أضعت العمر
#######
أضعت العمر في إصلاح حالك
و ما فكرت ويحك في مآلك
أراك أمنت أحداث الليالي
و قد صمدت لغدرك و اغتيالك
و ملت لزخرف الدنيا غرورا
و قد جاءت تسير إلى قتالك
و كم أتعبت بالآمال قلبا
تحمل ما يزيد على احتمالك
و لم يكن الذي أملت فيها
بأسرع من زوالك و انتقالك
فعش فيها خميص البطن و اعمل
ليوم فيه تذهل عن عيالك
تجيء إليه منقادا ذليلا
و لا تدري يمينك من شمالك
إليها في شبابك ملت جهلا
فهلا ملت عنها في اكتهالك
فمهلا فهي عند الله أدنى
و أهون من تراب في نعالك
و إن جاءتك خاطبة فأعرض
و قل مهلا فما أنا من رجالك
إلي تزينين لتخدعيني
فما أبصرت أقبح من جمالك
أما لو كنت في الرمضاء ظلا
إذا ما ملت قط إلى ظلالك
صلي ما شئت هجراني فإني
رضيت الدهر هجرا من وصالك
فليس النبل من ثعل إذا ما
رمت يوما بأصمى من نبالك
حرامك للورى فيه عقاب
عليه و الحساب على حلالك
و كن منها على حذر و إلا
هلكت فإنها أصل المهالك
فمن قد كان قبلك من بنيها
زوالهم يدل على زوالك
و كم شادوا الممالك و المباني
فأين ترى المباني و الممالك
و أنت إذا عقلت على ارتحال
فخد في جمع زادك لارتحالك
ودع طرق الضلال لمبتغيها
فطرق الحق بينة المسالك
إلام و فيم ويحك ذا التصابي
و كم هذا التغابي في ضلالك
تنبه إن عمرك قد تقضى
فعد و عد نفسك في الهوالك
و عاتبها على التفريط و انظر
لأي طريقة أصبحت سالك
و قل لي ما الذي يوم التنادي
تجيب به المهيمن عن سؤالك
و ماذا أنت قائله اعتذارا
إذا نشروا كتابك عن فعالك
فخف مولاك في الخلوات و أجأر
إليه بانتحابك و ابتهالك
و راقب أمره في كل حال
يفرج في القيامة ضيق حالك
و لا تجنح إلى العصيان تدفع
إلى ليل من الأحزان حالك
و إن أمرا بليت به فصبرا
لعل الله يحدث بعد ذلك
فرب مصيبة مرت و مرت
عليك كأن ما مرت ببالك
و كم قد ثقفت منك الرزايا
و أحكمت الليالي من صقالك
*******
الشاعر الاندلسي الهبل