ديوان نزاع النفس

"شطحات فكرية من وقفة سقراط"

وقف أعلى الجبل حافياً
وهواء أثينا الممتلئ ظلماً يأخذ ملبسه الممزق
فاتحاً عينيه الحادتين
إلى حال البلاد
والبهائم والعباد
والزرع والحصاد
***
وشعره الخفيف يتطاير كأفكاره المحلقة
اشرقت الشمس فاغربت
وهو واقف محتسب .. مفكراً مكتئب
وكعبي رجليه كحجر قديم
ورئتيه الاغريقيتين تعلو مع أفكاره
***
فسمع نداء..!!
يا سقراط ..!! ان العبقري الحافي مثلك لا يستطيع العيش
ولكن عندما يموت .. سيموت الجسد
وتموت العاطفة
ولكن يبقى العقل يرن في قعر الجهل
***
فانتفض .. وانصر العقل
ونادي بالتعقل
والمنطق ... والفلسفة .. وابتكر الاستقراء
وحلق في السماء ..
واترك العاطفة القبيحة جانباً ..
فانها بلهاء..

" موقف حدث في الشتاء"

الحسناء تأتي كل يوم من هنا
مسرعة دوماً لا أعرف ..!!
فأردت أن افعل معها موقف
وقفت في الصباح القارص منتظر ..
منتظراً قدوم الفجر ..
وقفت والبرد يأخذ نواحي جسمي المشتاق
محتضن معطفي القديم منتظر
وطعم القهوة المرة في فمي
والسيجار في يدي يحتضر ..
ورجليّ تتراقص من شدة الخوف
والبرد القارص غير مستقر..
حان وقت قدومها أين هي ؟
وقفت ساعة وقلبي للقائها مستعر ..
***
جاءت الحسناء كعادتها مسرعة
وصدى كعبيها يجوب المكان
مسرعةٌ مسرعة ويديها تلتف جسمها من شدة البرد
وشعرها الأسود الطويل القاتل !! وما أجمله من شعر ..
تمشي وبنطلونها الأزرق يرسم جسمها الممشوق
ناظرة إلى الأسفل وخصلات شعرها الحادة تغطي اغلب جبهتها
صحت .. سيدتي ؟!! هذا معطفي ..البسيه ليحميك من المطر..
***
تقدمت عليها
فوقفت هي متفاجئة
نزعت معطفي وانا امشي بسرعة اتجاهها
قالت عفواً لا اريد
وضعته على جسمها المرتعد
مقترباً منها بهدوء.. شممت ذاك العطر
قلت لها بصوت دافيء مرتبك ويداي يختلطان بكتفيها
سيحمي.. سيحمو.. عفواً ... سيحميك من المطر
صارت نظرتنا الدافئة تحت المعطف البارد
وعينيها على حاجبي الرجوليتان مستقرة
ونفسها البارد يدخل احشائي المشتاقة
***

قالت منتفضة.. عفواً!! هل نزعت المعطف عني؟ لا أريد..
فمكان سؤلي عني ليس ببعيد
قلت لها ، عذراً سيدتي
نزعت معطفي عنها
نظرت لي مبتسمة مرتبكة
شكراً لموقفك ..
وذهبت بسرعة ..
وشعرها الأسود يتطاير
كحمامة حب ...

"ابتسامــــة باكيـــة"

اين انت؟
تمشيت في شوارع المدينة باحثاً عنك
اين انت؟
والاضواء في كل مكان
بقيت وتغير الزمان
فلم اجدك اين انت؟
منذ كنت صغيراً العب بدافتري باحثاً عنك
بحثت عنك ورغيفي الاسمر في فمي يتكسر
وجدران بيت ابي تتفطر
اين انت ؟
اين انت يا وطني ؟
كبرت ففتحت باب الحياة
فاردت ان استفق بعد ماكان بي من الممات
لحقت بركائب الماشين باحثاً عنك
تكافلك اين
تغذيتك اين
نظامك اين
تغيرت الاماكن والاضواء والشوارع وانت لست موجود
اين وطني ؟
اين وطني من بقاع العالم اوطني البقعة الشقراء التي
تدفع لي راتب اللجوء لتشبعني من الجوع
ام وطني الاسمر من سمار النفط الغزير الذي ادفع له ايجار البيت لاشبعه ؟

اين انت يا وطني ؟
ابتسامتي عند بحثي عنك صارت باكية

"لحظــــة هادئـــة"

جلست في الحديقة مع الهواء النقي
وزقزقة العصافير ، وعبير الورود السحري
ونور الشمس الرقيقة تداعب أوراق الشجر فتنعكس أشعتها بكل جمال
رشفت أول رشفة من القهوة الحلوة ...
نظرت إلى السماء ، رأيت ابتسامتك المهدمة
وعيونك الغريقة ، فأردت أن أكون رساماً

للحظة اقتطفت وردة وجعلتها فرشتي ..
فأرجعت ابتسامتك البهية الرقيقة التي كانت تداعب مشاعري المتقلبة المضطربة
ومسحت على عينيك الجميلتين بكل هدوء .

اسمحي لي سيدتي أن ارقص معك اليوم في الصباح
على لحن زقزقة العصافير ، وحلاوة القهوة

للحظة سمعت صوتاً يرن قربي
فوجدته نقالي وإذا بك أنتي
وقلتي "حبيبي صباحك عسل ، اشتقت لك ، جلست نظرت إلى السماء فرايتك طائراً ابيضاً محلقاً فتذكرتك، حبيبي احبك"
وأنا أقولها لك :
حبيبتي ، احبك
حبيبتي ، احبك

" لا تتعــــززي"

حَلِمَ قلبي بلقياك غاليتي
ولم يسأم فؤادي عن هواكِ
***
فدارت شفاي عليكِ ظامئةٌ
عساها ارتوت شغفاً من شفاكِ
***
تذابلت ذلاً أمام تعززك
فأصبحت دوماً تجُلُ سماكِ
***
تعززي سيدتي على قلبٍ هوا
وظلي تعلي عن عُلاكِ
***
يا جميلة الأوصاف لا تتعددي
وانفردي بعينينٍ دماً وهباكِ
***
وحطي على كتفي بكل تحفظٍ
وتذكري صدري الذي أدفاكِ

" وصـــف امرأة "

متوجهاً للمكان المنشود..
حاملاً أوراقي المتُربة القديمة
التي تتكرر دوماً بروتين مُمل
جلست هناك وانظاري جديدة
ولحن بتهوفيني يحتل المكان بقوة
فجاء "الخصر" المرسوم - قوسُ رمحٍ مشدود
وشعرٌ اسودٌ ملفوف ومنتشر على قمرٍ مغرور
ينظر إلي بكل تعالي متمتماً بكلمات موسيقية
سمعتها بعد عناء طويل مع نفسي
****
وقفت هي وجمال اللحن يناديها
وصباح الورد يمسيها
وحزن العشق يضحكّها
وضحكات البسم تُبكيها
إمرأةٌ ... لم أرى قبلها يوماً
تمتلك قلوب الذئاب عنوةً
وتسلب مشاعر الجلد الثابت
أعترفُ الآن !!
أن الجمال صُبَّ في المرأة صبّا
وتخلخل خلاياها الرقيقة
يا إمرأة أينما كنتي عشقتك
وأحتاج إليك ...

" لهفي لرجوعك يكبــــر"

عبق ورود الملاك حل محاذياً
فتذكرت مشاعراً قد كسرتْ
****
وحُلمٌ قد دخل مخيلتي
فجُلّ عواصفي قد هدئتْ
*****
نزاع نفسي احتل مشاعري
ومحبةٌ طالما قد وهبتْ
****
يا وردتي البيضاء حني
على أسطر طالما نظمتْ
****
عذبني غيابك سيدتي
ودموعي لإجلكي قد سُكِبتْ
****
أصبحتُ بنوركِ أدميرالاً
وشجوني أبداً لكِ عَشَقتْ
****
غريب زماني هِمتُ هُنا
وهمساتُ ربيعي قد ولتْ
*****
أملٌ جاءَ ... رجاءٌ أملٌ
ذاتي ملئت... فيكي غرقتْ
*****
حروفي فيكِ
ظلّتْ... ودَقْتْ
****
لكن روحي.. فيكي وقفت
همستْ.. دقتْ .. نادتْ..صَرختْ
****
لهفي لرجوعكِ يكبر
يكبر دوماً .. دوماً يصغر
****
يصغر صبري لمتى يصبر؟!
نفسي صبرت لكن جزِعتْ
*****
سترجع يوماً ... لا قد رجِعتْ

"ألــــــوان"
تلتقي الالوان كل يوم
يمشي الاخضر في الشارع
يمشي بهدوء ونظرة حب يوزعها
لكل الشارع
***
التقى بالابيض
"كيف حالك يا ابيض"
قال الابيض " عذراً ملبسك لا يعجبني"
صافي النفس ولكن بنفس الوقت دائما يتباهى
****
ركض من هناك الاصفر (ذكي ماكر)
لا يحب التكلم كثيراً ، تحدث قليلاً
ثم غادر من دون ان يعلم الاخضر بان محفظته قد سرقت
****
بهدوء مرت مركبة طويلة
قال الاخضر
جاء الكحلي
سلم النيلي والابتسامة الهادئة على عينيه
بثقة عالية نزل من المركبة
الاخضر والابيض لا يحبونه
لانه صعب المزاج ، سلوكه غير متوقع
****
اتصل البرتقالي الودود على الابيض
مخبراً له بعدم مقدرته على المجيء
لخوفه من انفجار مرتقب
*****
من هناك يمشي الاحمر الحازم والعاشق مع الازرق الصادق والحساس
نظر الاخضر لهما مبتسماً محباً لما يراه
والابيض حائر بملبسه الانيق
والنيلي المهتم بحساباته واعماله
والالوان تتلاقى وتتفارق
كل يوم
ولكن في هذا اليوم جاء الاســــــــــــود
الغامض المتعجرف السيد الدكتاتوري
امتص الالوان جميعاً
لم يعطي شيئا
وظل يمتص الالوان
فجعل من لونه شعاراً
على ارصفة الشارع

"طفلـــــــــة"

أخذت تلعب بالمكعبات
تبني شقة ،
تجلب ورقة ... تكتب فيها
"والدي بنيت لك شقة "!
***
طاعون انتشر بين ارجاء البلاد !!
يعدي فينا صالحٌ طيب..
فيقتل نبض الصوت العالي
ظلمٌ ساد ، عدل تنحى
***
أخذت تلعب .. تسكب .. تشرب
جلبت ماء إلى والدها..
"أبي أشرب ؛ لأنك عطشت كثيراً" !
***
لكن بسبب المتعجرفين... جف النهر
وسال الجرف
ضاق النهر..!! وهم يشربون..
يأخذُون قسطاً ، ثمّ يطربون
***
دنت تهمس في أذن والدها
"أبي هل تعلم جيرانتي قد أهدت..
لي دمية جميلة ، عليها كتبت ..
إلى جيرانتي مع الامتنان ؟"
***
لكن هبّوا جاءوا معسكرين...
منادين بأعلى صوت منتظرين
سقوط الحائط !!
وتخريج الطفلة .. !
وقتل الأب ..!!
ونهب الحفنة ... !

"كرســي"

جالسة على كرسي تتحدث
وعطر الياسمين..
يفوح في الاركان،
وشعرها الطويل
يغني...!
احلى الترنيمات..
اثر هواء نقي يحتل المكان.
جمال كلامها اخذني بعيداً،
ورقة لحن نغمها العذب المخملي النعسان...
فتح مقلتي الى الحياة ثانية،
وزادها جمالاً والواناً!!
جالسة والثغر قطة تشكيلية ..
رسمها فنان ...
فنحت اجمل الاقواس الوردية
الداعية للاستشهاد بينها،
والبحر الازرق يغرق في عينيها ،
مداعبةً لي بكل هدوء...
ورمان البستان منتشر..،
على عتبتي العينين..
كانها بستانين مملوء حمرة
سرقت ناظري لساعات متاملاً ،
ما السر في الجلوس الطويل؟!
واذا بالقلم مكسور..!!
والكرسي اصبح صديقاً لها..!!
كم انتي جميلة ومظلومة من القدر!!!
تحياتي لكِ...