عرض مشاركة واحدة
قديم 09-09-2016 ~ 04:58 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 19
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


قلت: لما فيه من استعلائه وعلوه بالحق والهدى، مع ثباته عليه، واستقامته إليه، فكان في الإتيان بأداة " على " ما يدل على علوه وثبوته واستقامته، وهذا بخلاف الضلال والريب، فإنه يؤتى فيه بأداة " في " الدالة على انغماس صاحبه، وانقماعه وتدسسه فيه، كقوله تعالى {فهم في ريبهم يترددون} [التوبة: ٤٥] وقوله {والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات} [الأنعام: ٣٩] وقوله {فذرهم في غمرتهم حتى حين} [المؤمنون: ٥٤] وقوله {وإنهم لفي شك منه مريب} [هود: ١١٠] .
وتأمل قوله تعالى {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} [سبأ: ٢٤] فإن طريق الحق تأخذ علوا صاعدة بصاحبها إلى العلي الكبير، وطريق الضلال تأخذ سفلا، هاوية بسالكها في أسفل سافلين.
وفي قوله تعالى {قال هذا صراط علي مستقيم} [الحجر: ٤١] قول ثالث، وهو قول الكسائي إنه على التهديد والوعيد، نظير قوله {إن ربك لبالمرصاد} [الفجر: ١٤] كما قال: تقول طريقك علي، وممرك علي، لمن تريد إعلامه بأنه غير فائت لك، ولا معجز، والسياق يأبى هذا، ولا يناسبه لمن تأمله، فإنه قاله مجيبا لإبليس الذي قال {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} [ص: ٨٢] فإنه لا سبيل لي إلى إغوائهم، ولا طريق لي عليهم.
فقرر الله عز وجل ذلك أتم التقرير، وأخبر أن الإخلاص صراط عليه مستقيم،
فلا سلطان لك على عبادي الذين هم على هذا الصراط، لأنه صراط علي، ولا سبيل لإبليس إلى هذا الصراط، ولا الحوم حول ساحته، فإنه محروس محفوظ بالله، فلا يصل عدو الله إلى أهله.
فليتأمل العارف هذا الموضع حق التأمل، ولينظر إلى هذا المعنى، ويوازن بينه وبين القولين الآخرين، أيهما أليق بالآيتين، وأقرب إلى مقصود القرآن وأقوال السلف؟ .
وأما تشبيه الكسائي له بقوله {إن ربك لبالمرصاد} [الفجر: ١٤] فلا يخفى الفرق بينهما سياقا ودلالة، فتأمله، ولا يقال في التهديد: هذا طريق مستقيم علي، لمن لا يسلكه، وليست سبيل المهدد مستقيمة، فهو غير مهدد بصراط الله المستقيم، وسبيله التي هو عليها ليست مستقيمة على الله، فلا يستقيم هذا القول البتة.
وأما من فسره بالوجوب، أي علي بيان استقامته والدلالة عليه، فالمعنى صحيح، لكن في كونه هو المراد بالآية نظر، لأنه حذف في غير موضع الدلالة، ولم يؤلف الحذف المذكور ليكون مدلولا عليه إذا حذف، بخلاف عامل الظرف إذا وقع صفة فإنه حذف مألوف معروف، حتى إنه لا يذكر البتة، فإذا قلت: له درهم علي، كان الحذف معروفا مألوفا، فلو أردت: علي نقده، أو علي وزنه وحفظه، ونحو ذلك وحذفت لم يسغ، وهو نظير: علي بيانه المقدر في الآية، مع أن الذي قاله السلف أليق بالسياق، وأجل المعنيين وأكبرهما.
وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية رضي الله عنه يقول: وهما نظير
قوله تعالى {إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى} [الليل: ١٢] قال: فهذه ثلاثة مواضع في القرآن في هذا المعنى.
قلت: وأكثر المفسرين لم يذكر في سورة " {والليل إذا يغشى} [الليل: ١] " إلا معنى الوجوب، أي علينا بيان الهدى من الضلال، ومنهم من لم يذكر في سورة النحل إلا هذا المعنى كالبغوي، وذكر في الحجر الأقوال الثلاثة، وذكر الواحدي في بسيطه المعنيين في سورة النحل، واختار شيخنا قول مجاهد والحسن في السور الثلاث.


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس