اهلا وسهلا بكم في منتديات حزن العشاق .. يمنع نشر الأغاني والمسلسلات والأفلام وكافة الصور المحرّمة ويمنع نشر المواضيع الطائفية... منتدانا ذو رسالة ثقافية وسطية
العودة   منتديات حزن العشاق > الاقسام العامة للمجتمع > المنتدى الاسلامي العام

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-2018 ~ 11:57 PM
افتراضي مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ( متجدد) مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب ال
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 1
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة
########

كتاب الطهارة
[مباحث عامة]
تعريفها
معنى الطهارة في اللغة: النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ، سواء كانت حسِّية، أو معنوية، ومن ذلك ما ورد في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل على مريض قال: "لا بأس، طهور إن شاء الله"، والطهور كفَطور، المطهر من الذنوب فهو صلى الله عليه وسلم يقول: إن المرض مطهر من الذنوب، وهي أقذار معنوي [لعله: معنوية؟؟] ويقابل الطهارة النجاسة، ومعناها في اللغة: كل شيء مستَقذَرٍ، حسياً كان، أو معنوياً فيقال للآثام: نجاسة وإن كانت معنوية، وفعلها: نجس "بفتح الجيم وضمها وبكسرها" ينجس "بفتح الجيم وضمها" نجاسة، فهو نجسٌ. ونجسٌ "بكسر الجيم وفتحها"، ومن المفتوح قوله تعالى: {إنما المشركون نجَسٌ} .
أما تعريف الطهارة والنجاسة في اصطلاح الفقهاء، ففيه تفصيل المذاهب (1)
************

(1) الحنفية قالوا: الطهارة شرعاً النظافة عن حدَثٍ. أو خَبثٍ، فقولهم: النظافة يشمل ما إذا نظفها الشخص، أو نظفت وحدها، بأن سقط عليها ماء فأزالها، وقولهم: عن حَدَث يشمل الحدث الأصغر، وهو ما ينافي الوضوء من ريح ونحوه، والحدَث الأكبر، وهو الجنابة الموجبة للغسل، وقد عرَّفوا الحدَث بأنه وصف شرعي يَحلَّ ببعض الأعضاء. أو بالبدن كله فيزيل الطهارة، ويقال له: نجاسة حُكيمة، بمعنى أن الشارع حَكم بكوْن الحدث نجاسة تمنع من الصلاة، كما تمنع منها النجاسة المحسَّة، أمَّا الخبث فمعناه في الشرع العين المستقذرة التي أمر الشارع بنظافتها.
وبهذا تعلم أن النجاسة تقابل الطهارة، وأنها عبارة عن مجموع أمرين: الحدَث. والخبث، ولكن اللغة تطلقها على كل مستقذر، سواء كان حسياً، كالدم. والبول. والعَذرة. ونحوها، أو كان معنوياً، كالذنوب، أمَّا الفقهاء فقد خصوا الحدث بالأمور المعنوية، وهو الوصف الشرعي الذي حكم الشارع بأنه حلّ في البدن كله عند الجنابة أو في أعضاء الوضوء عند وجود ناقض الوضوء من ريح ونحوه وخصوا الخبث بالأمور العينية المستقذرة شرعاً، كالدم ... الخ.
ولعلَّ قائلاً يقول: إن هذا التعريف يخرج الوضوء على الوضوء بنية القربة إلى الله، فإن الوضوء الثاني لم يزل حدثاً ولم يرفع خبثاً، مع كونه طهارة، والجواب: أن الوضوء على الوضوء بنية القربى وإن لم يُزل حدثاً، ولكنه يزيل الذنوب الصغائر، وهي أقذار معنوية، وقد عرفت أن اللغة تطلق الخبث على الأمور المعنوية، وإن كانوا يخصون الخبث بالأمور الحسية، ولكنهم يقولون: إن إزالة الأمور المعنوية يقال لها: طهارة، فالوضوء على الوضوء طهارة بهذا المعنى، وههنا إيراد معروف، وهو أنه لا معنى لعدّ الريح، أو المباشرة الفاحشة بدون إنزال مثلاً من نواقض الوضوء، ولا معنى لكون المني يوجب الغسل، أما الأّول: فلأن الريح ونحوه ليس بنجاسة مُحسة، وأمّا الثاني: فلأن المني طاهر، وعلى فرض أنه نجس فلم تكن نجاسته أكثر من نجاسة البول. أو الغائط، فالمعقول أن تكون الطهارة منه مقصورة على غسل محله فقط، والجواب: أن قائل هذا الكلام غافل عن معنى العبادة، وغافل عن معنى أمارات العبادة، لأن الغرض من العبادة إنما هو الخضوع بالقلب والجوارح لله عز وجل على الوجه الذي يرسمه هو، فلا يصح لأحد أن يخرج عن الحد الذي يحدّه الله لعبادته، ولا مصلحة للمخلوق في مناقشة أمارات العبادة ورسومها إلا بمقدار ما يمسه من نصب وإعياء، فإن له الحق في طلب تكليفه بما يطيق، أما عدا ذلك من كيفيات ورسوم فإنها يجب أن تناط؟؟ وإعياء، فإن له الحق في طلب تكليفه بما يطيق، أما ما عدا ذلك من كيفيات ورسوم فإنها يجب أن تناط بالمعبود وحده، وهذه مسألة واضحة لا خفاء فيها، حتى فيما جرت به العادة من تعظيم الناس بعضهم بعضاً، فإن الملوك لا يُسألون عن سبب الرسوم التي يقابلون بها الناس، ما دامت غير شاقة، فمتي قال الشارع: لا تصلوا وأنتم محدثون حدثاً أصغر أو أكبر، فإنه يجب علينا أن نمتثل بدون أن نقول له: لماذا الشافعية وإلا فيصح أن نقول له: لماذا نصلي الشافعية إذ لا فرق، فإن كلاًّ منهما عبادة له، جعلها أمارة من أمارات الخضوع إنما الذي يصح أن نقوله: وإذا لم نقدر على الوضوء أو الغسل أو الصلاة، فماذا نفعل الشافعية ولذا شرع لنا التيمم. والصلاة من قعود واضطجاع ونحو ذلك مما نقدر عليه، فالذي من حقنا هو الذي نسأل عنه ونناقش فيه، والذي يختص بالإله وحده نؤديه بدون مناقشة، وهذا بخلاف المعاملات. أو الأحوال الشخصية، فإنها متعلقة بحياتنا، فلنا الحق أن نعرف حكمة كل قضية ونناقش في كل جزئية.
هذا هو الرأي المعقول، على أن بعض المفكرين من علماء المسلمين قال: إن كل قضية من قضايا الشريعة لها حكمة معقولة وسرٌّ واضح، عرفه من عرفه وخفي على من خفي عليه، لا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات.
وقد أجاب عن الأول بأن الريح مستقذر حساً بدون نزاع، وهو وإن لم يكن مرئياً بحاسة البصر فهو مدرك بحاسة الشم، وهو قبل أن يخرج مرَّ على النجاسة الحسية، على أن الذي يقول: إن الريح لا ينقض وإن البول أو الغائط يوجبان غسل محلهما فقط، يلزمه أن يقول: إن الإنسان لا يلزمه أن يتوضأ في حياته إلا مرة واحدة، فإن النوم ليس بنجاسة، والريح ليس بنجاسة، والبول والغائط نجاسة محلية فقط، ولا يخفي أن هذا الكلام فاسد لا قيمة له، لأن الواقع أن الله قد شرع الوضوء لمنافع كثيرة: منها ما هو محسٌّ مشاهد من تنظيف الأعضاء الظاهرة المعروضة للأقذار خصوصاً الفم والأنف. ومنها ما هو معنوي: وهو الامتثال والخضوع لله عز وجل فيشعر المرء بعظمة خالقه دائماً، فينتهي عن الفحشاء والمنكر، وذلك خير له في الدنيا والآخرة، فإذا كان الوضوء لا ينتقض فقد ضاعت مشروعيته وضاعت فائدته.
. . . . . . . . . . . . . . . .

و أجاب عن الثاني بأن قياس البول والغائط على المني قياس فاسد واضح الفساد، لأن المني يخرج من جميع أجزاء البدن باتفاق، ولا يخرج غالباً إلا بعد مجهود خاص، ثم بعد انفصاله يحصل للجسم فتور ظاهر، وبديهي أن الغسل يعبد للبدن نشاطه ويُعوِّض عليه بعض ما فقده، وينظف ما عساه أن يكون قد علق بجسمه من فضلات، ومع هذا كله فإن مشروعية الغسل قهراً عقب الجنابة من محاسن الشريعة الإسلامية، فإن الإنسان لا يستغني عن النساء فيضطر إلى تنظيف بدنه، بخلاف ما إذا لم يكن الغسل ضرورياً، فإنه قد يكسل، فتغمره الأقذار، ويؤذي الناس برائحته، فكيف يقاس هذا بالبول المتكرر المعتاد الذي يخرج من مكان خاص بدون مجهود؟؟، فالقياس فاسد من جميع الوجوه، وعلى كل حال فإن العبادات يجب أن يؤديها الإنسان خالصة لله عز وجل بدون أن ينظر إلى ما يترتب عليها من منافع دنيوية، وإن كانت كلها منافع.
المالكية قالوا: الطهارة صفة حُكمية توجب لموصوفها استباحة الصلاة بثوبه الذي يحمله، وفي المكان الذي يصلي فيه، ومعنى كونها صفة أنها صفة اعتبارية، أو معنوية قدَّرَها الشارع شرطاً لصحة الصلاة ونحوها، وهذه الصفة إن قامت بالمكان الذي يريد الصلاة فيه أباحت له الصلاة فيه، وإن قامت بالثوب الذي يحمله أباحت له الصلاة به، وعلى كل حال. فهي أمر معنوي تقديري لا أمر مُحس مشاهد، ويقابلها بهذا المعنى أمران: أحدهما النجاسة، وهي صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة بما يحمله من ثوب. أو في المكان الذي قامت به. ثانيهما: الحدث، وهو صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة له، بمعنى أن النجاسة صفة تقديرية، تارة تقوم بالثوب فتمنع الصلاة به، وتارة تقوم بالمكان فتمنع بالمكان فتمنع الصلاة فيه، وتارة تقوم بالشخص، ويقال لها: حدث، فتمنعه من الصلاة، وعلى كل حال، فالحدث هو الوصف الذي قدّره الشارع، وقد يطلق على نواقض الوضوء الآتي بيانها، وقد تطلق النجاسة على الجرم المخصوص، كالدم، والبول، ونحوهما.
الشافعية قالوا: تطلق الطهارة شرعا على معنيين: أحدهما فعل شيء تستباح به الصلاة من وضوء وغسل وتيمم وإزالة نجاسة، أو فعل ما في معناهما، وعلى صورتهما، كالتيمم والأغسال المسنونة والوضوء على الوضوء، ومعنى هذا أن وضع الماء على الوجه وسائر الأعضاء بنية الوضوء يقال له: طهارة، فالطهارة اسم لفعل الفاعل، وقوله: أو ما في معناهما، كالوضوء على الوضوء، والأغسال المسنونة معناه أنها طهارة اسم لفعل الفاعل، ومع ذلك فلم يترتب عليها استباحة الصلاة، لأن الصلاة مستباحة بالوضوء الأول وبدن غسل مسنون، لأن الذي يمنع من الصلاة الجنابة، والاغتسال منها واجب لا مسنون، فلا بدّ من إدخالها في التعريف، حتى لا يخرج عنه ما هو منه. ثانيهما: أنها ارتفاع الحدث، أو إزالة النجاسة أو ما في معناهما، وعلى صورتهما، كالتيمم والأغسال المسنونة الخ، فالطهارة هي الوصف المعنوي المترتب على الفعل، فالحدث يرتفع بالوضوء أو الغسل إن كان أكبر، والارتفاع مبني على فعل الفاعل، وهو المتوضئ أو المغتسل، والنجاسة تزول بغسلها، وهذا هو المقصود من الطهارة، فإذا أطلقت تنصرف إليه، أما إطلاقها على الفعل، فهو مجاز من إطلاق المسبب، وهو الارتفاع، على السبب، وهو الفعل.
الحنابلة قالوا: الطهارة في الشرع هي ارتفاع الحدث وما في معناه، وزوال النَّجَس، أو ارتفاع حكم ذلك، فقولهم: ارتفاع الحدث معناه زوال الوصف المانع من الصلاة ونحوها، لأن الحدث هو عبارة عن صفة حُكمية قائمة بجميع البدن أو ببعض أعضائه، فالطهارة منه معناها ارتفاع هذا الوصف، وقولهم: أو ما في معناه، يريدون به ما في معنى ارتفاع الحدث، كالارتفاع الحاصل بغسل الميت، لأنه ليس عن حدث، وإنما هو أمر تعبدي، فهو لم يرفع حدثاً. مثله الوضوء على الوضوء، والغسل المسنون، فإنهما في معنى الوضوء والغسل الرافعين للحدث، ولكنهما لم يرفعا حدثاً وقولهم: وزوال النجس، أي سواء زال بفعل الفاعل، كغسل الشيء الذي أصابته نجاسة، أو زال بنفسه، كانقلاب الخمر خلاَّ، وقولهم: أو ارتفاع حكم ذلك، معناه ارتفاع حكم الحدث وما في معناه، أو ارتفاع حكم النجس، وذلك يكون بالتراب، كالتيمم عن حدث أو خبث، فإنه يرتفع بالتيمم حكم الحدث الخبث، وهو المنع من صلاة .


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-08-2018 ~ 11:59 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 2
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة٢
#####
أقسام الطهارة
ذكرنا في تعريف الطهارة تفصيل عبارات المذاهب، وهي وإن اختلفت في بعض النواحي، ولكن يمكن أن نأخذ منها معنى للطهارة متفقاً عليه، وهو أن الطهارة شرعاً صفة اعتبارية قدّرها الشارع شرطاً لصحة الصلاة، جواز استعمال الآنية والأطعمة وغير ذلك، فالشارع اشترط لصحة صلاة الشخص أن يكون بدنه موصوفاً بالطهارة، ولصحة الصلاة في المكان أن يكون المكان موصوفاً بالطهارة، ولصحة الصلاة بالثوب أن يكون موصوفاً بالطهارة، واشترط لِحَل أكل هذا الطعام أن يكون الطعام موصوفاً بالطهارة، وهكذا.
فحقيقة الطهارة في ذاتها شيء واحد، وإنما تنقسم باعتبار ما تضاف إليه من حدث أو خبث، أو باعتبار ما تكون صفة له، فتنقسم بالاعتبار الأول إلى قسمين: طهارة من الخبث. وطهارة من الحدث، وذلك لأن الشارع أوجب على المصلي أن يكون بدنه وثوبه طاهرين من الخبث، وأوجب عليه أن يكون بدنه طاهراً من الحدث، فجعل الطهارة لازمة من هذين الأمرين، فهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى هذين القسمين، فأما الخبث فهو العين المستقذرة شرعاً، كالدم والبول ونحوهما، مما يأتي بيانه، وقد ذكرنا لك أن الخبث يصيب البدن والثوب والمكان، ثم إن الطهارة من الخبث تنقسم بالاعتبار الثاني، وهو ما جعلت وصفاً له، إلى قسمين: أصلية. وعارضة. فأما الأصلية فهي القائمة بالأشياء الطاهرة بأصل خلقتها، كالماء والتراب والحديد والمعادن وغيرها مما يأتي في مبحث الأعيان الطاهرة، فإن هذه الأشياء موصوفة بالطهارة بأصل خلقتها، وأما الطهارة العارضة فهي النظافة من النجاسة التي أصابت هذه الأعيان، وسميت عارضة، لأنها تعرض بسبب المطهرات المزيلات لحكم الخبث من ماء وتراب وغيرهما، مما يأتي بيانه في مبحث إزالة النجاسة، وأما الحدث فهو صفة اعتبارية أيضاً، وصف بها الشارع بدن الإنسان كله عند الجنابة، أو بعض أعضاء البدن بسبب ناقض الوضوء من ريح وبول ونحوهما، ويقال للأول: حدث أكبر، والطهارة منه تكون بالغسل، ويتبعه الحيض والنفاس، فإن الشارع اعتبرهما صفة قائمة بجميع البدن تمنع من الصلاة وغيرها مما يمنعه الحدث الأكبر قبل الغسل، ويقال للثاني: حدث أصغر. والطهارة منه تكون بالوضوء. وينوب عن الغسل والوضوء التيمم، عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-10-2018 ~ 12:02 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 3
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٣

&&&&&&&&&&&
مبحث الأعيان الطاهرة
#######$$

قد عرفت من تقسم الطهارة أنها تنقسم إلى طهارة من الخَبث. و طهارة من الحدث. و عرفت أن الخَبث عند الفقهاء هو العين النجسة فلنذكر لك أمثلة من الأعيان النجسة. و الأعيان الطاهرة التي تقابلها. ثم نذكر لك ما يعفى عنه من النجاسة و كيفية تطهيرها. و لنبدأ بذكر الأعيان الطاهرة. لأن الأصل في الأشياء الطهارة ما لم تثبت نجاستها بدليل. و الأشياء الطاهرة كثيرة :
منها الإنسان سواء كان حياً أو ميتاً. كما قال تعالى:
{ولقد كرَمنا بني آدم} .
أما قوله تعالى:
{إنما المشركون نجس} فالمراد به النجاسة المعنوية التي حكم بها الشارع، وليس المراد أن ذات المشرك نجسه كنجاسة الخنزير.
و منها الجماد : و هو كل جسم لم تحله الحياة. و لم ينفصل عن حيّ.
و ينقسم إلى قسمين :
جامد و مائع .
فمن الجامد جميع أجزاء الأرض و معادنها. كالذهب و الفضة. و النحاس. و الحديد. و الرصاص و نحوها.
و منه جميع أنواع النبات. و لو كان مخدراً و يقال له : المفسد. و هو ما غيبَ العقل دون الحواس من غير نشوة و طرب. كالحشيشة والأفيون. أو كان مرقداً. وهو ما غيبَ العقل والحواس معاً كالداتورة و البنج. أو كان يضر العقل أو الحواسَ أو غيرها.
و من المائع: المياه. الزيوت. و عسل القصب. و ماء الأزهار و الطيب و الخل.
فهذه كلها من الجماد الطاهر. ما لم يطرأ عليها ما ينجسها.
و منها دمع كل شيء حي و عرقه و لعابه و مخاطه. على تفصيل المذاهب .
و منها بيضه الذي لم يفسد و لبنه إذا كان آدمياً أو مأكول اللحم .
أما نفس الحيوان الحيّ، سواء كان إنساناً أو غيره فإنه طاهر بحسب خلقته، إلا بعض أشياء مفصلة في المذاهب .

و منها البلغم و الصفراء. و النخامة، و منها مرارة الحيوان المأكول اللحم بعد تذكيته الشرعية و المراد بها الماء الأصفر الذي يكون داخل الجلدة المعروفة، فهذا الماء الطاهر و كذلك جلدة المرارة ، لأنها جزء من الحيوان المذكى تابع له في طهارته.
و منها ميتة الحيوان البحري. و لو طالت حياته في البِّر كالتمساح ،
و الضفدع، و السلحفاة البحرية، و لو كان على صورة الكلب أو الخنزير أو الآدمي. سواء مات في البر أو في البحر. و سواء مات حتف أنفه أو بفعل فاعل. لقوله صلى الله عليه و سلم:
"أحلت لنا ميتتان. و دمان: السمك و الجراد. و الكبد و الطحال".
و منها ميتة الحيوان البري الذي ليس له دم يسيل. كالذباب و السوس و الجراد و النمل و البرغوث .

و منها الخمر إذا صارت خلاًّ. على تفصيل في المذاهب .
و منها مأكول اللحم المذكى ذكاة شرعية.
و منها الشعر و الصوف و الوبر و الريش من حي مأكول أو غير مأكول أو ميتتهما. سواء أكانت متصلة أو منفصلة بغير نتف على تفصيل المذاهب .


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-10-2018 ~ 10:43 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 4
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٤
#########

الشافعية قالوا:
بطهارة هذه الأشياء إذا كانت من حيوان طاهر، سواء كان مأكول اللحم أو لا.
و قالوا بطهارة سم الحية و العقرب.

المالكية قالوا:
اللعاب هو ما يسيل من الفم حال اليقظة أو النوم. و هذا طاهر بلا نزاع.
أما ما يخرج من المعدة إلى الفم فإنه نجس. و يعرف بتغير لونه أو ريحه. كأن يكون أصفر. و نتناً فإذا لازم عفي عنه و إلا فلا.

الحنابلة قالوا:
بطهارة الدمع و العرق و اللعاب و المخاط. سواء كانت من حيوان يؤكل أو من غيره. بشرط أن يكون ذلك الغير مثل الهرَّة أو أقل منها. و أن لا يكون متولداً من النجاسة.

الحنفية قالوا:
حكم عرق الحي و لعابه حكم السؤر طهارة و نجاسة. و ستعرفه بعد.
الشافعية. والحنابلة قالوا:
هذه الأشياء هي: الكلب. و الخنزير و ما تولد منهما أو من أحدهما مع غيره. و زاد الحنابلة على ذلك ما لا يؤكل لحمه إذا كان أكبر من الهرّ في خلقته.

الحنفية قالوا:
ليس في الحيوان نجس إلا الخنزير فقط.

المالكية قالوا:
لا شيء في الحيوان نجس العين مطلقاً، فالكلب و الخنزير و ما تولد منهما طاهرة جميعها.

الشافعية قالوا:
بنجاسة ماء المرارة المذكورة، و جلدتها متنجسة به، و تطهر بغسلها؛ كالكرش. فإن ما فيه نجس و هو نفسه متنجس به. و يطهر بغسله.

الحنفية قالوا:
إن حكم مرارة كل حيوان حكم بوله. فهي نجسة نجاسة مغلظة في نحو ما لا يؤكل لحمه، و مخففة في مأكول اللحم. و الجلدة تابعة للماء الذي فيها .

الشافعية. و الحنابلة:
استثنوا من ميتة الحيوان البحري أشياء: منها التمساح و الضفدع. و الحية. فإنها نجسة. وما عداها من البحر فهو طاهر .

الشافعية قالوا:
بنجاسة الميتة المذكورة ما عدا الجراد.

الحنابلة قيدوا طهارة الميتة المذكورة بعدم تولدها من نجاسة. كدود الجرح .
المالكية قالوا:
إن الخمر تطهر إذا صارت خلاً أو تحجرت. و لو كان كل منها بفعل فاعل، ما لم يقع فيها نجاسة قبل تخللها. و يطهر إناؤها تبعاً لها.

الحنفية قالوا:
إن الخمر تطهر و يطهر إناؤها تبعاً لها إذا استحالت عينها. بأن صارت خلاً. حيث يزول عنها وصف الخمرية . و هي المرارة و الإسكار. و يجوز تخليلها. و لو بطرح شيء فيها. كالملح. و الماء. و السمك و كذا بإيقاد النار عندها. و إذا اختلط الخمر بالخل و صار حامضاً طهر و إن غلب الخمر، و لو وقعت في العصير فأرة و أخرجت قبل التفسخ، و ترك حتى صار خمراً: ثم تخللت. أو خللها أحد طهرت.

الشافعية قالوا:
لا تطهر الخمر إلا إذا صارت خلاً بنفسها، بشرط أن لا تحلَّ فيها نجاسة قبل تخللها، و إلا فلا تطهر، و لو نزعت النجاسة في الحال، و بشرط أن لا يصاحبها طاهر إلى التخلل، إذا كان مما لا يشق الاحتراز عنه، لأنه يتنجس بها، ثم ينجسها، و أما الطاهر الذي يشق الاحتراز منه، كقليل بذر العنب، فإنه يطهر تبعاً لها، كما يطهر إناؤها تبعاً لها.

الحنابلة قالوا:
تطهر الخمر إذا صارت خلاً بنفسها، و لو بنقلها من شمس إلى ظل: أو عكسه أو من غير إناء لآخر بغير قصد التخليل، و يطهر إناؤها تبعاً لها، ما لم يتنجس بغير المتخللة، من خمر أو غيره، فإنه لا يطهر.

و حاصل هذا أن المالكية. والحنفية اتفقوا على طهارة الخمر إذا صارت خلاً، سواء تخللت بنفسها أبو بفعل فاعل، و اختلفوا فيما إذا وقعت فيها نجاسة قبل تخللها .
فالمالكية يقولون:
إنها لا تطهر بالتخلل في هذه الحالة .
و الحنفية يقولون:
إذا أخرجت النجاسة قبل تفسخها: ثم تخللت فإنها تطهر.
و الشافعية و الحنابلة:
اتفقوا على أنها لا تطهر إلا إذا تخللت بنفسها. أما إذا خللها أحد فإنها لا تطهر، و اتفقوا على أنها إذا وقعت بها نجاسة قبل التخلل فإنها لا تطهر بالتخلل.

المالكية قالوا:
بطهارة جميع الأشياء المذكورة من أي حيوان. سواء أكان حياً أم ميتاً. مأكولاً أم غير مأكول. و لو كلباً أو خنزيراً. و سواء أكانت متصلة أم منفصلة. بغير نتف كجزّها أو حلقها أو قصها أو إزالتها بنحو النورة؛ لأنها لا تحلها الحياة. أما لو أزيلت بالنتف فأصولها نجسة و الباقي طاهر.
و قالوا:
بنجاسة قصبة الريش من غير المذكى. أما الزغب النابت عليها الشبيه بالشعر. فهو طاهر مطلقاً.

الحنفية وافقوا المالكية: في كل ما تقدم إلا في الخنزير، فإن شعره نجس، سواء كان حياً أو ميتاً، متصلاً أو منفصلاً، و ذلك لأنه نجس العين.

الشافعية قالوا بنجاسة الأشياء المذكورة إن كانت من حيٍّ غير مأكول، إلا شعر الآدمي فإنه طاهر، أو كانت من ميتة غير الآدمي، فإن كانت الأشياء المذكورة من حيٍّ مأكول اللحم فهي طاهرة إلا إذا انفصلت بنتف و كانت في أصولها رطوبة أو دم، أو قطعة لحم لا تقصد، أي لا قيمة لها في العرف، فإن أصولها متنجسة و باقيها طاهر، فإن انفصل منها عند النتف قطعة لحم لها قيمة في العرف، فهي نجسة تبعاً.

الحنابلة قالوا بطهارة الأشياء المذكورة إذا كانت من حيوان مأكول اللحم، حياً كان أو ميتاً، أو من حيوان غير مأكول اللحم مما يحكم بطهارته في حال حياته، و هو ما كان قدر الهرة فأقل، و لم يتولد من نجاسة، و أصول تلك الأشياء المغروسة في جلد الميت نجسة، و لم لم تنفصل عنها، و أما أصولها من الحي الطاهر فهي طاهرة، إلا إذا انفصلت بالنتف، فتكون تلك الأصول نجسة، و يكون الباقي طاهرا ً.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-11-2018 ~ 02:58 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 5
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٥
#####
مبحث الأعيان النجسة و تعريف النجاسة
++++++++

قد ذكرنا في تعريف الطهارة تعريف النجاسة مجملاً عند بعض المذاهب، لمناسبة المقابلة بينهما، و غرضنا الآن بيان الأعيان النجسة المقابلة للأعيان الطاهرة، و هذا يناسبه بيان معنى النجاسة لغة و اصطلاحاً في المذاهب.
فالنجاسة في اللغة: اسم لكل مستقذر، و كذلك النجس "بكسر الجيم و فتحها و سكونها"، و الفقهاء، يقسمون النجاسة إلى قسمين:
حكمية. و حقيقية .
و في تعريفهما اختلاف في المذاهب ، على أنهم يخصون النجس "بالفتح" بما كان نجساً لذاته، فلا يصح إطلاقه على ما كانت نجاسته عارضة، و أما النجس "بالكسر" فإنه يطلق عندهم على ما كانت نجاسته عارضة أو ذاتية، فالدم يقال له: نجس و نجس "بالفتح و الكسر" و الثوب المتنجس يقال له: نجس "بالكسر" فقط.
أما الأعيان النجسة فكثيرة : منها ميتة الحيوان البِّري غير الآدمي، إذا كان له دمٌ ذاتي يسيل عند جرحه، بخلاف ميتة الحيوان البحري، فإنها طاهرة لقوله صلى الله عليه و سلم :
"هو الطهور ماؤه الحلُّ ميتته" .
و بخلاف ميتة الآدمي، فإنها طاهرة كما تقدم و بخلاف ميتة الحيوان البرّي الذي ليس له دم ذاتي يسيل عند جرحه، كالجراد، فإنها طاهرة.

و منها أجزاء الميتة التي تحلها الحياة ( و في بيانها تفصيل المذاهب )
و كذا الخارج من نحو دم. و مخاط و بيض. و لبن و أنفحة ـ على تفصيل ـ و منها الكلب. و الخنزير ، و ما تولد منهما أو من أحدهما، و لو مع
غيره.
أمَّا دليل نجاسة الكلب فما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه و سلم، و هو :
" إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات "
و أمَّا نجاسة الخنزير فبالقياس على الكلب، لأنه أسوأ حالاً منه، لنص الشارع على تحريمه و حرمة اقتنائه.
و منها ما يرشح من الكلب و الخنزير من لعاب و مخاط و عرق و دمع .
و منها الدم بجميع أنواعه، إلا الكبد. و الطحال فإنهما طاهران للحديث المتقدم ، و كذا دم الشهيد ما دام عليه ، و المراد بالشهيد شهيد القتال الآتي بيانه في مباحث الجنازة .
و ما بقي في لحم المذكاة أو عروقها. و دم السمك و القمل و البرغوث و دم الكنان، و هي "دويبة حمراء شديدة اللسع" فهذه الدماء طاهرة . و هناك دماء أخرى طاهرة في بعض المذاهب .

و منها القيح ، و هو المِذة التي لا يخالطها دم، و منها الصديد، و هو ماء الجرح الرقيق المختلط بدم، و ما يسيل من القروح و نحوها .
و منها فضلة الأدمي من بول و عذرة، و إن لم تتغير عن حالة الطعام، و لو كان الأدمي صغيراً لم يتناول الطعام .
و منها فضلة ما لا يؤكل لحمه مما له دم يسيل، كالحمار. و البغل .
أمَّا فضلة ما يؤكل لحمه ففيها خلاف المذاهب .
و منها منيُّ الآدمي و غيره ، و هو ماء يخرج عند اللذة بجماع و نحوه . و هو من الرجل عند اعتدال مزاجه أبيض غليظ .
و من المرأة أصفر رقيق .
قالوا :
و لا ينفصل ماء المرأة، بل يوجد داخل الفرج، و ربما ظهر أثره في الذكر .
أما الذين ينكرون منّي المرأة، و يدعون أن الذي يحس من المرأة رطوبة الفرج ، فإنهم ينكرون المحس البديهي .
و منها المذي و الودي .
و المذي: ماء رقيق يخرج من القبُل عند الملاعبة و نحوها .
و الودي: ماء أبيض ثخين يخرج عقب البول غالباً.

و منها القيء و القلس ، على تفصيل المذاهب .
و منها البيض الفاسد من حيّ، على تفصيل في المذاهب .
و منها الجزء المنفصل من حي ميتته نجسة إلا الأجزاء التي سبق استثناؤها في الميتة، و إلا المسك المنفصل من غزال حي ، و كذا جلدته فإنهما طاهران .
و منها لبن حي لا يؤكل لحمه غير آدمي .
و منها رماد النجس المتحرق بالنار و دخانه .
و منها السكر المائع، سواء كان مأخوذاً من عصير العنب أو كان نقيع زبيب أو نقيع تمر أو غير ذلك، لأن الله تعالى قد سمى الخمر رجساً ، و الرجس في العرف النجس، أما كون كل مسكر مائع خمراً فَلما رواه مسلم من قوله صلى الله عليه و سلم :
" كلُّ مسكرٍ خمر ، و كلُّ مسكر حرام " .
و إنما حكم الشارع بنجاسة المسكر المائع فوق تحريم شربه تنفيراً و تغليظاً و زجراً عن الاقتراب منه.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-12-2018 ~ 01:32 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 6
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٦
####
الحنابلة عرفوا النجاسة الحكمية بأنها الطارئة على محل طاهر قبل طروِّها، فيشمل النجاسة التي لها جرم و غيرها، متى تعلقت بشيء طاهر، و أما النجاسة الحقيقية، فهي عين النجس "بالفتح".

الشافعية:
عرّفوا النجاسة الحقيقية بأنها التي لها جرم أو طعم أو لون أو ريح، و هي المراد بالعينية عندهم، و النجاسة الحكمية بأنها التي لا جرم لها و لا طعم و لا لون و لا ريح، كبول جف و لم تدرك له صفة، فإنه نجس نجاسة حكمية.
المالكية قالوا:
النجاسة العينية هي ذات النجاسة، و الحكمية أثرها المحكوم على المحل به.
الحنفية قالوا:
إن النجاسة الحكمية هي الحدث الأصغر و الأكبر، و هو وصف شرعي يحل بالأعضاء أو البدن كله يزيل الطهارة. و الحقيقية هي الخبث، و هو كل عين مستقذرة شرعاً.
الشافعية قالوا:
بنجاسة ميتة ما لا نفس له سائلة، إلا ميتة الجراد، و لكن يعفى عنها إذا وقع
شيء منها بنفسه في الماء أو المائع فإنه لا ينجسه إلا إذا تغير، أما إذا طرحه إنسان أو حيوان أو تغير ما وقع فيه فإنه ينجس، و لا يعفى عنه.

المالكية قالوا :
إن أجزاء الميتة التي تحلها الحياة هي اللحم و الجلد و العظم و العصب و نحوها، بخلاف نحو الشعر و الصوف و الوبر و زغب الريش، فإنها لا تحلها الحياة فليست بنجسة.
الشافعية قالوا:
إن جميع أجزاء الميتة من عظم و لحم و جلد و شعر و ريش و وبر غير ذلك نجس، لأنها تحلها الحياة عندهم.

الحنفية قالوا :
إن لحم الميتة و جلدها مما تحله الحياة، فهما نجسان، بخلاف نحو العظم و الظفر و المنقار و المخلب و الحافر و القرن و الظلف و الشعر، إلا شعر الخنزير فإنها طاهرة لأنها لا تحلها الحياة، لقوله صلى الله عليه و سلم في شاة ميمونة:
"إنما حرم أكلها"
و في رواية "لحمها"
فدل على أن ما عدا اللحم لا يحرم، فدخلت الأجزاء المذكورة ما لم تكن بها دسومة، فإنها تكون متنجسة بسبب هذه الدسومة، و العصب فيه روايتان: المشهور أنه طاهر .
و قال بعضهم:
الأصح نجاسته.

الحنابلة قالوا :
إن جميع أجزاء الميتة تحلها الحياة فهي نجاسة إلا الصوف و الشعر و الوبر و الريش، فإنها طاهرة، و استدلوا على طهارتها بعموم قوله تعالى:
{ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين} .
لأن ظاهرها يعم حالتي الحياة و الموت، و قيس الريش على هذه الثلاثة.
الحنفية قالوا :
بطهارة ما خرج من الميتة من لبن و أنفحة وبيض رقيق القشرة أو غليظها و نحو ذلك مما كان طاهراً حال الحياة.

الحنابلة قالوا:
بنجاسة جميع الخارج منها، إلا البيض الخارج من ميتة ما يؤكل إن تصلب قشره.
الشافعية قالوا:
بنجاسة جميع الخارج منها إلا البيض إذا تصلب قشره، سواء كان من ميتة ما يؤكل لحمه أو غيره، فإنه طاهر.
المالكية قالوا :
بنجاسة جميع الخارج من الميتة.

المالكية قالوا:
كل حيٍّ طاهر العين، و لو كلباً. أو خنزيراً، و وافقهم الحنفية على طهارة عين الكلب ما دام حياً، على الراجح، إلا أن الحنفية قالوا بنجاسة لعابه حال الحياة تبعاً لنجاسة لحمه بعد موته، فلو وقع في بئر و خرج حياً و لم يصب فمه الماء لم يفسد الماء، و كذا لو انتفض من بلله فأصاب شيئاً لم ينجسه.
المالكية قالوا:
كل ذلك طاهر، لقاعدة: أن كل حيٍّ و ما رشح منه طاهر.
المالكية قالوا:
الدم المسفوح نجس بلا استثناء، و لو كان من السمك، و المسفوح هو "السائل من الحيوان"، أمَّا غير المسفوح، كالباقي في خلال لحم المذكاة أو عروقها فطاهر.

الشافعية قالوا :
بنجاسة جميع الدماء إلا أربعة أشياء: لبن المأكول إذا خرج بلون الدم. و المنّي إذا خرج بلون الدم أيضاً، و كان خروجه من طريقة المعتاد، و البيض إذا استحال لونه إلى لون الدم، بشرط أن يبقى صالحاً للتخلق. و دم الحيوان إذا انقلب علقة أو مضغة، بشرط أن يكون من حيوان طاهر.
الحنفية قالوا :
بطهارة الدم الذي يسل من الإنسان أو الحيوان. و بطهارة الدم إذا استحال إلى مضغة، أما إذا استحال إلى علقة فهو نجس.
الحنفية قالوا:
إن ما يسيل من البدن غير القيح و الصديد، إن كان لعلة و لو بلا ألم فنجس و إلا فطاهر، و هذا يشمل النفط، و هي
"القرحة التي امتلأت و حان قشرها".
و ماء السرة ، و ماء الأذن. و ماء العين، فالماء الذي يخرج من العين المريضة نجس، و لو خرج من غير ألم، كالماء الذي يسيل بسبب الغرب، و هو
"عرق في العين يوجب سيلان الدمع بلا ألم".

الشافعية قالوا:
قيدوا نجاسة السائل من القروح "غير الصديد و الدم" بما إذا تغير لونه أو ريحه و إلا فهو طاهر، كالعرق.
الحنفية قالوا:
فضلات غير مأكول اللحم فيها تفصيل، فإن كانت مما يطير في الهواء كالغراب، فنجاستها مخففة، و إلا فمغلظة، غير أنه يعفى عما يكثر منها في الطرق من روث البغال و الحمير دفعا للحرج.

الشافعية قالوا:
بنجاسة مأكول اللحم أيضاً بلا تفصيل.
الحنفية قالوا:
إن فضلات مأكول اللحم نجسة نجاسة مخففة، إلا أنهم فصَّلوا في الطير، فقالوا: إن كان مما يذرق "ذرق الطائر خرؤه" في الهواء، كالحمام و العصفور، ففضلته طاهرة و إلا فنجسته نجاسة مخففة كالدجاج و البط الأهلي و الأوز "عند الصاحبين" و مغلظة "عند الإمام".

المالكية قالوا :
بطهارة فضلة ما يحل أكل لحمه، كالبقر و الغنم إذا لم يعتد التغذي بالنجاسة، أما إذا اعتاد ذلك يقيناً أو ظناً ففضلته نجسة، و إذا شك في اعتياده ذلك، فإن كان شأنه التغذي بها كالدجاج، ففضلته نجسة، و إن لم يكن شأنه ذلك، كالحمام، ففضلته طاهرة.

الحنابلة قالوا :
بطهارة فضلات ما يؤكل لحمه، و لو أكل النجاسة ما لم تكن أككثر طعامه و إلا ففضلته نجسة، و كذا لحمه، فإن منع من أكلها ثلاثة أيام لا يتناول فيها إلا غذاء طاهراً ففضلته بعد الثلاثة طاهرة، و كذا لحمه .

الشافعية قالوا:
بطهارة منّي الآدمي حياً و ميتاً، إن خرج بعد استكمال السن تسع سنين، و لو خرج على صورة الدم إذا كان خروجه على هذه الحالة من طريقه المعتاد، و إلا فنجس، و دليل طهارته ما رواه البيهقي من أنه صلى الله عليه و سلم سئل عن المني يصيب الثوب فقال ما معناه:
"إنما هو كالبصاق أو كالمخاط" .
و قيس عليه منّي خرج من حيّ غير آدمي، لأنه أصل للحيوان الطاهر، إلا أنهم استثنوا من ذلك مني الكلب و الخنزير و ما تولد منهما. فقالوا بنجاسته تبعاً لأصله.
الحنابلة قالوا :
إن منّي الآدمي طاهر إن خرج من طريقه المعتاد، دفقاً بلذة بعد استكمال السن تسع سنين للأنثى؛ و عشر سنين للذكر؛ و لو خرج على صورة الدم، و استدلوا على طهارته بقول عائشة رضي الله عنها :
"وكنت أفرك المنّي من ثوب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يذهب فيصلي فيه"
أما منّي غير الآدمي فإن كان من حيوان مأكول اللحم فطاهر، و إلا فنجس.
الحنابلة قالوا :
بطهارة المذي و الودي إذا كانا من مأكول اللحم .
الحنفية قالوا:
إن القيء نجس نجاسة مغلظة إذا ملأ الفم، بحيث لا يمكن إمساكه، و لو كان مرة أو طعاماً أو ماء أو علقاً، و إن لم يكن قد استقر في المعدة و لو كان من صبي ساعة إرضاعه، بخلاف ماء فم النائم، فإنه طاهر، و بخلاف ما لو قاء دوداً قليلاً أو كثيراً صغيراً أو كبيراً، فإنه طاهر أيضاً، و القلس كالقيء، لقوله صلى الله عليه و سلم:
"إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس فلينصرف و ليتوضأ " .
و قد فصلوا في البلغم و الدم المخلوط بالبزاق فقالوا:
إن البلغم إذا خرج خالصاً و لم يختلط بشيء فإنه طاهر، و إذا خرج مخلوطاً بالطعام، فإن غلب عليه الطعام كان نجساً، و إن استوى معه، فيعتبر كل منهما على انفراده، بمعنى أنه إذا كان الطعام وحده يملأ الفم، فيكون حكمه حكم القيء، أما الدم المخلوط بالبزاق. فقالوا:
إذا غلب البزاق عليه بأن كان الخارج أصفر فهو طاهر، و إن غلب الدم بأن كان أحمر، سواء كان الدم مساوياً أو غالباً فإنه نجس و لو لم يملأ الفم، و ما اجترَّته الإبل و الغنم نجس قلَّ أو أكثر.
و اعلم أنه لو قاء مرات متفرقة في آن واحد، و كان القيء في كل واحدة منها لا يملأ الفم، و لكن لو جمع يملأ القم فإنه نجس.
المالكية:
عرّفوا القيء بأنه طعام خارج من المعدة بعد استقراره فيها، فحكموا بنجاسته، بشرط أن يتغير عن حالة الطعام، و لو بحموضة فقط، بخلاف القلس، و هو الماء الذي تقذفه المعدة عند امتلائها، فإنه لا يكون نجساً إلا إذا شابه العذرة، و لو في أحد أوصافها، و لا تضر الحموضة وحدها، فإذا خرج الماء الذي تقذفه المعدة حامضاً غير متغير لا يكون نجساً لخفة الحموضة و تكرر حصوله. و ألحقوا بالقيء في النجاسة الماء الخارج إذا كان متغيراً بصفرة و نتن من المعدة، إلا أنه يعفى عنه إذا كان ملازماً، و ذلك للمشقة.
الشافعية قالوا :
بنجاسة القيء و إن لم يتغير، كأن خرج في الحال، سواء كان طعاماً أو ماء، بشرط أن يتحقق خروجه من المعدة، فإن شك في خروجه منها فالأصل الطهارة، و جعلوا منه الماء الخارج من فم النائم إن كان أصفر منتناً، و لكن يعفى عنه في حق من ابتلي به، و ما تجترّه الإبل و الغنم نجس، قل أو كثر.
الحنابلة قالوا:
إن القلس و القيء نجسان بلا تفصيل.
المالكية:
ضبطوا الفاسد بأنه ما يتغير بعفونة أو زرقة أو صار دماً أو مضغة أو فرخاً ميتاً، بخلاف البيض الذي اختلط بياضه بصفاره، و يسمى بالممروق، و بخلاف ما فيه نقطة دم غير مسفوح، فإنهما طاهران، أما بيض الميتة فهو نجس، كما تقدم .
الشافعية :
ضبطوا الفاسد بأنه ما لا يصلح لأن يتخلق منه حيوان بعد تغيره، و ليس منه ما اختلط بياضه بصفاره، و إن أنتن، و أما بيض الميتة فقد تقدم حكمه.
الحنابلة قالوا :
إن البيض الفاسد ما اختلط بياضه بصفاره، مع التعفن، و صححوا طهارته، و قالوا :
إن النجس من البيض ما صار دماً، و كذا ما خرج من حيّ إذا لم يتصلب قشره.
الحنفية قالوا:
ينجس البيض إذا ما صار دماً، أما إذا تغير بالتعفن فقط، فهو طاهر، كاللحم المنتن.
الحنابلة :
استثنوا من المنفصل من حي ميتته نجسة شيئين حكموا بطهارتهما، و هما:
البيض إذا تصلب قشره. و الجزء المنفصل من الحيِّ الذي لا يقدر على ذكاته عند تذكيته الاضطرارية.
الشافعية قالوا :
بطهارة الشعر و الوبر و الصوف و الريش إذا انفصل من حيوان حيّ مأكول اللحم ما لم ينفصل مع شيء منها قطعة لحم مقصودة، أي لها قيمة في العرف، فإن انفصلت قطعة لحم كذلك تنجست تبعاً لها. فإن شك في شيء من الشعر و ما معه هل هو من طاهر أو من نجس؟
فالأصل الطهارة، و سبق أنهم حكموا بنجاسة جميع أجزاء الميتة و لم يستثنوا منها شيئاً.
الحنفية قالوا :
بطهارة الألبان كلها من حي و ميت مأكول و غير مأكول، إلا لبن الخنزير، فإنه نجس في حياته و بعد مماته.
الحنفية قالوا:
بطهارتها، و كذا ما إذا صار النجس تراباً من غير حرق، فإنه يطهر.

المالكية قالوا :
بطهارة الرماد و نجاسة الدخان على الراجح.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-13-2018 ~ 09:32 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 7
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٧
########
مبحث ما يعفى عنه من النجاسة
إزالة النجاسة عن بدن المصلي و ثوبه و مكانه واجبة إلا ما عفي عنه، دفعاً للحرج و المشقة، قال تعالى:
{وما جعل عليكم في الدين من حرج} .
و في المعفو عنه تفصيل في المذاهب .
&&&&&&&

المالكية ذكروا قولين مشهورين في إزالة النجاسة:
أحدهما أنها تجب شرطاً في صحة الصلاة.
ثانيهما:
أنها سنة، و شرط وجوبها أو سنيتها أن يكون ذاكراً للنجاسة قادراً على إزالتها، فإن صلى أحد بالنجاسة و كان ناسياً أو عاجزاً عن إزالتها فصلاته صحيحة على القولين، و يندب له إعادة الظهر أو العصر إلى اصفرار الشمس، و المغرب أو العشاء إلى طلوع الفجر، و الصبح إلى طلوع الشمس .
أما إن صلى بها عامداً أو جاهلاً فصلاته باطلة على القول الأول، و صحيحة على القول الثاني، فتجب عليه إعادة الصلاة أبداً في الوقت أو بعده على القول الأول لبطلانها، و يندب له إعادتها أبداً على القول الثاني .
المالكية عدوا من المعفو عنه ما يأتي:

-1 - ما يصيب ثوب أو بدن المرضعة من بول أو غائط رضيعها، و لو لم يكن وليدها إذا اجتهدت في التحرز عنهما حال نزولهما، و يندب لها إعداد ثوب للصلاة.
-2 - بلل الباسور إذا أصاب بدن صاحبه أو ثوبه كل يوم و لو مرة، و أما يده فلا يعفى عن غسلها إلا إذا كثر استعمالها في إرجاعه، بأن يزيد على مرتين كل يوم، و إنما اكتفى في الثوب و البدن بمرة واحدة في اليوم و لم يكتف في اليد إلا بما زاد على اثنتين، لأن اليد لا يشق غسلها إلا عند الكثرة، بخلاف الثوب و البدن.

-3 - سلس الأحداث، كبول أو غائط أو مذي أو ودي أو منيّ إذا سال شيء منها بنفسه، فلا يجب غسله عن البدن أو الثوب أو المكان الذي لا يمكن التحول عنه إلى مكان آخر إذا حصل شيء منها، و لو كل يوم مرة.
-4 - ما يصيب ثوب أو بدن الجزار و نازح المراحيض و الطبيب الذي يعالج الجروح، و يندب لهم إعداد ثوب للصلاة.
-5 - ما يصيب ثوب المصلي أو بدنه أو مكانه من دمه أو دم غيره آدمياً كان أو غيره، و لو خنزيراً إذا كانت مساحته لا تزيد عن قدر الدرهم البغلي، و هو "الدائرة السوداء التي تكون في ذراع البغل" و لا عبرة بالوزن، و مثل الدم في ذلك القيح و الصديد.
-6 - ما يصيب ثوبه أو بدنه أو مكانه من بول أو روث أو خيل أو بغال أو حمير إذا كان ممن يباشر رعيها أو علفها أو ربطها أو نحو ذلك، فيعفى عنه لمشقة الإحتراز.
7. ـ أثر ذباب أو ناموس أو نمل صغير يقع على النجاسة و يرفع شيئاً منها، فيتعلق برجله أو فمه ثم يقع على ثوبه أو بدنه لمشقة الاحتراز، أما أثر النمل الكبير، فلا يعفى عنه لندرته.
-8 - أثر دم موضع الحجامة بعد مسحه بخرقة و نحوها، فيعفى عنه إلى أن يبرأ فيغسله.
-9 - ما يصيب ثوبه أو رجله من طين المطر أو مائه المختلط بنجاسة ما دام موجوداً في الطرق و لو بعد انقطاع المطر، فيعفى عنه بشروط ثلاثة:
أولاً:
أن لا تكون النجاسة المخالطة أكثر من الطين أو الماء تحقيقاً أو ظناً.
ثانياً:
أن لا تصيبه النجاسة بدون ماء أو طين.
ثالثاً:
أن لا يكون له مدخل في الإصابة بشيء من ذلك الطين أو الماء، كأن يعدل عن طريق خالية من ذلك إلى طريق فيها ذلك، و مثل طين المطر و مائة الماء المرشوش بالطرق، و كذلك الماء الباقي في المستنقعات.
-10 - المدة السائلة من دمامل أكثر من الواحد، سواء سالت بنفسها أو بعصرها، و لو زاد على قدر الدرهم، و أما الدمل الواحد فيعفى عما سال منه بنفسه أو بعصر احيج إليه، فإن عصر بغير حاجة، فلا يعفى إلا عن قدر الدرهم.
-11 - خرء البراغيث و لو كثر، و إن تغذت بالدم المسفوح، فخرؤها نجس، و لكن يعفى عنه، و أما دمها، فإنه كدم غيرها لا يعفى منه عما زاد على قدر الدرهم البغلي، كما تقدم.
-12 - الماء الخارج من فم النائم إذا كان من المعدة، بحيث يكون أصفر منتناً، فإنه نجس ولكن يعفى عنه إذا لازم.
-13 - القليل من ميتة القمل، فيعفى منه عن ثلاث فأقلَّ.
-14 - أثر النجاسة على السبيلين بعد إزالة عين النجاسة بما يزيلها من حجر و نحوه، فيعفى عنه و لا يجب غسله بالماء ما لم ينتشر كثيراً، فإن انتشر تعين غسله بالماء، كما يتعين الماء في إزالة النجاسة عن قبل المرأة، و سيأتي تفصيل ذلك في مبحث الاستنجاء.

الحنفية قالوا:
تنقسم النجاسة إلى قسمين:
مغلظة. و مخففة.
فالمغلظة "عند الإمام" هي ما ورد فيها نص لم يعارض بنص آخر، و المخففة "عنده" هي ما ورد فيها نص عورض بنص آخر كبول ما يؤكل لحمه، و ذلك لأن حديث "استنزهوا من البول" يدل على نجاسة كل بول، و حديث العرنيين يدل على طهارة بول مأكول اللحم، فلما تعارض فيه الدليلان كانت نجاسته مخففةٍ.
أما حديث العرنيين فهو ما روي من أن قوماً من عرينة أتوا المدينة المنورة فلم توافقهم. فاصفرت ألوانهم و انتفخت بطونهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يخرجوا إلى إبل الصدقة و يشربوا من أبوالها و ألبانها فخرجوا و شربوا، فكان ذلك سبباً في شفائهم.
و يعفى في النجاسة المغلظة عن أمور:
منها قدر الدرهم، و يقدّر في النجاسة الكثيفة بما يزن عشرين قيراطاً، و في النجاسة الرقيقة بعرض مقعر الكف، و مع كونه يعفى عنه في صحة الصلاة، فإن نعم إزالة قدر الدرهم أكد من إزالة ما هو أقل منه، و المشهور عند الحنفية كراهة التحريم، و منها بول الهرة و الفأرة و خرؤهما فيما تظهر فيه حالة الضرورة، فيعفى عن خرء الفأرة إذا وقع في الحنطة و لم يكثر حتى يظهر أثره و يعفى عن بولها إذا سقط في البئر لتحقق الضرورة، بخلاف ما إذا أصاب أحدهما ثوباً أو إناء مثلاً، فإنه لا يعفى عنه لإمكان التحرز، و يعفى عن بول الهرة إذا وقع على نحو ثوب لظهور الضرورة، بخلاف ما إذا أصاب خرؤها أو بولها شيئاً غير ذلك، فإنه لا يعفى عنه، و منها بخار النجس و غباره، فلو مرت الريح بالعذارات و أصابت الثوب لا يضر، و إن وجدت رائحتها به، و كذا لو ارتفع غبار الزبل، فأصاب شيئاً لا يضر، و منها رشاش البول إذا كان رقيقاً، كرؤوس الإبر، بحيث لا يُرى، و لو ملأ الثوب أو البدن، فإنه يعتبر كالعدم للضرورة، و مثله الدم الذي يصيب القصاب "أي الجزار" فيعفى عنه في حقه للضرورة، فلو أصاب الرشاش ثوباً ثم وقع ذلك الثوب في ماء قليل تنجس الماء لعدم الضرورة حينئذ، و مثل هذا أثر الذباب الذي وقع على نجاسة ثم اصاب ثوب المصلي، فإنه يعفى عنه، و منها ما يصيب الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الامتناع عنه ما دام في تغسيله، و منها طين الشوارع و لو كان مخلوطاً بنجاسة غالبة ما لم يَرَعَينها، و يعفى في النجاسة المخففة عما دون ربع الثوب كله أو ربع البدن كله، و إنما تظهر الخفة في غير المائع، لأن المائع متى أصابته نجاسة تنجس لا فرق بين مغلظة ومخففة، ولا عبرة فيه لوزن أو مساحة.
و يعفى عن بعر الإبل و الغنم إذا وقع في البئر أو في الإناء، ما لم يكثر كثرة فاحشة أو يتفتت فيتلون به الشيء الذي خالطه، و القليل المعفوُّ عنه هو ما يستقله الناظر إليه، و الكثير عسكه، وأما روث الحمار وخثي البقر والفيل، فإنه يعفى عنه في حالة الضرورة و البلوى، سواء كان يابساً أو رطباً.

الشافعية قالوا:
يعفى عن أمور: منها ما لا يدركه البصر المعتدل من النجاسة، و لو مغلظة، و منها قليل دخان النجاسة المنفصل عنها بواسطة النار، بخلاف نحو البخار المنفصل بلا واسطة نار، فإنه طاهر، و منها الأثر الباقي بالمحل بعد الاستنجاء بالحجر، فيعفى عنه بالنسبة لصاحبه دون غيره، فلو نزل في ماء قليل و اصابه ذلك الأثر تنجس به، و منها طين الشارع المختلط بالنجاسة المحققة، فإذا شك في نجاسة ذلك الطين أو ظن كان طاهراً لا نجساً معفواً عنه، و إنما يعفى عنه بشروط أربعة:

أولاً :
أن لا تظهر عين النجاسة.
ثانياً:
أن يكون المار محترزاً عن إصابتها بحيث لا يرخي ذيل ثيابه و لا يتعرض لرشاش نحو سقاء.
ثالثاً:
أن تصيبه النجاسة وهو ماش أو راكب، أما إذا سقط على الأرض فتلوثت ثيابه فلا يعفى عنه لندرة الوقوع.
رابعاً:
أن تكون النجاسة في ثوب أو بدن، و منها الخبز المسخن أو المدفون في الرماد النجس و إن تعلق به شيء من ذلك الرماد فإنه يعفى عنه و لو سهل فصله منه، و إذا وضع في لبن و نحوه و ظهر أثره فيه أو أصاب نحو ثوب، فإنه يعفى عنه أيضا و منها دود الفاكهة و الجبن إذا مات فيها، فإن ميتته نجسة معفو عنها، و كذا الأنفحة التي تصلح الجبن، و منها المائعات النجسة التي تضاف إلى الأدوية و الروائح العطرية لإصلاحها، فإنه يعفى عن القدر الذي به الإصلاح، قياساً على الأنفحة المصلحة للجبن، و منها الثياب التي تنشر على الحيطان المبنية بالرماد النجس، فإنه يعفى عما يصيبها من ذلك الرماد لمشقة الاحتراز، و منها الصئبان الميت، و هو "فقس القمل"، و منها روث الذباب و إن كثر، و منها خرء الطيور في الفرش و الرض بشروط ثلاثة:

أولاً:
أن لا يتعمد المشي عليه.
ثانياً:
أن لا يكون أحد الجانبين رطباً إلا أن تكون ضرورة، كما إذا وجد في طريق رطبة يتعين المرور منها فإنه يعفى عنه مع الرطوبة و العمد.
ثالثاً:
أن لا يشق الاحتراز عنه
و منها قليل تراب مقبرة منبوشة، و منها قليل شعر نجس من غير كلب أو خنزير أو ما تولد منهما أو من أحدهما مع غيرهما، أما قليل الشعر من الكلب أو الخنزير فغير معفو عنه كما لا يعفى عن الكثير من شعر نجس من الكلب و الخنزير إلا بالنسبة للقصاص و الراكب لمشقة الاحتراز. و منها روث سمك في ماء إذا لم يغيره و لم يوضع فيه عبثاً، و منها الدم الباقي على اللحم أو العظم فإنه يعفى عنه إذا وضع اللحم أو العظم في القدر قبل غسل الدم، و لو تغير به المرق، فإن غسل الدم عن اللحم أو العظم قبل الوضع في القدر حتى انفصل الماء عنه صافياً فهو طاهر، و إن لم ينفصل الماء صافياً فهو نجس غير معفو عنه، و لا يضر بقاء بعض اللون لأنه لا يمكن قطعه، فيغسل الغسل المعتاد، و يعفى عما زاد، و منها لعاب النائم المحقق كونه من المعدة بأن يكون أصفر أو منتناً يعفى عنه في حق صاحبه المبتلى به و لو كثر و سال، و المشكوك في كونه من المعدة محمول على الطهارة، و منها جرة البعير و نحوه مما يجتر من الحيوانات، فإنه يعفى عنها إذا أصابت من يزاوله، كمن يقوده أو نحو ذلك، و منها روث البهائم و بولها الذي يصيب الحب حين درسه، و منها روث الفأر الساقط في حيضان المراحيض التي يستنجى منها، فإنه يعفى عنه إذا كان قليلاً و لم يغير أحد أوصاف الماء، و منها الحمصة التي يتداوى بوضعها في العضو الملوثة بالنجاسة، فإنه يعفى عنها إذا تعينت طريقاً للتداوي، و منها ما يصيب اللبن حال حلبه من روث المحلوبة أو من نجاسة على ثديها، و منها ما يصيب العسل من بيوت النحل المصنوعة من طين مخلوط بروث البهائم، و منها نجاسة فم الصبي إذا أصاب ثدي مرضعته عند رضاعه، أو أصاب فم من يقبِّله في فمه مع الرطوبة، و منها مائع تنجس بموت ما سقط فيه مما لا دم له سائل؛ كنمل و زنبور و نحل و نحوها فيؤكل ذلك المائع المتنجس بما وقع و مات فيه منها إذا لم يتغير بما مات فيه و لم يطرحه غير الهواء و لو بهيمة، و منها أثر الوشم من دم خرج من العضو و وضع عليه نيلة و نحوها حتى صار أخضر أو أزرق، و معنى الوشم "غرز الجلد بالإبرة و نحوها حتى يبرز الدم" فيعفى عن الأثر الأخضر أو الأزرق الباقي في محله إذا كان لحاجة لا ينفع فيها غيره، أو كان وقت فعل الوشم غير مكلف، أو كان مكلفاً و لم يقدر في محله إذا كان لحاجة لا ينفع فيها غيره، أو كان وقت فعل الوشم غير مكلف، أو كان مكلفاً و لم يقدر على إزالته إلا بضرر يباح بسببه التيمم، و منها الدم، على التفصيل الآتي، و هو:
أولاً:
الدم اليسير الذي لا يدركه البصر المعتدل، و هذا معفو عنه، و لو كان دم نجس نجاسة مغلظة كالكلب و الخنزير.
ثانياً:
ما يدركه البصر المعتدل، و هذا إن كان من كلب أو خنزير أو نحوهما، فإنه لا يعفى عنه مطلقاً، و إن لم يكن كذلك، فإما أن يكون دم أجنبي. أو دم نفسه، فإن كان دم أجنبي فيعفى عن القليل منه ما لم يلطخ به نفسه و لم يختلط بأجنبي غير ضروري، و هذا في غير دم البراغيث و نحوها من كل ما لا دم له سائل، أم دم البراغيث و نحوها فيعفى عن كثيرها بشروط ثلاثة:
أولاً:
أن لا يكون بفعله أو فعل غيره و لو غير مكلف مع رضاه، و إلا عفي عن القليل فقط .
ثانياً:
أن لا يختلط بأجنبي لا يشق الاحتراز عنه، و إلا فلا عقو إلا عن القليل .
ثالثاً:
أن يصيب الدم ملبوساً يحتاجه و لو للتجمل .
أما إذا كان دم نفسه فإن كان خارجاً من المنافذ الأصلية، كالأنف و الأذن و العين، فالمعتمد العفو عن القليل، و إن لم يكن من المنافذ، كدم البثرات و الدمامل و الفصد. فيعفى عن الكثير بشروط: -
الأول :
أن لا يكون بفعل الشخص نفسه، كأن يعصر دمله، و إلا عفي عن القليل فقط في غير الفصد و الحجامة، أما هما فيعفى عن الكثير و لو بفعله.
الثاني:
أن لا يجاوز الدم محله .
- الثالث:
أن لا يختلط بأجنبي غير ضروري، كالماء، و محل العفو في حق الشخص نفسه، أما لو حمله غيره أو قبض على شيء متصل به، فلا يعفى في القلة و الكثرة العرف، فإن شك في القلة و الكثرة، فالأصل العفو.

الحنابلة قالوا:
يعفى عن أمور:
منها يسير دم و قيح و صديد، هو ما يعدّه الإنسان في نفسه يسيراً، و إنما يعفى عن اليسير إذا أصاب غير مائع و مطعوم، أما إذا أصابهما فلا يعفى عنه، بشرط أن يكون ذلك من حيوان طاهر حال حياته و من غير قبُل و دبر، و إذا أصاب الدم أو غيره مما ذكر ثوباً في مواضع منه فإنه يضم بعضه إلى بعض، فإن كان المجموع يسيراً عفي عنه، و إلا فلا، و لا يضم ما في ثوبين أو أكثر، بل يعتبر كل ثوب على حدة، و منها أثر استجمار بمحله بعد الإنقاء و استيفاء العدد المطلوب في الاستجمار، و سيأتي، و منها يسير سلس بول بعد تمام التحفظ لمشقة التحرز، و منها دخان نجاسة و غبارها ما لم تظهر له صفة، و منها ماء قليل تنجس بمعفو عنه، و منها النجاسة التي تصيب عين الإنسان ويتضرر بغسلها، و منها اليسير من طين الشارع الذي تحققت نجاسته بما خالطه من النجاسة.
الحنفية قالوا:
إن الماء الطاهر -غير الطهور- و مثل الطهور في إزالة النجاسة، كما تقدم و كذا المائع الطاهر الذي إذا عصر انعصر، كالخل و ماء الورد، فهذه الثلاثة يطهر بها كل متنجس بنجاسة مرئية أو غير مرئية، و لو غليظة، سواء كان ثوباً أو بدناً أو مكاناً.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-13-2018 ~ 09:32 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 8
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٧
########
مبحث ما يعفى عنه من النجاسة
إزالة النجاسة عن بدن المصلي و ثوبه و مكانه واجبة إلا ما عفي عنه، دفعاً للحرج و المشقة، قال تعالى:
{وما جعل عليكم في الدين من حرج} .
و في المعفو عنه تفصيل في المذاهب .
&&&&&&&

المالكية ذكروا قولين مشهورين في إزالة النجاسة:
أحدهما أنها تجب شرطاً في صحة الصلاة.
ثانيهما:
أنها سنة، و شرط وجوبها أو سنيتها أن يكون ذاكراً للنجاسة قادراً على إزالتها، فإن صلى أحد بالنجاسة و كان ناسياً أو عاجزاً عن إزالتها فصلاته صحيحة على القولين، و يندب له إعادة الظهر أو العصر إلى اصفرار الشمس، و المغرب أو العشاء إلى طلوع الفجر، و الصبح إلى طلوع الشمس .
أما إن صلى بها عامداً أو جاهلاً فصلاته باطلة على القول الأول، و صحيحة على القول الثاني، فتجب عليه إعادة الصلاة أبداً في الوقت أو بعده على القول الأول لبطلانها، و يندب له إعادتها أبداً على القول الثاني .
المالكية عدوا من المعفو عنه ما يأتي:

-1 - ما يصيب ثوب أو بدن المرضعة من بول أو غائط رضيعها، و لو لم يكن وليدها إذا اجتهدت في التحرز عنهما حال نزولهما، و يندب لها إعداد ثوب للصلاة.
-2 - بلل الباسور إذا أصاب بدن صاحبه أو ثوبه كل يوم و لو مرة، و أما يده فلا يعفى عن غسلها إلا إذا كثر استعمالها في إرجاعه، بأن يزيد على مرتين كل يوم، و إنما اكتفى في الثوب و البدن بمرة واحدة في اليوم و لم يكتف في اليد إلا بما زاد على اثنتين، لأن اليد لا يشق غسلها إلا عند الكثرة، بخلاف الثوب و البدن.

-3 - سلس الأحداث، كبول أو غائط أو مذي أو ودي أو منيّ إذا سال شيء منها بنفسه، فلا يجب غسله عن البدن أو الثوب أو المكان الذي لا يمكن التحول عنه إلى مكان آخر إذا حصل شيء منها، و لو كل يوم مرة.
-4 - ما يصيب ثوب أو بدن الجزار و نازح المراحيض و الطبيب الذي يعالج الجروح، و يندب لهم إعداد ثوب للصلاة.
-5 - ما يصيب ثوب المصلي أو بدنه أو مكانه من دمه أو دم غيره آدمياً كان أو غيره، و لو خنزيراً إذا كانت مساحته لا تزيد عن قدر الدرهم البغلي، و هو "الدائرة السوداء التي تكون في ذراع البغل" و لا عبرة بالوزن، و مثل الدم في ذلك القيح و الصديد.
-6 - ما يصيب ثوبه أو بدنه أو مكانه من بول أو روث أو خيل أو بغال أو حمير إذا كان ممن يباشر رعيها أو علفها أو ربطها أو نحو ذلك، فيعفى عنه لمشقة الإحتراز.
7. ـ أثر ذباب أو ناموس أو نمل صغير يقع على النجاسة و يرفع شيئاً منها، فيتعلق برجله أو فمه ثم يقع على ثوبه أو بدنه لمشقة الاحتراز، أما أثر النمل الكبير، فلا يعفى عنه لندرته.
-8 - أثر دم موضع الحجامة بعد مسحه بخرقة و نحوها، فيعفى عنه إلى أن يبرأ فيغسله.
-9 - ما يصيب ثوبه أو رجله من طين المطر أو مائه المختلط بنجاسة ما دام موجوداً في الطرق و لو بعد انقطاع المطر، فيعفى عنه بشروط ثلاثة:
أولاً:
أن لا تكون النجاسة المخالطة أكثر من الطين أو الماء تحقيقاً أو ظناً.
ثانياً:
أن لا تصيبه النجاسة بدون ماء أو طين.
ثالثاً:
أن لا يكون له مدخل في الإصابة بشيء من ذلك الطين أو الماء، كأن يعدل عن طريق خالية من ذلك إلى طريق فيها ذلك، و مثل طين المطر و مائة الماء المرشوش بالطرق، و كذلك الماء الباقي في المستنقعات.
-10 - المدة السائلة من دمامل أكثر من الواحد، سواء سالت بنفسها أو بعصرها، و لو زاد على قدر الدرهم، و أما الدمل الواحد فيعفى عما سال منه بنفسه أو بعصر احيج إليه، فإن عصر بغير حاجة، فلا يعفى إلا عن قدر الدرهم.
-11 - خرء البراغيث و لو كثر، و إن تغذت بالدم المسفوح، فخرؤها نجس، و لكن يعفى عنه، و أما دمها، فإنه كدم غيرها لا يعفى منه عما زاد على قدر الدرهم البغلي، كما تقدم.
-12 - الماء الخارج من فم النائم إذا كان من المعدة، بحيث يكون أصفر منتناً، فإنه نجس ولكن يعفى عنه إذا لازم.
-13 - القليل من ميتة القمل، فيعفى منه عن ثلاث فأقلَّ.
-14 - أثر النجاسة على السبيلين بعد إزالة عين النجاسة بما يزيلها من حجر و نحوه، فيعفى عنه و لا يجب غسله بالماء ما لم ينتشر كثيراً، فإن انتشر تعين غسله بالماء، كما يتعين الماء في إزالة النجاسة عن قبل المرأة، و سيأتي تفصيل ذلك في مبحث الاستنجاء.

الحنفية قالوا:
تنقسم النجاسة إلى قسمين:
مغلظة. و مخففة.
فالمغلظة "عند الإمام" هي ما ورد فيها نص لم يعارض بنص آخر، و المخففة "عنده" هي ما ورد فيها نص عورض بنص آخر كبول ما يؤكل لحمه، و ذلك لأن حديث "استنزهوا من البول" يدل على نجاسة كل بول، و حديث العرنيين يدل على طهارة بول مأكول اللحم، فلما تعارض فيه الدليلان كانت نجاسته مخففةٍ.
أما حديث العرنيين فهو ما روي من أن قوماً من عرينة أتوا المدينة المنورة فلم توافقهم. فاصفرت ألوانهم و انتفخت بطونهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يخرجوا إلى إبل الصدقة و يشربوا من أبوالها و ألبانها فخرجوا و شربوا، فكان ذلك سبباً في شفائهم.
و يعفى في النجاسة المغلظة عن أمور:
منها قدر الدرهم، و يقدّر في النجاسة الكثيفة بما يزن عشرين قيراطاً، و في النجاسة الرقيقة بعرض مقعر الكف، و مع كونه يعفى عنه في صحة الصلاة، فإن نعم إزالة قدر الدرهم أكد من إزالة ما هو أقل منه، و المشهور عند الحنفية كراهة التحريم، و منها بول الهرة و الفأرة و خرؤهما فيما تظهر فيه حالة الضرورة، فيعفى عن خرء الفأرة إذا وقع في الحنطة و لم يكثر حتى يظهر أثره و يعفى عن بولها إذا سقط في البئر لتحقق الضرورة، بخلاف ما إذا أصاب أحدهما ثوباً أو إناء مثلاً، فإنه لا يعفى عنه لإمكان التحرز، و يعفى عن بول الهرة إذا وقع على نحو ثوب لظهور الضرورة، بخلاف ما إذا أصاب خرؤها أو بولها شيئاً غير ذلك، فإنه لا يعفى عنه، و منها بخار النجس و غباره، فلو مرت الريح بالعذارات و أصابت الثوب لا يضر، و إن وجدت رائحتها به، و كذا لو ارتفع غبار الزبل، فأصاب شيئاً لا يضر، و منها رشاش البول إذا كان رقيقاً، كرؤوس الإبر، بحيث لا يُرى، و لو ملأ الثوب أو البدن، فإنه يعتبر كالعدم للضرورة، و مثله الدم الذي يصيب القصاب "أي الجزار" فيعفى عنه في حقه للضرورة، فلو أصاب الرشاش ثوباً ثم وقع ذلك الثوب في ماء قليل تنجس الماء لعدم الضرورة حينئذ، و مثل هذا أثر الذباب الذي وقع على نجاسة ثم اصاب ثوب المصلي، فإنه يعفى عنه، و منها ما يصيب الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الامتناع عنه ما دام في تغسيله، و منها طين الشوارع و لو كان مخلوطاً بنجاسة غالبة ما لم يَرَعَينها، و يعفى في النجاسة المخففة عما دون ربع الثوب كله أو ربع البدن كله، و إنما تظهر الخفة في غير المائع، لأن المائع متى أصابته نجاسة تنجس لا فرق بين مغلظة ومخففة، ولا عبرة فيه لوزن أو مساحة.
و يعفى عن بعر الإبل و الغنم إذا وقع في البئر أو في الإناء، ما لم يكثر كثرة فاحشة أو يتفتت فيتلون به الشيء الذي خالطه، و القليل المعفوُّ عنه هو ما يستقله الناظر إليه، و الكثير عسكه، وأما روث الحمار وخثي البقر والفيل، فإنه يعفى عنه في حالة الضرورة و البلوى، سواء كان يابساً أو رطباً.

الشافعية قالوا:
يعفى عن أمور: منها ما لا يدركه البصر المعتدل من النجاسة، و لو مغلظة، و منها قليل دخان النجاسة المنفصل عنها بواسطة النار، بخلاف نحو البخار المنفصل بلا واسطة نار، فإنه طاهر، و منها الأثر الباقي بالمحل بعد الاستنجاء بالحجر، فيعفى عنه بالنسبة لصاحبه دون غيره، فلو نزل في ماء قليل و اصابه ذلك الأثر تنجس به، و منها طين الشارع المختلط بالنجاسة المحققة، فإذا شك في نجاسة ذلك الطين أو ظن كان طاهراً لا نجساً معفواً عنه، و إنما يعفى عنه بشروط أربعة:

أولاً :
أن لا تظهر عين النجاسة.
ثانياً:
أن يكون المار محترزاً عن إصابتها بحيث لا يرخي ذيل ثيابه و لا يتعرض لرشاش نحو سقاء.
ثالثاً:
أن تصيبه النجاسة وهو ماش أو راكب، أما إذا سقط على الأرض فتلوثت ثيابه فلا يعفى عنه لندرة الوقوع.
رابعاً:
أن تكون النجاسة في ثوب أو بدن، و منها الخبز المسخن أو المدفون في الرماد النجس و إن تعلق به شيء من ذلك الرماد فإنه يعفى عنه و لو سهل فصله منه، و إذا وضع في لبن و نحوه و ظهر أثره فيه أو أصاب نحو ثوب، فإنه يعفى عنه أيضا و منها دود الفاكهة و الجبن إذا مات فيها، فإن ميتته نجسة معفو عنها، و كذا الأنفحة التي تصلح الجبن، و منها المائعات النجسة التي تضاف إلى الأدوية و الروائح العطرية لإصلاحها، فإنه يعفى عن القدر الذي به الإصلاح، قياساً على الأنفحة المصلحة للجبن، و منها الثياب التي تنشر على الحيطان المبنية بالرماد النجس، فإنه يعفى عما يصيبها من ذلك الرماد لمشقة الاحتراز، و منها الصئبان الميت، و هو "فقس القمل"، و منها روث الذباب و إن كثر، و منها خرء الطيور في الفرش و الرض بشروط ثلاثة:

أولاً:
أن لا يتعمد المشي عليه.
ثانياً:
أن لا يكون أحد الجانبين رطباً إلا أن تكون ضرورة، كما إذا وجد في طريق رطبة يتعين المرور منها فإنه يعفى عنه مع الرطوبة و العمد.
ثالثاً:
أن لا يشق الاحتراز عنه
و منها قليل تراب مقبرة منبوشة، و منها قليل شعر نجس من غير كلب أو خنزير أو ما تولد منهما أو من أحدهما مع غيرهما، أما قليل الشعر من الكلب أو الخنزير فغير معفو عنه كما لا يعفى عن الكثير من شعر نجس من الكلب و الخنزير إلا بالنسبة للقصاص و الراكب لمشقة الاحتراز. و منها روث سمك في ماء إذا لم يغيره و لم يوضع فيه عبثاً، و منها الدم الباقي على اللحم أو العظم فإنه يعفى عنه إذا وضع اللحم أو العظم في القدر قبل غسل الدم، و لو تغير به المرق، فإن غسل الدم عن اللحم أو العظم قبل الوضع في القدر حتى انفصل الماء عنه صافياً فهو طاهر، و إن لم ينفصل الماء صافياً فهو نجس غير معفو عنه، و لا يضر بقاء بعض اللون لأنه لا يمكن قطعه، فيغسل الغسل المعتاد، و يعفى عما زاد، و منها لعاب النائم المحقق كونه من المعدة بأن يكون أصفر أو منتناً يعفى عنه في حق صاحبه المبتلى به و لو كثر و سال، و المشكوك في كونه من المعدة محمول على الطهارة، و منها جرة البعير و نحوه مما يجتر من الحيوانات، فإنه يعفى عنها إذا أصابت من يزاوله، كمن يقوده أو نحو ذلك، و منها روث البهائم و بولها الذي يصيب الحب حين درسه، و منها روث الفأر الساقط في حيضان المراحيض التي يستنجى منها، فإنه يعفى عنه إذا كان قليلاً و لم يغير أحد أوصاف الماء، و منها الحمصة التي يتداوى بوضعها في العضو الملوثة بالنجاسة، فإنه يعفى عنها إذا تعينت طريقاً للتداوي، و منها ما يصيب اللبن حال حلبه من روث المحلوبة أو من نجاسة على ثديها، و منها ما يصيب العسل من بيوت النحل المصنوعة من طين مخلوط بروث البهائم، و منها نجاسة فم الصبي إذا أصاب ثدي مرضعته عند رضاعه، أو أصاب فم من يقبِّله في فمه مع الرطوبة، و منها مائع تنجس بموت ما سقط فيه مما لا دم له سائل؛ كنمل و زنبور و نحل و نحوها فيؤكل ذلك المائع المتنجس بما وقع و مات فيه منها إذا لم يتغير بما مات فيه و لم يطرحه غير الهواء و لو بهيمة، و منها أثر الوشم من دم خرج من العضو و وضع عليه نيلة و نحوها حتى صار أخضر أو أزرق، و معنى الوشم "غرز الجلد بالإبرة و نحوها حتى يبرز الدم" فيعفى عن الأثر الأخضر أو الأزرق الباقي في محله إذا كان لحاجة لا ينفع فيها غيره، أو كان وقت فعل الوشم غير مكلف، أو كان مكلفاً و لم يقدر في محله إذا كان لحاجة لا ينفع فيها غيره، أو كان وقت فعل الوشم غير مكلف، أو كان مكلفاً و لم يقدر على إزالته إلا بضرر يباح بسببه التيمم، و منها الدم، على التفصيل الآتي، و هو:
أولاً:
الدم اليسير الذي لا يدركه البصر المعتدل، و هذا معفو عنه، و لو كان دم نجس نجاسة مغلظة كالكلب و الخنزير.
ثانياً:
ما يدركه البصر المعتدل، و هذا إن كان من كلب أو خنزير أو نحوهما، فإنه لا يعفى عنه مطلقاً، و إن لم يكن كذلك، فإما أن يكون دم أجنبي. أو دم نفسه، فإن كان دم أجنبي فيعفى عن القليل منه ما لم يلطخ به نفسه و لم يختلط بأجنبي غير ضروري، و هذا في غير دم البراغيث و نحوها من كل ما لا دم له سائل، أم دم البراغيث و نحوها فيعفى عن كثيرها بشروط ثلاثة:
أولاً:
أن لا يكون بفعله أو فعل غيره و لو غير مكلف مع رضاه، و إلا عفي عن القليل فقط .
ثانياً:
أن لا يختلط بأجنبي لا يشق الاحتراز عنه، و إلا فلا عقو إلا عن القليل .
ثالثاً:
أن يصيب الدم ملبوساً يحتاجه و لو للتجمل .
أما إذا كان دم نفسه فإن كان خارجاً من المنافذ الأصلية، كالأنف و الأذن و العين، فالمعتمد العفو عن القليل، و إن لم يكن من المنافذ، كدم البثرات و الدمامل و الفصد. فيعفى عن الكثير بشروط: -
الأول :
أن لا يكون بفعل الشخص نفسه، كأن يعصر دمله، و إلا عفي عن القليل فقط في غير الفصد و الحجامة، أما هما فيعفى عن الكثير و لو بفعله.
الثاني:
أن لا يجاوز الدم محله .
- الثالث:
أن لا يختلط بأجنبي غير ضروري، كالماء، و محل العفو في حق الشخص نفسه، أما لو حمله غيره أو قبض على شيء متصل به، فلا يعفى في القلة و الكثرة العرف، فإن شك في القلة و الكثرة، فالأصل العفو.

الحنابلة قالوا:
يعفى عن أمور:
منها يسير دم و قيح و صديد، هو ما يعدّه الإنسان في نفسه يسيراً، و إنما يعفى عن اليسير إذا أصاب غير مائع و مطعوم، أما إذا أصابهما فلا يعفى عنه، بشرط أن يكون ذلك من حيوان طاهر حال حياته و من غير قبُل و دبر، و إذا أصاب الدم أو غيره مما ذكر ثوباً في مواضع منه فإنه يضم بعضه إلى بعض، فإن كان المجموع يسيراً عفي عنه، و إلا فلا، و لا يضم ما في ثوبين أو أكثر، بل يعتبر كل ثوب على حدة، و منها أثر استجمار بمحله بعد الإنقاء و استيفاء العدد المطلوب في الاستجمار، و سيأتي، و منها يسير سلس بول بعد تمام التحفظ لمشقة التحرز، و منها دخان نجاسة و غبارها ما لم تظهر له صفة، و منها ماء قليل تنجس بمعفو عنه، و منها النجاسة التي تصيب عين الإنسان ويتضرر بغسلها، و منها اليسير من طين الشارع الذي تحققت نجاسته بما خالطه من النجاسة.
الحنفية قالوا:
إن الماء الطاهر -غير الطهور- و مثل الطهور في إزالة النجاسة، كما تقدم و كذا المائع الطاهر الذي إذا عصر انعصر، كالخل و ماء الورد، فهذه الثلاثة يطهر بها كل متنجس بنجاسة مرئية أو غير مرئية، و لو غليظة، سواء كان ثوباً أو بدناً أو مكاناً.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-14-2018 ~ 05:43 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 9
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٨
#######
مبحث فيما تزال به النجاسة و كيفية إزالتها .
يزيل النجاسة أمور:
منها الماء الطهور، و لا يكفي في إزالتها الطاهر ، و سيأتي بيان الطهور و الطاهر في أقسام المياه، بعد هذا المبحث.
و تطهير محل النجاسة به له كيفيات مختلفة في المذاهب .
و منها استحالة عين النجاسة إلى صلاح ، كصيرورة الخمر خلاً، و دم الغزال مسكاً، و منها حرق النجاسة بالنار، على اختلاف المذاهب .
و أما دباغ جلود الميتة ففي كونه مطهراً لها أو غير مطهر تفصيل في المذاهب .
و لا تشترط النية في تطهير المتنجس.
و لا يقبل التطهير ما تنجس من المائعات غير الماء، كزيت، و سمن، و عسل .
و أما الجامدات فإنها تقبل التطهير إلا ما تشربت أجزاؤه من النجاسة ، على تفصيل في المذاهب.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
قديم 01-15-2018 ~ 01:10 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 10
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٩
#####$#$###

الحنفية قالوا:
إن الماء الطاهر -غير الطهور- و مثل الطهور في إزالة النجاسة، كما تقدم و كذا المائع الطاهر الذي إذا عصر انعصر، كالخل و ماء الورد، فهذه الثلاثة يطهر بها كل متنجس بنجاسة مرئية أو غير مرئية، و لو غليظة، سواء كان ثوباً أو بدناً أو مكاناً.
الحنفية قالوا:
يطهر الثوب المتنجس بغسله و لو مرة، متى زالت عين النجاسة المرئية، و لكن هذا إذا غسل في ماء جار أو صب عليه الماء، أما إذا غسل في وعاء، فإنه لا يطهر إلا بالغسل ثلاثاً، بشرط أن يعصر في كل واحدة منها، و إذا صبغ الثوب بنجس يطهر بانفصال الماء عنه صافياً و لو بقي اللون، إذ لا يضر بقاء الأثر، كلون أو ريح في محل النجاسة إذا شق زواله و المشقة في ذلك هي أن يحتاج في إزالته لغير الماء، كالصابون و نحوه، و من ذلك الاختضاب بالحناء المتنجسة، فإذا اختضب أحد بالحناء المتنجسة طهرت بانفصال الماء صافياً، و مثل ذلك الوشم، فإنه إذا غرزت الإبرة في اليد أو الشفة مثلاً حتى برز الدم، ثم وضع مكان الغرز صبغ و التأم الجرح عليه تنجس ذلك الصبغ، و لا يمكن إزالة أثره بالماء فتطهيره يكون بسله حتى ينفصل الماء صافياً و لا يضر أثر دهن متنجس، بخلاف شحم الميتة، لأن عين النجاسة، أما النجاسة غير المرئية فإنها تطهر إذا غلب على ظن الغاسل طهارة محلها بلا عدد، و يقدر لموسوس بثلاث غسلات يعصر الثوب في كل واحدة منها، و يطهر المكان "و هو الأرض" بصب الماء الطاهر عليها ثلاثاً، و تجفف كل مرة بخرقة طاهرة، و إذا صب عليها ماء كثير، بحيث لا يترك للنجاسة أثراً طهرت، و تطهر الأرض أيضاً باليبس، فلا يجب في تطهيرها الماء، و يطهر البدن بزوال عين النجاسة في المرئية، و بغلبة الظن في غيرها .
أما الأواني المتنجسة فهي على ثلاثة أنواع:
فخار و خشب و حديد، و نحوه .
و تطهيرها على أربعة أوجه:
حرق. و نحت. و مسح. و غسل .
فإذا كان الإناء من فخار، أو حجر، و كان جديداً، و دخلت النجاسة في أجزائه فإنه يطهر بالحرق، و إن كان عتيقاً يطهر بالغسل على الوجه السابق .
و إن كان من خشب، فإن كان جديداً يطهر بالنحت و إن كان قديماً يطهر بالغسل .
و إن كان من حديد أو نحاس أو رصاص أو زجاج، فإن كان صقيلاً يطهر بالمسح، و إن كان خشناً غير صقيل يطهر بالغسل.

و أما المائعات المتنجسة، كالزيت. و السمن، فإنها تطهر بصب الماء عليها و رفعه عنها ثلاثاً، أو توضع في إناء مثقوب، ثم يصب عليه الماء فيعلوا الدهن، ويحركه ثم يفتح الثقب إلى أن يذهب الماء.
هذا إذا كان مائعاً، فإن كان جامداً يقطع منه المتنجس و يطرح، و يطهر العسل بصب الماء عليه و غليه - حتى يعود كما كان - ثلاثاً.
و يطهر الماء المتنجس بجريانه، بأن يدخل من جانب و يخرج من جانب آخر، فإذا كان في قناة ماء نجس ثم صب عليه ماء طاهر في ناحية منها حتى امتلأت و سال من الناحية الأخرى كان ماء جارياً طاهراً، و لا يشترط أن يسيل منه مقدار يوازي الماء الذي كان فيها، و مثل ذلك ما إذا كان الماء المتنجس في طشت أو قصعة، ثم صب عليه ماء طاهر حتى سال الماء من جوانبه فإنه يطهر على الراجح، و إن لم يخرج مثل المتنجس، و كذلك البئر و حوض الحمام فإنهما يطهران بمثل ذلك، و بذلك يصير الماء طهورا .
و زادوا مطهرات أخرى:
منها الدلك، و هو أن يمسح المتنجس على الأرض مسحاً قوياً، و مثل الدلك الحت، و هو القشر باليد أو العود "الحك" و يطهر بذلك الخف و النعل، بشرط أن تكون النجاسة ذات جرم، و لو كانت رطبة، و هي ما ترى بعد الجفاف كالعذرة و الدم، لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه، فإن كان بهما أذى فيمسحهما بالأرض، فإن الأرض لهما طهورا" .
أما إذا كانت النجاسة ليست ذات جرم، فإنه يجب غسلها بالماء. و لو بعد الجفاف، و منها المسح الذي يزول به أثر النجاسة، و يطهر به الصقيل الذي لامسام له، كالسيف. و المرآة. و الظفر. و العظم. و الزجاج. و الآنية المدهونة. و نحو ذلك . و منها مسح محل الحجامة بثلاث خرق نظاف مبلولة. و منها الجفاف بالشمس أو الهواء ، و تطهر به الأرض، و كل ما كان ثابتاً فيها، كالشجر و الكلأ، بخلاف نحو البساط و الحصير، و كل ما يمكن نقله فإنه لا يطهر إلا بالغسل، و إنما طهرت الرض باليبس لقوله صلى الله عليه وسلم:
"ذكاة الأرض يبسها" .
فتصح الصلاة عليها، و لكن لا يجوز منها التيمم، و ذلك لأن طهارتها لا تستدعي طهوريتها، و يشترط في التيمم طهورية التراب. كما يشترط في الوضوء طهورية الماء، و منها الفرك، و يطهر به منّي يابس، أما الرطب فإنه يجب غسله لقوله صلى الله عليه و سلم لعائشة:
"فاغسليه إن كان رطباً، و افركيه إن كان يابساً"
و لا يضر بقاء أثره بعد الفرك، و إنما يطهر بالفرك إذا نزل من مستنج بماء لا بحجر، لأن الحجر لا يزيل البول المنتشر على رأس الحشفة، فإذا لم يتنشر البول و لم يمرّ عليه المنيّ في الخارج فإنه يطهر بالفرك أيضاً، إذ يضر مروره على البول في الداخل و لا فرق بين منيّ الرجل و منيّ المرأة الخارج من الداخل، لاختلاطه بمنيّ الرجل، و قد ذكر في الحديث أنه يطهر بالفرك، أما منيّ غير الآدمي، فإنه لا يطهر بالفرك، لأن الرخصة وردت في منيّ الآدمي فلا يقاس عليه غيره، و منها الندف، و يطهر به القطن إذا ندف.
وقد عدّوا في المطهرات أموراً أخرى تساهلاً، كقطع الدهن الجامد المتنجس و طرحه، كما تقدم، و هو المعبر عنه بالتقرير، لأنه في الحقيقة عزل للجزء المتنجس عن غيره لا تطهير له، و مثله قسمة المتنجس بفصل الأجزاء النجسة عن الطاهرة، و كذلك هبة المتنجس لمن لا يرى نجاسته، فإن الهبة لا تعدّ مطهرة له في الحقيقة.

المالكية قالوا :
يطهر محل النجاسة بغسله بالماء الطهور، و لو مرة إذا انفصل الماء عن المحل طاهراً، و لا يضر تغيره بالأوساخ الطاهرة، و يشترط زوال طعم النجاسة عن محلها، و لو عسر، لأن بقاءه دليل على تمكن النجاسة منه، و كذلك يشترط زوال لونها و ريحها إذا لم يتعسر زوالهما، فإن تعسر زوالهما عن المحل، كما لا يلزم الغسل بأشنان أو صابون أو نحوهما و الغسالة المتغيرة بأحد أوصاف النجاسة نجسة، أما إن تغيرت بصبغ أو وسخ فلا، و يكفي في تطهير الثوب و الحصير و الخف و النعل المشكوك في إصابة النجاسة إياها نضحها مرة، أي رشها بالماء الطهور، و لو لم يتحقق تعميم المحل بالماء، و أما البدن و الأرض المشكوك في إصابتها غياها فلا يطهران إلا بالغسل، لأن النضح خلاف القياس. فيقتصر فيه على ما رود، و هو الثوب و الحصير و الخف و النعل، و لو غسلها بالماء كان أحوط، لأنه الأصل. و النضح تخفيف، و الأرض المتنجسة يقيناً أو ظناً تطهر بكثرة إفاضة الطهور عليها حتى تزول عين النجاسة و أوصافها، لحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فصاح به بعض الصحابة؛ فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتركه، و أن يصبوا على موضع بوله ذنوباً من ماء، كما رواه الشيخان؛ و الذنوب "بفتح الذال" هو الدَّلو، و يطهر الماء المتنجس بصب الطهور عليه حتى تذهب منه أوصاف النجاسة، و أما المائعات غير الماء، كالزيت و السمن و العسل فتنجس بقليل النجاسة، و لا تقبل التطهير بحال من الأحوال.

الحنابلة قالوا:
كيفية التطهير بالماء الطهور في غير الأرض و نحوها. مما يأتي، أن يغسل المتنجس سبع مرات منقية، بحيث لا يبقى للنجاسة بعد الغسلات السبع لون و لا طعم و لا ريح و إن لم تزل النجاسة إلا بالغسلة السابعة، فإن كانت النجاسة من كلب أو خنزير أو ما تولد منهما أو من أحدهما فإنه يجب أن يضاف إلى الماء في إحدى الغسلات تراب طهور أو صابون أو نحوه، و الأولى أن يكون مزج التراب و نحوه بالماء في الغسلة الأولى، فإن بقي للنجاسة أثر بعد الغسل سبعاً زيد في عدد الغسلات بقدر ما تزول به النجاسة، فإن تعذر زوال طعمها لم يطهر و عفي عنه، و إن تعذر زوال لونها أو ريحها أو هما معاًالنبي صلى الله عليه وسلم فالمحل المتنجس يصير طاهراً.
و يشترط في تطهير المتنجس الذي تشرَّب النجاسة أن يعصر كل مرة خارج الماء إن أمكن عصره، و يقتصر في العصر على القدر الذي لا يفسد الثوب، أما ما لا يتشرب النجاسة، كالآنية فإنه يطهر بمرور الماء عليه و انفصاله عنه سبع مرات، و أما ما لا يمكن عصره مما يتشرب النجاسة فإنه يكفي دقة أو وضع شيء ثقيل عليه، أو تقليبه بحيث ينفصل الماء عنه عقب كل غسله من السبع، أما الأرض المتنجسة و نحوها من الصخر الأحواض الكبيرة أو الصغيرة الداخلة في البناء فإنه يكفي في تطهيرها من النجاسة صبّ الماء عليها بكثرة حتى تزول عين النجاسة، و يكفي في تطهير المتنجس ببول غلام رضيع لم يتناول الطعام برغبة أن يغمر بالماء، و لو لم ينفصل، و مثل بوله في ذلك قيئه.

الشافعية قالوا :
كيفية التطهير بالماء الطهور في النجاسة المغلظة، و هي ما كانت من كلب أو خنزير أو متولد منهما أو من أحدهما؛ هي أن يغسل موضعها سبع مرات و أن يصاحب ماء إحدى الغسلات تراب طهور، أي غير نجس و لا مستعمل في تيمم، و المراد بالتراب هنا ما هو أعم من التراب في التيمم، فيشمل الأعفر و الأصفر و الأحمر و الأبيض و الطين و ما خلط بطاهر أخر نحو دقيق.
و للترتيب ثلاث كيفيات: إحداها: مزج الماء بالتراب قبل وضعه على محل النجاسة.
ثانيها:
أن يوضع الماء على محل النجاسة قبل التراب، ثم يوضع عليه التراب .
ثالثها:
أن يوضع التراب أولاً ثم يصب عليه الماء، و لا تجزئ غسلة التتريب بجميع كيفياتها الثلاث إلا بعد زوال جرم النجاسة، فإن لم يكن للنجاسة جرم، فإن كان محلها جافاً أجزأَ أيّ واحدة من الكيفيات الثلاثة، و إن كان محل النجاسة رطباً لم يجزئ وضع التراب أولاً لتنجسه بسبب ضعفه عن الماء، و يجزئ الكيفيتان الأخريان، و لو كانت النجاسة المغلظة في أرض بها تراب غير نجس العين كفى ترابها في تطهيرها بالسبع بدون تراب آخر، و أولى الغسلات السبع ما أزيل به عين النجاسة و إن تعدد، فلو أزيلت عين النجاسة بواحدة اعتبرت واحدة و زيد عليها ست، و لو زالت بست حسبت واحدة و زيد عليها ست، و لو زالت بسبع فأكثر حسبت واحدة و زيد عليها ست، و أما زوال وصف النجاسة من طعم أو لون أو ريح فلا يتوقف على عدد الغسلات، فلو لم يزل إلا بسبع مثلاً حسبت سبعاً، أما النجاسة المخففة فكيفية تطهيرها أن يرش على محلها ماء يعم النجاسة و إن لم يسل، و النجاسة المخففة هي حصول بول الصبي إذا كان غلاماً لم يبلغ الحولين و لم يتغذ إلا باللبن بسائر أنواعه، و منه الجبن و القشدة و الزبد، سواء كان لبن آدمي أو غيره، بخلاف الأنثى و الخنثى المشكل. فإن بولهما يجب غسله، لقوله صلى الله عليه و سلم:
"يغسل من بول الجارية و يرش من بول الغلام" .
و أحلق الخنثى بالأنثى، فإذا زاد الصبي على الحولين وجب غسل بوله و إن لم يتناول طعاماً غير اللبن، كما يجب غسل بوله إذا غذي بغير اللبن و لو مرة واحدة، و لكن إذا أعطي له شيء لا بقصد التغذية فتغذي منه، كدواء، فإنه لا يمنع الرش، و لا بدّ من زوال عين النجاسة قبل رش محلها بالماء، كأن يعصر الثوب أو يجفف، و كذا لا بد من زوال أوصاف النجاسة مع الرش، و إنما قيدوا بخصوص البول ليخرج غيره من الفضلات النجسة فإنها يجب فيها الغسل، أما النجاسة المتوسطة، و هي غير ما تقدم فإنها تنقسم إلى حكمية، و هي التي ليس لها جرم و لا طعم و لا لون و لا ريح، كبول غير الصبي إذا جف. و عينية، و هي التي لها جرم أو طعم أو لون أو ريح. أما الحكمية فكيفية تطهيرها أن يصب الماء على محلها و لو مرة واحدة و لو من غير قصد. و أما العينية فكذلك، و لكن بشرط زوال عين النجاسة، أما أوصافها فإن بقي منها الطعم وحده، فإن بقاءه يضر ما لم تتعذر إزالته. و ضابط التعذر أن لا يزول إلا بالقطع، و حينئذ يكون المحل نجساً معفواً عنه، فإن قدر على الإزالة بعد ذلك وجبت؛ و لا تجب إعادة ما صلاه قبل، فإن تعسر زواله وجبت الاستعانة بصابون و نحوه إلا أن يتعذر، و إن بقي اللون و الريح معاً فالحكم كذلك، و إن بقي اللون فقط أو الريح فقط على إزالته بعد ذلك فلا تجب طهارة المحل؛ ويشترط في إزالة النجاسة بأنواعها الثلاثة أن يكون الماء وارداً على المحل إذا كان الماء قليلاً، فإن كان قليلاً موروداً تنجس الماء بالتغير، سواء كان قليلاً أو كثيراً فإنه لا يطهر إلا بإضافة الماء الطهور إليه حتى يزول تغيره بشرط أن يبلغ قلتين.
و كيفية تطهير الأرض المتنجسة بالنجاسة المتوسطة المائعة، كبول. أو خمر. أن تغمر بالماء إذا تشرَّبت النجاسة، أما إذا لم تتشرب النجاسة فلا بد من تجفيفها أولاً، ثم يصب عليه الماء و لو مرة واحدة، و كيفية تطهيرها من النجاسة الجامدة، هي أن ترفع عنها النجاسة فقط إذا لم يصب شيء منها الأرض، و أن ترفع عنها ثم يصب على محلها ماء يعمها إذا كانت رطبة و أصاب الأرض شيء منها.
الحنفية قالوا:
حرق النجاسة بالنار مطهر .
الشافعية. و الحنابلة لم يعدُّوه من المطهرات، فيقولون:
إن رماد النجس و دخانه نجسان.

المالكية قالوا:
إن النار لا تزيل النجاسة، واستثنوا رماد النجس على المشهور.
الحنفية:
لم يفرقوا في الدبغ بين أن يكون حقيقياً، كالدبغ بالقرظ، و الشب ونحوهما. أو حكمياً، كالدبغ بالتتريب أو التجفيف بالشمس أو الهواء، و الدباغ يطهر جلود الميتة إذا كانت تحتمل الدبغ، أما ما لا يحتمله، كجلد الحية فإنه لا يطهر بالدبغ، و لا يطهر بالدبغ جلد الخنزير، أما جلد الكلب فإنه يطهر بالدبغ، لأنه ليس نجس العين على الأصح، و متى طهر الجلد صح استعماله في الصلاة و غيرها، إلا أكله فإنه يمتنع، و ما على الجلد من الشعر و غيره طاهر، كما تقدم.
الشافعية:
خصوا الدبغ المطهر بما له حرافة و لذع في اللسان، بحيث يذهب رطوبة الجلد و فضلاته، حتى لا ينتن بعد ذلك، و لو كان الدابغ نجساً، كزبل طير، إلا أن الجلد المدبوغ بنجس يكون كالثوب المتنجس، فيجب غسله بعد الدبغ، و لا يظهر بالدبغ جلد الكلب و الخنزير و ما تولد منهما أو من أحدهما مع حيوان طاهر، و كذا لا يطهر بالدبغ ما على الجلد من صوف و وبر و شعر و ريش .
لكن قال النووي:
يعفى عن القليل من ذلك لمشقة إزالته.

المالكية:
لم يجعلوا الدبغ من الطهرات، و حملوا الطهارة الواردة في الحديث على النظافة و رخصوا في استعمال المدبوغ في طهور و في يابس، بشرط أن لا يطحن عليه ما لم يكن جلد خنزير، فإنه لا يرخص فيه، أما اليابس فلأنه لا تتعلق به نجاسة الجلد، و أما الطهور فلأنه لقوته يدفع النجاسة عن نفسه و أما ما على الجلد من الصوف و نحوه فطاهر، لأنه لا تحله الحياة، فلم يتنجس بالموت، كما تقدم، و القول بأن الدبغ ليس من المطهرات هو المشهور عند المالكية، و المحققون منهم يقولون: إنه مطهر.

الحنابلة:
لم يجعلوا دبغ جلود الميتة من المطهرات، إلا أنهم قالوا بإباحة استعمالها بعد الدبغ في اليابسات فقط أما صوف الميتة و شعرها و وبرها و ريشها فطاهر.

الحنفية قالوا:
إن المائعات المذكورة تقبل التطهير بالماء، و قد تقدم كيفية تطهيرها بالماء في ذكر المطهرات.

المالكية قالوا:
إن مما لا يقبل التطهير من الجامدات التي تشربت أجزاؤها النجاسة اللحم إذا طبخ بنجس، بخلاف ما لو حلت به النجاسة بعد نضجه فإنه يقبل التطهير، و كذا لا يقبل التطهير البيض المسلوق بنجس و الزيتون المملح به و الفخار الذي غاصت النجاسة في أعماقه.
الحنابلة:
وافقوا المالكية فيما ذكر إلا في البيض المسلوق فإنه يقبل التطهير لصلابة قشره المانعة من تشرب النجاسة، و لم يفرقوا في اللحم بين المطبوخ و المسلوق، فهو عندهم لا يقبل التطهير مطلقاً.
الشافعية قالوا:
إن الجامدات اتي تشربت النجاسة تقبل التطهير فلو طبخ لحم في نجس أو تشربت حنطة النجاسة أو سقيت السكين بنجاسة فإنها تطهر ظاهراً و باطناً بصب الماء عليها إلا في اللبن "أي الطوب النيء" الذي عجن بنجاسة جامدة فإنه لا يقبل التطهير، و لو أحرق و غسل بالماء بخلاف المتنجس بمائع، فإنه يطهر بغمره بالماء الطهور.

الحنفية:
فصَّلوا في الجامدات، فقالوا:
إن كانت آنية و نحوها تقبل التطهير على الوجه المتقدم في كيفية التطهير، و إن كانت مما يطبخ، كاللحم و الحنطة، فإن أصابتها نجاسة و طبخت بها فلا تطهر. بعد الغليان أبداً، على المفتى به لأن أجزاءها تكون قد تشربت النجاسة حينئذ، و من ذلك الدجاجة إذا غليت قبل شق بطنها، فإنها لا تطهر أبداً لتشرب أجزائها النجاسة، فيجب شق بطنها و إخراج ما فيها و تطهيرها بالغسل قبل غليها، و من ذلك رؤوس الحيوانات و لحم الكرش فإنها لا تطهر أبداً إذا غليت قبل غسلها و تطهيرها.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:58 PM