ال تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }(الأحزاب:21) ..
قال ابن كثير: " هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، في أقواله وأفعاله وأحواله " .
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد الناس تواضعاً وأبعدهم عن الكبر و نهى عن القيام له كما يقام للملوك يجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس في أصحابه كأحدهم
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( خدمت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين ، فما قال لي أف قط ، وما قال لشيء صنعتُه : لم صنعتَه ؟ ولا لشيء تركتُه : لمَ تركتَه ؟ ، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحسن الناس خُلُقا ، ولا مسست خزا قط ، ولا حريرا ، ولا شيئا كان ألين من كف رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا شممت مسكا قط ، ولا عطرا ، كان أطيب من عرق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ )(مسلم).
وكان أوفى الناس بالعهود وأوصلهم للرحم
وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس
أحسن الناس عشرة وأدباً وأبعدهم من سيء الأخلاق لم يكن فاحشاً ولا متفحشا ً ولا لعاناً ولا صخابا ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح
يزور المريض ويتبع الجنائز ويجيب دعوة المملوك ويقف للمرأة العجوز في الطريق ساعة تحدثه وكان يساعد أهله ويؤانسهم فإذا جاء موعد الصلاة أسرع إليها وقال : ( أرحنا بها يا بلال )
إن سيرة النبي العظيم صلَّى الله عليه وسلَّم كانت على مر العصور عند جماهير المسلمين منارة مضيئة تدلهم على طريق الحق وتأخذ بأيديهم إلى المستوى الكريم الذي يبلغه إنسان
و إن التأسي بالرسول واتباعه وطاعته أمر
واجب يجب على المسلم أن يقوم به
ومن الأمثلة المشهورة الدالة على انقياد الصحابة والمسارعة لتنفيذ أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم -: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم - قال بعد منصرفه من غزوة
الأحزاب مخاطبا الصحابة حاضا إياهم على المسارعة: (لا يُصلِّينَّ أحدٌ منكم العصرَ إلاَّ في بني قُريظة) وقد أدرك بعضهم صلاة العصر في الطريق فصلَّوها حاملين قول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - على قصد المسارعة، ولم يصلها الآخرون إلا في بني قريظة، فصلوها بعد مضي وقتها، حاملين الأمر على حقيقته، فذكر ذلك للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلم يعنف واحدا منهم
ومن الأمثلة الدالة على اقتداء الصحابة - رضوان الله عليهم - بعمل الرسول - صلَّى الله عليه وسلم عن سعيد بن يسار قال:
كنت مع ابن عمر - رضي الله عنهما - في طريق مكة فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت فقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أليس لك في رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسوة حسنة؟!"، قلت: بلى قال: فإنه كان يوتر على البعير