السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي في جلال الله
اهلا ومرحبا بكم
ورحم الله ابن نصر الدين الدمشقي القائل:
سبحان من يبتلي أناسًا
أحَبَّهم، والبلا عطاءُ
فاصبر لبلوى وكن رضيًّا
فإن هذا هو الدواءُ
سلِّمْ إلى الله ما قضاه
ويفعل الله ما يشاءُ
ولله در القائل:
الصبرُ مثل اسمه مرٌّ مذاقتُه ♦♦♦ لكِنْ عواقبُه أحلى مِن العسلِ
مع إمام الصابرين:
قال الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35].
قال السعدي رحمه الله: [ثم أمر تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له، وألا يزال داعيًا لهم إلى الله، وأن يقتدي بصبر أولي العزم من المرسلين، سادات الخلق، أولي العزائم والهمم العالية، الذين عظُم صبرهم، وتم يقينهم؛ فهم أحق الخلق بالأسوة بهم، والقفو لآثارهم، والاهتداء بمنارهم.
فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه؛ فصبر صبرًا لم يصبره نبي قبله، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة، وقاموا جميعًا بصده عن الدعوة إلى الله، وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعًا بأمر الله، مقيمًا على جهاد أعداء الله، صابرًا على ما يناله من الأذى، حتى مكن الله له في الأرض، وأظهر دينه على سائر الأديان، وأمته على الأمم، فصلى الله عليه وسلم تسليمًا.
وقوله: ﴿ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35]؛ أي: لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب؛ فإن هذا من جهلهم وحمقهم، فلا يستخِفُّنَّك بجهلهم، ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك؛ فإن كل ما هو آتٍ قريب]؛ [تفسير السعدي].
فنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يبتليه الله سبحانه وتعالى فيصبر كما صبر إخوانه من الرسل والأنبياء، ولو تتبعنا سيرته الشريفة لوجدناه قد لقي الكثير من المحن والشدائد والصعاب والأحزان، ما بين تعذيب قومه له ولأصحابه، وموت أحبابه، واستشهاد بعض أنصاره، والكثير الكثير؛ فعن عروة: أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحدٍ؟)، قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب [السيل]، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين [جبلان بمكة]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبدالله وحده لا يشرك به شيئًا)؛ [متفق عليه].
فصبر على ما لقي منهم، ورحمهم، وهو الرحمة المهداة.