هي الدنيا و أنت بها خبير
فكم هذا التجافي و الغرور
تدلي أهلها بحبال غدر
فكل في حبائلها أسير
إلى كم أنت مرتكن إليها
تلذ لك المنازل و القصور
و تضحك ملء فيك و لست تدري
بما يأتي به اليوم العسير
و تصبح لاهيا في خفض عيش
تحف بك الأماني و السرور
و عمرك كل يوم في انتقاص
تسير به الليالي و الشهور
و أنت على شفا النيران إن لم
يغثك بعفوه الرب الغفور
تنبه ويك من سنة التجافي
و لا تغفل فقد جاء النذير
و شمر للترحل باجتهاد
فقد أزف الترحل و المسير
و خذ حصنا من التقوى ليوم
يقل به المدافع و النصير
و لا تغتر بالدنيا و حاذر
فقد أودى بها بشر كثير
فكم سارت عليها من ملوك
كأنهمو عليها لم يسيروا
و كم شادوا قصورا عاليات
فهل وسعتهم إلا القبور
فهل يغتر بالدنيا لبيب
و هل يصبو إلى الدنيا بصير
رويدك رب جبار عنيد
له قلب غداة غد كسير
و مفتقر له جاه صغير
و قدر عند خالقه كبير
و رب مؤمل أملا طويلا
تخرم دونه العمر القصير
فلوا أسفا و هل يشفي غليلي
و ينقع غلتي الدمع الغزير
و من لي بالدموع و لي فؤاد
تلين و لم يلن قط الصخور
و كم خلف الستور جنيت ذنبا
و رب العرش مطلع خبير
و ما تغني الستور و ليس يخفى
عليه ما تواريه الستور
إلام و الإغترار بمن إليه
لعمري كل كائنة تصير
و مالي لا أخاف عذاب يوم
تضيق به الحناجر و الصدور
و أترك كل ذنب خوف نار
بخالقها أعوذ و أستجير
و لي فيه تعالى حسن ظن
و ذنبي عند رحمته يسير
تعالي عن عظيم الشكر قدرا
فما مقدار ما يثني الشكور
و قدس عن وزير أو معين
فلا وزر لديه و لا وزير
إله الخلق عفوا أنت أدرى
بما أبدي و ما يخفي الضمير
عصيت وتبت من ذنبي و إني
إلى الغفران محتاج فقير
فإن تغفر ففضلا أو تعاقب
فعدلا أيها العدل القدير
و حسن الظن فيك يدل أني
إلى إحسانك الضافي أصير
و صل على شفيع الخلق طرا
إذا ما الخلق ضمهم النشور
و عترته الهداة الغر حقا
جميعا ما تعاقبت الدهور
&&&&&&
الشاعر الأندلسي
الهبل