دعيني البسك ثوبا على جسدي

لن أجلس بعد الآن أمامكِ

حتى لا يضيع تاريخي

و لا يموت زماني

و لا أفقد دفاتر تقويمي

و حتى لا تتلاشى أبعادي


******


مخيف جداً الجلوس أمامكِ

فسواد الفحم في شعركِ

يأخذني رحلة برية

إلى غابات أفريقية

و كلّ ما تعمقت فيها أكثر

أفقد بُوصلة الرجوع

و أتوه عن الإتجاهات

و تغيب الشمس

و تضيع مني طريق النجوم


******


لن أجلس بعد الآن أمامكِ

لأن عينيكِ

تمتصني كزوبعة بحرية

أيأس أن أنجو منها

تحملني إلى أعماق الأسرار

فلا أكتشف منها سرا

إنهما كمثلث الشيطان

عجز العظماء

عن كشف سره


******


لن أجلس بعد الآن أمامكِ

فأنا أخاف كثيراً

أن تبتسمي

و قتها قلبي يلهث

و تنتحر لغتي

و قتها تموت قصائدي

و تنتهي مفرداتي

و أنسى أنني رجل

و أنسى فمي

و أنسى في داخلي كلامي

و يحدث لي شيء غير عادي


******


لن أجلس بعد الآن أمامكِ

فبياض خديكِ

كنعشٍ منحوت من الثلج

يحتويني من مهدي إلى لحدي

يجمدني

يصنعني تمثالاً من ثلج

ليس له أيّ رحمة

إلا رحمة يديكِ

و دفء أصابعكِ

لتحرره من خدر البرد


******


لن أجلس بعد الآن أمامكِ

فيداكِ طوال

و أصابعكِ طوال

و نهداكِ دافئان

أريد منكِ فقط

أن تضميني إليهما

هما الوحيدان لا أخاف منهما

فنهداكِ

يجعلاني حراً طليقا

كطائرٍ خرافيٍّ لا وزن له

أتحرر من زمني

لأمتزج معكِ بكلّ ذرة من ذراتي


******


فإني بحبكِ تحررتُ من هوامش العقل

و وصلتُ لدرجة الهذيان

ماعادت أفكاري تناسبني

و كلماتي أصبحت لا تطيعني

و قلبي أعلن عليّ عصيانهُ

ليكون في خدمتكِ

يعزف لكِ حروف إسمكِ

صباحاً و مساء


******


ضميني إليهما

و دعيني ألبسكِ ثوباً على جسدي

فأنتِ فقط من ترحل بي

من عصر التجمد

إلى ذروة الشمس