التأثير الكهروضوئي، من معلومات الحياة

الـسّـلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركـاته،،

أولاً، يشرّفني أن أشارك معكم هذه الفعاليّـة و لو جاءت مشاركتي في وقتٍ متأخّـر،،
و ثانيـاً، لستُ معتادةٌ على الكتابةِ باللّـغةِ العربيّـة الفصيحة، فأرجوا أن أكون قد نجحتُ في إيصال المعلومة إليكم كما لو كتبتُ بالعاميّـة



موضوعي اليوم عن ظاهرة، اخترتُ أن أقدّمها لكم، لأنّها في البداية حيّرت الفيزيائيّين، و تفسيرهـا فتحَ أبواباً جديدة في علمِ الفيزياء و أدّى إلى إيجـادِ نظريّـاتٍ و قوانينَ جديدة، مشوّقة و لَـمْ يتوقّعها أيُّ من الفيزيائيّين القُدامى،،
و هذه الظاهرة -كمـا قرأتم من العنوان- هي ظاهرة التـأثير الكهروضوئي،،

سوف أحـاولُ أن أقدّمها بأبسط و أمتَع صورة ممكنة، و أرجوا أن تحبّوهـا كما أنا أحبُّهـا
ملاحظة -لطلبة الثانويّة العـامّـة (القسم العلمي)-: ستستفيدونَ من قراءة هذا الموضوع، لأنّـه ممّـا ستدرسونه في الفصل الأخير بإذن الله !

و قبلَ أن نبدأ، هناكَ معلومة بسيطة يجب أن تكونوا محيطينَ بها لكي تفهموا هذه الظاهرة، و هذه المعلومة عن "طيف الإشعاع الكهرومغناطيسي"،،
و بكلّ بساطة، الإشعاع الكهرومغناطيسي عبارة عن موجات، منها مرئي و منها غير مرئي و تختلف في طاقتها و تردّداتها (أي في عدد الموجات الحاصلة في الثانية الواحدة) و في أطوالها الموجيّـة (أي في المسافة بين قمّتين أو قاعين موجتين متتاليتين)، و كلّـما قلّ الطول الموجي للإشعاع زادت طاقته و زاد تردّده (أي زاد عدد الموجات الحاصلة في الثانية الواحدة)،،
فالضوء المرئي بجميع ألوانه عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي، و الأشعة السينيّـة (أو أشعة أكس) و الأشعة تحت الحمراء و الفوق بنفسجيّـة عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي، و غيرهم من أنواع الإشعاعات الكهرومغناطيسيّـة المبيّـنة في الصورة أدناه:




فكمـا تلاحظون، الطول الموجي الأقلّ (أقلّ مسافة بين قمّتين أو قاعين متتاليين) هو لأشعّة جاما (Gamma Ray)، فبالتالي هي لها أكبر تردّد و أكبر طاقة (لهذا هي خطِرة)،،
و يزداد الطول الموجي و بالتالي يقلّ التردّد (Frequency) و تقلّ الطاقة كلّـما اتّجهنا نحو يسار الطيف الكهرومغناطيسي إلى أن نصِـل إلى الأشعة الراديويّـة (ٌRadio) ذات أكبر طول موجي و أقلّ طاقة و أقلّ تردّد،،





و الآن نبدأُ بشرح ظاهرة التأثير الكهروضوئيّـة الجميلة، بسمِ الله




هيَ و بكلّ بساطة: انبعاث الكترونات من سطح الفلزّ عند تسليط إشعاع كهرومغناطيسي عليه!

فإذا أسقطنا إشعاع كهرومغناطيسي -أشعة فوق بنفسجيّـة مثلاً- على سطح فلزّ -مثل الكالسيوم أو النحاس -، فإنّ الالكترونات الموجودة في هذه المادّة الفلزيّـة ستتحرّر و تنبعث من سطح الفلزّ إلى خارجه!
و الصّورة هذهِ توضّح كيفيّـة حصول ظاهرة التأثير الكهروضوئي:





العالم هاينرتش هيرتز كان أوّل من أجرى تجربة التأثير الكهروضوئي و لاحظ ما يحدث فيها، و من الطّبيعي أن يتوقّف العالم عندَ تجربته و يحاولُ أن يفسّـرَ ما يحدثُ فيهـا

و هذا ينقلنا للنقطة الثانية:



كـان التفسير الأنسَـب للتأثير الكهروضوئي حينها هو أنّـه بما أنّ الموجات الكهرومغناطيسيّـة تمتلك طاقة، فبالتـالي طاقة الإشعاع الكهرومغناطيسي السّـاقط على سطح الفلزّ تنتقل إلى الالكترونات الموجودة في الفلزّ، و عند اكتساب الالكترونات للطاقة تتحرّك و تنبعث من خارج سطح الفلزّ،،

و كـان هذا هو تفسير الظاهرة المبدأي، حسب الفيزياء "الكلاسيكيّـة" التي كانت تعتبر الضوء عبارة عن سيل متّصل من الطاقة و ممكن أن تمتلك هذه الموجات أي مقدار ممكن من الطاقة،،

لكن الفيزيائيّـين "الكلاسيكيّين" الذين كانوا يعتبرون الضوء سيل متّصل من الطاقة لم يستطيعوا تفسير بقيّـة التفاصيل اللي كانت تحصل في هذه الظاهرة، و كانت النظريّـة الكلاسيكيّـة للضوء المتصّـل عاجزة عن تقديم تفسير مطلق لها، فاكتفى الكلاسيكيّون بوضع توقّعات لكي يقوموا باختبار صحّتها تجريبيّـاً،،





حسب الفيزياء الكلاسيكيّة، توقّع العلماء أن تحرّر الالكترونات من سطح الفلزّ في التأثير الكهروضوئي يعتمد على شدّة الإشعاع الساقط، و أنّـه إذا كان الإشعاع الساقط ذو شدّة منخفضة تنبعث الالكترونات بعد فترة من الزمن لامتصاصها لطاقة الشعاع بالتدريج، و لكن النتائج التجربيّة أظهرت أن تحرّرها لا يعتمد على شدّة الضوء بل على تردّده، حيث أنهم رأوا أنّ الالكترونات لا تنبعث من سطح الفلزّ إلا إذا كان تردّد الضوء أكبر من أو يساوي قيمة معيّنة، فّإذا كان تردّد الضوء في مدى هذه القيم ستنبعث الالكترونات لحظيّـاً (في نفس اللحظة) مهما كانت شدّته.
كما أنّ العلماء توقعوا أنّ طاقة الحركة التي تمتلكها الالكترونات المتحرّرة تعتمد على شدّة الضوء، و لكن النتائج التجريبيّة أظهرت أنّ طاقة حركة الالكترونات تعتمد على تردّد الضوء (تزداد بزيادة تردّد الضوء) و لا تتأثر طاقتهم الحركية بتغيير شدّة الضوء، فقط يزداد عدد الالكترونات المنبعثة بزيادة شدّته.



فهنا، التجربة خالفت التوقّعات، و لم يستطِع العلماء إيجاد تفاسير للنتائج التجريبيّـة وفقاً للنظريّة الكلاسيكيّة للضوء،،
فكان العلماء بحاجة إلى "فيزياء جديدة" تستطيع تفسير هذه الظاهرة،،

و بالطّبع، جاء ألبرت آينستاين و قام بإيجـاد أبسط التفاسير و أكثرهـا "أنـاقةً" لهذه الظاهرة الجميلة !

و كان تفسيرة كالتالي:

الضوء ليس عبارة عن سيل متّصل من الطاقة، بل هو عبارة عن جسيمات تسمّي بـ "كمّـات" (quanta) أو "فوتونات" (photons)، و هذه الجسيمات عديمة الكتلة، و تمتلك أقلّ مقدار ممكن من الطاقة الضوئيّة التي ممكن أن توجد منفردة!

و بالتالي، كل فوتون يمتلك طاقة معيّنة، و هذا الطاقة مكافئة لتردّد الضوء،،
و كلّ ما زادت شدّة الضوء يزداد عدد الفوتونات التي يحويها،،

فّإذا كان تردّد الفوتون أكبر من أو يساوي قيمة تردّد معيّنة، ستكون له طاقة أكبر من أو تساوي الطاقة الحركيّة التي يحتاجها الالكترون لكي يتحرّر من سطح الفلزّ، فيمتصّ الالكترون الواحد فوتوناً واحداً، يمتصّ طاقته و ينطلق من سطح الفلزّ، و إن كان تردّد الفوتون أقلّ من قيمة معيّنة، لن يمتلك طاقة كافية لكي يتحرّر الالكترون من سطح الفلزّ، فبالتالي إذا امتصّه الالكترون لن يتحرّر من سطح الفلزّ لأن طاقته الحركيّة لن تكون كافية ليحدث ذلك،،

و هذا الذي يفسّر اعتماد انبعاث الالكترونات من سطح الفلزّ على تردّد الضوء، حيث أن تردّد الضوء هو تردّد فوتونات الضوء، و امتلاك الفوتونات تردّد معيّن تعني امتلاكها لطاقة معيّنة، فإذا كانت طاقتها أكبر من أو تساوي الطاقة التي يحتاجها الالكترون لينبعث من سطح الفلزّ فإنه يمتص الفوتون و يتحرّر، و إذا كانت التردّد الذي يمتلكها الفوتون يكافئ طاقة أقل من الطاقة اللازمة لتحرّر الالكترون فإنّـه لا يتحرّر،،

و أقلّ تردّد يتسبّب في تحرير الالكترونات من سطح الفلزّ يسمّى بـ "تردّد العتبة"، و قيمته تختلف من فلزّ لآخر حيث أنّ الالكترونات من فلزّ إلى آخر تختلف في الطاقة التي تحتاجها لتتحرّر،،

و كلّما زادت قيمة تردّد الضوء الساقط على الفلزّ عن قيمة تردّد العتبة للفلز، تزداد طاقة حركة الالكترونات المتحرّرة، حيث أنه تزداد طاقة الفوتون بزيادة تردّده، و بالتالي تزداد طاقة الحركة للالكترون الذي امتصّ الفوتون،،


و ما يفسّر زيادة عدد الالكترونات المنبعثة من سطح الفلزّ بزيادة شدّة الضوء هو أنّـه بزيادة شدّة الضوء يزداد عدد الفوتونات الموجودة فيه، و بزيادة عدد الفوتونات الموجودة، يزداد عدد الالكترونات التي تمتصّ الفوتونات -ذات التردد الأكبر من أو يساوي تردّد العتبة طبعاً- و بالتالي يزداد عدد الالكترونات المنبعثة من سطح الفلزّ!




و هكذا، فكرة آينستاين في "تكمئة" الضوء -أي في كونه يتكوّن من جسيمات منفصلة- كانت ثوريّـة و جديدة، و أدّت إلى وجود فرع جديد في الفيزياء يسمّى بـ "فيزياء الكم" (quantum physics) و الذي يحتوي على نظريّـات غريبة و شيّقة و زادت من فهمنا لما حولنـا

و أيضاً ليس من الغريب أن نذكر أنّ آينستاين حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921م لتقديمه لهذا التفسير البسيط و الجميل




و إن وجدتم صعوبة في فهمِ الظاهرة الكهروضوئيّـة، لااا تقلقوا! في الردّ التالي ستجرّبونها بنفسكم!

(يتبع.. الرّجـاء عدم الردّ)