مساحة حلزون، إلخ. وقد كان للعلماء العرب محاولات عديدة في دراسة هذه المسألة. وبين القرنين السابع عشر والثامن عشر عرف الرياضيون خصائص كثيرة حول المساحات والتكاملات، دون أن يتوصلوا مع ذلك إلى تعريف عام. فقد أعطى فيرما مثلاً عام 1636 قيماً لتكاملات توابع أسية بفضل خصائص خاصة لهذه التوابع.
والحق أن تعريف التكامل يرتكز بشكل جوهري على مفهوم التابع الذي لم يكن معرفاً بعد بدقة. وقد أعطى أولر في القرن الثامن عشر أول محاولة تعريف للتابع. وقد صحح تعريفه عدة مرات ليشمل تابع جديدة أكثر عمومية. وفي ذلك الوقت تنبأ ديريشليه أنه يمكن مكاملة تابع شرط ألا يكون متقطعاً كثيراً. كذلك عمل كوشي على محاولة إثبات أن متتاليتي المستطيلات اللتين تحدان التابع لهما نهاية واحدة. لكن هذه النظريات لم تبرهَن إلا لاحقاً. وشهدت نظرية التكاملات بداية حقيقية في مطلع القرن العشرين مع لبسغ.
هل يمكن القول إن دراسة مسألة التكاملات باتت أمراً منتهياً؟
لقد سمحت أعمال لسبوغ في بداية هذا القرن بحل عدد كبير من المسائل المتعلقة بالتكامل. فمن تكامل لسبوغ إنما ظهرت نظرية الاحتمالات، وهي فرع لا يزال نشطاً ومتطوراً في الرياضيات. إن التكامل بحسب ريمان يعتمد على التقطيع العمودي بحيث نحصل على مستطيلات عمودية ونجعل قاعدة المستطيلات تنتهي إلى الصفر على محور السينات. أما لبسغ فقد اهتم في البداية بالكميات الأفقية. فاختار قيمة للتابع ع لمكاملتها على محور العينات، وجمع المجموعات التحتية لمقطع الانطلاق التي يرسلها التابع ع لهذه القيمة.
وهذه المجموعات التحتية ليست بالضرورة مقاطع، بل يمكن لها أن تكون معقدة جداً ومليئة بالفجوات ومؤلفة من حشد كبير من النقاط. وبالتالي فإننا لا نتعامل هنا مع مستطيلات أو مع مساحات يسهل حسابها. وكانت المسألة التي تعرض لها لبسغ هي كيف يمكن معرفة مساحة أشباه المستطيلات هذه. وتلك كانت أساس نظرية القياس. واقترح لبسغ تعريف قياسٍ على مجموعة الأعداد الحقيقية، وهي مجموعة الأعداد التي يمكن أن تكتب بسلسلة لانهائية من الأرقام بعد الفاصلة، وذلك بفرض أن قياس مسافة ب جـ تساوي طولها جـ ب.
وتسمح قواعد أخرى بمد هذا التعريف على مجموعات تحتية ذات مظهر أكثر صعوبة. ونحصل عندها على نظرية أقوى من نظرية ريمان بما أنها لا تعتمد على التقريبات بواسطة المستطيلات. ويمكن بواسطة نظرية لبسغ مكاملة توابع أكثر مما يمكن مع نظرية ريمان. وتعطي الحسابات بواسطة النظريتين النتائج نفسها بالنسبة للتوابع التي يمكن مكاملتها بواسطة نظرية ريمان.
هل يمكن دائماً مكاملة تابع رياضي ما؟
لا. فتكامل ريمان معرف على أنه النهاية المشتركة لمتسلسلتين، متسلسلة المستطيلات الفوقية ومتسلسلة المستطيلات التحتية. وبالنسبة لبعض التوابع الغريبة لا تتلاقى نهاية هاتين المتسلسلتين بل وأحياناً تكون قيمة النهايتين مختلفتين. ومثل هذه التوابع معقدة جداً في الواقع بحيث لا يمكن حتى رسمها، إذ لو أمكن رسمها لكان بالامكان طبعاً معرفة مساحاتها.
ونجد مثلاً في هذا النوع من التوابع التابع الذي يساوي الواحد بالنسبة للأعداد الكسرية أو العادية ويساوي الصفر بالنسبة للأعداد الأخرى. وهو يبدو في الرسم البياني مثل كومة من النقاط بالنسبة للقيمة 1، وكومة من النقاط الأخرى بالنسبة للقيمة 0. وهو يمر بالتالي باستمرار من 0 إلى 1، ومهما كانت دقة التقطيعات التحتية المختارة فإن قيمة التقطيع التحتي تكون 0 وقيمة الفوقي تكون 1. وبين نقطتين ب وجـ تكون نهاية المستطيلات العليا (ب - جـ ) × 1 ونهاية المستطيلات التحتية تساوي الصفر: وبالتالي لا يوجد نهاية مشتركة وهذا يعني عدم وجود تكامل. ومن الصعب جداً وصف مجموعة التوابع غير القابلة للتكامل. إنها توابع غير مستمرة، أي التي تقفز أحياناً من قيمة إلى أخرى. وهكذا نعرف التابع القابل للتكامل بحسب ريمان بأنه التابع الذي لا توجد فيه نقاط تقطع كثيرة.
ووفق نظرية القياس يُعبّر عن ذلك بأن مجموعة نقاط الانقطاع يجب أن تشكل مجموعة قياس معدومة. وبالمقابل فقد أعطى ريمان عام 1853 مثالاً على توابع لها لانهاية من نقاط الانقطاع وهي مع ذلك قابلة للتكامل
انتهى
اتمنى لكــم الاستفـــاده
ريمــــاس