اهلا وسهلا بكم في منتديات حزن العشاق .. يمنع نشر الأغاني والمسلسلات والأفلام وكافة الصور المحرّمة ويمنع نشر المواضيع الطائفية... منتدانا ذو رسالة ثقافية وسطية

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
حيدر عبد الرحمن
قديم 10-01-2016 ~ 08:36 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 31
 
الصورة الرمزية حيدر عبد الرحمن
 
تاريخ التسجيل : Jan 2012
معدل تقييم المستوى : 13
حيدر عبد الرحمن is on a distinguished road


ليس هناك شي في الحياة اجمل من طريق الحق
  رد مع اقتباس
قديم 10-01-2016 ~ 11:11 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 32
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice




تسلم يا غالي

ربنا يسعدك في الدارين

ودي و تقديري

حفظك الله


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-05-2016 ~ 01:11 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 33
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[ من مدارج السالكين. لإبن القيم ]
فَصْلٌ

فَهَذِهِ دِلَالَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَ الصِّفَاتِ :

و َأَمَّا دِلَالَةُ الْأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ عَلَيْهَا، وَ هِيَ " اللَّهُ، و َالرَّبُّ، وَ الرَّحْمَنُ، وَ الرَّحِيمُ، و َالْمَلِكُ " فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا :
أَنَّ أَسْمَاءَ الرَّبِّ تَبَارَكَ و َتَعَالَى دَالَّةٌ عَلَى صِفَاتِ كَمَالِهِ، فَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ
الصِّفَاتِ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ، وَ هِيَ أَوْصَافٌ، وَ بِذَلِكَ كَانَتْ حُسْنَى، إِذْ لَوْ كَانَتْ أَلْفَاظًا لَا مَعَانِيَ فِيهَا لَمْ تَكُنْ حُسْنَى، و َلَا كَانَتْ دَالَّةً عَلَى مَدْحٍ و َلَا كَمَالٍ، و َلَسَاغَ وُقُوعُ أَسْمَاءِ الِانْتِقَامِ و َالْغَضَبِ فِي مَقَامِ الرَّحْمَةِ و َالْإِحْسَانِ، و َبِالْعَكْسِ، فَيُقَال ُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي، فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ الْمُنْتَقِمُ، وَ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي، فَإِنَّكَ أَنْتَ الضَّارُّ الْمَانِعُ، وَ نَحْوَ ذَلِكَ.
و َنَفْيُ مَعَانِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ فِيهَا، قَالَ تَعَالَى : { و َذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ} [الأعراف: 180] و َلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَدُلَّ عَلَى مَعَانٍ و َأَوْصَافٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْبَرَ عَنْهَا بِمَصَادِرِهَا وَ يُوصَفُ بِهَا، لَكِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَصَادِرِهَا، وَ أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ، وَ أَثْبَتَهَا لَهُ رَسُولُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } [الذاريات: 58] فَعَلِمَ أَنَّ الْقَوِيَّ مِنْ أَسْمَائِهِ، وَ مَعْنَاهُ الْمَوْصُوفُ بِالْقُوَّةِ، و َكَذَلِكَ قَوْلُهُ : { فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا } [فاطر: 10] فَالْعَزِيزُ مَنْ لَهُ الْعِزَّةُ، فَلَوْلَا ثُبُوتُ الْقُوَّةِ وَ الْعِزَّةِ لَهُ لَمْ يُسَمَّ قَوِيًّا و َلَا عَزِيزًا، و َكَذَلِكَ قَوْلُهُ : { أَنْزَلَهُ بِعِلْمِه ِ} [النساء: 166] ، { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّه ِ} [هود: 14] ، { و َلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِه ِ} [البقرة: 255] .
و َفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّم :َ «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، و َلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَ يَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ، و َعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِه ِ» فَأُثْبِتَ الْمَصْدَرُ الَّذِي اشْتُقَّ مِنْهُ اسْمُهُ الْبَصِيرُ.
و َفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ ".»
و َفِي الصَّحِيحِ حَدِيثُ الِاسْتِخَارَةِ : «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَتُخَيِّرُكَ بِعِلْمِكَ، وَ أَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ» فَهُوَ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ.
و َقَالَ تَعَالَى لِمُوسَى ج { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي و َبِكَلَامِي } [الأعراف: 144] فَهُوَ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ.
وَ هُوَ الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُ الْعَظَمَةٌ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الْعَظَمَةُ إِزَارِي، وَ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي» وَ هُوَ الْحَكِيمُ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ { فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِير ِ} [غافر: 12] و َأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِحَيَاةِ اللَّهِ، أَوْ سَمْعِهِ، أَوْ بَصَرِهِ، أَوْ قُوَّتِهِ، أَوْ عِزَّتِهِ أَوْ عَظَمَتِهِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ، وَ كَانَتْ مُكَفِّرَةً، لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتُ كَمَالِهِ الَّتِي اشْتُقَّتْ مِنْهَا أَسْمَاؤُهُ.
و أَيْضًا لَوْ لَمْ تَكُنْ أَسْمَاؤُهُ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَعَانٍ و َصِفَاتٍ لَمْ يَسُغْ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِأَفْعَالِهَا، فَلَا يُقَالُ: يَسْمَعُ وَ يَرَى، وَ يَعْلَمُ و َيَقْدِرُ و َيُرِيدُ، فَإِنَّ ثُبُوتَ أَحْكَامِ الصِّفَاتِ فَرْعُ ثُبُوتِهَا، فَإِذَا انْتَفَى أَصْلُ الصِّفَةِ اسْتَحَالَ ثُبُوتُ حُكْمِهَا.
و أَيْضًا فَلَوْ لَمْ تَكُنْ أَسْمَاؤُهُ ذَوَاتِ مَعَانٍ وَ أَوْصَافٍ لَكَانَتْ جَامِدَةً كَالْأَعْلَامِ الْمَحْضَةِ، الَّتِي لَمْ تُوضَعْ لِمُسَمَّاهَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَى قَامَ بِهِ، فَكَانَتْ كُلُّهَا سَوَاءَ، وَ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ مَدْلُولَاتِهَا، و َهَذَا مُكَابَرَةٌ صَرِيحَةٌ، وَ بُهْتٌ بَيِّنٌ، فَإِنَّ مَنْ جَعَلَ مَعْنَى اسْمِ الْقَدِيرِ هُوَ مَعْنَى اسْمِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ، وَ مَعْنَى اسْمِ التَّوَّابِ هُوَ مَعْنَى اسْمِ الْمُنْتَقِمِ، و َمَعْنَى اسْمِ الْمُعْطِي هُوَ مَعْنَى اسْمِ الْمَانِعِ فَقَدْ كَابَرَ الْعَقْلَ و َاللُّغَةَ وَ الْفِطْرَةَ. فَنَفْيُ مَعَانِي أَسْمَائِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ فِيهَا، و َالْإِلْحَادُ فِيهَا أَنْوَاعٌ هَذَا أَحُدُهَا.
الثَّانِي: تَسْمِيَةُ الْأَوْثَانِ بِهَا، كَمَا يُسَمُّونَهَا آلِهَةً، و َقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ مُجَاهِدٌ: عَدَلُوا بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْا بِهَا أَوْثَانَهُمْ، فَزَادُوا و َنَقَصُوا، فَاشْتَقُّوا اللَّاتَ مِنَ اللَّهِ، وَ الْعُزَّى مِنَ الْعَزِيزِ، وَ مَنَاةَ مِنَ الْمَنَّانِ، و َرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180] يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ، وَ هَذَا تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى.
وَ حَقِيقَةُ الْإِلْحَادِ فِيهَا الْعُدُولُ بِهَا عَنِ الصَّوَابِ فِيهَا، وَ إِدْخَالُ مَا لَيْسَ مِنْ مَعَانِيهَا فِيهَا، و َإِخْرَاجُ حَقَائِقِ مَعَانِيهَا عَنْهَا، هَذَا حَقِيقَةُ الْإِلْحَادِ، وَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ، فَفَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْإِلْحَادَ بِالْكَذِبِ، أَوْ هُوَ غَايَةُ الْمُلْحِدِ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ فِي مَعَانِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، و َخَرَجَ بِهَا عَنْ حَقَائِقِهَا، أَوْ بَعْضِهَا، فَقَدْ عَدَلَ بِهَا عَنِ الصَّوَابِ وَ الْحَقِّ، وَ هُوَ حَقِيقَةُ الْإِلْحَادِ.
فَالْإِلْحَادُ إِمَّا بِجَحْدِهَا و َإِنْكَارِهَا، و َإِمَّا بِجَحْدِ مَعَانِيهَا وَ تَعْطِيلِهَا، و َإِمَّا بِتَحْرِيفِهَا عَنِ الصَّوَابِ، و َإِخْرَاجِهَا عَنِ الْحَقِّ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ، و َإِمَّا بِجَعْلِهَا أَسْمَاءً لِهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ الْمَصْنُوعَاتِ، كَإِلْحَادِ أَهْلِ الِاتِّحَادِ، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهَا أَسْمَاءَ هَذَا الْكَوْنِ، مَحْمُودَهَا وَ مَذْمُومَهَا، حَتَّى قَالَ زَعِيمُهُمْ: و َهُوَ الْمُسَمَّى بِكُلِّ اسْمٍ مَمْدُوحٍ عَقْلًا، و َشَرْعًا وَ عُرْفًا، و َبِكُلِّ اسْمٍ مَذْمُومٍ عَقْلًا و َشَرْعًا و َعُرْفًا، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْمُلْحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 03:38 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 34
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل اسم الله يدل على الصفة بمفردها ويدل على الذات المجردة]
فصل
الأصل الثاني: أن الاسم من أسمائه تبارك وتعالى كما يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة، فإنه يدل عليه دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم، فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن، وكذلك على الذات المجردة عن الصفة، ويدل على الصفة الأخرى باللزوم، فإن اسم السميع يدل على ذات الرب وسمعه بالمطابقة، وعلى الذات وحدها، وعلى السمع وحده بالتضمن، ويدل على اسم الحي وصفة الحياة بالالتزام، وكذلك سائر أسمائه وصفاته، ولكن يتفاوت الناس في معرفة اللزوم وعدمه، ومن هاهنا
يقع اختلافهم في كثير من الأسماء والصفات والأحكام، فإن من علم أن الفعل الاختياري لازم للحياة، وأن السمع والبصر لازم للحياة الكاملة، وأن سائر الكمال من لوازم الحياة الكاملة أثبت من أسماء الرب وصفاته وأفعاله ما ينكره من لم يعرف لزوم ذلك، ولا عرف حقيقة الحياة ولوازمها، وكذلك سائر صفاته.
فإن اسم العظيم له لوازم ينكرها من لم يعرف عظمة الله ولوازمها.
وكذلك اسم العلي، واسم الحكيم وسائر أسمائه، فإن من لوازم اسم العلي العلو المطلق بكل اعتبار، فله العلو المطلق من جميع الوجوه: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات، فمن جحد علو الذات فقد جحد لوازم اسمه العلي.
وكذلك اسمه الظاهر من لوازمه: أن لا يكون فوقه شيء، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء» بل هو سبحانه فوق كل شيء، فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه الظاهر، ولا يصح أن يكون الظاهر هو من له فوقية القدر فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضة، والجوهر فوق الزجاج; لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور، بل قد يكون المفوق أظهر من الفائق فيها، ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة، لمقابلة الاسم ب " الباطن " وهو الذي ليس دونه شيء، كما قابل الأول الذي ليس قبله شيء، ب " الآخر " الذي ليس بعده شيء.
وكذلك اسم " الحكيم " من لوازمه ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله، ووضعه الأشياء في موضعها، وإيقاعها على أحسن الوجوه، فإنكار ذلك إنكار لهذا الاسم ولوازمه، وكذلك سائر أسمائه الحسنى.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 03:43 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 35
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل اسم الله يدل على الأسماء الحسنى]
فصل
إذا تقرر هذان الأصلان، فاسم الله دال على جميع الأسماء الحسنى، والصفات
العليا بالدلالات الثلاث، فإنه دال على إلهيته المتضمنة لثبوت صفات الإلهية له مع نفي أضدادها عنه.
وصفات الإلهية: هي صفات الكمال، المنزهة عن التشبيه والمثال، وعن العيوب والنقائص، ولهذا يضيف الله تعالى سائر الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم العظيم، كقوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى} [الأعراف: ١٨٠] ويقال: الرحمن والرحيم، والقدوس، والسلام، والعزيز، والحكيم من أسماء الله، ولا يقال: الله من أسماء الرحمن، ولا من أسماء العزيز، ونحو ذلك.
فعلم أن اسمه الله مستلزم لجميع معاني الأسماء الحسنى، دال عليها بالإجمال، والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الإلهية التي اشتق منها اسم الله، واسم الله دال على كونه مألوها معبودا، تؤلهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا، وفزعا إليه في الحوائج والنوائب، وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته، المتضمنين لكمال الملك والحمد، وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه مستلزم لجميع صفات كماله، إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير، ولا قادر، ولا متكلم، ولا فعال لما يريد، ولا حكيم في أفعاله.
وصفات الجلال والجمال: أخص باسم الله.
وصفات الفعل والقدرة، والتفرد بالضر والنفع، والعطاء والمنع، ونفوذ المشيئة وكمال القوة، وتدبير أمر الخليقة أخص باسم الرب.
وصفات الإحسان، والجود والبر، والحنان والمنة، والرأفة واللطف أخص باسم الرحمن، وكرر إيذانا بثبوت الوصف، وحصول أثره، وتعلقه بمتعلقاته.
فالرحمن الذي الرحمة وصفه، والرحيم الراحم لعباده، ولهذا يقول تعالى {وكان بالمؤمنين رحيما} [الأحزاب: ٤٣] ، {إنه بهم رءوف رحيم} [التوبة: ١١٧] ولم يجئ: رحمن بعباده، ولا رحمن بالمؤمنين، مع ما في اسم الرحمن الذي هو على وزن فعلان من سعة هذا الوصف، وثبوت جميع معناه الموصوف به.
ألا ترى أنهم يقولون: غضبان، للممتلئ غضبا، وندمان وحيران وسكران ولهفان
لمن ملئ بذلك، فبناء فعلان للسعة والشمول، ولهذا يقرن استواءه على العرش بهذا الاسم كثيرا، كقوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} [طه: ٥] ، {ثم استوى على العرش الرحمن} [الفرقان: ٥٩] فاستوى على عرشه باسم الرحمن، لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها، والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف: ١٥٦] فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كل شيء، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش إن رحمتي تغلب غضبي» وفي لفظ «فهو عنده على العرش» .
فتأمل اختصاص هذا الكتاب بذكر الرحمة، ووضعه عنده على العرش، وطابق بين ذلك وبين قوله {الرحمن على العرش استوى} [طه: ٥] وقوله {ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا} [الفرقان: ٥٩] ينفتح لك باب عظيم من معرفة الرب تبارك وتعالى إن لم يغلقه عنك التعطيل والتجهم.
وصفات العدل، والقبض والبسط، والخفض والرفع، والعطاء والمنع، والإعزاز والإذلال، والقهر والحكم، ونحوها أخص باسم الملك وخصه بيوم الدين، وهو الجزاء بالعدل، لتفرده بالحكم فيه وحده، ولأنه اليوم الحق، وما قبله كساعة، ولأنه الغاية، وأيام الدنيا مراحل إليه.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 03:49 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 36
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل ارتباط الخلق بأسماء الله]
فصل
وتأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة، وهي الله، والرب، والرحمن كيف نشأ عنها الخلق، والأمر، والثواب، والعقاب؟ وكيف جمعت الخلق وفرقتهم؟ فلها الجمع، ولها الفرق.
فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات، فهو رب كل شيء وخالقه، والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته، وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألهه وحده السعداء، وأقروا له طوعا بأنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل، والرجاء والخوف، والحب والإنابة والإخبات والخشية، والتذلل والخضوع إلا له.
وهنا افترق الناس، وصاروا فريقين: فريقا مشركين في السعير، وفريقا موحدين في الجنة.
فالإلهية هي التي فرقتهم، كما أن الربوبية هي التي جمعتهم.
فالدين والشرع، والأمر والنهي مظهره، وقيامه من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك، وهو ملك يوم الدين، فأمرهم بإلهيته، وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته، وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله، وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى.
وأما الرحمة فهي التعلق، والسبب الذي بين الله وبين عباده، فالتأليه منهم له، والربوبية منه لهم، والرحمة سبب واصل بينه وبين عباده، بها أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبها هداهم، وبها أسكنهم دار ثوابه، وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم، فبينهم وبينه سبب العبودية، وبينه وبينهم سبب الرحمة.
واقتران ربوبيته برحمته كاقتران استوائه على عرشه برحمته، ف {الرحمن على العرش استوى} [طه: ٥] مطابق لقوله {رب العالمين - الرحمن الرحيم} [الفاتحة: ٢ - ٣] فإن شمول الربوبية وسعتها بحيث لا يخرج شيء عنها أقصى شمول الرحمة وسعتها، فوسع كل شيء برحمته وربوبيته، مع أن في كونه ربا للعالمين ما يدل على علوه على خلقه، وكونه فوق كل شيء، كما يأتي بيانه إن شاء الله.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 03:53 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 37
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل ذكر أسماء الله بعد الحمد]
فصل
في ذكر هذه الأسماء بعد الحمد، وإيقاع الحمد على مضمونها ومقتضاها ما يدل على أنه محمود في إلهيته، محمود في ربوبيته، محمود في رحمانيته، محمود في ملكه، وأنه إله محمود، ورب محمود، ورحمن محمود، وملك محمود، فله بذلك جميع أقسام الكمال: كمال من هذا الاسم بمفرده، وكمال من الآخر بمفرده، وكمال من اقتران أحدهما بالآخر.
مثال ذلك: قوله تعالى {والله غني حميد} [التغابن: ٦] ، {والله عليم حكيم} [النساء: ٢٦] ، {والله قدير} [الممتحنة: ٧] ، {والله غفور رحيم} [البقرة: ٢١٨] فالغنى صفة كمال، والحمد صفة كمال، واقتران غناه بحمده كمال أيضا، وعلمه كمال، وحكمته كمال، واقتران العلم بالحكمة كمال أيضا، وقدرته كمال ومغفرته كمال، واقتران القدرة بالمغفرة كمال، وكذلك العفو بعد القدرة {إن الله كان عفوا غفورا} [النساء: ٤٣] واقتران العلم بالحلم {والله عليم حليم} [النساء: ١٢] .
وحملة العرش أربعة: اثنان يقولان سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك، واثنان يقولان: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك، فما كل من قدر عفا، ولا كل من عفا يعفو عن قدرة، ولا كل من علم يكون حليما، ولا كل حليم عالم، فما قرن شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم، ومن عفو إلى قدرة، ومن ملك إلى حمد، ومن عزة إلى رحمة {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} [الشعراء: ٩] ومن هاهنا كان قول المسيح عليه السلام {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة: ١١٨] أحسن من أن يقول: وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم، أي إن غفرت لهم كان مصدر مغفرتك عن عزة، وهي كمال القدرة، وعن حكمة، وهي كمال العلم، فمن غفر عن عجز وجهل بجرم الجاني، فأنت لا تغفر إلا عن قدرة تامة، وعلم تام، وحكمة تضع بها الأشياء مواضعها، فهذا أحسن من ذكر الغفور الرحيم في هذا الموضع، الدال ذكره على التعريض بطلب المغفرة في غير حينها، وقد فاتت، فإنه لو قال: وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم، كان في هذا من الاستعطاف والتعريض بطلب المغفرة لمن لا يستحقها ما ينزه عنه منصب المسيح عليه السلام، لا سيما والموقف موقف عظمة وجلال، وموقف انتقام ممن جعل لله ولدا، واتخذه إلها من دونه، فذكر العزة والحكمة فيه أليق من ذكر الرحمة والمغفرة، وهذا بخلاف قول الخليل عليه السلام {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: ٣٥]
ولم يقل: فإنك عزيز حكيم، لأن المقام مقام استعطاف وتعريض بالدعاء، أي إن تغفر لهم وترحمهم، بأن توفقهم للرجوع من الشرك إلى التوحيد، ومن المعصية إلى الطاعة، كما في الحديث «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» .
وفي هذا أظهر الدلالة على أن أسماء الرب تعالى مشتقة من أوصاف ومعان قامت به، وأن كل اسم يناسب ما ذكر معه، واقترن به، من فعله وأمره، والله الموفق للصواب.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 03:56 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 38
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل مراتب الهداية الخاصة والعامة]
[المرتبة الأولى تكليم الله]
فصل: في مراتب الهداية الخاصة والعامة، وهي عشر مراتب:
في مراتب الهداية الخاصة والعامة، وهي عشر مراتب:
المرتبة الأولى: مرتبة تكليم الله عز وجل لعبده يقظة بلا واسطة، بل منه إليه، وهذه أعلى مراتبها، كما كلم موسى بن عمران، صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه، قال الله تعالى {وكلم الله موسى تكليما} [النساء: ١٦٤] فذكر في أول الآية وحيه إلى نوح والنبيين من بعده، ثم خص موسى من بينهم بالإخبار بأنه كلمه، وهذا يدل على أن التكليم الذي حصل له أخص من مطلق الوحي الذي ذكر في أول الآية، ثم أكده بالمصدر الحقيقي الذي هو مصدر كلم وهو التكليم رفعا لما يتوهمه المعطلة والجهمية والمعتزلة وغيرهم
من أنه إلهام، أو إشارة، أو تعريف للمعنى النفسي بشيء غير التكليم، فأكده بالمصدر المفيد تحقيق النسبة ورفع توهم المجاز، قال الفراء: العرب تسمي ما يوصل إلى الإنسان كلاما بأي طريق وصل، ولكن لا تحققه بالمصدر، فإذا حققته بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام، كالإرادة، يقال: فلان أراد إرادة، يريدون حقيقة الإرادة، ويقال: أراد الجدار، ولا يقال: إرادة، لأنه مجاز غير حقيقة، هذا كلامه، وقال تعالى {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك} [الأعراف: ١٤٣] وهذا التكليم غير التكليم الأول الذي أرسله به إلى فرعون، وفي هذا التكليم الثاني سأل النظر لا في الأول، وفيه أعطي الألواح، وكان عن مواعدة من الله له، والتكليم الأول لم يكن عن مواعدة، وفيه قال الله له {ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} [الأعراف: ١٤٤] أي بتكليمي لك بإجماع السلف.
وقد أخبر سبحانه في كتابه أنه ناداه وناجاه، فالنداء من بعد، والنجاء من قرب، تقول العرب: إذا كبرت الحلقة فهو نداء، أو نجاء، وقال له أبوه آدم في محاجته: «أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه، وخط لك التوراة بيده؟» ، وكذلك يقول له أهل
الموقف إذا طلبوا منه الشفاعة إلى ربه، وكذلك في حديث الإسراء في رؤية موسى في السماء السادسة أو السابعة على اختلاف الرواية، قال: وذلك بتفضيله بكلام الله، ولو كان التكليم الذي حصل له من جنس ما حصل لغيره من الأنبياء لم يكن لهذا التخصيص له في هذه الأحاديث معنى، ولا كان يسمى كليم الرحمن وقال تعالى {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء} [الشورى: ٥١] ففرق بين تكليم الوحي، والتكليم بإرسال الرسول، والتكليم من وراء حجاب.



ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 03:59 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 39
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل المرتبة الثانية مرتبة الوحي المختص بالأنبياء]
قال الله تعالى {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} [النساء: ١٦٣] وقال {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب} [الشورى: ٥١] الآية، فجعل الوحي في هذه الآية قسما من أقسام التكليم، وجعله في آية النساء قسيما للتكليم، وذلك باعتبارين، فإنه قسيم التكليم الخاص الذي هو بلا واسطة، وقسم من التكليم العام الذي هو إيصال المعنى بطرق متعددة.
والوحي في اللغة هو الإعلام السريع الخفي، ويقال في فعله: وحى، وأوحى،
قال رؤبة:
وحى لها القرار فاستقرت
. وهو أقسام، كما سنذكره


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-07-2016 ~ 04:03 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 40
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فصل المرتبة الثالثة إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري]
فيوحى إليه عن الله ما أمره أن يوصله إليه.
فهذه المراتب الثلاث خاصة بالأنبياء لا تكون لغيرهم.
ثم هذا الرسول الملكي قد يتمثل للرسول البشري رجلا، يراه عيانا ويخاطبه، وقد يراه على صورته التي خلق عليها، وقد يدخل فيه الملك، ويوحي إليه ما يوحيه، ثم يفصم عنه، أي يقلع، والثلاثة حصلت لنبينا صلى الله عليه وسلم.

[فصل المرتبة الرابعة مرتبة التحديث]
وهذه دون مرتبة الوحي الخاص، وتكون دون مرتبة الصديقين، كما كانت ل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «إنه كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في هذه الأمة فعمر بن الخطاب» .
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يقول: جزم بأنهم كائنون في الأمم قبلنا، وعلق وجودهم في هذه الأمة ب " إن " الشرطية، مع أنها أفضل الأمم، لاحتياج الأمم قبلنا إليهم، واستغناء هذه الأمة عنهم بكمال نبيها ورسالته، فلم يحوج الله الأمة بعده إلى محدث ولا ملهم، ولا صاحب كشف ولا منام، فهذا التعليق لكمال الأمة واستغنائها لا لنقصها.
والمحدث: هو الذي يحدث في سره وقلبه بالشيء، فيكون كما يحدث به.
قال شيخنا: والصديق أكمل من المحدث، لأنه استغنى بكمال صديقيته ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف، فإنه قد سلم قلبه كله وسره وظاهره وباطنه للرسول، فاستغنى به عما منه.
قال: وكان هذا المحدث يعرض ما يحدث به على ما جاء به الرسول، فإن وافقه قبله، وإلا رده، فعلم أن مرتبة الصديقية فوق مرتبة التحديث.
قال: وأما ما يقوله كثير من أصحاب الخيالات والجهالات: حدثني قلبي عن ربي، فصحيح أن قلبه حدثه، ولكن عمن؟ عن شيطانه، أو عن ربه؟ فإذا قال: حدثني قلبي عن ربي، كان مسندا الحديث إلى من لم يعلم أنه حدثه به، وذلك كذب، قال: ومحدث الأمة لم يكن يقول ذلك، ولا تفوه به يوما من الدهر، وقد أعاذه الله من أن يقول ذلك، بل كتب كاتبه يوما: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقال: لا، امحه واكتب: هذا ما رأى عمر بن الخطاب، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر والله ورسوله منه بريء، وقال في الكلالة: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، فهذا قول المحدث بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنت ترى الاتحادي والحلولي والإباحي الشطاح، والسماعي مجاهرا بالقحة والفرية، يقول: " حدثني قلبي عن ربي ".
فانظر إلى ما بين القائلين والمرتبتين والقولين والحالين، وأعط كل ذي حق حقه، ولا تجعل الزغل والخالص شيئا واحدا.

[فصل المرتبة الخامسة مرتبة الإفهام]
قال الله تعالى {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما} [الأنبياء: ٧٨] فذكر هذين النبيين الكريمين، وأثنى عليهما بالعلم والحكم، وخص سليمان بالفهم في هذه الواقعة المعينة، وقال علي بن أبي طالب وقد سئل " هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس؟ " فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه، وما في هذه
الصحيفة، وكان فيها العقل، وهو الديات، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر "، وفي كتاب عمر بن الخطاب ل أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: والفهم الفهم فيما أدلي إليك، فالفهم نعمة من الله على عبده، ونور يقذفه الله في قلبه، يعرف به، ويدرك ما لا يدركه غيره ولا يعرفه، فيفهم من النص ما لا يفهمه غيره، مع استوائهما في حفظه، وفهم أصل معناه.
فالفهم عن الله ورسوله عنوان الصديقية، ومنشور الولاية النبوية، وفيه تفاوتت مراتب العلماء، حتى عد ألف بواحد، فانظر إلى فهم ابن عباس وقد سأله عمر، ومن حضر من أهل بدر وغيرهم عن سورة {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: ١] وما خص به ابن عباس من فهمه منها أنها نعي الله سبحانه نبيه إلى نفسه وإعلامه بحضور أجله، وموافقة عمر له على ذلك، وخفائه عن غيرهما من الصحابة وابن عباس إذ ذاك أحدثهم سنا، وأين تجد في هذه السورة الإعلام بأجله، لولا الفهم الخاص؟ ويدق هذا حتى يصل إلى مراتب تتقاصر عنها أفهام أكثر الناس، فيحتاج مع النص إلى غيره، ولا يقع الاستغناء بالنصوص في حقه، وأما في حق صاحب الفهم فلا يحتاج مع النصوص إلى غيرها.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:10 PM