ديوان الشاعر مكي جاروط

رفت بجناحها
و دارت دورة كاملة
و هي تتأمل الزهرة الباسمة إليها
و بعينيها كل حنان الكون
تضم جناحيها حتى لا تخدش خد الزهرة
ثم برقة متناهية
تقبل الزهرة على ثغرها الوضاء
فيملأ الشذى كل خلية للفراشة
فتهتز الفراشة طربا
و نشوة
و تسكر من ذاك العطر
فتنكمش ارجلها
و تمد خرطومها في خجل
ما احيلاه من رحيق
و الزهرة تحملها في ود
و حنان
و شوق
و لوعة
و تهمس لها
ابلغيه سلامي
و اهديه 0
هذي الحبيبات
فهي سر حياتي

على الجانب الجنوبي الشرق
برقت نجيمات العقرب
و قلبها النابض بالحب
حكت لي
عنه
#
كان هنا
انظر
هذي اثار قدميه
ما زالت ندية
دافئة الوطئ
همسته ترن في أذني
ضحكته
بسمته
هو لا يعرف
الضرب
السلب
النهب
الشم و السب
الاحتيال و الغصب
يكره جدا
الدمار و الحرب
#
قال لي :
سأذهب للمدينة
و اجلب لك
أشياء ثمينة

ثم مضى و لم يعد
#
كانت الغيرة تأكل قلبي
تتشعب داخل نفسي
تتعملق و تتنمر
لا تهدأ
أو تتقاذم
تتكرفس صفات الخير
فيا نحسي
نهشت عصب الحب الحسي
ما دريت أن عصابة الموت
خاب ظني
خانني حدسي
زعموا لي
أن لصوص الكون
لا دين لهم
غير حزب
و بيع بخس
و أن لا فرق بين
سارق خبزي
و قاتل النفس
كل تجار الحرب سوى
فالذي يخدر
كالذي يخون وطن الأمس
سيان
زارع الألقام
و تاجر الألقاب
و حارق الأعصاب
مفرق الاحباب

اذكر أن الأيام كانت تسير إلى الخلف بصورة سريعة جدا ،
ففي ذات يوم حين كنت اسير في أحد الأزقة فجأة توقف الزمن و بدأت عقاربه في التآكل المخيف . إذ أطل بين تلك الثواني وجه مألوف يقول لي ؛
ويحك ! ألم انهك من أن تمر بهذا الطريق ؟
فقد كان هنا شيخ جميل
حكيم
سمح الخلقة و الأخلام
كريم جواد
ذو اصل و عرق
كل من مر به يخرج مملؤ
البطن و العقل
محمل حتى يكاد يقلبه المسير
تحت ذي النخلة
جلس
يفيض بما عنده للناس
حتى إذا مات
جلس مكانه
ذو خلق لئيم
كأن الشيطان اورثه صفاته
فظنه الناس
ذاك النبيل
فجمع أماناتهم
و رحل ذات ليل
@ #
منذ ذاك الزمان
فارق الناس هذا الطريق

شهقت
و قالت لي
احبك بقدر ما يكون الحب
فأن شئت فرشت لك ضوء عيوني

حبيتك
فاصبحت أنا و الحب
جسدا

اجمتع قيس بن الملوح و جميل بن معمر و عنترة بن شداد و بعض شعراء الهوى العذري و مشائخهم و من اتلف الحب حبائل صوته و هو ينادي عشيقته
و تذاكروا كيف أنهم كانوا يهيمون في كل واد يتعقبون بعض آثار انامل اقدامها و عند الموارد ربما مرت من أحدى شعب الوادي
و ضحكوا عند قول اليشكري
= احبها و يحب ناقلتها بعيري =
فذكرت حبيبتي و لما وصفتها ببعض صفات لها
قالوا لي :
لو كنا نعلموا بعض صفاتها ما عشقنا
فأتوا جميعهم يباركوا لي هواك

اليوم قالت لي كلاما غريبا :
توردت كل الخدود
و اضاءت بلا حدود
و تنفست
فتنفس الوجود
و صمت
صمت أنا
صمت الليل
صمت اللحود
حتى أني صرت
اسمع تحرق كل شيئ
لما
سوف
تجود
الأرض
و النبت
و جاف العود
شقوق الأرض
من زمن الأخدود
جاءت
بكل مقتول و موؤد
اصطفت كل الخلائق
حامد و جحود
صمتوا
القمر
و النجوم
المجرات
في سديمها البعيد
الآن
تود أن تفهم
تعرف
تدرك
كنه الخلود
و حبيبتي
ضحكت
فزال الجفاء عن الكون
و عم السعود
غنت
فغنوا
رقصت
تمايل كل
موزون الخطو
يبدأ
و يعيد
فلما
قالت لي :
احبك
سكر السكر
فما عاد
مجنون
و لا بليد
الكل صار عاقلا
و رشيد

بات الليل يسجد
و نحن بين يديه
نسمع
يدعو لنا
فنأمن
و نتهجد
و النجم يشهد

الروح تهوى ما ترتاح إليه
فاشرح صدرك

تهواك كل الأرواح