قصـة بعنــوان : خســـرت كِــلاَهُمــا
خــرجـت مــن القصـر خـاليــة الوفـاض ،،، تركــت كــل شيـئ ثميــن تملكـــه ،،، فـرّت
برقبتــهــاكمــا يقــولون ،،، لا مجــوهرات ولا ألمــاس ولا أي شيــئ لــه علاقــــة بالغِنــى ،،،فـقـــط حمــلت
نفسهــــا الجريحــةوخرجــت ،،، تبِعتهـــا الفخفخـــة حتــى الباب الخـارجـي للـحـديقــة التي تســوّر القصــر،،،
فجــأة وجـــدت نفسهــا وبـدنهــا في الشــارع الرئيــسي للمــدينـة ،،،خــرجـت وبــدون عــودة ، فلقــد أنـذرت
زوجـها الغنِـي البـارحــة أثنــاء حــديــث الوســادة بأنهــا الخــرجــة التّـي لاتليــهـا عـــودة ،،،
رغــم التعــب الذي نـال مــن أوصـالهــا { فهــي لــم تنــم البــارحـــة }، قــوّة خــارقـــة
تـــدفــع بجــسدهــا النّحــيف نحــو الحــيّ العتيـــق الـذّي تــرعرعــت فيــه وأفنــتْ فيــه ذكــرياتهــا الحـلـوة
والمــرّة ،،،تهــرول نحــو مــوقـف السيــارات وهــي تهــذي " هــا لقـــد تــركــتُ جنّــة الدنيــا ومــا حــوت
وعــدت اليـــك يا حبيبــي،،، أنــا مشتــاقــة لــرؤيتــك ، لضــمّك ، لتقبيـلـك ،،،أنـا تــوّاقـة الـى أن أصلــح مــا
أفســده الدهــر ، أو لآقــل مــا أفســدتــه أنــا ، يــوم تــركتــك جــريحـا وتـــزوجــت زيـــد الغنِــيْ ،،، أعتـرف
بأنّنــي فضّــلـت الغِنــي عــن الفقـــر والحــرمـان ،،،ضنّنــت أن الثــروة هــي كــل شيــئ ،،، كــنت يــومـهــا
غبيّــة وأنـانيــة ،،، طــائشــة ومتهــورة ،،، رمــيت بقلبــي المتيّــم جانبـا وهــرعــت الـى رجــل غــنيٍّ قـــال
لي يومـها بأنّــني تــربعــت علـى عــرش تفـكيـره " ،،،
تنــزل مــن الــطاكســي وتســرع نحــو حيّهــا القديــم ،،، فضّلــت النــزول مــن السيـارة
بعيـــدا عــن المكـان المقصــود ، خجــلا مــن الســائـق ،،، أخيــرا وصــلـت الحــيّ ،،،إنّـه هــو بعينــه ،،،
لاتـغيّــر في المكــــان بآستثــناء تعبيــد الطــريق الذّي يتــوسـط الحـّـي ،،،تبحـث عــن الصخـرة التي كــان
يقبــع عليهــا عصــام حبيبهـــا، ونصــف جــذع الشجــرة الذّي كــان يتــكِـئ عليهــا ،،، عــن الغبــار الذي
كــان يتصـاعـد مــن أقــدامهمــا كلّمـــا مــرّا مــن هـذا الطــريق ، لاأثــر لكــل شــواهــد الحـب الذّي عــمّــر
لسنيــن ،،،فهمــا ترعرعــا معـا وأحبّــا بعضهمـا البعـض منــذ أيــام الدراســة ،،،
رائحــــة واحـدة تصـل حاســة شمّهــا وتــزداد حــدّة كلمّــا توغّلــت في أعمــاق الحـيّ
ودنــت مـــن بيــت حبيبهــا ،،، إنهـا رائحـة الغـدر ، الخيـانـة وألآنانيــة ،،، صـور مــن المـاضي تتـلاحـق أمـام
عينـيهـــا ،،،صـورة فيصــل وهـو يتضـرّع لهــا بأن لاتقبـــل الزواج مــن زيـــد ،،، أن لا تتـركـه صـريـع الهــوى،،،
كــان يبكـي دمًـا بـــدل الدمــوع ، جاثيــا أمـامهـا يتــوسـل اليهــا أن لا تتــركــه للفقــر والبأس وبــدون حــبّ }
بكبــريـاء تحاول أن تصـرف كــل هــذه الصـور مــن أمـام عينيهـا ،،، أن تـنـتـزعهــا مــن مخيّلتهــا ، ولكـن هـيهات
هيهــات ،،،الصــوّر كثيــرة والمؤامــرة كبيـــرة ،،، لــن تستطيــع بصفعــة يــد أن تجعلهــا تتــوارى ،،،
وصــلـت أخيــرا الى الشــارع المقصــود وهــي تتمتــم " هــا لقــد وصلــت اليــك يا
حبيبــي ،،، سـأعتـذر منــك ككــل مــرّة عــن كـل مـا حصــل منّــي ،،، سأرضـى بكــل مـا تقــولـه لـي حتّى
ولــو كـان جــارحا ،،، فـأنـا قــادمـة يا حبيبـي مــن عالـم خـال مـن كــل ألآحاسيــس ،،، عـالـم كلّــه مــاديـات
لاأثــر للــحـب والإطمئنــان فيــه ،،، هــا لقــد عــدت اليــك يا حبيبــي بالرغــم مــن بؤســك وفقـرك ،،، فقـط
أبحــث عـــن كلمـة حـب ،،، عــــن لمســة حنــان ،،، عـــن ذرة عــطـف "،،،
قبــالـة البيــت المقصــود صُفّفــت الكــراسي منهـا المشغـول ومنهــا الشّـاغـر ،،،جـمـــع
غفيـــر توسط الشـارع ،،،مظـهر أقلقهــا،،، جــمّــد الـدّم في عـروقهــا ،،، تمتمـت بذهــول " أتــراه تــزوج غيــري
الخـائــن وتـــركـنــي بعـدمــا ضحّــيت مــن أجلـه وتــركــت ورائـي كــل نفيــس ،،، فـعلا إنّـه عــرســه فهــو
الإبـــن الوحيــد في العائلــة ،،، سأدخــل للــتّــو على عــروســه وأصفـعـهــا ،،، سأصــرخ بـمــلء رئـــتـيْ بأنّــه
حبيبــي أنــا ، لــي وحــدي ، ولا أقبـــل بــأن يشــاركنــي فيــه أحــد "،،، غضــب وقلــق يتـوســط جبينهــا ،،،
إرتعــاش لا أرادي يصـاحـب حــركـة أنــاملهـــا ،،،
تسـارع مــن جديــد قــاصـدة العُـرس ،،، شــريـط ذكـرياتـهـا الحلـوة مع فيصـل يتـوسـط
ممشـاهـا،، تــركلــه برجلهــا فيتــوارى ،،، تشــق صفــوف الرجــال بآستحيــاء وخجــل مـواريّــة غضبهــا،،، لــم
تنظـر الى أيّ أحــد منـهـم ،،، البــــاب الخـــارجيّ ـ أقصــد لـوحـة القــصديـر ـ مفتــوح على مصــراعـيـه ،،،تلـج
البــيـت وكـومـة شـرر الغضــب تسبقهــــا،،، لــم تنظــر الى الكهــوف التّي وُجــدت على اليميــن واليســار
فهي تعـرف البيـت جيّــدا ،،، فـقط بالُـهــا وعقلُهــا معلّــق بالبـهــو ، مكـان العــروسـان ،،، كـل تركيزهـا
منصــبُ علـى المواجهــة الحتميّـــة معـه ومــع العـروســـة ،،،
تــدخـل البهــو علــى عجـل ، وإذا بـهـا تـتـفـاجــأ ،،،جمـعٌ غـفيــر مـن النســوة إصــطـف
علـى الـجـدران ، يتوسطهــا نعــش ،،، الكــل يبكــي في صمـت ،،، إمــرأة متقـدمــة في السّــن تشــق الصفــوف
لتسـتـقبلهــا بعبــرات ســاخنـــة سقـطــت للتّـــــو مــن مقلـتيهــــا ،،،أخــرجـت مـن صـدرهــا ورقــة مبـلّلــة
بالمــاء المـالـح والعــرق والدمــع وقدمــت إيــاهــا ،،، تنـاولتهــا بخجــل شـديد وفتحتهــا " مــن أجلــــكِ أنـتِ
قــررت السـفـر الـى اوروبــا الليلـــة علـى مثــــن هــذا الزورق البالــي ،علّنــي أصبــح يومــا مــا غنيـّـــا
كــزوجــك وبالتــالـي أظفــر بقلبــك ،،،حبيبـك المخلــص فيــصل"،،،
آنتهـت القصـــة : 16/05 /2013
05-22-2013 ~ 01:34 PM
قصــة بعنــوان : خســـرت كلاهمـــا
العرض العادي
المواضيع المتشابهه