عالم غريب ، حينما تتأمله ، يدهشك ، إنه ملكوت الله الواسع .
اليوم شاهدت أشياء لا تخطر على بالي ، كنت امر عليها مرور الكرام .
بدأت اليوم مشاوري للعمل بتغيير طريقي المألوف ، فقد كان الجو جميلا عندما خرجت من المنزل ، و المسافة بين المنزل و مكان العمل أربع كيلومترات ، فكرت أن امشي على رجلي في هذا الصباح - خاصة و أن هناك نصف ساعة على بداية الدوام ، و هي كل ما احتاجه لأصل - فتأملوا معي .
و قبل التأمل ، أود أن اخبركم بأن هذا الأفكار و التأملات مرت على شريط لا تنسيق فيه ، و إنما هي قد تكون قفزات ، و شطحات هنا و هناك ، حسب المناظر التي أمر بها .
عندما خرجت من المنطقة السكنية ، و العمران ، دخلت رئتي نسمات ( الدعاش ) و رائحة المطر الذي هطل إلى الجنوب ، فتنفست بعمق ، و هنا لا يسعك شيء غير أن تردد سبحان الله و الحمد لله ، شعرت بأيام الظفولة تجري في دمي .
هذه دجاجة ، و ديك قد خرجا مثلي يبحثون عن رزق الله ،
همست الدجاجة لصاحبها ، فابتسم لها ، نبشت بعض تراب الأرض ، ثم نقرت نقرتين ، فصاح بها صاحبها أن هلمي قد وجدت رزقا وفيرا ، جاءته على عجل ، فوقف ينظر إليها ، مسبحا بحمد ربه . و كأنه يقول لي : ما اجهل الإنسان ، رزق الله واسع لمن سعى .
تأملت بعض الأرض حولي ، و رأيت آيات الكون تتجسد لناظري . هذه الأرض و قد تشققت ، و كأنها ميتة - أو بالحرى في لحظات سبات عميق ، و قد تبعثرت بقايا آثار الخريف المنصرم ، تذروه الرياح ، فبعض يتدحرج ، و بعضه قد ابتلعته الشقوق ، و بعضها واقفا على سوقه ، و لسان حاله يقول سانتظر المطر ، سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم .
تلفت خلفي فإذا الشمس تدثرت ببعض الغيوم ، و كأنها تقول اليوم عيد ، فاحمدوا الله ، خلق الله . المشرق خلفي و المغرب أمامي ، إذا بي اتذكر إنه تعالى جل جلاله رب المشرق و المغرب ، و أنه كذلك رب المشارق و المغارب - سبحان الله ، تبارك الله احسن الخالقين ،
سبحت ، و غرقت في هذه الآية الكونية العجيبة ، المغرب و المشرق تحديد الاتجاه ، و لكن المشارق و المغارب تحديد المكان ، سبحان الله ، هذا أمر عجيب ، تأملت ، احترت ، هل يعلم العلماء ذلك ، أمر تحديد المكان هذا يدل على عظمة هذه الآية الكونية ، لماذا ؟ و كيف ؟
و سبحت ، و لم ادرى ، و لم يقف تفكيري إلا عند باب مكان العمل .
تحديد المكان يدل على أشياء كثيرة ، اذكر منها :
أن الشمس كل يوم تشرق من مكان نختلف ، سبحان الله ، هذا المكان لا تمر به الشمس إلا مرتان فقط في العام . فهي حين تبدأ رحلتها من الشمال إلى الجنوب ، تنتقل كل يوم إلى نقطة بكل دقة منتاهية في الدقة و الحساب ، ذلك تقدير العزيز القدير ، حتى إذا بلغت اقصى درجة في الجنوب بعد مضى مئة و ثمانين و يومان و بعض ساعات ، ثم تعود لتقطع نفس المسافة ، في نفس عدد الأيام ، و عندما تصل اقصى درجة في الشمال ، تكون قد وصلت إلى نقطة الأنطلاق الأولى ، لتبدأ من جديد ، سنة جديدة أخرى ، و هي ال 365 يوما و بضع ساعات ، و هي السنة الشمسية ، سبحان الله ( لتعلموا عدد السنين و الحساب ) يا الله ، ما اعظمك ، ما احلمك ، ما اجملك ، ربي اغفر لي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب ،
تأمل ، هذه المكانية تدل ايضا على أن الأرض ليست دائرة كاملة ، بل هي كروية ، أو بيضاوية - إن صح التعبير ، فلو كانت دائرية ، لكانت المشارق مئة و ثمانون مشرقا ، و مغربا ايضا ، و لكن هذه الزيادة التي تجعلها اكبر من نصف الدائرة ، تدل على ذلك ،
و يدل ذلك ايضا على أن الشمس تكون في الاقطاب ظاهرة لمدة ستة اشهر جنوبا أ و شمالا ، لذلك لم يكن الليل سرمدا ، سبحان الله العظيم و بحمده .
و كذلك القمر ، فهو أمره اعجب ، فحسابه ليس بالمكان ، و إنما بالزيادة و النقصان ،
ربي اغفر لي إسرافي في أمري .