عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2018 ~ 06:12 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 20
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ٢٠
# # # #
الحنفية قالوا :
إن فرائض الوضوء مقصورة على هذه الأربعة، بحيث لو فعلها المكلف بدون زيادة عليها، فإنه يكون متوضئاً، تصح منه الصلاة و غيرها مما يتوقف على الوضوء، كمس مصحف و ستعلم حكم تارك السنة في "مبحث سنن الوضوء".
و إليك بيان فرائض الوضوء الأربعة عن الحنفية .
الأول:
غسل الوجه و يتعلق به أمور :
أحدها :
بيان حده طولاً و عرضاً .
ثانيها:
بيان ما يجب غسله مما ينبت عليه من شعر الذقن و الشارب و الحاجبين .
ثالثها :
بيان ما يجب غسله من العينين ظاهراً و باطناً، و ما لا يجب .
رابعها
بيان ما يجب غسله من طاقة الأنف .
فأما حد الوجه طولاً، لمن لا لحية له فهو يبتدئ من منابت شعر الرأس المعتاد؛ إلى منتهى الذقن، و منابت الشعر المعتاد من فوق الجبهة و يسميها العامة - القورة - فالرجل العادي يبتدئ وجهه من أول الشعر النابت في نهاية جبهته، و أما غير العادي فلا يخلو حاله، إما أن يكون أصلع، أو يكون أفرع - بالفاء، لا بالقاف - فالأصلع هو الذي ذهب شعرَّ رأسه من أمام، حتى كانه خلق بدون شعر، و حكم هذا أنه لا يجب عليه أن يغسل كل ما ليس عليه شعر من الصلع، و إنما يغسل القدر الذي ينبت عنده شعر الرأس غالباً، و هو ما فوق الجبهة بيسير، و أما الأفرع و هو الذي طال شعره؛ حتى نزل على جبهته، و ربما وصل عند بعض الناس إلى قرب حاجبيه، و يعبر عنه بعضهم - بالأغم - فإن حكمه في ذلك كالأصلع، بمعنى أنه يجب عليه غسل ما فوق الجبهة بيسير، لأن غالب الناس ينبت شعر رأسهم في هذا المكان، و المعول عليه في مثل هذا اتباع الغالب، فمن شذ عن غالب الناس في الخلقة، فإنه لا يكلف بغير تكليفهم .
أما حد الوجه عرضاً، فإنه يبتدئ من أصل الأذن إلى أصل الأذن الأخرى، و يعبر عنه بعضهم بوتد الأذن، فالبياض الموجود بين الذقن و بين الأذن داخل في الوجه طبعاً، فيجب غسله عندهم، فهذا حد الوجه عند الحنفية طولاً و عرضاً.
أما الشعر الثابت في الوجه، فأهمه شعر اللحية، و شعر الشارب، فأما حكم شعر اللحية، فإنه يجب أن يغسل منها ما كان على جلد الوجه من أعلاه إلى نهاية جلد الذقن، و تسمى - البشرة - و ما طال عن ذلك، فإنه لا يجب غسله، فالناس الذين يطيلون لحاهم لا يجب عليهم إلا غسل الشعر الذي على جلد الوجه، و الشعر الذي على ظاهر جلد الذقن، أما ما عدا ذلك فإنه لا يجب غسله، ثم إن كان الشعر خفيفاً يمكن أن ينفذ الماء منه إلى ظاهر جلد الوجه، فبعضهم قال :
إن كان كثيفاً غزيراً - لا يصل الماء إلى ما تحته من الجلد، فإن الوضوء يبطل .
و بعضهم قال:
لا يبطل الوضوء بذلك، بل يكتفي بغسل ظاهره كاللحية، و هذا هو الذي عليه الفتوى في الوضوء، أما في الغسل، فإنه لا يغتفر ذلك، بل يبطل الغسل إذا كان الشارب كثيفاً، و لعل علة ذلك، أن الشارع قد نهى عن إطالته، لما يحمل من أقذار الطعام و نحوها، فشدد في غسله، كي لا يطيله الناس بدون اية فائدة.
هذا، و بقي من شعر الذي ينبت على الحاجبين، و حكمه أنه إن كان خفيفاً يمكن أن ينفذ منه الماء إلى ظاهر الجلد، فإنه يجب تحريكه، كي ينفذ الماء إلى ما تحته، و إن كان غزيراً، فإنه لا يجب تخليله.
و أما الأنف، فإنه يجب عليه غسل ظاهرها كلها، لأنها من الوجه. فإذا ترك جزءاً منها، و لو صغيراً، فسد وضوءه، و من الأنف القطعة الحاجزة بين طاقتيها من أسفلها، أما غسل باطن الأنف، فإنه ليس بفرض عند الحنفية، نعم إذا كان بالوجه جرح أحدث أثراً غائراً، فإنه يجب إيصال الماء إليه كما يجب إيصال الماء إلى ما بين تكاميش الوجه، و يعبر عنها العامة - بالكراميش - فيقولون: إن وجه فلان كرمش.
هذا، و إذا توضأ ثم حلق شعر لحيته، أو شعر رأسه، فإن وضوءه لا يبطل ذلك.
الثاني :
من فرائض الوضوء غسل اليدين مع المرفقين، و المرفق عظم المفصل البارز في نهاية الذراع، و يتعلق بهذا الفرض مباحث:
أحدها :
إذا كان للإنسان إصبع زائدة فإنه يجب غسله أما إذا كان له يد زائدة، فإن كانت محاذية ليده الأصلية، فإنه يجب عليه غسلها، وإن كانت طويلة عنها، فإنه يجب عليه أن يغسل منها المحاذي لليد الأصلية، و أما الزائد عنها فلا يجب عليه غسله، و لكنه يندب أن يغسله .
ثانيها :
إذا لصق بيده، أو بأصل ظفره طين أو عجين، فإنه يجب عليه إزالته، و إيصال الماء إلى أصل الظفر، و إلا بطل وضوءه، و أصل الظفر هو القدر الملصق بلحم الإصبع، فإن طال الظفر نفسه حتى خرج عن رأس الإصبع فإنه يجب غسله، و إلا بطل الوضوء، أما ما تحت ازلظفر من درن و وسخ "فإن المفتي به أنه لا يضر، سواء كان المتوضئ قاطنياً بمدينة أو قرية؛ دفعاً للمشقة و الحرج، و لكن بعض محققي الحنفية يرى ضرورة غسل الأوساخ اللاصقة بباطن الظفر من الأذى، على أنهم اغتفروا للخباز الذي تطول أظفاره، فيبقى تحتها شيء من العجين لضرورة المهنة، و لا يضر أثر الحناء، و أثر الصباغة . و أما نفس جرم الحناء المتجسد على اليد، فإنه يضر، لأنه يمنع من وصول الماء إلى البشرة، و من قطع بعض يده، وجب عليه أن يغسل ما بقي، و إذا قطع محل الفرض كله، سقط الغسل .
الثالث :
غسل الرجلين مع الكعبين، و هما العظمان البارزان في أسفل الساق، فوق القدم، و يجب عليه أن يتعهد عقبيه بالغسل بالماء، كما يجب عليه أن يتعهد الشقوق التي تكون في باطن القدم، فإذا قطع قدمه كله أو بعضه، كان حكمه حكم قطع الذراع المتقدم، وإذا دهن رجليه، أو ذراعيه، ثم توضأ فتقطع الماء، ولم يقبله العضو بسبب الدسومة، فإنه لا يضر، وإذا كان برجله شق، فوضع فيه مرهماً، أو نحوه، فإن كان يضره إيصال الماء إلى ما تحت المرهم، فإنه لا يجب عليه غسله، وإلا وجب عليه أن ينزعه، ويغسل ما تحته، وإذا كان برجله شقوق - تقشف - ونحوه، بحيث يضرها الغسل، أو وضعها في الماء و إخراجها سريعاً بدون ذلك، فإنه يسقط عنه فرض غسلها، و عليه أن يمسحها بالماء، فإن عجز عن مسحها سقط عنه المسح أيضاً، فلا يجب عليه إلا غسل ما لا يتضرر من غسله .
الرابع :
من فرائض الوضوء، مسح ربع الرأس، و يقدرون ربع الرأس بكف، فالواجب أن يمسح من رأسه بقدر الكف كلها، فلو أصاب الماء كف يده، ثم وضعها على رأسه، من خلف، أو أمام، أو أي ناحية فإنه يجزئه، على أنه لا يلزم أن يكون المسح بنفس الكف، فلو أصاب الماء ربع رأسه بأي سبب، فإنه يكفي و يشترط للمسح باليد أن يكون بثلاث أصابع، على الأقل، لأجل أن يصيب الماء ربع الرأس قبل أن يجف، إذ لو مسح بأصبعين فقط ربما يجف الماء قبل تحريكهما؛ لمسح باقي الربع؛ فلا يصل الماء إلى القدر المطلوب مسحه، فإذا مسح برؤوس الأصابع، وكان الماء متقاطراً، يمكن أن يصل إلى القدر المطلوب مسحه، فإنه يصح، و إلا فلا، على أن لا يشترط أن يمسْح رأسه بماء جديد، فلو كانت يده مبلولة، فإنه يجزئه، و لا يجزئه أن يأخذ البلل من على عضو من أعضائه، فلو غسل ذراعه، و كانت يده جافة، فأخذ البلل من على ذراعه و مسح به، فإنه لا يكفي؛ و من كان شعر رأسه طويلاً نازلاً على جبهته، أو عنقه، فمسح عليه. فإنه لا يجزئه، لأن الغرض هو أن يمسح نفس ربع الرأس، فإن كانت محلوقة. فالأمر ظاهر، و إن كان عليها شعر، فإنه يجب عليه أن يمسح على الشعر النابت في نفس الرأس، فلا بد أن يكون الشعر الممسوح نابتاً على جزء من رأسه، فإن كان بعض رأسه محلوقاً، و بعضها غير محلوق، فإنه يصح أن يمسح على الربع الذي يختاره، و إذا مسح على الشعر، ثم حلقه فإن وضوءه لا يبطل، و إذا أخذ قطعة من الثلج، فمسح بها رأسه، أجزأه، و إذا غسل رأسه مع وجهه، أجزأه عن المسح، و لكنه يكره، و لا يجوز المسح على العمامة و نحوهما إلا للمعذور، كما لا يصح أن تمسح المرأة على ما يغطي رأسها من - منديل، أو طرحة - أو نحو ذلك، إلا إذا كان خفيفاً، ينفذ منه الماء إلى الشعر، و إذا كان على رأسها خضاب - حناء، أو صبغ - فمسحت عليه، فإذا تلون الماء بلون الصبغ، و خرج عن حكم الماء المتقدم، فإنه لا يصح، و إلا جاز.
فهذه هي فرائض الوضوء عند الحنفية، و ما عداها، فإنه سنة، و سيأتيك بيانه قريباً.

المالكية قالوا :
فرائض الوضوء سبعة:
الفرض الأول :
النية، و يتعلق بها مباحث :
1 - تعريفها و كيفيتها.
2 - زمنها، و محلها.
3 - شروطها.
4 - مبطلاتها .
فأما تعريفها، و كيفيتها، فهي قصد الفعل، و إرادته، فمن قصد فعل أمر من الأمور، فإنه يقال له :
نوى ذلك الفعل .
و كيفيتها في الوضوء هي أن يريد المحدث استباحة ما منعه الحدث الأصغر، أو يقصد أداء فرض الوضوء، أو يقصد رفع الحدث، و ظاهر أن محل القصد إنما هو القلب، فمتى قصد الوضوء بكيفية من الكيفيات المذكورة، فقد نوة، و لا يشترط أن يتلفظ بلسانه، كما لا يشترط استحضار النية، إلى آخر الوضوء، فلو ذهل عنها في أثنائه، فإنها لا تبطل .
و أما زمن النية فهو في أول الوضوء، فلو غسل بعض الأعضاء بدون نية، فإن وضوءه يبطل، و يغتفر تقدمها على الفعل بزمن يسير عرفاً، فلو جلس للوضوء و نواه، ثم جاء الخادم بالبريق، وصب على يديه، و لم ينو بعد ذلك، فإن وضوءه يصح، لأنه لم يفصل بين وضوئه، و بين النية فاصل كثير، و قد عرفت أن محلها القلب، و أما شروطها فهي ثلاثة:
الإسلام .
التمييز .
الجزم .
فإذا نوى غير المسلم فعل عبادة من العبادات، فإن نيته لا تصح، و كذا إذا نوى الصغير الذي لا يميز التكاليف الدينية، و لا يعرف معنى الإسلام، و مثله المجنون، أما الصبي المميز، فإن نيته تصح و كذا إذا تردد في النية، فإنها لا تصح فإذا قال في نفسه: نويت الوضوء إن كنت قد أحدثت، فإن نيته لا تصح، بل لا بد من الجزم بالنية .
و أما ما يبطل النية، فهو أن يرفضها أثناء وضوئه بمعنى أنه ينوي إبطال الوضوء، و عدم الاعتداد به، أما إذا رفضها بعد تمام الوضوء، فإنه لا يضر، لأن الوضوء بعد تمامه يقع صحيحاً، فلا يبطله إلا ما ينقضه من النواقض الآتي بيانها.

الفرض الثاني من فرائض الوضوء :
غسل الوجه، وحد الوجه طولاً و عرضاً، هو الحد الذي ذكره الحنفية، إلا أن المالكية قالوا:
إن البياض الذي فوق وتدي الأذنين المتصل بالرأس من أعلى، لا يجب غسله، بل مسحه، لأنه من الرأس لا من الوجه، و مثله شعر الصدغين، فإنه من الرأس لا من الوجه .
أما الحنفية فإنهم يقولون:
إنه من الوجه، فغسله فرض لا بد منه.

الفرض الثالث :
غسل اليدين مع المرفقين، و يجب عندهم ما يجب عند الحنفية من غسل تكاميش الأنامل، و غسل ما تحت الأظافر الطويلة، التي تستر رؤوس الأنامل، و يقولون:
إن وسخ الأظفار يعفى عنه، إلا إذا تفاحش و كثر.
الفرض الرابع:
مسح جميع الرأس، و يبتدئ حد الرأس من منابت شعر الرأس المعتاد من الأمام، و ينتهي إلى نقرة القفا من الخلف، و يدخل فيه شعر الصدغين، و البياض الذي خلفه فوق وتدي الأذنين، كذلك يدخل البياض الذي فوق الأذنين المتصل بالرأس، و إذا طال شعر الرأس كثيراً، أو قليلاً، فإنه يجب مسحه عندهم، و إذا ضفر أحد شعره، فإنه يجب عليه أن ينقضه عندهم، بشرط أن يضفره بثلاثة خيوط. أما إذا ضفره بخيطين فأقل، فإن كان تضفيره شديداً، فإنه يجب نقضه، وإن كان خفيفاً، فإنه لا يضر، و كذا لا يضر إذا ضفر الشعر بلا خيط، سواء شفره بشدة، أو لا. فالشرط في نقض الشعر عند المسح أن يضفره بخيوط. كما يفعل بعض أهل القرى. أما ما هو متعارف عند جمهور المصريين من جمع الشعر بغير تضفير. فإنه لا يضر. كما لا يضر تضفيره بغير خيط. و قد عرفت أن مذهب الحنفية أنه يكتفي بمسح ربع الرأس مطلقاً. و سيأتي مذهب الشافعية. و فيه سعة أكثر من ذلك. فإنه يكتفي عندهم بمسح أي جزء. قليلاً كان أو كثيراً، و إذا غسل رأسه فإنه يكفيه عن مسحها إلا أنه مكروه. لأن الله أمر بالمسح لا بالغسل، و إن مسح شعر رأسه ثم أزاله فإنه لا يجب عليه تجديد المسح. حتى و لو كشط الجلد بعد المسح، و هذا متفق عليه أما ظاهر الأذنين فإنه لا يجب مسحهما لأنهما ليستا من الرأس. و هذا متفق عليه إلا سنة الحنابلة فإنهم قالوا: إنهما من الرأس كما ستعرف في مذهبهم.
الفرض الخامس:
غسل الرجلين مع الكعبين. و قد عرفت مما ذكر في مذهب الحنفية أن الكعبين هما العظمان البارزان في أسفل ساق الرجل فوق القدم. و يجب عليه أن يغسل الشقوق التي في باطن قدمه و ظاهره كما في مذهب الحنفية. و إذا قطع محل الفرض كله سقط التكليف كما تقدم عند الحنفية.
الفرض السادس:
الموالاة.
و يعبر عنها بالفور. و تعريف الموالاة هو أن المتوضئ يفترض عليه أن يغسل العضو. قبل أن يجف العضو الذي قبله بحيث لا يصبر مدة يجف فيها الأول عند اعتدال المكان و الزمان و المزاج. و اعتدال المكان هو أن يكون في مكان ليست فيه حرارة، أو برودة شديدتان تجففان الماء و اعتدال الزمان هو أن يكون في طبيعة الشخص ما يوجب تجفيف الماء بسرعة هذا، و المالكية يقولون: إن الفور لازم بين جميع الأعضاء، سواء كانت مغسولة، أو ممسوحة، كالرأس، فإنه يجب أن ينتقل من مسحها إلى غسل الرجلين مثلاً على الفور، و تعتبر المسافة في جفافها، كالمسافة التي يجف فيها العضو المغسول، ثم إنه يشترط لفرضية الفور عند المالكية شرطان :
الشرط الأول :
أن يكون المتوضئ ذاكراً، فلو نسي فغسل يديه قبل وجهه، فإنه يصح؛ و لكنه إذا تذكر يلزمه أن يجدد نية عند تكميله الوضوء، لأن نيته الأولى بطلت بالنسيان .
الشرط الثاني:
أن يكون عاجزاً عن الموالاة، غير مفرط، مثال ذلك:
أن يحضر الماء الكافي للوضوء، و هو معتقد أنه يكفيه. ثم ظهر عدم كفايته، فغسل به بعض أعضاء الوضوء، كالوجه و اليدين مثلاً، و فرغ الماء و احتاج إلى ماء آخر يكمل به وضوءه فانتظر مسافة جفت فيها الأعضاء التي غسلها، فإنه في هذه الحالة يسقط عنه الفور، و عند حضور الماء يبني على ما فعل فيمسح رأسه، و يغسل رجليه، و لو طال الزمان، أما إذا فرط من أول الأمر، بأن أحضر ماء، و هو يشك في أن يكفي للوضوء. فإنه إذا مرت مدة طويلة، بطل وضوءه: أما إذا كانت المدة قصيرة، فإنه لا يبطل، و يبني على ما فعل أولاً.

الفرض السابع :
دلك الأعضاء، و هو إمرار اليد على العضو، و هو فرض، كتخليل الشعر، و أصابع اليدين.
و بذلك تعلم أن فرائض الوضوء عند المالكية سبعة:
النية؛ غسل الوجه؛ غسل اليدين مع المرفقين؛ مسح جميع الرأس؛ غسل الرجلين مع الكعبين؛ الفور، التدليك، و إنما عدّ التدليك فرضاً، مع كونه داخلاً في حقيقة الغسل عندهم، مبالغة في الحث عليه، و معنى كونه داخلاً في حقيقة الغسل أن الغسل عند المالكية، ليس هو عبارة عن مجرد صب الماء على الجسد، بل لا بد فيه من الدلك.

الشافعية قالوا:
فرائض الوضوء ستة:
الفرض الأول:
النية، و تعريفها و شرائطها، و باقي مباحثها لا يختلف عما ذكره المالكية قبل هذا، إلا في أمرين:
أحدهما أن المالكية قالوا:
إنه لا يشترط مقارنة النية لأفعال الوضوء، بل يغتفر أن تتقدم النية على الشروع في الوضوء تقدماً يسيراً في العرف .
أما الشافعية فإنهم قالوا:
لا بد من مقارنة النية لأول جزء من أجزاء الوضوء، و حيث أن أول فرض من فرائض الوضوء هو غسل الوجه، فلا بد من أن ينوي عند غسل أول جزء من وجهه، فإنه فعل بدون نية بطل وضوءه، و إن نوى عند غسل أول جزء من وجهه، ثم غفل عن النية بعد ذلك أجزأته النية الأولى إذ لا يشترط دوامها حتى يفرغ من غسل جميع الوجه، فإذا نوى عند غسل الكفين، أو المضمضة أو الاستنشاق، فإن النية لا تصح، لأن ذلك الجزء من الوجه، و إذا نوى عند غسل الجزء الظاهر من شفتيه حال المضمضة، فإن النية تصح، لأن ذلك الجزء من الوجه، ثم إن قصد غسله لكونه من الوجه، فلا تلزمه إعادة غسله حال غسل وجهه، أما إذا قصد السنة، فقط أو لم يقصد شيئاً، فإن المعتمد إعادة غسله، فإذا كانت في وجهه جراحة تمنع غسله انتقلت النية إلى غسل الذراعين . ثانيهما:
أن الشافعية قالوا: إن نية رفع
الحدث في الوضوء لا تصح على إطلاقها، كما ذكر المالكية، بل إنما تصح من الصحيح، أما المعذور، كصاحب السلس، فإنه لا بد أن ينوي استباحة الصلاة، أو مس المصحف، أو غير ذلك، مما يتوقف على الوضوء، أو ينوي أداء فرض الوضوء، و ذلك لأنه حدثه لا يرتفع بالوضوء، فلو نوى بوضوئه رفع الحدث، لم يرتفع، و إنما أمره الشارع بالوضوء، ليباح له أن يصلي به، أو يفعل به ما يتوقف على الطهارة.
الفرض الثاني:
غسل الوجه، وحد الوجه طولاً و عرضاً، هو ما تقدم عند الحنفية، إلا أن الشافعية قالوا :
إن ما تحت الذقن يجب غسله؛ و هذا مما انفرد به الشافعية وحدهم، على أن الشافعية وافقوا المالكية، و الحنابلة على أن اللحية الطويلة تتبع الوجه، فيفترض غسلها إلى آخرها، خلافاً للحنفية، كما عْرفت، و وافق الشافعية الحنفية، على أن شعر الصدغين و البياض الذي فوق وتدي الأذنين، من الوجه، فيجب غسلهما عندهم بخلاف المالكية، و الحنابلة؛ أما تخليل شعر اللحية، فإن الشافعية اتفقوا مع غيرهم من الأئمة على أنه إن كان الشعر خفيفاً بحيث يرى الناظر إليه ما تحته من جلد الوجه - البشرة - فإنه يجب تخليله كي يصل الماء إلى البشرة، و إن كان غزيراً فإنه يجب غسل ظاهره فقط، و يسن تخليله؛ إلا أن المالكية قالوا: إن الشعر الغزير، و إن كان لا يجب تخليله فإنه يجب تحريكه باليد كي يدخل الماء خلال الشعر، و إن لم يصل إلى الجلد، و أما التخليل، فهو غير واجب، فالأئمة متفقون على أن تخليل الشعر الخفيف الذي ينفذ منه الماء إلى الجلد لازم. أما الشعر الغزير، فثلاثة منهم يكتفون بغسل ظاهره. و المالكية يزيدون تحريكه باليد. لا بقصد إيصال الماء إلى الجلد. بل ليغسل من الشعر ما يمكن غسله بسهولة. و غير ذلك خطأ.
الفرض الثالث:
غسل اليدين مع المرفقين، و قد اتفق الشافعية مع الحنفية في كل ما تقدم التفصيل، إلا أنهم قالوا: إن الأوساخ التي تحت الأظافر إن منعت من وصول الماء إلى الجلد المحاذي لها من الإصبع، فإنه إزالتها واجبة، و لكن يعفى عن العمال الذين يعملون في الطين و نحوه، بشرط أن لا يكون كثيراً، يلوث رأس الأصبع.
الفرض الرابع:
مسح بعض الرأس و لو قليلاً، و لا يشترط أن يكون المسح باليد، فإذا رش الماء على جزء من رأسه أجزأه، و إذا كان على رأسه شعر، فمسح بعضه، فإنه يصح. أما إذا طال شعره، و نزل عن رأسه فمسح جزء من الزائد عن نفس الرأس، فإنه لا يكفي، حتى و لو جمعه و طواه فوق رأسه، فلا بد عندهم من مسح جزء من الشعر الملتصق بنفس الرأس، ثم إنهم قالوا: إذا غسل رأسه بدل مسحها، فإنه يجزئه ذلك، و لكنه خلاف الأولى، فليس بمكروه كما قال غيرهم.
الفرض الخامس :
غسل الرجلين من الكعبين، و قد اتفق الشافعية مع الحنفية و غيرهم في الأحكام المتقدمة في غسل الرجلين.
الفرض السادس:
الترتيب بين الأعضاء الأربعة المذكورة في القرآن الكريم، فيغسل أولاً وجهه، ثم يديه إلى مرفقيه، ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، فإذا قدم أو أخر واحداً عن الآخر في هذا التريب بطل وضوءه، وقد وافقهم على ذلك الحنابلة، و المالكية، و الحنفية فقالوا: إن الترتيب بين هذه الأعضاء سنة لا فرض.
و بذلك تعلم أن فرائض الوضوء عند الشافعية ستة، و هي:
النية، و غسل الوجه، و غسل اليدين مع المرفقين، و مسح بعض الرأس، و غسل الرجلين مع الكعبين، و الترتيب.

الحنابلة قالوا:
فرائض الوضوء ستة.
الأول:
غسل الوجه، و هم متفقون في حده طولاً و عرضاً، مع المالكية، فقد قالوا: إن شعر الصدغين، و البياض الذي فوق وتدي الأذنين من الرأس لا من الوجه، فالواجب مسحهما لا غسلهما على أنهم خالفوا جميع الأئمة في داخل الفم و الأنف، فقالوا :
إنهما من الوجه، يفترض غسلهما بالمضمضة و الاستنشاق، و كذلك اختلفوا مع سائر الأئمة في النية، فقد قالوا: إنها شرط لصحة الوضوء، فلو لم ينو، لم يصح وضوءه، وإن كانت ليست فرضاً داخلاً في حقيقة الوضوء، و قد عرفت أن المالكية، و الشافعية قالوا: إنها فرض، و الحنفية قالوا: إنها سنة.
الثاني :
زغسل اليدين مع المرفقين، فيجب غسل اليد من أولها إلى نهاية عظمه الذراع البارزة كما ذكر الحنفية، و غيرهم و يجب غسل تكاميش الأصابع و غسل ما تحت الأظافر الطويلة، التي تستر رؤوس الأنامل، و يعفى عن وسخ الأظافر إذا كان يسيراً.
الثالث:
مسح جميع الرأس، و منها الأذنان، فيفترض مسحهما مع الرأس، فالحنابلة متفقون مع المالكية على ضرورة مسح جميع الرأس، من منابت شعرها المعتاد، إلى نقرة القفا، و إذا طال شعر الرأس فنزل إلى العنق، أو الكتف، فإنه لا يجب إلا مسح ما حاذى الرأس، أما ما نزل عنها فإنه لا يجب مسحه، خلافاً للمالكية القائلين بضرورة مسح الجميع، و قد خالفوا المالكية أيضاً.
كما خالفوا غيرهم من المذاهب في اعتبار الأذنين جزءاً من الرأس، و غسل الرأس يجزئ عن مسحها، كما قال غيرهم، بشرط إمرار اليد على الرأس، و هو مكروه، كما عرفت.
الفرض الرابع:
غسل الرجلين مع الكعبين، و هما العظمان البارزان في أسفل الساق، فوق القدم؛ و يجب فيهما ما تقدم تفصيله في المذاهب الأخرى.
الفرض الخامس:
الترتيب، فيجب أن يغسل الوجه قبل الذراعين، و يغسل الذراعين قبل أن يمسح الرأس، و يمسح الرأس قبل أن يغسل الرجلين، فإذا خالف هذا الترتيب بطل وضوءه و هم متفقون في هذا مع الشافعية، فإنك قد عرفت أنهم عدوا الترتيب فرضاً، أما المالكية، و الحنفية فإنهم
جعلوا الترتيب بين هذه الفرائض سنة، فلو غسل ذراعيه قبل غسل وجهه، أو غسل رجليه قبل غسل يديه، أو نحو ذلك، فإن وضوءه يصح عند المالكية، و الحنفية مع الكراهة، و يقع باطلاً بالمرة عند الشافعية، و الحنابلة.
الفرض السادس :
الموالاة، و قد عرفت بيان الموالاة في مذهب المالكية، و يعبرون عن الموالاة بالفور، و هي أن يغسل العضو قبل أن يجف العضو الذي قبله، و قد عرفت أن للمالكية تفصيلاً في الموالاة، أما الشافعية، و الحنفية قالوا: إن الموالاة بين هذه الأعضاء سنة لا فرض فيكره أن يغسل العضو بعد جفاف الماء الذي على العضو الذي قبله، بل السنة أن ينتقل من غسل وجهه مثلاً إلى غسل يديه فوراً، و ينتقل إلى مسح رأسه، قبل أن يجف ذراعه، و هكذا، فإذا غسل وجهه؛ ثم انتظر حتى جف الماء الذي غسل به ثم غسل ذراعيه، فإن الوضوء صحيح مع الكراهة، على أن الشافعية قالوا: إن صاحب السلس، و المعذور يجب عليه العذر وسيأتي تفصيل مذهبهم في "سنن الوضوء".
و مجمل فرائض الوضوء عن الحنابلة، هي غسل الوجه، و منه داخل الفم، و الأنف؛ غسل اليدين مع المرفقين؛ مسح جميع الرأس ومنها الأذنان. غسل الرجلين، الترتيب، الموالاة) .


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس