أنها أحداث تعيدها ذاكرتي بعدما جمعتها وحفظتها مع الكتب المرتبة بشكل عشوائي عند أدراج مكتبتي التي شغلت الركن الأيمن من غرفتي المطلة على حديقة البيت الكبير,أفكاري تتلاطم عند راسي كأمواج بحر هائج ضاعت دوائرها في يوم عاصف بالريح,عدت من المقهى التي اعتدت على الجلوس فيها قبل قليل ورغم بعدها عن محل سكناي لكني أجد متعتي ولذتي في التواجد فيها ,لماذا تمددت على أريكتي الحديدية التي تتأرجح وكلما تحركت فوقها أصدرت اصواتا لا يمكن تفسيرها ابدا,لم أكن متعبا كباقي الأيام ولن أرهق نفسي بقطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام كما اعتبرتها حكمة ملتزما بتنفيذها (المشي على الأقدام رياضة جيدة) ولهذا الأمر كنت اتبع خطواتي متنقلا مابين مكان واخرسيرا على قدمي,كل شيء هادئ حولي وستائر شبابيك المكان تتراقص بفعل ريح دخلت لتغير من الأرجاء ما يمكن أزالته,فالجمود الذي سيطر على تفاصيل حياتي اليومية واجب علي أن أغير من أحداثها ولو بشيء بسيط, وان أغير حتى من زى القديم الذي تعودت الظهور به وان أوف بوعد اتخذته مع نفسي ,احمر وجهي خجلا مما يدور في مخيلتي أن أجد ذاتي ضائعة وتائهة في مسافات بعيدة اختلطت ألان مع ظلمة غروب حزين وحتى مصباحي المثبت في وسط جدار الغرفة بات ضعيفا باهت الضوء لعل الزمن الذي قاساه معي كان قاسيا افقده بهاؤه وشعاعه فما زلت أتذكر تكرار كلام صديقي حينما يزورني قائلا
_حاول أن تستبدل هذا المصباح بآخر....
أكثر الأشياء ومشاهد فيما مضى تتوقد أمامي ويشع منها شيئا صعب علي أن أجد له مبررا واحدا يقنعني بان الذي عشته من الممكن أن أعيشه ثانية,اليوم لن اقطع المسافة التقليدية التي أسيرها كل مرة متنقلا مابين جدران غرفتي,أحاسيس مجهولة تسيطر على روحي وان استنشق رائحة طيبة تعج بالمكان,لم يسبق لي أن شممتها يوما ما ,ونداء خفي يدور في دواخلي يود أن ينتشلني مما أنا فيه,أن عالمي يصارع بأدواته كل ما هو مرفوض,حقا يخالجني إحساس بالذنب باني قد ظلمت نفسي وأسقطتها في دوامة كبيرة,وبقيت القي عليها نظرة التسامح من أي بشر,,إنها غرائز تنطلق من جسدي فتطوقني كالمجنون حتى ترغمني أن استجب لما موجود حولي ,ندت صرخة من أعماقي استفزتني للحظات منشره المسرة والتفاؤل
_لا أريد ليلة اليوم كسابقتها من الليالي الماضيات...
تفاؤلي الزائد بحبي لحرية نفسي وبتقيدي إلى عزلتي ووحدتي دفعت في ذاتي أن اشعر بهذا الإحساس المعذب ,لولا رؤيتي لهل بأنها بريقا لامعا من حكاية قديمة مللت من إعادتها,و عند نهايات مرمى بصري استوقفتني أحلامي التي تخالطت مع خيوط ليلي المبهم القادم لتمتزج كل الصور التي في راسي و تستقر على صورة لأي وداع حدث أو قد يحدث وكان الفيصل بينهما الدموع,حتى اشعر بأنني أصبحت مبتعدا عن حقيقة الحياة التي أنهت حكمها الجازم بان تستمر ليبقى الوجود,ولكي ترتسم عند خوالجي أن أكون متلازما مع الساعات الأولى من هذه الليلة الحالكة بالسواد,لقد تعبت وشعرت بالضجر وأنا أحرك زرار القنوات الفضائية وأبحلق في شاشة التلفاز الذي بات مثيرا للجدل,اغلب قنواته لا تعرف آلا استعراض صور الحروب والدمار وأماكن وقوع الانفجارات والعبوات الناسفة والسيل العارم من التوقعات لأغلب رؤساء الحكومات الذين يظاهرون عكس ما يفعلوه انه دمار شامل للعيون والعقول وصورة سيئة للوضع المريب,أما ايجابياتنا يتناساها الكثير,بدا الوقت يمضي بهدوء ,أفقت على نفسي غارقا بالعرق المتصبب من جسدي وبقايا من تلك الخيوط لليل البهيم قد نامت في أحضان قصة العالم الغريب الذي بات يقلقني وحمدت الله وشكرته لأنني أعيش لوجدي وبمفردي منذ ولادتي.....
02-16-2013 ~ 01:59 PM
رد: خيوط من ليل بهيم للكاتب هادي عباس حسين
العرض المتطور
المواضيع المتشابهه