بسم الله الرحمن الرحيم
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ حُصَيْنٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَيْرًا لِقَوْمِهِ مِنْكَ، كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ، وَالسِّنَامَ، وَأَنْتَ تَنْحَرُهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ إِنَّ حُصَيْنًا، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَاذَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ؟ فَقَالَ: تَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْزِمَ لِي عَلَى رُشْدِ أَمْرِي"، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ حُصَيْنًا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ سَأَلْتُكَ الْمَرَّةَ الأُولَى، وَإِنِّي الآنَ أَقُولُ فَمَاذَا تَأْمُرُنِي أَقُولُ؟ قَالَ: "قَلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَخْطَأْتُ وَمَا عَمَدْتُ، وَمَا جَهِلْتُ وَمَا عَلِمْتُ". (1)
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي)
قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف:53] ومكايد الشيطان تتفق مع حظوظ النفوس وطبائعها، كما أشار إلى ذلك ابن الجوزي بقوله: "فتن الشيطان ومكايده كثيرة .. ولكثرة فتنه وتشبثها بالقلوب عزت السلامة، فإن من يدع إلى ما يحث عليه الطبع كمداد سفينة منحدرة فيا سرعة انحدارها".
وقمة ذرى إيمان الموحدين حين ينسبون التقصير إلى نفوسهم إِقْرَاراً منهم بضعف الإنسان، وشدة افتقاره إلى مولاه وخالقه في إصلاح شؤونه واستقامة أموره، وأَنَّه لا غنى له عن ربه وسيده؛ لذا يجأر كل واحد منهم إلى ربه: (اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي). (يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ، أصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلاَ تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ) [رواه النسائي:10405].
وورد في حديث آخر: (فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر، وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك)[رواه أحمد].
وورد في حديث آخر: (وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة، وإني لا أثق إلا برحمتك)[رواه أحمد].