اختصاصي مصري يذكّر بثورة الرقاقات البيولوجيّة وآفاقها

توقّع الدكتور يحيى إسماعيل، مدير «مركز الإلكترونيّات وأجهزة النانو» في الجامعة الأميركيّة في القاهرة و «مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا»، أن تستبدل بوسائل التشخيص الطبي التقليديّة السائدة راهناً الرقاقات الإلكترونيّة المختصة بالبيولوجيا، خصوصاً في عمليّات الكشف المبكر عن الأمراض السرطانيّة والعدوى الفيروسيّة. وخلال لقاء نظّمته الجامعة أخيراً، أعرب إسماعيل عن قناعته بأن تلك الرقاقات تعمل بسرعة أكبر من البشر، ما يخفض تكاليف الرعاية الصحيّة، إضافة إلى تقدّم قدراتها في الكشف عن الأورام السرطانيّة في مراحل مبكرة أكثر مما يحصل حاضراً. وأوضح أنها تستطيع بسهولة التوافق والانسجام مع الوسائل التقنيّة المستخدمة في الطب عن بُعد («تيليمدسين» telemedicine)، ما يفتح آفاقاً متميّزة في تشخيص الأمراض ومعالجتها ومتابعة المصابين بها.

وتناول اللقاء نفسه جهود «مركز الإلكترونيّات وأجهزة النانو» في البحوث المختصة بتصميم الرقاقات البيولوجيّة واختبار قدراتها المختلفة. وعرض أيضاً التطوّر التكنولوجي المستمر في عالم الرقاقات البيولوجيّة، مع انعكاساته على صحة الناس.

وأوضح إسماعيل أنّ تلك الرقاقات المتطوّرة مزوّدة بوظائف تمكّنها من الاستشعار الدقيق للخلايا ومكوّناتها كلّها، مشيراً إلى وجود أنواع منها تنتقل من التشخيص إلى التدخّل في عمل الخلايا والأنسجة، بواسطة مجسّات ومحرّكات فائقة الدقّة تصنع بتكنولوجيا النانومتر، وهو كسر من البليون من المتر. وذكر أنها تكون مجسّات مكوّنة من تراكيب كيماويّة، لكنها ربما تأتي أيضاً على شكّل محرّكات نانويّة معقّدة، تضمّ نظماً كهروميكانيكيّة تسمّى «ميمس» MEMs، اختصاراً لعبارة Microelectromechanical systems، تستطيع التعامل مع المكوّنات البيولوجيّة للخلايا الحيّة. وأشار إسماعيل إلى أنّها نظم باهظة التكلفة، ما دفع «مركز الإلكترونيّات»... إلى الانخراط في بحوث تركّز على فئة فرعيّة من الرقاقات البيولوجيّة تكون في متناول الإمكانات التي يحوزها المركز وباحثوه.



أفق واعد

ولفت إسماعيل إلى وجود تقنيّة شائعة (إسمها «سي إم أو إس» CMOS) عالميّاً في صنع رقاقات بصورة سريعة ومضمونة وزهيدة الثمن، ما يكفل إنتاجها بأعداد هائلة. وأعرب عن قناعته بأنّ المركز يستطيع المشاركة في صناعة الـ»سي إم أو إس»، شرط تخطي العقبة التي تمثّلها نظم «ميمز»، مشيراً إلى إمكان استبدال آليات لنقل الإشارات الكهربائيّة بها من دون استعمال مكوّنات ميكانيّكية فائقة الدقّة والتعقيد. وأشار إلى وجود أفق آخر في ذلك الأمر، يتمثّل في الاعتماد على مجسّات كيماويّة التركيب.

واستطرد إسماعيل ليبيّن أنّ المركز يستعمل أسلوباً خاصاً في تصنيع الرقاقات البيولوجيّة بتقنية الـ «سي إم أو إس»، يتضمّن نقل الإشارات الكهربائيّة التي تصدر عن الخليّة إلى الأقطاب الكهربائية في الرقاقة، بهدف استشعار حركة الخلايا، ما يمكن من الاستدلال على بعض خصائصها الفيزيائيّة التي تكون في الخلايا السرطانيّة مختلفة عن حالها في الطبيعيّة، ما يفتح الباب لتشخيص السرطان.

وأوضح أيضاً أنّ الرقاقات البيولوجيّة تتقدّم تقنيّاً بدفع من التطوّر في الطب، ما يسمح بتوقّع ظهور ابتكارات متنوّعة فيها. ولفت إلى أن المستقبل لم يعد بعيداً من إدراج الرقاقات في العمل اليومي للصيدليات والعيادات والمختبرات الطبيّة، كأن تنهض بمهمة تحليل الدم الشامل، إضافة إلى اكتشافها أمراضاً متعدّدة.