اهلا وسهلا بكم في منتديات حزن العشاق .. يمنع نشر الأغاني والمسلسلات والأفلام وكافة الصور المحرّمة ويمنع نشر المواضيع الطائفية... منتدانا ذو رسالة ثقافية وسطية

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-18-2016 ~ 10:32 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 21
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


عَنْهُ وَفِي أَقْوَالِهِ.
وَفِي دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى تَفْسِيرِ مَنْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: وَالشَّرُّ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ، أَوْ لَا يَصْعَدُ إِلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَعْنَى أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَكْبَرُ وَأَعْظَمُ قَدْرًا، فَإِنَّ مَنْ أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى، وَأَوْصَافُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ، وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ، وَأَقْوَالُهُ كُلُّهَا صِدْقٌ وَعَدْلٌ يَسْتَحِيلُ دُخُولُ الشَّرِّ فِي أَسْمَائِهِ أَوْ أَوْصَافِهِ، أَوْ أَفْعَالِهِ أَوْ أَقْوَالِهِ، فَطَابِقْ بَيْنَ هَذَا الْمَعْنَى وَبَيْنَ قَوْلِهِ {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: ٥٦] وَتَأَمَّلْ كَيْفَ ذَكَرَ هَذَا عَقِيبَ قَوْلِهِ {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} [هود: ٥٦] أَيْ هُوَ رَبِّي، فَلَا يُسَّلِمُنِي وَلَا يُضَيِّعُنِي، وَهُوَ رَبُّكُمْ فَلَا يُسَلِّطُكُمْ عَلَيَّ وَلَا يُمَكِّنُكُمْ مِنِّي، فَإِنَّ نَوَاصِيَكُمْ بِيَدِهِ، لَا تَفْعَلُونَ شَيْئًا بِدُونِ مَشِيئَتِهِ، فَإِنَّ نَاصِيَةَ كُلِّ دَابَّةٍ بِيَدِهِ، لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَتَحَرَّكَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَتَحْرِيكِهِ لَهَا، وَنُفُوذِ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ فِيهَا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، لَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِحِكْمَةٍ وَعَدْلٍ وَمَصْلَحَةٍ، وَلَوْ سَلَّطَكُمْ عَلَيَّ فَلَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَهُ الْحَمْدُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَسْلِيطُ مَنْ هُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، لَا يَظْلِمُ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا عَبَثًا بِغَيْرِ حِكْمَةٍ.
فَهَكَذَا تَكُونُ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ، لَا مَعْرِفَةَ الْقَدَرِيَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ الْجَبْرِيَّةِ، نُفَاةِ الْحُكْمِ وَالْمَصَالِحِ وَالتَّعْلِيلِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ سُبْحَانَهُ.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 09-22-2016 ~ 06:48 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 22
 
الصورة الرمزية رقة فتاة
 
مدير عام منتديات حزن العشاق http://gulf-up.com/do.php?img=228429
تاريخ التسجيل : Feb 2013
معدل تقييم المستوى : 10
رقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond reputeرقة فتاة has a reputation beyond repute


جزاك الله خيرا جاروط
موضوع يستحق المرور بل المكوث بوسط اسطره
  رد مع اقتباس
قديم 09-22-2016 ~ 04:03 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 23
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice



الله يسلمك

و يسعد أيامك

ودي و تقديري

حفظك الله



ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 09-22-2016 ~ 04:04 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 24
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


[فَصْلٌ رَفِيقُ طَالِبِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]
فَصْلٌ
وَلَمَّا كَانَ طَالِبُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ طَالِبَ أَمْرٍ أَكْثَرُ النَّاسِ نَاكِبُونَ عَنْهُ، مُرِيدًا لِسُلُوكِ طَرِيقٍ مُرَافِقُهُ فِيهَا فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ وَالْعِزَّةِ، وَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى وَحْشَةِ التَّفَرُّدِ، وَعَلَى الْأُنْسِ بِالرَّفِيقِ، نَبَّهَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الرَّفِيقِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] فَأَضَافَ الصِّرَاطَ إِلَى الرَّفِيقِ السَّالِكِينَ لَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، لِيَزُولَ عَنِ الطَّالِبِ لِلْهِدَايَةِ وَسُلُوكِ الصِّرَاطِ وَحْشَةُ تَفَرُّدِهِ عَنْ أَهْلِ زَمَانِهِ وَبَنِي جِنْسِهِ، وَلِيَعْلَمَ أَنَّ رَفِيقَهُ فِي هَذَا الصِّرَاطِ هُمُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَكْتَرِثُ بِمُخَالَفَةِ النَّاكِبِينَ عَنْهُ لَهُ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَأَقَلُّونَ قَدْرًا،
وَإِنْ كَانُوا الْأَكْثَرِينَ عَدَدًا، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: " عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الْحَقِّ، وَلَا تَسْتَوْحِشْ لِقِلَّةِ السَّالِكِينَ، وَإِيَّاكَ وَطَرِيقَ الْبَاطِلِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْهَالِكِينَ "، وَكُلَّمَا اسْتَوْحَشْتَ فِي تَفَرُّدِكَ فَانْظُرْ إِلَى الرَّفِيقِ السَّابِقِ، وَاحْرِصْ عَلَى اللَّحَاقِ بِهِمْ، وَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّنْ سِوَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَإِذَا صَاحُوا بِكَ فِي طَرِيقِ سَيْرِكَ فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّكَ مَتَى الْتَفَتَّ إِلَيْهِمْ أَخَذُوكَ وَعَاقُوكَ.
وَقَدْ ضَرَبْتُ لِذَلِكَ مَثَلَيْنِ، فَلْيَكُونَا مِنْكَ عَلَى بَالٍ:
الْمَثَلُ الْأَوَّلُ: رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، لَا يُرِيدُ غَيْرَهَا، فَعَرَضَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ شَيْطَانٌ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ كَلَامًا يُؤْذِيهِ، فَوَقَفَ وَرَدَّ عَلَيْهِ، وَتَمَاسَكَا، فَرُبَّمَا كَانَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ أَقْوَى مِنْهُ، فَقَهَرَهُ، وَمَنَعَهُ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْمَسْجِدِ، حَتَّى فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ، وَرُبَّمَا كَانَ الرَّجُلُ أَقْوَى مِنْ شَيْطَانِ الْإِنْسِ، وَلَكِنِ اشْتَغَلَ بِمُهَاوَشَتِهِ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَكَمَالِ إِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ أَطْمَعَهُ فِي نَفْسِهِ، وَرُبَّمَا فَتَرَتْ عَزِيمَتُهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ وَعِلْمٌ زَادَ فِي السَّعْيِ وَالْجَمْزِ بِقَدْرِ الْتِفَاتِهِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهُ وَاشْتَغَلَ لِمَا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ أَوِ الْوَقْتِ لَمْ يَبْلُغْ عَدُوُّهُ مِنْهُ مَا شَاءَ.
الْمَثَلُ الثَّانِي: الظَّبْيُ أَشَدُّ سَعْيًا مِنَ الْكَلْبِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا أَحَسَّ بِهِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَيَضْعُفُ سَعْيُهُ، فَيُدْرِكُهُ الْكَلْبُ فَيَأْخُذُهُ.
وَالْقَصْدُ: أَنَّ فِي ذِكْرِ هَذَا الرَّفِيقِ مَا يُزِيلُ وَحْشَةَ التَّفَرُّدِ، وَيَحُثُّ عَلَى السَّيْرِ وَالتَّشْمِيرِ لِلَّحَاقِ بِهِمْ.
وَهَذِهِ إِحْدَى الْفَوَائِدِ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ " «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ» " أَيْ أَدْخِلْنِي فِي هَذِهِ الزُّمْرَةِ، وَاجْعَلْنِي رَفِيقًا لَهُمْ وَمَعَهُمْ.
وَالْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَوَسُّلٌ إِلَى اللَّهِ بِنِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَى مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِالْهِدَايَةِ أَيْ قَدْ أَنْعَمْتَ بِالْهِدَايَةِ عَلَى مَنْ هَدَيْتَ، وَكَانَ ذَلِكَ نِعْمَةً مِنْكَ، فَاجْعَلْ لِي نَصِيبًا مِنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَاجْعَلْنِي وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ تَوَسُّلٌ إِلَى اللَّهِ بِإِحْسَانِهِ.
وَالْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: كَمَا يَقُولُ السَّائِلُ لِلْكَرِيمِ: تَصَدَّقْ عَلَيَّ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَصَدَّقْتَ عَلَيْهِمْ، وَعَلِّمْنِي فِي جُمْلَةِ مَنْ عَلَّمْتَهُ، وَأَحْسِنْ إِلَيَّ فِي جُمْلَةِ مَنْ شَمِلْتَهُ بِإِحْسَانِكَ.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 09-22-2016 ~ 04:07 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 25
 
الصورة الرمزية فاطمة الطاهرة
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : May 2011
العمر : 26
معدل تقييم المستوى : 10
فاطمة الطاهرة is a jewel in the roughفاطمة الطاهرة is a jewel in the roughفاطمة الطاهرة is a jewel in the rough


جزاك الله خيرا يا طيب


ÊæÞíÚ
إن قرأت مايعجبك ويفيدك منِّي فاذكر الله وكبرِّه واذكرني بدعائك بظهر الغيب وإن قرأت مالا يفيدك ولا يعجبك فسبِّح الله واستغفره عني وعنك


  رد مع اقتباس
قديم 09-22-2016 ~ 04:45 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 26
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice




ربنا يسعدك في الدارين

غاليتي العزيزة

ودي و تقديري

حفظك الله


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 09-22-2016 ~ 04:46 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 27
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice



[فَصْلٌ عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ]
فَصْلٌ
وَلَمَّا كَانَ سُؤَالُ اللَّهِ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَجَلَّ الْمَطَالِبِ، وَنَيْلُهُ أَشْرَفَ الْمَوَاهِبِ: عَلَّمَ اللَّهُ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ سُؤَالِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْهِ حَمْدَهُ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ عُبُودِيَّتَهُمْ وَتَوْحِيدَهُمْ، فَهَاتَانِ وَسِيلَتَانِ إِلَى مَطْلُوبِهِمْ، تَوَسُّلٌ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَتَوَسُّلٌ إِلَيْهِ بِعُبُودِيَّتِهِ، وَهَاتَانِ الْوَسِيلَتَانِ لَا يَكَادُ يُرَدُّ مَعَهُمَا الدُّعَاءُ، وَيُؤَيِّدُهُمَا الْوَسِيلَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ فِي حَدِيثَيِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ اللَّذَيْنِ رَوَاهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
فَهَذَا تَوَسُّلٌ إِلَى اللَّهِ بِتَوْحِيدِهِ، وَشَهَادَةِ الدَّاعِي لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَثُبُوتِ صِفَاتِهِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِاسْمِ الصَّمَدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْعَالِمُ الَّذِي كَمُلَ عِلْمُهُ، الْقَادِرُ الَّذِي كَمُلَتْ قُدْرَتُهُ "، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: " هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ السُّؤْدُدِ "، وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: " هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُؤْدَدُهُ "، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَبِنَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ " {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤] " وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالتَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِذَلِكَ، وَالشَّهَادَةُ بِهِ هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ.
وَالثَّانِي: حَدِيثُ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْمَنَّانُ، بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ: لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ» فَهَذَا تَوَسُّلٌ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. وَقَدْ جَمَعَتِ الْفَاتِحَةُ الْوَسِيلَتَيْنِ، وَهُمَا التَّوَسُّلُ بِالْحَمْدِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَتَمْجِيدِهِ، وَالتَّوَسُّلُ إِلَيْهِ بِعُبُودِيَّتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، ثُمَّ جَاءَ سُؤَالُ أَهَمِّ الْمَطَالِبِ، وَأَنْجَحِ الرَّغَائِبِ وَهُوَ الْهِدَايَةُ بَعْدَ الْوَسِيلَتَيْنِ، فَالدَّاعِي بِهِ حَقِيقٌ بِالْإِجَابَةِ.
وَنَظِيرُ هَذَا دُعَاءُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَدْعُو بِهِ إِذَا قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكُ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَلَكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» فَذَكَرَ التَّوَسُّلَ إِلَيْهِ بِحَمْدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَبِعُبُودِيَّتِهِ لَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ الْمَغْفِرَةَ.



ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-01-2016 ~ 05:34 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 28
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice



[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]
فَصْلٌ
اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ
فِي اشْتِمَالِ هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ.
التَّوْحِيدُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ فِي الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ، وَنَوْعٌ فِي الْإِرَادَةِ وَالْقَصْدِ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ: التَّوْحِيدَ الْعِلْمِيَّ، وَالثَّانِي: التَّوْحِيدَ الْقَصْدِيَّ الْإِرَادِيَّ، لِتَعَلُّقِ الْأَوَّلِ بِالْأَخْبَارِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَالثَّانِي بِالْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ، وَهَذَا الثَّانِي أَيْضًا نَوْعَانِ: تَوْحِيدٌ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.
فَأَمَّا تَوْحِيدُ الْعِلْمِ: فَمَدَارُهُ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَعَلَى نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالْمِثَالِ،
وَالتَّنْزِيهِ عَنِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا شَيْئَانِ: مُجْمَلٌ، وَمُفَصَّلٌ.
أَمَّا الْمُجْمَلُ: فَإِثْبَاتُ الْحَمْدِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ: فَذِكْرُ صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ، وَالرَّحْمَةِ وَالْمُلْكِ، وَعَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعِ مَدَارُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.
فَأَمَّا تَضَمُّنُ الْحَمْدِ لِذَلِكَ: فَإِنَّ الْحَمْدَ يَتَضَمَّنُ مَدْحَ الْمَحْمُودِ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَنُعُوتِ جَلَالِهِ، مَعَ مَحَبَّتِهِ وَالرِّضَا عَنْهُ، وَالْخُضُوعِ لَهُ، فَلَا يَكُونُ حَامِدًا مَنْ جَحَدَ صِفَاتِ الْمَحْمُودِ، وَلَا مَنْ أَعْرَضَ عَنْ مَحَبَّتِهِ وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَكُلَّمَا كَانَتْ صِفَاتُ كَمَالِ الْمَحْمُودِ أَكْثَرَ كَانَ حَمْدُهُ أَكْمَلَ، وَكُلَّمَا نَقَصَ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ نَقَصَ مِنْ حَمْدِهِ بِحَسَبِهَا، وَلِهَذَا كَانَ الْحَمْدُ كُلُّهُ لِلَّهِ حَمْدًا لَا يُحْصِيهِ سِوَاهُ، لِكَمَالِ صِفَاتِهِ وَكَثْرَتِهَا، وَلِأَجْلِ هَذَا لَا يُحْصِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ ثَنَاءً عَلَيْهِ، لِمَا لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنُعُوتِ الْجَلَالِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا سِوَاهُ، وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى آلِهَةَ الْكُفَّارِ، وَعَابَهَا بِسَلْبِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ عَنْهَا، فَعَابَهَا بِأَنَّهَا لَا تَسْمَعُ وَلَا تُبْصِرُ، وَلَا تَتَكَلَّمُ وَلَا تَهْدِي، وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، وَهَذِهِ صِفَةُ إِلَهِ الْجَهْمِيَّةِ، الَّتِي عَابَ بِهَا الْأَصْنَامَ، نَسَبُوهَا إِلَيْهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُحَاجَّتِهِ لِأَبِيهِ {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢] فَلَوْ كَانَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْمَثَابَةِ لَقَالَ لَهُ آزَرُ: وَأَنْتَ إِلَهُكَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، فَكَيْفَ تُنْكِرُ عَلَيَّ؟ لَكِنْ كَانَ مَعَ شِرْكِهِ أَعْرَفَ بِاللَّهِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ، وَكَذَلِكَ كَفَّارُ قُرَيْشٍ كَانُوا مَعَ شِرْكِهِمْ مُقِرِّينَ بِصِفَاتِ الصَّانِعِ سُبْحَانَهُ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَقَالَ تَعَالَى {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} [الأعراف: ١٤٨] فَلَوْ كَانَ إِلَهُ الْخَلْقِ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا إِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ، وَاسْتِدْلَالٌ عَلَى بُطْلَانِ الْإِلَهِيَّةِ بِذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُكَلِّمُ عِبَادَهُ.
قِيلَ: بَلَى، قَدْ كَلَّمَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، مِنْهُ إِلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمُوسَى، وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ الْمَلَكِيِّ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، وَكَلَّمَ اللَّهُ سَائِرَ النَّاسِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كَلَامَهُ الَّذِي بَلَّغَتْهُ رُسُلُهُ عَنْهُ، وَقَالُوا لَهُمْ: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ، وَأَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ إِلَيْكُمْ، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ السَّلَفُ: مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَ اللَّهِ مُتَكَلِمًا فَقَدْ أَنْكَرَ رِسَالَةَ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَبْلِيغُ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ إِلَى عِبَادِهِ، فَإِذَا انْتَفَى كَلَامُهُ انْتَفَتِ الرِّسَالَةُ، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ طه عَنِ السَّامِرِيِّ {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [طه: ٨٨] وَرَجْعُ الْقَوْلِ: هُوَ التَّكَلُّمُ وَالتَّكْلِيمُ، وَقَالَ تَعَالَى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: ٧٦] فَجَعَلَ نَفْيَ صِفَةِ الْكَلَامِ مُوجِبًا لِبُطْلَانِ الْإِلَهِيَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالْفِطَرِ وَالْعُقُولِ السَّلِيمَةِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ: أَنَّ فَاقِدَ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَا يَكُونُ إلَهًا، وَلَا مُدَبِّرًا، وَلَا رَبًّا، بَلْ هُوَ مَذْمُومٌ، مَعِيبٌ نَاقِصٌ، لَيْسَ لَهُ الْحَمْدُ، لَا فِي الْأُولَى، وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ لِمَنْ لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ، وَنُعُوتُ الْجَلَالِ، الَّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَقَّ الْحَمْدَ، وَلِهَذَا سَمَّى السَّلَفُ كُتُبَهُمُ الَّتِي صَنَّفُوهَا فِي السُّنَّةِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الرَّبِّ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَكَلَامِهِ وَتَكْلِيمِهِ تَوْحِيدًا، لِأَنَّ نَفْيَ ذَلِكَ وَإِنْكَارَهُ وَالْكُفْرَ بِهِ إِنْكَارٌ لِلصَّانِعِ وَجَحْدٌ لَهُ، وَإِنَّمَا تَوْحِيدُهُ: إِثْبَاتُ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَتَنْزِيهُهُ عَنِ التَّشْبِيهِ وَالنَّقَائِصِ، فَجَعَلَ الْمُعَطِّلَةُ جَحْدَ الصِّفَاتِ وَتَعْطِيلَ الصَّانِعِ عَنْهَا تَوْحِيدًا، وَجَعَلُوا إِثْبَاتَهَا لِلَّهِ تَشْبِيهًا وَتَجْسِيمًا وَتَرْكِيبًا، فَسَمَّوُا الْبَاطِلَ بِاسْمِ الْحَقِّ، تَرْغِيبًا فِيهِ، وَزُخْرُفًا يُنْفِقُونَهُ بِهِ، وَسَمَّوُا الْحَقَّ بِاسْمِ الْبَاطِلِ تَنْفِيرًا عَنْهُ، وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ مَعَ ظَاهِرِ السِّكَّةِ، لَيْسَ لَهُمْ نَقْدُ النُّقَّادِ {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: ١٧] وَالْمَحْمُودُ لَا يُحْمَدُ عَلَى الْعَدَمِ وَالسُّكُوتِ الْبَتَّةَ، إِلَّا إِذَا كَانَتْ سَلْبَ عُيُوبٍ وَنَقَائِصَ، تَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ أَضْدَادِهَا مِنَ الْكِمَالَاتِ الْثُبُوتِيَّةِ، وَإِلَّا فَالسَّلْبُ الْمَحْضُ لَا حَمْدَ فِيهِ، وَلَا


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-01-2016 ~ 05:34 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 29
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice



[فَصْلٌ اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ]
فَصْلٌ
اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ
فِي اشْتِمَالِ هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى أَنْوَاعِ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ.
التَّوْحِيدُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ فِي الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ، وَنَوْعٌ فِي الْإِرَادَةِ وَالْقَصْدِ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ: التَّوْحِيدَ الْعِلْمِيَّ، وَالثَّانِي: التَّوْحِيدَ الْقَصْدِيَّ الْإِرَادِيَّ، لِتَعَلُّقِ الْأَوَّلِ بِالْأَخْبَارِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَالثَّانِي بِالْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ، وَهَذَا الثَّانِي أَيْضًا نَوْعَانِ: تَوْحِيدٌ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.
فَأَمَّا تَوْحِيدُ الْعِلْمِ: فَمَدَارُهُ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَعَلَى نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالْمِثَالِ،
وَالتَّنْزِيهِ عَنِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا شَيْئَانِ: مُجْمَلٌ، وَمُفَصَّلٌ.
أَمَّا الْمُجْمَلُ: فَإِثْبَاتُ الْحَمْدِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ: فَذِكْرُ صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ، وَالرَّحْمَةِ وَالْمُلْكِ، وَعَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعِ مَدَارُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.
فَأَمَّا تَضَمُّنُ الْحَمْدِ لِذَلِكَ: فَإِنَّ الْحَمْدَ يَتَضَمَّنُ مَدْحَ الْمَحْمُودِ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَنُعُوتِ جَلَالِهِ، مَعَ مَحَبَّتِهِ وَالرِّضَا عَنْهُ، وَالْخُضُوعِ لَهُ، فَلَا يَكُونُ حَامِدًا مَنْ جَحَدَ صِفَاتِ الْمَحْمُودِ، وَلَا مَنْ أَعْرَضَ عَنْ مَحَبَّتِهِ وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَكُلَّمَا كَانَتْ صِفَاتُ كَمَالِ الْمَحْمُودِ أَكْثَرَ كَانَ حَمْدُهُ أَكْمَلَ، وَكُلَّمَا نَقَصَ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ نَقَصَ مِنْ حَمْدِهِ بِحَسَبِهَا، وَلِهَذَا كَانَ الْحَمْدُ كُلُّهُ لِلَّهِ حَمْدًا لَا يُحْصِيهِ سِوَاهُ، لِكَمَالِ صِفَاتِهِ وَكَثْرَتِهَا، وَلِأَجْلِ هَذَا لَا يُحْصِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ ثَنَاءً عَلَيْهِ، لِمَا لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنُعُوتِ الْجَلَالِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا سِوَاهُ، وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى آلِهَةَ الْكُفَّارِ، وَعَابَهَا بِسَلْبِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ عَنْهَا، فَعَابَهَا بِأَنَّهَا لَا تَسْمَعُ وَلَا تُبْصِرُ، وَلَا تَتَكَلَّمُ وَلَا تَهْدِي، وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ، وَهَذِهِ صِفَةُ إِلَهِ الْجَهْمِيَّةِ، الَّتِي عَابَ بِهَا الْأَصْنَامَ، نَسَبُوهَا إِلَيْهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُحَاجَّتِهِ لِأَبِيهِ {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: 42] فَلَوْ كَانَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْمَثَابَةِ لَقَالَ لَهُ آزَرُ: وَأَنْتَ إِلَهُكَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، فَكَيْفَ تُنْكِرُ عَلَيَّ؟ لَكِنْ كَانَ مَعَ شِرْكِهِ أَعْرَفَ بِاللَّهِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ، وَكَذَلِكَ كَفَّارُ قُرَيْشٍ كَانُوا مَعَ شِرْكِهِمْ مُقِرِّينَ بِصِفَاتِ الصَّانِعِ سُبْحَانَهُ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَقَالَ تَعَالَى {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} [الأعراف: 148] فَلَوْ كَانَ إِلَهُ الْخَلْقِ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا إِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ، وَاسْتِدْلَالٌ عَلَى بُطْلَانِ الْإِلَهِيَّةِ بِذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُكَلِّمُ عِبَادَهُ.
قِيلَ: بَلَى، قَدْ كَلَّمَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، مِنْهُ إِلَيْهِ بِلَا وَاسِطَةٍ كَمُوسَى، وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ الْمَلَكِيِّ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، وَكَلَّمَ اللَّهُ سَائِرَ النَّاسِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كَلَامَهُ الَّذِي بَلَّغَتْهُ رُسُلُهُ عَنْهُ، وَقَالُوا لَهُمْ: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ، وَأَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ إِلَيْكُمْ، وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ السَّلَفُ: مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَ اللَّهِ مُتَكَلِمًا فَقَدْ أَنْكَرَ رِسَالَةَ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا تَبْلِيغُ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ إِلَى عِبَادِهِ، فَإِذَا انْتَفَى كَلَامُهُ انْتَفَتِ الرِّسَالَةُ، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ طه عَنِ السَّامِرِيِّ {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [طه: 88] وَرَجْعُ الْقَوْلِ: هُوَ التَّكَلُّمُ وَالتَّكْلِيمُ، وَقَالَ تَعَالَى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 76] فَجَعَلَ نَفْيَ صِفَةِ الْكَلَامِ مُوجِبًا لِبُطْلَانِ الْإِلَهِيَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالْفِطَرِ وَالْعُقُولِ السَّلِيمَةِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ: أَنَّ فَاقِدَ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَا يَكُونُ إلَهًا، وَلَا مُدَبِّرًا، وَلَا رَبًّا، بَلْ هُوَ مَذْمُومٌ، مَعِيبٌ نَاقِصٌ، لَيْسَ لَهُ الْحَمْدُ، لَا فِي الْأُولَى، وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ لِمَنْ لَهُ صِفَاتُ الْكَمَالِ، وَنُعُوتُ الْجَلَالِ، الَّتِي لِأَجْلِهَا اسْتَحَقَّ الْحَمْدَ، وَلِهَذَا سَمَّى السَّلَفُ كُتُبَهُمُ الَّتِي صَنَّفُوهَا فِي السُّنَّةِ وَإِثْبَاتِ صِفَاتِ الرَّبِّ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَكَلَامِهِ وَتَكْلِيمِهِ تَوْحِيدًا، لِأَنَّ نَفْيَ ذَلِكَ وَإِنْكَارَهُ وَالْكُفْرَ بِهِ إِنْكَارٌ لِلصَّانِعِ وَجَحْدٌ لَهُ، وَإِنَّمَا تَوْحِيدُهُ: إِثْبَاتُ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَتَنْزِيهُهُ عَنِ التَّشْبِيهِ وَالنَّقَائِصِ، فَجَعَلَ الْمُعَطِّلَةُ جَحْدَ الصِّفَاتِ وَتَعْطِيلَ الصَّانِعِ عَنْهَا تَوْحِيدًا، وَجَعَلُوا إِثْبَاتَهَا لِلَّهِ تَشْبِيهًا وَتَجْسِيمًا وَتَرْكِيبًا، فَسَمَّوُا الْبَاطِلَ بِاسْمِ الْحَقِّ، تَرْغِيبًا فِيهِ، وَزُخْرُفًا يُنْفِقُونَهُ بِهِ، وَسَمَّوُا الْحَقَّ بِاسْمِ الْبَاطِلِ تَنْفِيرًا عَنْهُ، وَالنَّاسُ أَكْثَرُهُمْ مَعَ ظَاهِرِ السِّكَّةِ، لَيْسَ لَهُمْ نَقْدُ النُّقَّادِ {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17] وَالْمَحْمُودُ لَا يُحْمَدُ عَلَى الْعَدَمِ وَالسُّكُوتِ الْبَتَّةَ، إِلَّا إِذَا كَانَتْ سَلْبَ عُيُوبٍ وَنَقَائِصَ، تَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ أَضْدَادِهَا مِنَ الْكِمَالَاتِ الْثُبُوتِيَّةِ، وَإِلَّا فَالسَّلْبُ الْمَحْضُ لَا حَمْدَ فِيهِ، وَلَا


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 10-01-2016 ~ 05:36 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 30
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مَدْحَ وَلَا كَمَالَ.
وَكَذَلِكَ حَمْدُهُ لِنَفْسِهِ عَلَى عَدَمِ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ الْمُتَضَمِّنِ لِكَمَالِ صَمَدِيَّتِهِ وَغِنَاهُ وَمُلْكِهِ، وَتَعْبِيدِ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ، فَاتِّخَاذُ الْوَلَدِ يُنَافِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: ٦٨] .
وَحَمْدُ نَفْسِهِ عَلَى عَدَمِ الشَّرِيكِ، الْمُتَضَمِّنِ تَفَرُّدَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِلَهِيَّةِ، وَتَوَحُّدَهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي لَا يُوصَفُ بِهَا غَيْرُهُ، فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ، فَلَوْ عُدِمَهَا لَكَانَ كُلُّ مَوْجُودٍ أَكْمَلَ مِنْهُ، لِأَنَّ الْمَوْجُودَ أَكْمَلُ مِنَ الْمَعْدُومِ، وَلِهَذَا لَا يَحْمَدُ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ بِعَدَمٍ إِلَّا إِذَا كَانَ مُتَضَمِّنًا لِثُبُوتِ كَمَالٍ، كَمَا حَمِدَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ لَا يَمُوتُ لِتَضَمُّنِهِ كَمَالَ حَيَاتِهِ، وَحَمِدَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ كَمَالَ قَيُّومِيَّتِهِ، وَحَمِدَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ، لِكَمَالِ عِلْمِهِ وَإِحَاطَتِهِ، وَحَمِدَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا، لِكَمَالِ عَدْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَحَمِدَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ، لِكَمَالِ عَظَمَتِهِ، يَرَى وَلَا يُدْرَكُ، كَمَا أَنَّهُ يَعْلَمُ وَلَا يُحَاطُ بِهِ عِلْمًا، فَمُجَرَّدُ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ لَيْسَ بِكَمَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ لَا يُرَى، فَلَيْسَ فِي كَوْنِ الشَّيْءِ لَا يُرَى كَمَالٌ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا الْكَمَالُ فِي كَوْنِهِ لَا يُحَاطُ بِهِ رُؤْيَةً وَلَا إِدْرَاكًا، لِعَظَمَتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَتَعَالِيهِ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَخْلُوقِ لَهُ، وَكَذَلِكَ حَمِدَ نَفْسَهُ بِعَدَمِ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ، لِكَمَالِ عِلْمِهِ.
فَكُلُّ سَلْبٍ فِي الْقُرْآنِ حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَلِمُضَادَّتِهِ لِثُبُوتِ ضِدِّهِ، وَلِتَضَمُّنِهِ كَمَالَ ثُبُوتِ ضِدِّهِ.
فَعَلِمْتُ أَنَّ حَقِيقَةَ الْحَمْدِ تَابِعَةٌ لِثُبُوتِ أَوْصَافِ الْكَمَالِ، وَأَنَّ نَفْيَهَا نَفْيٌ لِحَمْدِهِ، وَنَفْيُ الْحَمْدِ مُسْتَلْزِمٌ لِثُبُوتِ ضِدِّهِ.



ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:44 AM