اهلا وسهلا بكم في منتديات حزن العشاق .. يمنع نشر الأغاني والمسلسلات والأفلام وكافة الصور المحرّمة ويمنع نشر المواضيع الطائفية... منتدانا ذو رسالة ثقافية وسطية
العودة   منتديات حزن العشاق > الاقسام العامة للمجتمع > منتدى البحوث العلميه

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-02-2013 ~ 04:15 AM
بحث تقرير جاهز عن اثر الحروب الصليبية في الادب المصري
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 1
 
الصورة الرمزية فاطمة الطاهرة
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : May 2011
العمر : 26
معدل تقييم المستوى : 10
فاطمة الطاهرة is a jewel in the roughفاطمة الطاهرة is a jewel in the roughفاطمة الطاهرة is a jewel in the rough



شح‘ـآلكمـ حزن العشاق
ح‘ـبيت احط لكمـ معلومــآت وبحوثات

الح‘ـين رآح نشوف نبذة عن هالبحوث:rose:



تمثل الحروب الصليبية فصلا مهما في حياة الشرق والغرب والتصادم بين الاسلام والمسيحية، بصرف النظر عن ارتباطها باي من الدينين او المواجهة بين حضارتي الشرق والغرب، الحروب الصليبية لم تعلن بصفتها اول تجربة استعمارية للغرب خارج حدوده، بل كانت استمرارا في السياسات التوسعية التي كان يتبناها حكام الغرب . كانت تلك الحروب، من حيث كونها عاملا في يقظة اوروبا وانتشالها من ظلام التوحش الي ساحة التمدن - كما يقول برنارد لويس - اول حركة غربية نحو بسط سلطتهم . وفيما يتعلق بتاثير الحروب الصليبية في المغرب، فهناك تآليف عديدة للغربيين، وللمسلمين ايضا في العصر الحديث، ولكن الذي لقي القليل من الاهتمام هو تاثير تلك الحروب الطويلة في البلاد الاسلامية، وعلي الاخص في شرق البحر الابيض المتوسط . وهذا ما يتناوله الكاتب في هذا المقال .
ان عدم وجود نظرة تحليلية الي الحروب الصليبية كان واحدا من اهم نقاط الضعف عند المؤرخين المسلمين . ان ما نقراه في المصادر التاريخية لا يتجاوز وصف الوقائع العسكرية وبعض الاحداث السياسية، من دون اي تحليل او دراسة للدوافع والآثار .
وقبل الدخول في صلب الموضوع، اي دراسة آثار تلك الحروب في العالم الاسلامي، لابد من الاشارة الي نقطتين اثنتين :
الاولي هي اولا ضعف التدوين التاريخي عند المسلمين، وهذا يتضح عند دراسة النصوص التاريخية عن الحروب الصليبية في الاسلام والمسيحية، بعضهم، مثل غابرييل، يشير الي شعور الاعتقاد بافضلية المسلمين علي الغرب [غابرييل، 98]، وثانيا عدم عناية المسلمين بالتدوين الموضوعي للتاريخ، وخاصة في تلك الظروف العصيبة، التي كان الاسلام يمر بها . ان الخصومات والمشاجرات الطائفية والمذهبية، وخاصة بين اهل السنة والشيعة الاسماعيلية، كانت تحمل كل طرف علي الاعتقاد بان الطرف الآخر هو العدو، واضعا الهجوم الصليبي في المرتبة الثانية بعد ذلك (1) .
الثانية اسباب الحرب التي يجب البحث عنها في الغرب، لا شك في ان الدافع الديني كان من اهم الاسباب، كما يتضح في الكلام المعروف الذي جاء علي لسان البابا اوربانوس الثاني في مجمع كلرمون بفرنسا (2) . كما ان النظرة الاسلامية تري الدافع الديني من اهم الاسباب، وذلك لان الخصومة بين الاسلام والمسيحية واليهودية كانت منذ القديم لازمة تاريخية لا يمكن تجنبها . يقول الله تعالي في القرآن المجيد: «لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم » (3) [البقرة/120 . ] اعلن رينالد دوشاتيون ، الحاكم الصليبي علي كرك (4) - المعروف في النصوص العربية باسم ارباط ويعتبر من الد اعداء المسلمين - ان هدفه هو مهاجمة الحجاز وهدم مقابر المدينة والكعبة في مكة [دورانت، ج 4، 799 . ] من مؤرخي الحروب الصليبين الغربيين، المؤرخ المجهول فوشه دوشارتر، و ريمون داجيل، ويليام صوري، و آلبرت داكس، و جوانقيل، و بودري دي بوركي، و رابرت ومن المعاصرين ارنست باركر، و ستيفن رانسيمان، و رنه جروسه، يعتقدون بان الحروب الصليبية كانت دينية [ناصري، 1373 ه . ش، الفصل الاول]، ان واحدا من اوضح اسباب اعلان الحرب كان الحالة الاجتماعية في اوروبا . كما ان سلطة الملاكين علي الشؤون الاقتصادية، والقحط والجفاف وشيوع الامراض المختلفة، كالطاعون، كانت تقلق الغرب . ان حرمان افراد العائلة - باستثناء الابن الارشد - من ارث الاب، ورغبتهم في الهجرة الي الاراضي الخصبة بهدف الحصول علي الرزق، كان من الاسباب المهمة لتلك الحروب الواسعة، بالاضافة الي الاهداف الاجتماعية والاقتصادية المذكورة، تجب ملاحظة موقف الجمهوريات الثلاث، وجن وبيزا، في الحرب [ناصري، 64- 65 ]، حتي يمكن بهذه الطريقة بيان اهمية الاهداف الاقتصادية في اشعال نيران الحروب الصليبية .
كذلك ينبغي ان لا نغفل عن الجذور التاريخية للتك الحرب . كان البابا جريجوري السابع منذ البداية يحمل في راسه فكرة الحرب مع المسلمين، ففي حرارة المبارزة مع هنري الرابع، قال:
التضحية بالنفس في سبيل تحرير الاماكن المقدسة احلي في نظري من حكم «العالم باسره » [دورانت، ج 4، 785 . ] في المغرب الاسلامي قام منصور بن ابي عامر (5) ، بهدف تحرير الاندلس في سنة 352 ه (963م)، بحرق مدينة سنت جيمز في (كامبوستلا) المقدسة عند المسيحيين، بعد بيت المقدس، ومنذئذ ابدي البابا والكنيسة اهتماما اكبر بقضايا الاندلس، فطلب غريغوري من الامراء ان يساهموا في اعداد الجيوش لحرب المسلمين [رانسيمان، 1371ه ، 115 . ] ان حرب زلاقة سنة 479 ه (1086م) التي قعت بين المسلمين بقيادة يوسف بن تاشفين (رئيس دولة المرابطين)، والمسيحيين بقيادة الفونس السادس ملك كاستيل، والتي انتهت باندحار المسيحيين، كانت ما تزال تؤلم الصليبيين (6) .
وحرب منازجرد او ملازجرد (464 ه/1071م) بين الب ارسلان و رومانوس ديوجانوس ، امبراطور بيزنطة، التي ادت الي هزيمة المسيحيين تلك الهزيمة المنكرة بوقوع الامبراطور في الاسر، كانت من تجليات الحروب التي وقعت بين المسلمين والمسيحيين (7) . وقبل نحو قرن من ذلك التاريخ قام سيف الدولة الحمداني، رئيس الدولة الشيعية في حلب، بمحاربة الروم اربعين مرة (8) .
الباباالجديد، اوربانوس الثاني، وبالذهنية التاريخية التي كان يحملها، مثل سلفه غريغوري، سعي الي التعبئة العامة ضد المسلمين، فتحرك سنة 1059م من روما الي شمال ايطاليا، وعقد اول اجتماع صليبي في مدينة پياكنزا، استجابة لطلب امبراطور روما الشرقية لتقديم الغرب العون له في حربه ضد المسلمين . ولكن بالنظر للاختلافات بين البابا والامبراطور، لم يحصل شي ء [محمود العروسي المطوي، 54 . ] الا انه بعد بضعة اشهر تحقق هذا الامر في مجمع كلرمون .
ومن جهة اخري، وعلي العكس من القرون الاولي لحياة المسيحية التي كانت تعتمد علي الجانب الالهي للسيد المسيح اكثر من جانبه البشري، منذ اوائل القرن الخامس الميلادي وتاسيس المذهب النسطوري وتجليل المعراج وصلب المسيح، اصبح الحج الي بيت المقدس من شعائر المسيحيين الكبري، وهلنا، ام قسطنطين امبراطور روما الشرقية، شيدت كنيسة القيامة . وفي القرن العاشر، عند استتباب شي ء من الامن للغربيين في البحر الابيض المتوسط، ازداد عدد الحجاج الي بيت المقدس، وهذا التحسن في ظروف الحج، كما يقول رانسيمان، كان له تاثيره في الفكر الديني بحيث ان الحج الي بيت المقدس اعتبرته الكنيسة بمثابة الاستغفار والتوبة من الاثم [رانسيمان، 62 . ] لذلك كان من الطبيعي ان يكون تحرير كنيسة القيامة وقبر المسيح احد اسباب نشوب الحروب الصليبية .
كثير من حجاج بيت المقدس عند رجوعهم كانوا يطرحون قضية عدم وجود امان للمسيحيين، مع انه قبل الحروب الصليبية، خلال حكم الفاطميين في فلسطين، كانت لهذه الدولة علاقات حسنة مع المسيحيين وصرفت مبالغ كبيرة لترميم كنيسة بيت المقدس [دورانت، ج 4، 738 . ] جاء في رحلة ناصر خسرو: «كل سنة ياتي خلق كثير الي هناك للزيارة، وملك الروم ياتي في النهاية بحيث لا يعلم به احد» [ناصر خسرو، 1370 ه . ش، 44 . ] رانسيمان، الذي يحمل شيئا من التعصب ضد المسلمين، يعتقد ان امن المسيحيين في الحكومة الاسلامية اكثر منه في الحكومة الرومانية [ قدري قلعجي، 1399ه، 29 . ] هذا المؤرخ نفسه ينقل عن دائرة المعارف الاسلامية، مؤكدا ان في عصر تتش السلجوقي، وارتق، عامله علي بيت المقدس، لم يظهرا اي عداء ضد المسيحيين (9) [رانسيمان، 99 . ] وفي كتاب تاريخ بطريق الاسكندرية يقول ان حكم الاتراك في فلسطين كان افضل بكثير من حكومة فرانكني التي جاءت بعدهم [رانسيمان، 103 . ] ان الغربيين، بهذه النظرة الدينية، وماضيهم التاريخي والحاجات الاجتماعية والاقتصادية، هجموا علي المناطق الشرقية من البحر الابيض المتوسط، او ارض اللبن والعسل . الا ان هذا الهجوم الخارجي وحضور الصليبيين الظالم في الجانب الآخر من البحر الابيض المتوسط (الذي دام نحو قرنين) لم يكن كافيا، وانما الحالة الاجتماعية في العالم الاسلامي كانت بحيث انها ساعدت علي تقدم العدو وابقائه في تلك المنطقة .
الحالة في العالم الاسلامي

الخلافة في بغداد كانت اشبه بمؤسسة تشريفاتية، والخليفة كان شخصا عديم الارادة وضعيف الشخصية، ولم يكن قادرا علي القيام بالتعبئة العامة، لا معنويا ولا عسكريا . ان شمس عظمة التركمان التي كانت قد صاغت امبراطورية السلاجقة العظمي افلت بعد موت ملكشاه، وبقي كل جزء من تلك الدولة الكبيرة السنية المذهب بيد امير او اتابكي . والفاطميون الذين كانوا يضاهون السلاجقة من حيث القوة، كان مصيرهم مصير السلاجقة بعد موت ثامنهم، المستنصر بالله . كان الانحطاط الاخلاقي والسياسي في ساير نقاط شمال افريقيا، مثل الاندلس وصقلية، دليلا علي ضعف الامبراطورية الاسلامية . جميع الدول الاسلامية كانت في نزاع دائم بعض مع بعض (باستثناء الدولة الفاطمية) علي الرغم من انها كانت تطيع الخليفة في بغداد وتدين بالولاء الديني للخلافة العباسية . يقول ابن الاثير:
«تفرقت فيه بالمسلمين الآراء واختلفت الاهواء وتمزقت الاحوال » .
[ابن الاثير، 1408ه ج 6، 221 . ] الا ان اهم دافع لاستمرار الحروب الصليبية وتوسعها في الجغرافية الاسلامية هو النظرة التي كان يحملها فقهاء اهل السنة عن المذهب المخالف، خاصة الاسماعيلية، ومن الوجوه البارزة في هذا الخضم هو ابو حامد محمد الغزالي الذي بين نظرية مشروعية الخلافة والحكومة النابعة من القوة، وايد في كتاباته عزم الخليفة والحاكم، معتبرا المخالفين ضد الدين واهدر دماءهم (10) . واستنادا الي هذه النظرية افتي بقتل الشيعة، والاسماعيليين بصفة خاصة، واتباع الخلافة الفاطمية . ولكنه، علي الرغم من حضوره في الشام ومشاهدته المذابح الصليبية بنفسه، لم يصدر اي فتوي ضدهم، ولم يحرض الخليفة ولا السلطان ولا الناس علي الجهاد ضد الكفار، وقد حاول بعض الباحثين العرب الذاهبين مذهب الغزالي ان يسوغوا سكوت الغزالي ازاء الصليبيين بشكل من الاشكال .
اعلن الدكتور عمر فروخ، في مؤتمر احياء ذكري الغزالي الذي عقد في دمشق سنة 1961م، ان سبب سكوت الغزالي كان مرضه النفسي واتجاهه نحو التصوف، بمثلما فعل كل من محيي الدين بن العربي وابن الفارض بصفتهما من ابرز وجوه التصوف يومذاك ولم يصدروا اي فتوي ضد الكفار . واذا كان هذا التسويغ مقبولا بالنسبة لامثال ابن العربي و ابن الفارض طبقا لمشربهم في التصوف الفلسفي، فانه لن يكون مقبولا لدي الغزالي الصوفي والمتعصب في الدين وضد الفلسفة، وذلك لانه كتب اكثر ما كتب ضد الاسماعيلية خلال تلك الفترة من ازمته الروحية .
الدكتور زكي مبارك، في كتابه الاخلاق عند الغزالي، يعتبر انشغال الغزالي بالاوراد والاذكار والاعتكاف سببا في سكوته، مؤيدا بذلك راي عمر فروخ . اما الدكتور عبدالكريم عثمان فيعتقد ان الغزالي لم يكن في الشام اثناء احتلال الصليبيين بيت المقدس، لذلك فلا لوم عليه [عبدالكريم عثمان، بلا تاريخ، 24- 27 . ] ان الحرب الصليبية كانت قضية كل المسلمين والعالم الاسلامي . لذلك كان علي الغزالي، حيثما كان (في خراسان او في بغداد او في الشام)، وبصفته مجدد الثقافة السائدة يومذاك، اي التسنن، ان يتخذ موقفه ويصدر فتواه (11) .
وثمة باحث عربي معاصر آخر ممن سوغوا خطا الغزالي هو الدكتور عبدالله الشرقاوي الذي يقول ان رد الغزالي علي المسيحيين في كتابه الرد الجميل لالوهية عيسي بصريح الانجيل (12) انما هو استنكار وتخطئة للحروب الصليبية .
الباحث العربي المعاصر الآخر، احمد عرفات القاضي، في كتابه الفكر السياسي عند الباطنية وموقف الغزالي منه، يسوغ الامر تسويغا آخر ويبرئه من الخطا . لابد، علي كل حال، من ملاحظة ان المرحوم المينوي ينسب رسالة بعنوان تحفة الملوك (13) الي الغزالي . وفي الباب الحادي عشر منها، وتحت عنوان «الحث علي الجهاد» يدعو المسلمين والسلاطين والامراء الي محاربة الصليبيين . ومما جاء في هذه الرسالة ما مضمونه: «وخير من ذلك ان تنفق العمر في رضا الله تعالي وان تسترجع بيت المقدس، قبلة الانبياء، من ايدي الكفرة » (14) ، ولكن بالنظر الي ان كاتب الرسالة يصدر مختلف الفتاوي بموجب الفقه الحنفي، يستبعد ان يكون كاتبها هو الغزالي الشافعي المتعصب .
وعالم آخر من العلماء والفقهاء الذين عاصروا الحروب الصليبية هو شرف الدين ابو سعد عبدالله بن محمد بن هبة الله التميمي المعروف بابن ابي عصرون (492- 585 ه/1098- 1189م)، وهو من الفقهاء والقضاة الشافعيين في العراق والشام، ومعاصر الاتابكيين في الموصل والايوبيين، ويعتبر من اساتذة عمادالدين الكاتب الاصفهاني والمؤرخ المعروف . من مفاخره انه، بعد زوال الدولة الفاطمية في مصر علي يد صلاح الدين، قام سنة 567 ه (1171م) علي راس وفد بالسفر الي بغداد الي الخليفة العباسي وبارك له عودة سلطة الخلافة العباسية علي القاهرة [ . ابن الجوزي، 1412ه، ج 10، 273 . ] ان فرحة اهل السنة بالقضاء علي الحكم الفاطمي كان علي درجة حمل ابن الجوزي، المؤرخ المشهور، وصاحب المنتظم، ان يؤلف گتابا في ذلك بعنوان النصر علي مصر [ . ابن الجوزي، ج 10، 273 . ] جاء في التاريخ انه بعد موت نورالدين زنكي، عقد امراء دمشق سنة 570ه (1174م) معاهدة سلام مع المحاربين الصليبيين، دون ان ينبس ابن عصرون هذا ببنت شفة علي الرغم من طلب صلاح الدين بعدم السكوت، فكتب اليه رسالة يوبخه فيها علي صمته (15) [ابو شامة، 1956- 1962م، ج 1، 231 . ] كثير من المؤرخين المبرزين، مثل ابن الاثير، جعلوا احد الاسباب المهمة للحروب الصليبية هو خوف الفاطميين من نفوذ السلاجقة الي مصر، وانه كان الدافع لهم علي تبادل الرسائل مع الصليبيين ودعوتهم للوقوف بوجه السلاجقة [ابن الاثير، ج 6، 337 . ] علي الرغم من ان الفاطميين كانت لهم مراسلات مع المسيحيين، ولكنهم في اول حرب لهم مع الصليبيين - وكانت اهم تلك الحروب واوسعها - بذلوا تضحيات كبيرة، وهذه حقيقة اعترف بها المؤرخون المسيحيون المعاصرون لتلك الحروب، مثل ويليام صوري، و فوشه دشارتر يشيرون في كتبهم الي ان دولة الفاطميين كانت اقوي دولة اسلامية في المشرق دافعت عن كيان الاسلام (16) . فوشه دشارتر، الذي شهد الحملة الصليبية الاولي بصفة مؤرخ ومخبر، لم يشر في اي من مؤلفاته الي مذاكرات الفاطميين ومراسلاتهم مع الصليبيين (17) . ان الاشارة الي معاهدة صلح بين المسيحيين الصليبيين والفاطميين جاءت من جانب اهل السنة الذين كانوا يرون في الفاطميين عدوهم الاول ويسعون الي تشويه سمعتهم، وكذلك من جانب المصادر اللاتينية المعاصرة (18) .
تشير المصادر المسيحية والاسلامية كافة الي انه بعد سقوط بيت المقدس، كان الافضل بن بدر الجمالي، وزير الفاطميين المستعلي بالله، اول المدافعين عن حريم المسلمين (19) . حتي ابو المحاسن بن تغري بردي، المعروف بين المؤرخين بالتعصب ضد الفاطميين، كتب يقول: التحق افضل، بعد سقوط القدس الشريف، بجيش مصر المتجه الي الشام . ويضيف:
«فان الافضل شاهنشاه ابن امير الجيوش بدر الجمالي، بلغه ان الفرنج ضايقوا بيت المقدس، فخرج اليهم في عشرين الف من عساكر مصر وجد في السير» [ابن تغري بردي، بلا تاريخ، ج 5، 145 . ] ابن القلانسي ايضا يشير الي هذه الواقعة [ابن القلانسي، 1403ه، 136 . ] ولكيلا نطيل في المقال نهي هذه المقدمة ونعرج علي الموضوع الاصلي، اي آثار الحروب الصليبية .
آثار الحرب في جغرافية شرق البحر الابيض المتوسط

علي اثر بدء الحملات الصليبية بدات الهجرات الكبري من الغرب الي الشرق، كما ان مناطق من شرق البحر الابيض المتوسط، وخاصة المناطق الساحلية، خلت، ببدء الحرب، من سكانها المسلمين واصبحت ماوي للمسيحيين، من الجنود وغيرهم من المهاجرين . مثلا، اول امارة صليبية نشات في جغرافيا الاسلام كانت (رها) او (ادسا .) اكثر سكان هذه المدينة كانوا مسلمين، ثم من السريان والنسطوريين والارمن . وعند هجوم الصليبين اصبح معظم سكنة رها من المسيحيين اللاتين او المغاربة .
وفي امارة اخري، انطاكية - التي قال عنها ويلبراند انه رآها في 1212م - كان يسكن الاثرياء الافرنج والسريان واليونانيون والارامنة والمسلمون [قاسم عبده قاسم، 1990، 200 . ] في سنة 1241م اشار فيتري الي ان المارونيين من الطبقات الرئيسة في المجتمع الشامي، فقال:
«المارونيون ينتسبون الي مارمارون، القسيس المسيحي في القرنين الرابع والخامس الذين كانوا يسكنون شمال غربي سوريا، وهم في الاصل شعبة من الروم الشرقيين الذين سكنوا قبل الاسلام منطقة شمال سوريا، وعلي اثر الصراعات الطائفية في القرن السادس الميلادي، هاجروا الي شمال لبنان . وفي الحروب الصليبية كان المارونيون من اهم المتعاونين مع الصليبيين، نظرا لان معظم هؤلاء كانوا من فرنسا . لذلك ففي سنة 648 ه (1250م) عقدت معاهدة صداقة بين الروم و لويس التاسع، وقد جاء في الرسالة التي ارسلها لويس الي بطريق المارونيين :
اننا نتعهد بحماية الشعب الماروني كما نحمي الفرنسيين انفسهم، فالمارونيون جزء من الشعب الفرنسي » [ قاسم عبده قاسم، 200]» .
ان الآثار العمارية والبنايات الباقية في المنطقة من الصليبيين، وخاصة في لبنان، تدل علي تزايد عدد المسيحيين بعد الحروب، علي الرغم من ان العديد من العمارات غير العسكرية، قد انهارت لاسباب طبيعية او سياسية او دينية . ومن تلك الابنية كنيسة ماريوحنا في جبيل بشمال لبنان، وكنيسة مارمرقس في صور، وكنيسة ماريوحنا في بيروت [ ناصري طاهري، 97- 99 . ] بالاضافة الي الاستعاضة بالمسيحيين في المنطقة، فان الاهمية الطبقية للمسلمين قد تغيرت ايضا بسبب الحرب . مثلا، الاكراد الذين كانوا يسكنون في المنطقة، اصبحت لهم اهمية خاصة بظهور صلاح الدين ودوره العسكري في الحروب الصليبية، وكثيرا ما جرت مصادمات بينهم وبين التركمان وخلقوا بعض المشاكل [احمد رمضان، 1977م، 55 . ] بعد احتلال بيت المقدس واخراج باقي المسلمين وحتي اليهود، اصبحت هذه المدينة عاصمة للمسيحيين في قلب العالم الاسلامي .
علي اثر تلك التطورات في الجغرافية المدنية للشام، هاجرت اعداد كبيرة من مسلمي الشام الي مصر، وبعد اخفاق الصليبيين في الاستيلاء علي مصر كما استولوا علي الشام ازدادت الهجرة اليها (20) . اما المسلمون الذين كانوا يسكنون المناطق الداخلية من الشام بصفتهم اقلية، فقد حافظ بعضهم علي معنوياتهم وتعاونوا مع المحاربين المسلمين . يقول اسامة بن منقذ ان المسلمين من سكنة عكا كانوا يخفون الاسري من المسلمين ويهربونهم الي المناطق الاسلامية الاخري [اسامة بن منقذ، 1981م، 82 . ] هذه الاقلية من المسلمين في المناطق المحتلة سعوا الي الاحتفاظ بهويتهم الدينية والثقافية في قبال الاكثرية الصليبية (21) ، علي الرغم من ان التاريخ يذكر لنا ان المسلمين في بعض المناطق اضطروا، تحت ضغط المحتلين الصليبيين وظلمهم الشديد، الي ترك دينهم واعتناق المسيحية للابقاء علي حياتهم (22) .
انتشار التصوف والدروشة كان من النتائج السلبية للحروب الصليبية . ان التشتت السياسي في العالم الاسلامي قبل الحروب الصليبية - الذي كان بذاته من الاسباب المهمة في تقدم الصليبيين في حروبهم - تحول الي نوع من اللاابالية عند المسلمين بعد الحرب الصليبية الاولي واحتلال بيت المقدس . بعد احتلال القدس الشريف، عندما قام اهل الشام بصحبة قاضي دمشق بالسفر الي الخليفة في بغداد وطلبوا عونه باكين، حال الخصام والنزاع السياسي والفكري فيما بين الدول الاسلامية دون حصولهم علي المساعدة المطلوبة . وبعد الحرب الصليبية الاولي، التي ادت الي احتلال الصليبيين الكثير من الارض الاسلامية، انتشرت روح اللاابالية وحب العزلة انتشارا واسعا بين اهل الشام وطلاب الحق في تلك الديار، في الوقت الذي كانت فيه النساء المسيحيات ياتين من الغرب لاعانة رجالهن ويحاربن جنبا الي جنبهم، بينما هرب اكثر المسلمين من الحرب، وبدلا من امتشاق الحسام ومحاربة العدو، راحوا يرفعون ايديهم بالدعاء . يخاطب القاضي الفاضل العسقلاني كاتب صلاح الدين الايوبي قائلا:
ليس لك من المسلمين كافة مساعدة الا بدعوته، ولا مجاهد معك الا بلسانه . . . تدعوهم الي الله وكانما تدعوهم لنفسك، وتسالهم الفريضة وكانما تكلفهم النافلة [ ابو شامة، ج 2، 166 . ] عمادالدين الكاتب الاصفهاني ايضا يقول في احدي رسائله:
وما ينقضي عجبنا من تضافر المشركين وقعود المسلمين . . . وليس احد من الفرنجة يستشعر ان الساحل اذا ملك ورفع فيه حجاب عزهم وهتك، يخرج بلد عن يده وتمتد يد الي بلده، والمسلمون بخلاف ذلك قد وهنوا وفشلوا وغفلوا وكسلوا ولزموا الحيرة وعدموا الغيرة .
[الاصفهاني، 1331 ه، 47 . ] احد الشاميين المجاهدين يخاطب صديقه الذي فر من الجبهة وعكف في المسجد يدعو ويتعبد، فيقول له موبخا:
يا عابد الحرمين لو ابصرتنا
لعلمت انك في العبادة تلعب
من كان يتعب خيله في باطل
فخيولنا يوم الكريهة تتعب
لو كان يخضب خده بدموعه
فنحورنا بدمائنا تتخضب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا
رهج السنابك والغبار الاشهب
ولقد اتانا عن مقال نبينا
قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبار خيل الله في
انف امرئ ودخان نار تلهب
[ الكيلاني، 1982، 44]
من القاعدين الآخرين الذين انعزلوا في معاكفهم يتغنون بوصف الشراب والمعشوق، ولم يستخدموا شعرهم حتي في تحريض المسلمين علي الجهاد ومقارعة الاعداء، كان ابن الفارض (23) .
كان لحالة اللاابالية والضعف نتيجة اخري، وهي انصراف الناس والعلماء الي الاحلام ورؤية الانبياء والاولياء في المنام، بحيث ان كآبتهم وقلقهم من احتلال المدن الاسلامية عالجوها، بدلا من الحرب، بالرؤي والخيال . فمثلا، ابو الحسن الهروي (24) ، الرحالة المعروف الذي فقد امواله وكتبه في الحملات الصليبية [ناصري طاهري، 79]، يقول في كتاب رحلاته:
ودخلت عسقلان سنة سبعين وخمسمائة، بت في مشهد ابراهيم « عليه السلام » ورايت في ذلك الموضع رسول الله في المنام وهو بين جماعة، فسلمت عليه وقبلت يده وقلت: يا رسول الله ما احسن هذا الثغر لو انه للاسلام . فقال: سيصير للاسلام ويبقي عبرة للانام . فاستيقظت وكتبت صورة ما رايته علي حائط . . وفتح القدس وعسقلان سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة [ . . . الهروي، 1953، 32] هذا كان الاتجاه الفكري يومذاك والذي انبري لمكافحته بعد ذلك ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية (25) .
من جهة اخري، عند مطالعة كتب تاريخ الفن والعمارة الاسلامية نلاحظ انه في العصرين الايوبي والمماليك، كان في مصر والشام العديد من التكايا والزوايا بحيث اننا لا نري مثل ذلك قبل الايوبيين (26) . وكان هناك اصحاب الطرق والفرق الصوفية الكثيرة التي تشكلت خلال تلك الفترة، مثل الفرقة الاحمدية التي انشاها السيد احمد البدوي سنة (596- 675 ه/1199- 1276 م .) في طنطا بمصر (27) ، والفرقة الرفاعية المنسوبة الي احمد الرفاعي (متوفي 578 ه/1183 م)، والفرقة الشاذلية المنسوبة الي ابي الحسن الشاذلي (متوفي 656 ه/1259 م)، والفرقة المولوية في آسيا الصغري في القرن السابع الهجري [ حنا الفاخوري وخليل الجر، ج 1، 300 . ] ولابد من القول انه علي الرغم من ان التصوف قديم، الا ان تقدمه وتكامله تحققا في شرق البحر الابيض المتوسط نتيجة للحروب الصليبية، وهذه الحركة السلبية اوجدت بذاتها حركة جديدة في الاسلام هي الحركة المضادة للتصوف التي تزعمها ابن تيمية .
خلال الحرب الصليبية، في شرق البحر الابيض المتوسط، خاصة في عصر المماليك، ظهرت امراض اجتماعية كبيرة، كالتحلل، او الدعارة، التي كانت ظاهرة اجتماعية منظمة، وكانت الدولة تتقاضي ضرائب عن ذلك . لقد كان توسع فعاليات (بنات الليل) و (المطربات والمقرئات) الي درجة انه كانت هناك شخصية بصفة (ضامنة المغابن) (28) مسؤولة عنهن وتدفع ضرائب معينة .
من نتائج تلك الحرب ايضا الانحراف الجنسي . ان انتشار هذه الظاهرة او المفسدة الاجتماعية برزت بشكل اشعار الحب من النوع النواسي، وكان هذا الاسلوب رائجا في عصر المماليك (29) .
في القرون الاسلامية الاولي كان الدافع لتشكيل الجيش والنظام دينيا وعقائديا . كان الناس يعتقدون بالاصل الديني، الجهاد ضد الاعداء الخارجيين او للمقاومة او لاحتلال البلدان، ولكن بعد اتساع الدولة ودخول عناصر جديدة من حديثي الاسلام الي العالم الاسلامي، تغير جيش الاسلام ايضا، اي ان القطاع العسكري توسع كثيرا . ان الحرب الصليبية في شرق البحر الابيض المتوسط ادت الي ان يتوسل رجال الدولة بهذا الاسلوب لتعبئة القوة العسكرية، فوهبوا اراضي للامراء والقواد العسكريين لقاء ضمان حشد القوات العسكرية للحرب . الا ان هذه الظاهرة تغيرت ايام صلاح الدين الايوبي، ثم تكاملت في عهد المماليك .
في العهد الايوبي كانت الاقطاعات وراثية كما كان الاقطاع وراثيا في اوروبا في القرون الوسطي وعلي اعتاب الحروب الصليبية، ولكن بعد تغيير العلاقات التي كانت تتحكم في ذلك علي عهد المماليك، تحول الاقطاع الوراثي الي اقطاع خاص، واصبح للسلطان المملوكي الحق في استرجاع الارض المقطوعة، ولم يعد يحق للامير او القائد ان يوصي بتلك الارض الي اولاده (30) . لذلك فان اتساع النظام الاقطاعي وتحوله من الاقطاع الوراثي الي اقطاع غير وراثي، كان من المميزات البارزة لعصر المماليك ومن آثار الحروب الصليبية .
ينبغي ايضا ان لا نغفل عن تاثير الحروب الصليبية في ثقافة المسلمين وادبهم يومذاك، فقد دخلت الفاظ اجنبية الي النصوص العربية، وظهر شعر الاستغاثة . وكان لعن المسيحيين والطعن فيهم بلغة الشعر من مصاديق ذلك .
كان من نتائج الاحتكاك بين الادباء المسلمين والصليبيين ان دخلت الفاظ اجنبية افرنجية الي اللغة العربية، من ذلك مثلا، في معرض الكلام علي الصلح بين صلاح الدين والصليبيين بشان محاصرة العدو مدينة عكا وقبوله الفدية للسماح للمسلمين بالخروج منها، عبر ابن شداد عن ذلك بقوله:
«. . . فدية تدفع في تروم (31) ثلاثة، كل ترم شهر . . .» .
[ابن شداد، 1964م، 172 . ] و المقريزي ايضا استعمل كلمة قومص اللاتينية [المقريزي، ج 1، 92 . ] واستعمل لفظة افرنس بمعني فرانسة، ورين بمعني ملك [المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين، 1962م، 63 ]، والنويري استعمل لفظة واسال [المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين، 62]، و ابن الاثير في كتابه، وتحت احداث سنة 523 ه، عند كلامه علي محاصرة الصليبيين دمشق يستعمل ايضا كلمة قومص، فيقول: «. . . وغيرهم من الفرنج وقمامصتهم . . .» [ابن الاثير، ج 6، 617]، و ابن تغري بردي يستعمل سير بمعني السيد [ابن تغري بردي، بلا تاريخ، ج 7، 32 . ] الطعن بالمسيحية واليهودية وساير الملل والنحل، وكذلك الاستغاثة والبكاء والمدح كانت من الاغراض التي دخلت الي الشعر العربي [الكيلاني، 273 . ] كما ان فن الخطابة والاسترسال تقدما بشكل ملحوظ (32) .
كذلك الحال مع فن تدوين احاديث الجهاد، كما جاء في كتاب الترغيب والترهيب تاليف زكي الدين بن عبدالقوي المنذري [ناصري طاهري، 55 . ] من آثار الحروب الصليبية الاخري في الادب العربي هو انتشار ملحوظ في كتابة الفضائل (33) .
الازدهار التجاري في بعض مدن شرق البحر الابيض المتوسط يعتبر ايضا من الآثار الاقتصادية للحروب الصليبية . لقد لعبت الشام، من اقدم الازمنة، دورا بارزا في التجارة الدولية . و في مرحلة الحروب الصليبية، وللدوافع الاقتصادية والتجارية الغربية، وخاصة الجمهوريات الايطالية، اتسع ذلك الدور وبرز اكثر بحيث استقر التجار الاوروبيون في اكثر المدن والموانئ في شرق البحر الابيض المتوسط، وفي عصر المماليك وانتهاء الحروب الصليبية انشا بعض الشركات الاوروبية ممثليات لها في الشام، مثل شركة فلورانس (باردي) التي كان لها فرع في بيت المقدس [ مجلة الدراسات التاريخيه]، العددان 23 و 24، ص 86 . ] ان حسن تعامل المماليك مع التجار الاوروبيين زاد من توجه الغربيين الي الشرق والتجارة مع المسلمين . ولضمان امن الطرق وضع المماليك الحراس، وبنوا الخانات والفنادق علي الطرق .
الازمة العسكرية في منطقة الشام، شمال البحر الاحمر، اجبرت المسلمين من الاندلس وشمال افريقيا الراغبين في الحج علي اتخاذ طريق نهر النيل الي «قوص » و «عيذاب » ومن ثم الي جزيرة العرب، فكان ان ازدهر اقتصاد المنطقتين المذكورتين [ناصري طاهري، 103 ]
الهوامش:
1. لمعرفة المزيد عن تدوين تاريخ الحروب الصليبية انظر:
ناصري طاهري، عبدالله، علل وآثار جنگ هاي صليبي، طهران، 1373 ه . ش .
2. في هذا الكلام المثير، الذي يعرف باسم رسالة البابا التاريخية، يعتبر تكرار Duse Lovis اشارة الي ان الله قد استنهض المسيحيين .
3. استنادا الي هذه النظرة ينبغي ان ينظر الي الحوار عن التقريب بين المذاهب نظرة شك .
4. اسم قلعة كبيرة في جنوب الاردن .
5. محمد بن عبدالله العامري، المعروف بالمنصور الحاجب، او منصور بن ابي عامر، كان من امراء الحكومة الاموية في الاندلس علي عهد هشام الثاني، والذي امسك الامور بيده، بالنظر لعدم لياقة الخليفة، وحكم مدة 27 سنة [الاعلام، ج 6، 266 . ]
6. منذ انقراض الحكم الاموي في الاندلس، وقيام نظام ملوك الطوائف، عقد المسيحيون عزمهم علي طرد المسلمين، فقام [الفونس السادس بمهاجمة المسلمين في طليطلة، فهرع يوسف بن تاشفين الي اعانتهم، وهزم المسيحيين، يعتقد ماركس ان حملة الفونس كانت مقدمة للحرب الصليبية الاولي [ . الصليبيون في الشرق، 26 . ]
7. ان حرب السلاجقة مع الروم في آسيا الصغري في نحو سنة 440 ه، ومن بدء عصر طغرل . بيك و قسطنطين التاسع، جديرة بالذكر . رانسيمان من المؤرخين المحدثين وويليام صوري من المؤرخين القدامي، يعتبران حرب (ملازجرد) تسويغا للحملة الصليبية، لان هزيمة (ملازجرد) كشفت عن ان بيزنطة لم تعد قادرة علي بسط حمايتها علي المسيحيين في المشرق . هناك، بالطبع، من يعتقد مثل دالبرك، انه قد بولغ في اهمية حرب (ملازجرد) [رانسيمان، 89 . ]
8. لمزيد من التفصيل انظر: بعلبك مدينة الشمس وحلب مدينة النجوم، 84 .
9. رانسيمان يعتقد ان المسيحيين علي عهد الحاكم بامر الله قد عرضوا للاذي والتعذيب [رانسيمان، 99 . ]
10. لمعرفة المزيد عن الفكر السياسي للغزالي، انظر: الغزالي، ابو حامد محمد، فضائح الباطنية وفضايل المستظهرية و الاقتصاد .
11. في الفترة المذكورة كان الغزالي في الشام .
12. هذا الكتاب من تاليف الغزالي وتحقيق عبدالله الشرقاوي . وفي سنة 1403ه قامت دار امين للنشر والتوزيع بطبعه [الرد الجميل لالوهية عيسي بصريح الانجيل ]، 25 و 26 .
13. طبعت هذه الرسالة دار نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة سنة 1993 .
14. طبعت هذه الرسالة كملحق لكتاب علل وآثار جنگ هاي صليبي .
15. ينقل ابو شامة عن عمادالدين الكاتب الاصفهاني [صادق احمد جودة، المدرسة العصرونية في بلاد الشام، 198 . ]
16. عنوان هذا الكتاب هو A Histoyof Deeds Done Beyondthe Sea وقد ترجمه الدكتور زكار بعنوان تاريخ الحروب الصليبية - الاعمال المنجزة فيما وراء البحر طبعته سنة 1410ه في دمشق دار الفكر .
17. عنوان الكتاب هو Gesta Francorum Therusalem Peregrinatiam ترجمه الدكتور زياد العسلي سنة 1990 بعنوان تاريخ الحملة علي القدس وطبعته في عمان دار الشرق .
18. للدكتور صلاح الدين محمد نوار، استاذ جامعة القاهرة، بحث ضاف في كتابه العدوان الصليبي علي العالم الاسلامي، طبع دار العودة للطبع والنشر والتوزيع في الاسكندرية في طبعته الاولي .
19. انظر : صوري، ويليام، تاريخ الحروب الصليبية . . المذكور . دشارتر، فوشه، تاريخ الحملة علي القدس المذكور . ابن طوير، نزهة المقلتين في اخبار الدولتين . ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة . ابن ميسر ، اخبار مصر . ابن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق .
20. انظر : ابن اييك دوادار، كنز الدرر وجامع الغرر، ج 8، 361 . المقريزي، المواعظ والاعتبار . . . ، ج 1، 73 . قاسم عبده قاسم، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي، 29 و 30 .
21. انظر : براور، يوشع، عالم الصليبيين، 98- 100 . ابن جبير، رحلة، 276، 279، 291 .
22. انظر : قاسم عبده قاسم، ماهية الحروب الصليبية .
23. ابو حفص عمر بن علي المعروف بابن الفارض (576- 632 ه) من كبار شعراء التصوف، ويعرف بسلطان العاشقين [ديوان ابن الفارض، المكتبة الثقافية، بيروت، بلا تاريخ . ]
24. علي بن ابي بكر الهروي، رحالة من القرن السادس الهجري وصاحب رحلة باسم الاشارات الي معرفة الزيارات .
25. انظر : ابن قيم الجوزية ، رسائل ابن تيمية و اغاثة اللهفان في مصايد الشيطان .
26. امثال هذه العمارات في بيت المقدس اكثر في العصرين الايوبي والمماليك .
27. يقول هاملتون جب ان زعيم الفرقة الاحمدية الذي كان من اتباع الرفاعي، اشترك في حرب المنصورة الصليبية التي شنها لويس، ملك فرنسا [اسلام بررسي تاريخي وعلمي وفرهنگي، ترجمة منوچهر اميري، 1367 ه، ش ، 177 . ] كاتب هذه السطور لم يعثر علي المصدر الذي نقل عنه هاملتون جيب .
28. هذا التعبير استعمله قاسم عبده قاسم في اثر الحروب الصليبية في العالم العربي [مجموعة موسوعة الحضارة العربية الاسلامية، ج 3، 16 . ]
29. انظر : المقريزي، [ السلوك في معرفة الدول والملوك، ج 2، 661 و 662]، والمواعظ والاعتبار . . . ج 2، 34 و169 . السخاوي، التبر المسبوك في ذيل السلوك، 103 و 104 .
30. انظر : ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة، ج 9، 43 وما بعدها . سعيد عاشور، المجتمع المصري في عصر السلاطين والمماليك، 48 و 52 . قاسم عبده قاسم، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي، 19، 23 .
31. تروم جمع ترم .
32. مثلا، يمكن الاشارة الي خطبة ابي زكي الدين عند فتح بيت المقدس علي يد صلاح الدين الايوبي ، تجد هذه الخطبة في قسم الملحقات بكتاب علل وآثار جنگ هاي صليبين .
33. فيما يتعلق باسلوب تدوين الفضائل، انظر ناصري طاهري، عبدالله، علل وآثار جنگ هاي صليبي، طهران، 1373 ه . ش . و بيت المقدس مدينة الانبياء، للمؤلف نفسه .
المصادر:
ابن الاثير، الكامل في التاريخ، تحقيق علي شيري، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1408ه .
ابن ابيك دواداري ، كنز الدرر وجامع الغرر، ج 6، تحقيق صلاح الدين المنجد، القاهرة ، المعهد الالماني، الآثار، 1961م .
ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة ، بلا تاريخ .
ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والامم، تحقيق محمد عبد القادر عطا ومصطفي عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412 ه .
ابن قيم الجوزية، اغاثة اللهفان في مصايد الشيطان، تحقيق محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1308 .
ابن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، تحقيق جمال الدين الشيال ، الدار المصرية للتاليف والترجمة، القاهرة، 1964م .
ابن طوير، نزهة المقلتين في اخبار الدولتين، تحقيق ايمن فؤاد السيد، دار النشر فرانتس شتاينر، شتوتگارت، المانيا، 1412ه .
ابن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق ، تحقيق سهيل زكار، دمشق، دار حسان، 1403ه .
ابن ميسر، اخبار مصر، ايمن فؤاد السيد، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، 1981م .
ابو شامة، كتاب الروضتين في اخبار الدولتين، تحقيق محمد حلمي محمد احمد، القاهرة ، 1956- 1962م .
اسامة بن المنقذ، الاعتبار، تحقيق فيليب حتي، الدار المتحدة للنشر، بيروت، 1981م .
الاصفهاني، عمادالدين ، الفتح القسي في الفتح القدسي، تحقيق مصطفي فهمي، مطبعة الموسوعات، 1331ه، بلا تاريخ .
المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين ، تاليف نظير احسان السعداوي ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1962م .
الحائري، عبدالهادي، نخستين روريارويي هاي انديشه گران ايران، امير كبير، طهران، 1367 ه . ش .
حنا الفاخوري، وخليل الجر، تاريخ الفلسفة في العالم الاسلامي، ترجمة عبدالمحمد آيتي، انتشارات وآموزش انقلاب اسلامي .
دورانت، ويل، تاريخ الحضارة، ج 4، الفصل الاول، ترجمه ابو طالب صارمي، ابو القاسم پاينده وابو القاسم طاهري، سازمان انتشارات وآموزش انقلاب اسلامي، طهران ، 1368 ه . ش .
المصدر نفسه، الفصل الثاني، ترجمه ابو القاسم طاهري، طهران، 1367 ه . ش .
رانسيمان، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمه منوچهركاشف، شركت انتشارات علمي و فرهنگي، طهران، 1371 ه . ش .
زابورف، ميخائيل، الصليبيون في الشرق، ترجمه الياس شاهين، دار التقدم، موسكو، 1986م .
زكي مبارك، الاخلاق عند الغزالي، دار الشعب، القاهرة، 1970م .
عبدالكريم عثمان، سيرة الغزالي واقوال المتقدمين فيه، دمشق، دار الفكر العربي، بلا تاريخ .
الغزالي، ابو حامد محمد، فضايح الباطنية و فضايل المستظهرية، تحقيق عبدالرحمن بدوي ، دار الكتب الثقافية، الكويت .
قاسم عبده قاسم، ماهية الحروب الصليبية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1990م .
قدري قلعجي، صلاح الدين قصة الصراع بين الشرق والغرب . . . ، دار الكتاب العربي، 1399ه .
الكيلاني، السيد محمد، الحروب الصليبية واثرها في الادب . . . الناشرون دارف المحدودة ، لندن، 1985م .
محمد العروسي المطوي، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، دار الغرب الاسلامي، بيروت، 1982م .
المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (خطط المقريزي)، بولاق، 1270ه .
نفسه، السلوك في معرفة الدول والملوك، تحقيق محمد مصطفي زيادة، القاهرة، مطبعة لجنة التاليف والترجمة والنشر، 1956م .
ناصر خسرو، سفرنامه، باهتمام محمد دبيرسياقي، زوار، طهران، 1370 ه . ش .
ناصري طاهري، عبدالله، بعلبك شهر آفتاب و حلب شهر ستارگان، سروش، طهران، 1366ه . ش .
نفسه، بيت المقدس شهر پيامبران، سروش، طهران، 1367 ه . ش .
الهروي، ابو الحسن، الاشارات الي معرفة الزيارات، تحقيق جانبين سورديل طومين، المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية، دمشق، 1953م .

تمثل الحروب الصليبية فصلا مهما في حياة الشرق والغرب والتصادم بين الاسلام والمسيحية، بصرف النظر عن ارتباطها باي من الدينين او المواجهة بين حضارتي الشرق والغرب، الحروب الصليبية لم تعلن بصفتها اول تجربة استعمارية للغرب خارج حدوده، بل كانت استمرارا في السياسات التوسعية التي كان يتبناها حكام الغرب . كانت تلك الحروب، من حيث كونها عاملا في يقظة اوروبا وانتشالها من ظلام التوحش الي ساحة التمدن - كما يقول برنارد لويس - اول حركة غربية نحو بسط سلطتهم . وفيما يتعلق بتاثير الحروب الصليبية في المغرب، فهناك تآليف عديدة للغربيين، وللمسلمين ايضا في العصر الحديث، ولكن الذي لقي القليل من الاهتمام هو تاثير تلك الحروب الطويلة في البلاد الاسلامية، وعلي الاخص في شرق البحر الابيض المتوسط . وهذا ما يتناوله الكاتب في هذا المقال .
ان عدم وجود نظرة تحليلية الي الحروب الصليبية كان واحدا من اهم نقاط الضعف عند المؤرخين المسلمين . ان ما نقراه في المصادر التاريخية لا يتجاوز وصف الوقائع العسكرية وبعض الاحداث السياسية، من دون اي تحليل او دراسة للدوافع والآثار .
وقبل الدخول في صلب الموضوع، اي دراسة آثار تلك الحروب في العالم الاسلامي، لابد من الاشارة الي نقطتين اثنتين :
الاولي هي اولا ضعف التدوين التاريخي عند المسلمين، وهذا يتضح عند دراسة النصوص التاريخية عن الحروب الصليبية في الاسلام والمسيحية، بعضهم، مثل غابرييل، يشير الي شعور الاعتقاد بافضلية المسلمين علي الغرب [غابرييل، 98]، وثانيا عدم عناية المسلمين بالتدوين الموضوعي للتاريخ، وخاصة في تلك الظروف العصيبة، التي كان الاسلام يمر بها . ان الخصومات والمشاجرات الطائفية والمذهبية، وخاصة بين اهل السنة والشيعة الاسماعيلية، كانت تحمل كل طرف علي الاعتقاد بان الطرف الآخر هو العدو، واضعا الهجوم الصليبي في المرتبة الثانية بعد ذلك (1) .
الثانية اسباب الحرب التي يجب البحث عنها في الغرب، لا شك في ان الدافع الديني كان من اهم الاسباب، كما يتضح في الكلام المعروف الذي جاء علي لسان البابا اوربانوس الثاني في مجمع كلرمون بفرنسا (2) . كما ان النظرة الاسلامية تري الدافع الديني من اهم الاسباب، وذلك لان الخصومة بين الاسلام والمسيحية واليهودية كانت منذ القديم لازمة تاريخية لا يمكن تجنبها . يقول الله تعالي في القرآن المجيد: «لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم » (3) [البقرة/120 . ] اعلن رينالد دوشاتيون ، الحاكم الصليبي علي كرك (4) - المعروف في النصوص العربية باسم ارباط ويعتبر من الد اعداء المسلمين - ان هدفه هو مهاجمة الحجاز وهدم مقابر المدينة والكعبة في مكة [دورانت، ج 4، 799 . ] من مؤرخي الحروب الصليبين الغربيين، المؤرخ المجهول فوشه دوشارتر، و ريمون داجيل، ويليام صوري، و آلبرت داكس، و جوانقيل، و بودري دي بوركي، و رابرت ومن المعاصرين ارنست باركر، و ستيفن رانسيمان، و رنه جروسه، يعتقدون بان الحروب الصليبية كانت دينية [ناصري، 1373 ه . ش، الفصل الاول]، ان واحدا من اوضح اسباب اعلان الحرب كان الحالة الاجتماعية في اوروبا . كما ان سلطة الملاكين علي الشؤون الاقتصادية، والقحط والجفاف وشيوع الامراض المختلفة، كالطاعون، كانت تقلق الغرب . ان حرمان افراد العائلة - باستثناء الابن الارشد - من ارث الاب، ورغبتهم في الهجرة الي الاراضي الخصبة بهدف الحصول علي الرزق، كان من الاسباب المهمة لتلك الحروب الواسعة، بالاضافة الي الاهداف الاجتماعية والاقتصادية المذكورة، تجب ملاحظة موقف الجمهوريات الثلاث، وجن وبيزا، في الحرب [ناصري، 64- 65 ]، حتي يمكن بهذه الطريقة بيان اهمية الاهداف الاقتصادية في اشعال نيران الحروب الصليبية .
كذلك ينبغي ان لا نغفل عن الجذور التاريخية للتك الحرب . كان البابا جريجوري السابع منذ البداية يحمل في راسه فكرة الحرب مع المسلمين، ففي حرارة المبارزة مع هنري الرابع، قال:
التضحية بالنفس في سبيل تحرير الاماكن المقدسة احلي في نظري من حكم «العالم باسره » [دورانت، ج 4، 785 . ] في المغرب الاسلامي قام منصور بن ابي عامر (5) ، بهدف تحرير الاندلس في سنة 352 ه (963م)، بحرق مدينة سنت جيمز في (كامبوستلا) المقدسة عند المسيحيين، بعد بيت المقدس، ومنذئذ ابدي البابا والكنيسة اهتماما اكبر بقضايا الاندلس، فطلب غريغوري من الامراء ان يساهموا في اعداد الجيوش لحرب المسلمين [رانسيمان، 1371ه ، 115 . ] ان حرب زلاقة سنة 479 ه (1086م) التي قعت بين المسلمين بقيادة يوسف بن تاشفين (رئيس دولة المرابطين)، والمسيحيين بقيادة الفونس السادس ملك كاستيل، والتي انتهت باندحار المسيحيين، كانت ما تزال تؤلم الصليبيين (6) .
وحرب منازجرد او ملازجرد (464 ه/1071م) بين الب ارسلان و رومانوس ديوجانوس ، امبراطور بيزنطة، التي ادت الي هزيمة المسيحيين تلك الهزيمة المنكرة بوقوع الامبراطور في الاسر، كانت من تجليات الحروب التي وقعت بين المسلمين والمسيحيين (7) . وقبل نحو قرن من ذلك التاريخ قام سيف الدولة الحمداني، رئيس الدولة الشيعية في حلب، بمحاربة الروم اربعين مرة (8) .
الباباالجديد، اوربانوس الثاني، وبالذهنية التاريخية التي كان يحملها، مثل سلفه غريغوري، سعي الي التعبئة العامة ضد المسلمين، فتحرك سنة 1059م من روما الي شمال ايطاليا، وعقد اول اجتماع صليبي في مدينة پياكنزا، استجابة لطلب امبراطور روما الشرقية لتقديم الغرب العون له في حربه ضد المسلمين . ولكن بالنظر للاختلافات بين البابا والامبراطور، لم يحصل شي ء [محمود العروسي المطوي، 54 . ] الا انه بعد بضعة اشهر تحقق هذا الامر في مجمع كلرمون .
ومن جهة اخري، وعلي العكس من القرون الاولي لحياة المسيحية التي كانت تعتمد علي الجانب الالهي للسيد المسيح اكثر من جانبه البشري، منذ اوائل القرن الخامس الميلادي وتاسيس المذهب النسطوري وتجليل المعراج وصلب المسيح، اصبح الحج الي بيت المقدس من شعائر المسيحيين الكبري، وهلنا، ام قسطنطين امبراطور روما الشرقية، شيدت كنيسة القيامة . وفي القرن العاشر، عند استتباب شي ء من الامن للغربيين في البحر الابيض المتوسط، ازداد عدد الحجاج الي بيت المقدس، وهذا التحسن في ظروف الحج، كما يقول رانسيمان، كان له تاثيره في الفكر الديني بحيث ان الحج الي بيت المقدس اعتبرته الكنيسة بمثابة الاستغفار والتوبة من الاثم [رانسيمان، 62 . ] لذلك كان من الطبيعي ان يكون تحرير كنيسة القيامة وقبر المسيح احد اسباب نشوب الحروب الصليبية .
كثير من حجاج بيت المقدس عند رجوعهم كانوا يطرحون قضية عدم وجود امان للمسيحيين، مع انه قبل الحروب الصليبية، خلال حكم الفاطميين في فلسطين، كانت لهذه الدولة علاقات حسنة مع المسيحيين وصرفت مبالغ كبيرة لترميم كنيسة بيت المقدس [دورانت، ج 4، 738 . ] جاء في رحلة ناصر خسرو: «كل سنة ياتي خلق كثير الي هناك للزيارة، وملك الروم ياتي في النهاية بحيث لا يعلم به احد» [ناصر خسرو، 1370 ه . ش، 44 . ] رانسيمان، الذي يحمل شيئا من التعصب ضد المسلمين، يعتقد ان امن المسيحيين في الحكومة الاسلامية اكثر منه في الحكومة الرومانية [ قدري قلعجي، 1399ه، 29 . ] هذا المؤرخ نفسه ينقل عن دائرة المعارف الاسلامية، مؤكدا ان في عصر تتش السلجوقي، وارتق، عامله علي بيت المقدس، لم يظهرا اي عداء ضد المسيحيين (9) [رانسيمان، 99 . ] وفي كتاب تاريخ بطريق الاسكندرية يقول ان حكم الاتراك في فلسطين كان افضل بكثير من حكومة فرانكني التي جاءت بعدهم [رانسيمان، 103 . ] ان الغربيين، بهذه النظرة الدينية، وماضيهم التاريخي والحاجات الاجتماعية والاقتصادية، هجموا علي المناطق الشرقية من البحر الابيض المتوسط، او ارض اللبن والعسل . الا ان هذا الهجوم الخارجي وحضور الصليبيين الظالم في الجانب الآخر من البحر الابيض المتوسط (الذي دام نحو قرنين) لم يكن كافيا، وانما الحالة الاجتماعية في العالم الاسلامي كانت بحيث انها ساعدت علي تقدم العدو وابقائه في تلك المنطقة .
الحالة في العالم الاسلامي

الخلافة في بغداد كانت اشبه بمؤسسة تشريفاتية، والخليفة كان شخصا عديم الارادة وضعيف الشخصية، ولم يكن قادرا علي القيام بالتعبئة العامة، لا معنويا ولا عسكريا . ان شمس عظمة التركمان التي كانت قد صاغت امبراطورية السلاجقة العظمي افلت بعد موت ملكشاه، وبقي كل جزء من تلك الدولة الكبيرة السنية المذهب بيد امير او اتابكي . والفاطميون الذين كانوا يضاهون السلاجقة من حيث القوة، كان مصيرهم مصير السلاجقة بعد موت ثامنهم، المستنصر بالله . كان الانحطاط الاخلاقي والسياسي في ساير نقاط شمال افريقيا، مثل الاندلس وصقلية، دليلا علي ضعف الامبراطورية الاسلامية . جميع الدول الاسلامية كانت في نزاع دائم بعض مع بعض (باستثناء الدولة الفاطمية) علي الرغم من انها كانت تطيع الخليفة في بغداد وتدين بالولاء الديني للخلافة العباسية . يقول ابن الاثير:
«تفرقت فيه بالمسلمين الآراء واختلفت الاهواء وتمزقت الاحوال » .
[ابن الاثير، 1408ه ج 6، 221 . ] الا ان اهم دافع لاستمرار الحروب الصليبية وتوسعها في الجغرافية الاسلامية هو النظرة التي كان يحملها فقهاء اهل السنة عن المذهب المخالف، خاصة الاسماعيلية، ومن الوجوه البارزة في هذا الخضم هو ابو حامد محمد الغزالي الذي بين نظرية مشروعية الخلافة والحكومة النابعة من القوة، وايد في كتاباته عزم الخليفة والحاكم، معتبرا المخالفين ضد الدين واهدر دماءهم (10) . واستنادا الي هذه النظرية افتي بقتل الشيعة، والاسماعيليين بصفة خاصة، واتباع الخلافة الفاطمية . ولكنه، علي الرغم من حضوره في الشام ومشاهدته المذابح الصليبية بنفسه، لم يصدر اي فتوي ضدهم، ولم يحرض الخليفة ولا السلطان ولا الناس علي الجهاد ضد الكفار، وقد حاول بعض الباحثين العرب الذاهبين مذهب الغزالي ان يسوغوا سكوت الغزالي ازاء الصليبيين بشكل من الاشكال .
اعلن الدكتور عمر فروخ، في مؤتمر احياء ذكري الغزالي الذي عقد في دمشق سنة 1961م، ان سبب سكوت الغزالي كان مرضه النفسي واتجاهه نحو التصوف، بمثلما فعل كل من محيي الدين بن العربي وابن الفارض بصفتهما من ابرز وجوه التصوف يومذاك ولم يصدروا اي فتوي ضد الكفار . واذا كان هذا التسويغ مقبولا بالنسبة لامثال ابن العربي و ابن الفارض طبقا لمشربهم في التصوف الفلسفي، فانه لن يكون مقبولا لدي الغزالي الصوفي والمتعصب في الدين وضد الفلسفة، وذلك لانه كتب اكثر ما كتب ضد الاسماعيلية خلال تلك الفترة من ازمته الروحية .
الدكتور زكي مبارك، في كتابه الاخلاق عند الغزالي، يعتبر انشغال الغزالي بالاوراد والاذكار والاعتكاف سببا في سكوته، مؤيدا بذلك راي عمر فروخ . اما الدكتور عبدالكريم عثمان فيعتقد ان الغزالي لم يكن في الشام اثناء احتلال الصليبيين بيت المقدس، لذلك فلا لوم عليه [عبدالكريم عثمان، بلا تاريخ، 24- 27 . ] ان الحرب الصليبية كانت قضية كل المسلمين والعالم الاسلامي . لذلك كان علي الغزالي، حيثما كان (في خراسان او في بغداد او في الشام)، وبصفته مجدد الثقافة السائدة يومذاك، اي التسنن، ان يتخذ موقفه ويصدر فتواه (11) .
وثمة باحث عربي معاصر آخر ممن سوغوا خطا الغزالي هو الدكتور عبدالله الشرقاوي الذي يقول ان رد الغزالي علي المسيحيين في كتابه الرد الجميل لالوهية عيسي بصريح الانجيل (12) انما هو استنكار وتخطئة للحروب الصليبية .
الباحث العربي المعاصر الآخر، احمد عرفات القاضي، في كتابه الفكر السياسي عند الباطنية وموقف الغزالي منه، يسوغ الامر تسويغا آخر ويبرئه من الخطا . لابد، علي كل حال، من ملاحظة ان المرحوم المينوي ينسب رسالة بعنوان تحفة الملوك (13) الي الغزالي . وفي الباب الحادي عشر منها، وتحت عنوان «الحث علي الجهاد» يدعو المسلمين والسلاطين والامراء الي محاربة الصليبيين . ومما جاء في هذه الرسالة ما مضمونه: «وخير من ذلك ان تنفق العمر في رضا الله تعالي وان تسترجع بيت المقدس، قبلة الانبياء، من ايدي الكفرة » (14) ، ولكن بالنظر الي ان كاتب الرسالة يصدر مختلف الفتاوي بموجب الفقه الحنفي، يستبعد ان يكون كاتبها هو الغزالي الشافعي المتعصب .
وعالم آخر من العلماء والفقهاء الذين عاصروا الحروب الصليبية هو شرف الدين ابو سعد عبدالله بن محمد بن هبة الله التميمي المعروف بابن ابي عصرون (492- 585 ه/1098- 1189م)، وهو من الفقهاء والقضاة الشافعيين في العراق والشام، ومعاصر الاتابكيين في الموصل والايوبيين، ويعتبر من اساتذة عمادالدين الكاتب الاصفهاني والمؤرخ المعروف . من مفاخره انه، بعد زوال الدولة الفاطمية في مصر علي يد صلاح الدين، قام سنة 567 ه (1171م) علي راس وفد بالسفر الي بغداد الي الخليفة العباسي وبارك له عودة سلطة الخلافة العباسية علي القاهرة [ . ابن الجوزي، 1412ه، ج 10، 273 . ] ان فرحة اهل السنة بالقضاء علي الحكم الفاطمي كان علي درجة حمل ابن الجوزي، المؤرخ المشهور، وصاحب المنتظم، ان يؤلف گتابا في ذلك بعنوان النصر علي مصر [ . ابن الجوزي، ج 10، 273 . ] جاء في التاريخ انه بعد موت نورالدين زنكي، عقد امراء دمشق سنة 570ه (1174م) معاهدة سلام مع المحاربين الصليبيين، دون ان ينبس ابن عصرون هذا ببنت شفة علي الرغم من طلب صلاح الدين بعدم السكوت، فكتب اليه رسالة يوبخه فيها علي صمته (15) [ابو شامة، 1956- 1962م، ج 1، 231 . ] كثير من المؤرخين المبرزين، مثل ابن الاثير، جعلوا احد الاسباب المهمة للحروب الصليبية هو خوف الفاطميين من نفوذ السلاجقة الي مصر، وانه كان الدافع لهم علي تبادل الرسائل مع الصليبيين ودعوتهم للوقوف بوجه السلاجقة [ابن الاثير، ج 6، 337 . ] علي الرغم من ان الفاطميين كانت لهم مراسلات مع المسيحيين، ولكنهم في اول حرب لهم مع الصليبيين - وكانت اهم تلك الحروب واوسعها - بذلوا تضحيات كبيرة، وهذه حقيقة اعترف بها المؤرخون المسيحيون المعاصرون لتلك الحروب، مثل ويليام صوري، و فوشه دشارتر يشيرون في كتبهم الي ان دولة الفاطميين كانت اقوي دولة اسلامية في المشرق دافعت عن كيان الاسلام (16) . فوشه دشارتر، الذي شهد الحملة الصليبية الاولي بصفة مؤرخ ومخبر، لم يشر في اي من مؤلفاته الي مذاكرات الفاطميين ومراسلاتهم مع الصليبيين (17) . ان الاشارة الي معاهدة صلح بين المسيحيين الصليبيين والفاطميين جاءت من جانب اهل السنة الذين كانوا يرون في الفاطميين عدوهم الاول ويسعون الي تشويه سمعتهم، وكذلك من جانب المصادر اللاتينية المعاصرة (18) .
تشير المصادر المسيحية والاسلامية كافة الي انه بعد سقوط بيت المقدس، كان الافضل بن بدر الجمالي، وزير الفاطميين المستعلي بالله، اول المدافعين عن حريم المسلمين (19) . حتي ابو المحاسن بن تغري بردي، المعروف بين المؤرخين بالتعصب ضد الفاطميين، كتب يقول: التحق افضل، بعد سقوط القدس الشريف، بجيش مصر المتجه الي الشام . ويضيف:
«فان الافضل شاهنشاه ابن امير الجيوش بدر الجمالي، بلغه ان الفرنج ضايقوا بيت المقدس، فخرج اليهم في عشرين الف من عساكر مصر وجد في السير» [ابن تغري بردي، بلا تاريخ، ج 5، 145 . ] ابن القلانسي ايضا يشير الي هذه الواقعة [ابن القلانسي، 1403ه، 136 . ] ولكيلا نطيل في المقال نهي هذه المقدمة ونعرج علي الموضوع الاصلي، اي آثار الحروب الصليبية .
آثار الحرب في جغرافية شرق البحر الابيض المتوسط

علي اثر بدء الحملات الصليبية بدات الهجرات الكبري من الغرب الي الشرق، كما ان مناطق من شرق البحر الابيض المتوسط، وخاصة المناطق الساحلية، خلت، ببدء الحرب، من سكانها المسلمين واصبحت ماوي للمسيحيين، من الجنود وغيرهم من المهاجرين . مثلا، اول امارة صليبية نشات في جغرافيا الاسلام كانت (رها) او (ادسا .) اكثر سكان هذه المدينة كانوا مسلمين، ثم من السريان والنسطوريين والارمن . وعند هجوم الصليبين اصبح معظم سكنة رها من المسيحيين اللاتين او المغاربة .
وفي امارة اخري، انطاكية - التي قال عنها ويلبراند انه رآها في 1212م - كان يسكن الاثرياء الافرنج والسريان واليونانيون والارامنة والمسلمون [قاسم عبده قاسم، 1990، 200 . ] في سنة 1241م اشار فيتري الي ان المارونيين من الطبقات الرئيسة في المجتمع الشامي، فقال:
«المارونيون ينتسبون الي مارمارون، القسيس المسيحي في القرنين الرابع والخامس الذين كانوا يسكنون شمال غربي سوريا، وهم في الاصل شعبة من الروم الشرقيين الذين سكنوا قبل الاسلام منطقة شمال سوريا، وعلي اثر الصراعات الطائفية في القرن السادس الميلادي، هاجروا الي شمال لبنان . وفي الحروب الصليبية كان المارونيون من اهم المتعاونين مع الصليبيين، نظرا لان معظم هؤلاء كانوا من فرنسا . لذلك ففي سنة 648 ه (1250م) عقدت معاهدة صداقة بين الروم و لويس التاسع، وقد جاء في الرسالة التي ارسلها لويس الي بطريق المارونيين :
اننا نتعهد بحماية الشعب الماروني كما نحمي الفرنسيين انفسهم، فالمارونيون جزء من الشعب الفرنسي » [ قاسم عبده قاسم، 200]» .
ان الآثار العمارية والبنايات الباقية في المنطقة من الصليبيين، وخاصة في لبنان، تدل علي تزايد عدد المسيحيين بعد الحروب، علي الرغم من ان العديد من العمارات غير العسكرية، قد انهارت لاسباب طبيعية او سياسية او دينية . ومن تلك الابنية كنيسة ماريوحنا في جبيل بشمال لبنان، وكنيسة مارمرقس في صور، وكنيسة ماريوحنا في بيروت [ ناصري طاهري، 97- 99 . ] بالاضافة الي الاستعاضة بالمسيحيين في المنطقة، فان الاهمية الطبقية للمسلمين قد تغيرت ايضا بسبب الحرب . مثلا، الاكراد الذين كانوا يسكنون في المنطقة، اصبحت لهم اهمية خاصة بظهور صلاح الدين ودوره العسكري في الحروب الصليبية، وكثيرا ما جرت مصادمات بينهم وبين التركمان وخلقوا بعض المشاكل [احمد رمضان، 1977م، 55 . ] بعد احتلال بيت المقدس واخراج باقي المسلمين وحتي اليهود، اصبحت هذه المدينة عاصمة للمسيحيين في قلب العالم الاسلامي .
علي اثر تلك التطورات في الجغرافية المدنية للشام، هاجرت اعداد كبيرة من مسلمي الشام الي مصر، وبعد اخفاق الصليبيين في الاستيلاء علي مصر كما استولوا علي الشام ازدادت الهجرة اليها (20) . اما المسلمون الذين كانوا يسكنون المناطق الداخلية من الشام بصفتهم اقلية، فقد حافظ بعضهم علي معنوياتهم وتعاونوا مع المحاربين المسلمين . يقول اسامة بن منقذ ان المسلمين من سكنة عكا كانوا يخفون الاسري من المسلمين ويهربونهم الي المناطق الاسلامية الاخري [اسامة بن منقذ، 1981م، 82 . ] هذه الاقلية من المسلمين في المناطق المحتلة سعوا الي الاحتفاظ بهويتهم الدينية والثقافية في قبال الاكثرية الصليبية (21) ، علي الرغم من ان التاريخ يذكر لنا ان المسلمين في بعض المناطق اضطروا، تحت ضغط المحتلين الصليبيين وظلمهم الشديد، الي ترك دينهم واعتناق المسيحية للابقاء علي حياتهم (22) .
انتشار التصوف والدروشة كان من النتائج السلبية للحروب الصليبية . ان التشتت السياسي في العالم الاسلامي قبل الحروب الصليبية - الذي كان بذاته من الاسباب المهمة في تقدم الصليبيين في حروبهم - تحول الي نوع من اللاابالية عند المسلمين بعد الحرب الصليبية الاولي واحتلال بيت المقدس . بعد احتلال القدس الشريف، عندما قام اهل الشام بصحبة قاضي دمشق بالسفر الي الخليفة في بغداد وطلبوا عونه باكين، حال الخصام والنزاع السياسي والفكري فيما بين الدول الاسلامية دون حصولهم علي المساعدة المطلوبة . وبعد الحرب الصليبية الاولي، التي ادت الي احتلال الصليبيين الكثير من الارض الاسلامية، انتشرت روح اللاابالية وحب العزلة انتشارا واسعا بين اهل الشام وطلاب الحق في تلك الديار، في الوقت الذي كانت فيه النساء المسيحيات ياتين من الغرب لاعانة رجالهن ويحاربن جنبا الي جنبهم، بينما هرب اكثر المسلمين من الحرب، وبدلا من امتشاق الحسام ومحاربة العدو، راحوا يرفعون ايديهم بالدعاء . يخاطب القاضي الفاضل العسقلاني كاتب صلاح الدين الايوبي قائلا:
ليس لك من المسلمين كافة مساعدة الا بدعوته، ولا مجاهد معك الا بلسانه . . . تدعوهم الي الله وكانما تدعوهم لنفسك، وتسالهم الفريضة وكانما تكلفهم النافلة [ ابو شامة، ج 2، 166 . ] عمادالدين الكاتب الاصفهاني ايضا يقول في احدي رسائله:
وما ينقضي عجبنا من تضافر المشركين وقعود المسلمين . . . وليس احد من الفرنجة يستشعر ان الساحل اذا ملك ورفع فيه حجاب عزهم وهتك، يخرج بلد عن يده وتمتد يد الي بلده، والمسلمون بخلاف ذلك قد وهنوا وفشلوا وغفلوا وكسلوا ولزموا الحيرة وعدموا الغيرة .
[الاصفهاني، 1331 ه، 47 . ] احد الشاميين المجاهدين يخاطب صديقه الذي فر من الجبهة وعكف في المسجد يدعو ويتعبد، فيقول له موبخا:
يا عابد الحرمين لو ابصرتنا
لعلمت انك في العبادة تلعب
من كان يتعب خيله في باطل
فخيولنا يوم الكريهة تتعب
لو كان يخضب خده بدموعه
فنحورنا بدمائنا تتخضب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا
رهج السنابك والغبار الاشهب
ولقد اتانا عن مقال نبينا
قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبار خيل الله في
انف امرئ ودخان نار تلهب
[ الكيلاني، 1982، 44]
من القاعدين الآخرين الذين انعزلوا في معاكفهم يتغنون بوصف الشراب والمعشوق، ولم يستخدموا شعرهم حتي في تحريض المسلمين علي الجهاد ومقارعة الاعداء، كان ابن الفارض (23) .
كان لحالة اللاابالية والضعف نتيجة اخري، وهي انصراف الناس والعلماء الي الاحلام ورؤية الانبياء والاولياء في المنام، بحيث ان كآبتهم وقلقهم من احتلال المدن الاسلامية عالجوها، بدلا من الحرب، بالرؤي والخيال . فمثلا، ابو الحسن الهروي (24) ، الرحالة المعروف الذي فقد امواله وكتبه في الحملات الصليبية [ناصري طاهري، 79]، يقول في كتاب رحلاته:
ودخلت عسقلان سنة سبعين وخمسمائة، بت في مشهد ابراهيم « عليه السلام » ورايت في ذلك الموضع رسول الله في المنام وهو بين جماعة، فسلمت عليه وقبلت يده وقلت: يا رسول الله ما احسن هذا الثغر لو انه للاسلام . فقال: سيصير للاسلام ويبقي عبرة للانام . فاستيقظت وكتبت صورة ما رايته علي حائط . . وفتح القدس وعسقلان سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة [ . . . الهروي، 1953، 32] هذا كان الاتجاه الفكري يومذاك والذي انبري لمكافحته بعد ذلك ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية (25) .
من جهة اخري، عند مطالعة كتب تاريخ الفن والعمارة الاسلامية نلاحظ انه في العصرين الايوبي والمماليك، كان في مصر والشام العديد من التكايا والزوايا بحيث اننا لا نري مثل ذلك قبل الايوبيين (26) . وكان هناك اصحاب الطرق والفرق الصوفية الكثيرة التي تشكلت خلال تلك الفترة، مثل الفرقة الاحمدية التي انشاها السيد احمد البدوي سنة (596- 675 ه/1199- 1276 م .) في طنطا بمصر (27) ، والفرقة الرفاعية المنسوبة الي احمد الرفاعي (متوفي 578 ه/1183 م)، والفرقة الشاذلية المنسوبة الي ابي الحسن الشاذلي (متوفي 656 ه/1259 م)، والفرقة المولوية في آسيا الصغري في القرن السابع الهجري [ حنا الفاخوري وخليل الجر، ج 1، 300 . ] ولابد من القول انه علي الرغم من ان التصوف قديم، الا ان تقدمه وتكامله تحققا في شرق البحر الابيض المتوسط نتيجة للحروب الصليبية، وهذه الحركة السلبية اوجدت بذاتها حركة جديدة في الاسلام هي الحركة المضادة للتصوف التي تزعمها ابن تيمية .
خلال الحرب الصليبية، في شرق البحر الابيض المتوسط، خاصة في عصر المماليك، ظهرت امراض اجتماعية كبيرة، كالتحلل، او الدعارة، التي كانت ظاهرة اجتماعية منظمة، وكانت الدولة تتقاضي ضرائب عن ذلك . لقد كان توسع فعاليات (بنات الليل) و (المطربات والمقرئات) الي درجة انه كانت هناك شخصية بصفة (ضامنة المغابن) (28) مسؤولة عنهن وتدفع ضرائب معينة .
من نتائج تلك الحرب ايضا الانحراف الجنسي . ان انتشار هذه الظاهرة او المفسدة الاجتماعية برزت بشكل اشعار الحب من النوع النواسي، وكان هذا الاسلوب رائجا في عصر المماليك (29) .
في القرون الاسلامية الاولي كان الدافع لتشكيل الجيش والنظام دينيا وعقائديا . كان الناس يعتقدون بالاصل الديني، الجهاد ضد الاعداء الخارجيين او للمقاومة او لاحتلال البلدان، ولكن بعد اتساع الدولة ودخول عناصر جديدة من حديثي الاسلام الي العالم الاسلامي، تغير جيش الاسلام ايضا، اي ان القطاع العسكري توسع كثيرا . ان الحرب الصليبية في شرق البحر الابيض المتوسط ادت الي ان يتوسل رجال الدولة بهذا الاسلوب لتعبئة القوة العسكرية، فوهبوا اراضي للامراء والقواد العسكريين لقاء ضمان حشد القوات العسكرية للحرب . الا ان هذه الظاهرة تغيرت ايام صلاح الدين الايوبي، ثم تكاملت في عهد المماليك .
في العهد الايوبي كانت الاقطاعات وراثية كما كان الاقطاع وراثيا في اوروبا في القرون الوسطي وعلي اعتاب الحروب الصليبية، ولكن بعد تغيير العلاقات التي كانت تتحكم في ذلك علي عهد المماليك، تحول الاقطاع الوراثي الي اقطاع خاص، واصبح للسلطان المملوكي الحق في استرجاع الارض المقطوعة، ولم يعد يحق للامير او القائد ان يوصي بتلك الارض الي اولاده (30) . لذلك فان اتساع النظام الاقطاعي وتحوله من الاقطاع الوراثي الي اقطاع غير وراثي، كان من المميزات البارزة لعصر المماليك ومن آثار الحروب الصليبية .
ينبغي ايضا ان لا نغفل عن تاثير الحروب الصليبية في ثقافة المسلمين وادبهم يومذاك، فقد دخلت الفاظ اجنبية الي النصوص العربية، وظهر شعر الاستغاثة . وكان لعن المسيحيين والطعن فيهم بلغة الشعر من مصاديق ذلك .
كان من نتائج الاحتكاك بين الادباء المسلمين والصليبيين ان دخلت الفاظ اجنبية افرنجية الي اللغة العربية، من ذلك مثلا، في معرض الكلام علي الصلح بين صلاح الدين والصليبيين بشان محاصرة العدو مدينة عكا وقبوله الفدية للسماح للمسلمين بالخروج منها، عبر ابن شداد عن ذلك بقوله:
«. . . فدية تدفع في تروم (31) ثلاثة، كل ترم شهر . . .» .
[ابن شداد، 1964م، 172 . ] و المقريزي ايضا استعمل كلمة قومص اللاتينية [المقريزي، ج 1، 92 . ] واستعمل لفظة افرنس بمعني فرانسة، ورين بمعني ملك [المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين، 1962م، 63 ]، والنويري استعمل لفظة واسال [المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين، 62]، و ابن الاثير في كتابه، وتحت احداث سنة 523 ه، عند كلامه علي محاصرة الصليبيين دمشق يستعمل ايضا كلمة قومص، فيقول: «. . . وغيرهم من الفرنج وقمامصتهم . . .» [ابن الاثير، ج 6، 617]، و ابن تغري بردي يستعمل سير بمعني السيد [ابن تغري بردي، بلا تاريخ، ج 7، 32 . ] الطعن بالمسيحية واليهودية وساير الملل والنحل، وكذلك الاستغاثة والبكاء والمدح كانت من الاغراض التي دخلت الي الشعر العربي [الكيلاني، 273 . ] كما ان فن الخطابة والاسترسال تقدما بشكل ملحوظ (32) .
كذلك الحال مع فن تدوين احاديث الجهاد، كما جاء في كتاب الترغيب والترهيب تاليف زكي الدين بن عبدالقوي المنذري [ناصري طاهري، 55 . ] من آثار الحروب الصليبية الاخري في الادب العربي هو انتشار ملحوظ في كتابة الفضائل (33) .
الازدهار التجاري في بعض مدن شرق البحر الابيض المتوسط يعتبر ايضا من الآثار الاقتصادية للحروب الصليبية . لقد لعبت الشام، من اقدم الازمنة، دورا بارزا في التجارة الدولية . و في مرحلة الحروب الصليبية، وللدوافع الاقتصادية والتجارية الغربية، وخاصة الجمهوريات الايطالية، اتسع ذلك الدور وبرز اكثر بحيث استقر التجار الاوروبيون في اكثر المدن والموانئ في شرق البحر الابيض المتوسط، وفي عصر المماليك وانتهاء الحروب الصليبية انشا بعض الشركات الاوروبية ممثليات لها في الشام، مثل شركة فلورانس (باردي) التي كان لها فرع في بيت المقدس [ مجلة الدراسات التاريخيه]، العددان 23 و 24، ص 86 . ] ان حسن تعامل المماليك مع التجار الاوروبيين زاد من توجه الغربيين الي الشرق والتجارة مع المسلمين . ولضمان امن الطرق وضع المماليك الحراس، وبنوا الخانات والفنادق علي الطرق .
الازمة العسكرية في منطقة الشام، شمال البحر الاحمر، اجبرت المسلمين من الاندلس وشمال افريقيا الراغبين في الحج علي اتخاذ طريق نهر النيل الي «قوص » و «عيذاب » ومن ثم الي جزيرة العرب، فكان ان ازدهر اقتصاد المنطقتين المذكورتين [ناصري طاهري، 103 ]
الهوامش:
1. لمعرفة المزيد عن تدوين تاريخ الحروب الصليبية انظر:
ناصري طاهري، عبدالله، علل وآثار جنگ هاي صليبي، طهران، 1373 ه . ش .
2. في هذا الكلام المثير، الذي يعرف باسم رسالة البابا التاريخية، يعتبر تكرار Duse Lovis اشارة الي ان الله قد استنهض المسيحيين .
3. استنادا الي هذه النظرة ينبغي ان ينظر الي الحوار عن التقريب بين المذاهب نظرة شك .
4. اسم قلعة كبيرة في جنوب الاردن .
5. محمد بن عبدالله العامري، المعروف بالمنصور الحاجب، او منصور بن ابي عامر، كان من امراء الحكومة الاموية في الاندلس علي عهد هشام الثاني، والذي امسك الامور بيده، بالنظر لعدم لياقة الخليفة، وحكم مدة 27 سنة [الاعلام، ج 6، 266 . ]
6. منذ انقراض الحكم الاموي في الاندلس، وقيام نظام ملوك الطوائف، عقد المسيحيون عزمهم علي طرد المسلمين، فقام [الفونس السادس بمهاجمة المسلمين في طليطلة، فهرع يوسف بن تاشفين الي اعانتهم، وهزم المسيحيين، يعتقد ماركس ان حملة الفونس كانت مقدمة للحرب الصليبية الاولي [ . الصليبيون في الشرق، 26 . ]
7. ان حرب السلاجقة مع الروم في آسيا الصغري في نحو سنة 440 ه، ومن بدء عصر طغرل . بيك و قسطنطين التاسع، جديرة بالذكر . رانسيمان من المؤرخين المحدثين وويليام صوري من المؤرخين القدامي، يعتبران حرب (ملازجرد) تسويغا للحملة الصليبية، لان هزيمة (ملازجرد) كشفت عن ان بيزنطة لم تعد قادرة علي بسط حمايتها علي المسيحيين في المشرق . هناك، بالطبع، من يعتقد مثل دالبرك، انه قد بولغ في اهمية حرب (ملازجرد) [رانسيمان، 89 . ]
8. لمزيد من التفصيل انظر: بعلبك مدينة الشمس وحلب مدينة النجوم، 84 .
9. رانسيمان يعتقد ان المسيحيين علي عهد الحاكم بامر الله قد عرضوا للاذي والتعذيب [رانسيمان، 99 . ]
10. لمعرفة المزيد عن الفكر السياسي للغزالي، انظر: الغزالي، ابو حامد محمد، فضائح الباطنية وفضايل المستظهرية و الاقتصاد .
11. في الفترة المذكورة كان الغزالي في الشام .
12. هذا الكتاب من تاليف الغزالي وتحقيق عبدالله الشرقاوي . وفي سنة 1403ه قامت دار امين للنشر والتوزيع بطبعه [الرد الجميل لالوهية عيسي بصريح الانجيل ]، 25 و 26 .
13. طبعت هذه الرسالة دار نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب في القاهرة سنة 1993 .
14. طبعت هذه الرسالة كملحق لكتاب علل وآثار جنگ هاي صليبي .
15. ينقل ابو شامة عن عمادالدين الكاتب الاصفهاني [صادق احمد جودة، المدرسة العصرونية في بلاد الشام، 198 . ]
16. عنوان هذا الكتاب هو A Histoyof Deeds Done Beyondthe Sea وقد ترجمه الدكتور زكار بعنوان تاريخ الحروب الصليبية - الاعمال المنجزة فيما وراء البحر طبعته سنة 1410ه في دمشق دار الفكر .
17. عنوان الكتاب هو Gesta Francorum Therusalem Peregrinatiam ترجمه الدكتور زياد العسلي سنة 1990 بعنوان تاريخ الحملة علي القدس وطبعته في عمان دار الشرق .
18. للدكتور صلاح الدين محمد نوار، استاذ جامعة القاهرة، بحث ضاف في كتابه العدوان الصليبي علي العالم الاسلامي، طبع دار العودة للطبع والنشر والتوزيع في الاسكندرية في طبعته الاولي .
19. انظر : صوري، ويليام، تاريخ الحروب الصليبية . . المذكور . دشارتر، فوشه، تاريخ الحملة علي القدس المذكور . ابن طوير، نزهة المقلتين في اخبار الدولتين . ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة . ابن ميسر ، اخبار مصر . ابن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق .
20. انظر : ابن اييك دوادار، كنز الدرر وجامع الغرر، ج 8، 361 . المقريزي، المواعظ والاعتبار . . . ، ج 1، 73 . قاسم عبده قاسم، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي، 29 و 30 .
21. انظر : براور، يوشع، عالم الصليبيين، 98- 100 . ابن جبير، رحلة، 276، 279، 291 .
22. انظر : قاسم عبده قاسم، ماهية الحروب الصليبية .
23. ابو حفص عمر بن علي المعروف بابن الفارض (576- 632 ه) من كبار شعراء التصوف، ويعرف بسلطان العاشقين [ديوان ابن الفارض، المكتبة الثقافية، بيروت، بلا تاريخ . ]
24. علي بن ابي بكر الهروي، رحالة من القرن السادس الهجري وصاحب رحلة باسم الاشارات الي معرفة الزيارات .
25. انظر : ابن قيم الجوزية ، رسائل ابن تيمية و اغاثة اللهفان في مصايد الشيطان .
26. امثال هذه العمارات في بيت المقدس اكثر في العصرين الايوبي والمماليك .
27. يقول هاملتون جب ان زعيم الفرقة الاحمدية الذي كان من اتباع الرفاعي، اشترك في حرب المنصورة الصليبية التي شنها لويس، ملك فرنسا [اسلام بررسي تاريخي وعلمي وفرهنگي، ترجمة منوچهر اميري، 1367 ه، ش ، 177 . ] كاتب هذه السطور لم يعثر علي المصدر الذي نقل عنه هاملتون جيب .
28. هذا التعبير استعمله قاسم عبده قاسم في اثر الحروب الصليبية في العالم العربي [مجموعة موسوعة الحضارة العربية الاسلامية، ج 3، 16 . ]
29. انظر : المقريزي، [ السلوك في معرفة الدول والملوك، ج 2، 661 و 662]، والمواعظ والاعتبار . . . ج 2، 34 و169 . السخاوي، التبر المسبوك في ذيل السلوك، 103 و 104 .
30. انظر : ابن تغري بردي ، النجوم الزاهرة، ج 9، 43 وما بعدها . سعيد عاشور، المجتمع المصري في عصر السلاطين والمماليك، 48 و 52 . قاسم عبده قاسم، دراسات في تاريخ مصر الاجتماعي، 19، 23 .
31. تروم جمع ترم .
32. مثلا، يمكن الاشارة الي خطبة ابي زكي الدين عند فتح بيت المقدس علي يد صلاح الدين الايوبي ، تجد هذه الخطبة في قسم الملحقات بكتاب علل وآثار جنگ هاي صليبين .
33. فيما يتعلق باسلوب تدوين الفضائل، انظر ناصري طاهري، عبدالله، علل وآثار جنگ هاي صليبي، طهران، 1373 ه . ش . و بيت المقدس مدينة الانبياء، للمؤلف نفسه .
المصادر:
ابن الاثير، الكامل في التاريخ، تحقيق علي شيري، دار احياء التراث العربي ، بيروت ، 1408ه .
ابن ابيك دواداري ، كنز الدرر وجامع الغرر، ج 6، تحقيق صلاح الدين المنجد، القاهرة ، المعهد الالماني، الآثار، 1961م .
ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة ، بلا تاريخ .
ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والامم، تحقيق محمد عبد القادر عطا ومصطفي عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1412 ه .
ابن قيم الجوزية، اغاثة اللهفان في مصايد الشيطان، تحقيق محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1308 .
ابن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، تحقيق جمال الدين الشيال ، الدار المصرية للتاليف والترجمة، القاهرة، 1964م .
ابن طوير، نزهة المقلتين في اخبار الدولتين، تحقيق ايمن فؤاد السيد، دار النشر فرانتس شتاينر، شتوتگارت، المانيا، 1412ه .
ابن القلانسي، ذيل تاريخ دمشق ، تحقيق سهيل زكار، دمشق، دار حسان، 1403ه .
ابن ميسر، اخبار مصر، ايمن فؤاد السيد، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، 1981م .
ابو شامة، كتاب الروضتين في اخبار الدولتين، تحقيق محمد حلمي محمد احمد، القاهرة ، 1956- 1962م .
اسامة بن المنقذ، الاعتبار، تحقيق فيليب حتي، الدار المتحدة للنشر، بيروت، 1981م .
الاصفهاني، عمادالدين ، الفتح القسي في الفتح القدسي، تحقيق مصطفي فهمي، مطبعة الموسوعات، 1331ه، بلا تاريخ .
المؤرخون المعاصرون لصلاح الدين ، تاليف نظير احسان السعداوي ، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1962م .
الحائري، عبدالهادي، نخستين روريارويي هاي انديشه گران ايران، امير كبير، طهران، 1367 ه . ش .
حنا الفاخوري، وخليل الجر، تاريخ الفلسفة في العالم الاسلامي، ترجمة عبدالمحمد آيتي، انتشارات وآموزش انقلاب اسلامي .
دورانت، ويل، تاريخ الحضارة، ج 4، الفصل الاول، ترجمه ابو طالب صارمي، ابو القاسم پاينده وابو القاسم طاهري، سازمان انتشارات وآموزش انقلاب اسلامي، طهران ، 1368 ه . ش .
المصدر نفسه، الفصل الثاني، ترجمه ابو القاسم طاهري، طهران، 1367 ه . ش .
رانسيمان، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمه منوچهركاشف، شركت انتشارات علمي و فرهنگي، طهران، 1371 ه . ش .
زابورف، ميخائيل، الصليبيون في الشرق، ترجمه الياس شاهين، دار التقدم، موسكو، 1986م .
زكي مبارك، الاخلاق عند الغزالي، دار الشعب، القاهرة، 1970م .
عبدالكريم عثمان، سيرة الغزالي واقوال المتقدمين فيه، دمشق، دار الفكر العربي، بلا تاريخ .
الغزالي، ابو حامد محمد، فضايح الباطنية و فضايل المستظهرية، تحقيق عبدالرحمن بدوي ، دار الكتب الثقافية، الكويت .
قاسم عبده قاسم، ماهية الحروب الصليبية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1990م .
قدري قلعجي، صلاح الدين قصة الصراع بين الشرق والغرب . . . ، دار الكتاب العربي، 1399ه .
الكيلاني، السيد محمد، الحروب الصليبية واثرها في الادب . . . الناشرون دارف المحدودة ، لندن، 1985م .
محمد العروسي المطوي، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، دار الغرب الاسلامي، بيروت، 1982م .
المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (خطط المقريزي)، بولاق، 1270ه .
نفسه، السلوك في معرفة الدول والملوك، تحقيق محمد مصطفي زيادة، القاهرة، مطبعة لجنة التاليف والترجمة والنشر، 1956م .
ناصر خسرو، سفرنامه، باهتمام محمد دبيرسياقي، زوار، طهران، 1370 ه . ش .
ناصري طاهري، عبدالله، بعلبك شهر آفتاب و حلب شهر ستارگان، سروش، طهران، 1366ه . ش .
نفسه، بيت المقدس شهر پيامبران، سروش، طهران، 1367 ه . ش .
الهروي، ابو الحسن، الاشارات الي معرفة الزيارات، تحقيق جانبين سورديل طومين، المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية، دمشق، 1953م .




أتمنى أن ينال إعجابكم :m2:

اموله



ÊæÞíÚ
إن قرأت مايعجبك ويفيدك منِّي فاذكر الله وكبرِّه واذكرني بدعائك بظهر الغيب وإن قرأت مالا يفيدك ولا يعجبك فسبِّح الله واستغفره عني وعنك


  رد مع اقتباس
مــــلــــوكـــه
قديم 03-02-2013 ~ 04:45 AM
افتراضي رد: بحث تقرير جاهز عن اثر الحروب الصليبية في الادب المصري
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 2
 
الصورة الرمزية مــــلــــوكـــه
 
1409683700141.png - 46.37 KB
تاريخ التسجيل : May 2012
معدل تقييم المستوى : 111
مــــلــــوكـــه ادارةمــــلــــوكـــه ادارة


رٍؤؤؤؤؤؤؤؤؤعٍهـ عٍيوُني آنتي
عٍآشُت آيدِجٍ
مآننحٍرٍم من جٍدِيدِجٍ
دِمتي بَخـيرٍ وُدِآم لُِنآآبَدِآعٍجٍ
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بحث تقرير جاهز في دراسة طرق الطعن في الأحكام في 4 فصول بحث قانوني فاطمة الطاهرة منتدى البحوث العلميه 2 04-19-2013 01:22 AM
اهمية الخروب ، فوائد الخروب ، الاستخدامات العلاجية للخروب ورد الملائكه عالم الصحه والغذاء 4 04-14-2013 01:44 AM
بحث تقرير جاهز عن المدينة المنورة فاطمة الطاهرة منتدى البحوث العلميه 1 02-22-2013 06:39 PM
بحث تقرير جاهز عن الادب العربي في عصر صدر الاسلام مع اسئلة واجوبه فاطمة الطاهرة منتدى البحوث العلميه 1 02-22-2013 06:39 PM
تاريخ الحروب الصليبية , حروب صليبية ريشة حزن العشاق ركن الثقافة العامة 4 10-05-2012 08:05 AM


الساعة الآن 10:16 PM