عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2021 ~ 11:56 AM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 25
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


مقتطفات من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة 23
###########
مبحث بيان عدد السنين و غيرها من مندوبات، و نحوها
#########

عرفت أن المذاهب مختلفة في بيان السُّنة، و المندوب، و المستحب، و الفضيلة، و عرفت أن بعض الأئمة يعتبر السنة، و المندوب، و المستحب، و التطوع كلها ألفاظ مترادفة بمعنى واحد، و بعضهم يفرق بين هذه الألفاظ، فلذا سنذكر لك تحت الخط الذي أمامك تفصيل كل مذهب على حدة.
"""""""""""""""""""""""""""""

الحنفية قالوا:
سنن الوضوء منها ما مؤكد يثاب على فعله، و يعاقب على تركه، كالواجب، و عرفت أنهم يفرقون بين الفرض و الواجب، فسنن الوضوء المؤكدة أمور:
منها التسمية :
و هي سُنة لازمة، سواء كان المتوضئ مستيقظاً من نوم، أو لا، و محلها عند الشروع في الوضوء، حتى لو نسيها ثم ذكرها بعد غسل بعض الأعضاء فسمى، لا يكون آتياً بالسنة، على أنه إذا نسيها، فإنه يأتي بها متى ذكرها قبل الفراغ من الوضوء، كي لا يخلو الوضوء عنها، و له أن يسمي قبل الاستنجاء و بعده، بشرط أن لا يسمي في حال الانكشاف، و لا في محل النجاسة، كما سيأتي في "مباحث الاستنجاء".
و التسمية المروية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم هي أن يقول:
"بسم الله العظيم، و الحمد لله على دين الإسلام . "
و لو قال في ابتداء الوضوء:
لا إله إلا الله .
أو قال:
الحمد لله .
أو قال:
أشهد أن لا إله إلا الله .
فقد أتى بالسنة .
و منها غسل اليدين إلى الرسغين، و الرسغ معروف، و هو النقرة المتوسطة في ظاهر الكف، بين الإصبع الوسطى، والإصبع التي قبلها، و بعض الحنفية يرى أن غسل اليدين إلى الرسغين ثلاث مرات قبل وضعها في الإناء فرض، تقديمه على باقي أعمال الوضوء سنة .
و في كيفية غسل اليد في الآنية تفصيل، و ذلك لأنه لا يخلو إما أن يكون الإناء مفتوحاً - كالحلة، و الصحن - أو يكون مضموماً - كالأبريق - فإن كان إبريقاً فيستحب أن يمسكه بيده اليسرى، و يصب الماء على يده اليمنى ثلاث مرات ثم يمسكه بيده اليمنى و يصب على يده اليسرى ثلاث مرات .
و إن كان مفتوحاً، فإن كان معه كوز و نحوه، اغترف به و صب على يده اليسرى ثلاث مرات، ثم على يده اليمنى بالصفة التي ذكرت، و إن لم يكن معه إناء صغير يغترف به، فيستحب أن يدخل في الماء أصابع يده اليسرى مضمومة، دون الكف، كي يغترف بها الماء .
و كيفية ذلك أن يضم أصابع اليد إلى بعضها، و اليد مفتوحة، إلا أنه يقوسها قليلاً، كي لا ينزل الماء منها، و لا يدخل كفه في الماء، فإن أدخل كفه كلها في الماء، كان الماء الملاقي للكف مستعملاً، لما عرفت أنه ماء قليل، إلا إذا غلب على ظن المتوضئ أن الملاقي للكف لا يساوي نصف الماء الذي اغترف منه، فإذا أراد المتوضئ أن يضع يده في الماء القليل و يبقى على حاله طهوراً غير مستعمل، فعليه أن ينوي الاغتراف من هذا الماء، دون الغسل، بمعنى أن يقول في نفسه :
نويت أن أغترف من هذا الماء، ثم يغسل به العضو الذي يريد غسله، و بذلك لا يستعمل الماء، لأنه إنما يستعمل إذا نوى أن يتوضأ به من أول الأمر، لأنك قد عرفت فيما مضى أن الماء لا يستعمل إلا إذا أريد باستعمال العبادة.
هذا كله إذا لم يكن على يده نجاسة محققة، فإن كانت على يده نجاسة، و وضعها في الماء فإنه يتنجس، سواء نوى الاغتراف، أو لم ينو، فإن عجز عن أخذ الماء من الإناء بكوز، أو بمنديل طاهر أو نحوهما، فإنه يمكنه أن يأخذه بفمه، و يغسل النجاسة، فإن عجز، و لم يجد غيره، تركه و تيمم، و لا إعادة عليه .
و منها المضمضة، و الاستنشاق :
و هما سنتان مؤكدتان عند الحنفية، بمعنى
الواجب، فتركهما إثم، و لا يلزم أن يأخذ لكل مرة ماء، بل إذا أخذ الماء بكفه، فتمضمض ببعضه، و استنشق بالباقي، فإنه لا يجوز، أما إذا وضع الماء في كفه، ثم استنشق به، و أعاده ثانياً إلى كفه، و تمضمض به بعد ذلك، فإنه لا يجوز، ثم إن المضمضة هي عبارة عن أن يغسل جميع فمه بالماء؛ و يكفي وضع الماء في فمه بدون تحريك، و لو وضع الماء في فمه و لم يطرحه، بل شربه، فإنه يجزئه في السنة، بشرط أن يملأ الفم ثلاث مرات، أما إذا امتص الماء مصاً، فإنه لا يجزئه، و أما الاستنشاق فهو جذب الماء بنفسه إلى داخل أنفه، بحيث يصل الماء إلى مارن الأنف، و هو نهاية العظمة اللينة، أما ما فوق ذلك فإنه لا يسن إيصال الماء إليه، كما لا يسن جذب الماء إلى الداخل بالتنفس، و تسن المبالغة في المضمضة، و الاستنشاق لغير الصائم، و تكره له، كي لا يفسد صومه، و قد عرفت أن السنة أن تكون المضمضة ثلاثاً، و الاستنشاق ثلاثاً، و كيفية الاستنشاق أن يضع الماء في أنفه بيده اليمنى، و يتمخط بيده اليسرى، و يعبر المالكية عن هذه الحالة بالاستنشاق، و يعدونه من السنن المؤكدة، كما ستعرفه عندهم .
و منها تخليل أصابع اليدين و الرجلين :
و التخليل عبارة عن إدخال بعض الأصابع في بعض بماء متقاطر، و هو سنة مؤكدة، بلا خلاف و محل كونه سنة إذا وصل الماء إلى داخلها، و هي مضمومة، و إلا كان تخليليها واجباً و كيفية التخليل في اليدين أن يشبك أصابعه ببعضها، و في الرجلين أن يخلل بخنصر يده اليسرى خنصر رجله اليمنى، و هكذا حتى يختم بخنصر رجله اليسرى، و هذه الكيفية هي الأولى، و له أن يخللها بأي كيفية .
و منها تكرار الغسل ثلاث مرات :
فغسل العضو و تعميمه كله بالماء مرة واحدة فرض و الغسلة الثانية، و الغسلة الثالثة سنتان مؤكدتان على الصحيح، و يشترط في الغسلة الأولى المفروضة أن يسيل الماء على العضو، و يتقاطر منه قطرات، فلو غسل العضو مرة، و لم يعمه الماء كله، ثم غسله بالماء ثانية، و ثالثة حتى عمه الماء بالغسلة الثالثة، فإنه يسقط عنه الفرض، و لا يكون آتياً بالسنة .
و من السنن المؤكدة مسح جميع الرأس :
فلو اقتصر على مسح الجزء المفروض مسحه، و تكرر ذلك منه، فإنه يأثم . و كيفية مسح الرأس أن يضع أصابعه على مقدم رأسه، ثم يمر بهما على جميع رأسه إلى قفاه - بحيث يستوعب كل الرأس، ثم إن بقي بيده بلل، فإنه يسن له أن يرد مسح الرأس، و إلا فلا، كما يقول المالكية .
و منها مسح الأذنين :
و كيفيته أن يمسح باطن الأذنين، و مؤخرهما بالماء الذي يمسح به رأسه، و إذا أخذ لهما ماء جديداً كان حسناً، و رجع بعض الحنفية مسحهما بماء جديد، و محل هذا ما إذا بقي على كفه ماء بعد مسح الرأس، أما إذا جف الماء، فإنه ينبغي أن يأخذ لها ماء جديداً، و يمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين، و يمسح باطن الأذنين بالسبابتين، و هما الإصبعان اللذان يقعان بعد الإبهامين .
و منها النية :
و كيفيتها أن ينوي في نفسه رفع الحدث، أو ينوي الوضوء، أو ينوي الطهارة، أو ينوي استباحة الصلاة، و الأفضل أن يقول:
نويت أن أتوضأ للصلاة تقرباً إلى الله تعالى .
أو يقول :
نويت رفع الحدث، أو نويت الطهارة، أو نويت استباحة الصلاة و التلفظ بذلك مستحب، لما عرفت من أن محل النية إنما هو القلب . و أما وقت النية فهو عند غسل الوجه. و هذا، و قد عد بعض الحنفية النية من المستحبات لا من السنن المؤكدة، و لكن الصحيح أنها سنة .
و منها الترتيب :
و هو أن يبدأ الفرائض بغسل الوجه، ثم يغسل اليدين إلى المرفقين ثم بمسح ربع الرأس، ثم بغسل الرجلين إلى الكعبين. كما ذكر الله تعالى في قوله:
{فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}
و الترتيب من السنن المؤكدة على الصحيح، و عدّه بعض الحنفية من المستحبات .
و منها الفور :
و يعبر عنه بالموالات، و هي التتابع، و حد الفور هو أن لا يجف الماء عن العضو قبل أن يغسل العضو الذي بعده، بشرط أن لا يكون الزمن معتدلاً، فإن كان شديد الحرارة، أو شديد البرودة. فإنه لا يعتبر جفافه بسرعة على أن محل كون الفور سنة إذا لم يكن هناك عذر، فإن فرغ ماء الوضوء بعد غسل الوجه مثلاً، ثم انتظر الماء، فجف الماء من عليه قبل أن يجيء الماء، فلا بأس بذلك، و قد عرفت حكم الفور في فرائض الوضوء، عند المالكية، و غيرهم .
و من السنن المؤكدة السواك :
و لا يشترط أن يكون من شجر الأراك المعروف، بل الأفضل أن يكون أشجار مرة، لأنه يساعد على تطييب الفم، و له فوائد معروفة، فهو يقوي اللثة، و ينظف الأسنان، و يقوي المعدة، كي لا يصل إليها شيء من أدران الفم، و الأفضل أن يكون رطباً، و أن يكون في غلظ الخنصر، و طول الشبر، فإذا لم يجد سواكاً فإنه - الفرشة - تقوم مقامه، و إذا لم يجدها استاك بإصبعه، و يقوم مقام السواك العلك - اللبان - فإذا وجد السواك؛ فيندب أن يمسكه بيمينه، و يجعل الخنصر أسفله، و الإبهام أسفل رأس السواك، و باقي الأصابع فوقه، و وقت الاستياك هو وقت المضمضة، و إذا كان لا يطيقه؛ فإنه يتركه للضرورة؛ و يكره أن يستاك و هو مضطجع.
هذا. و قد اختلف في أشياء:
منها أن يأخذ الإناء بيمينه عند غسل الرجلين، فيصب على مقدم رجله اليمنى، و يدلكه بيساره، فيغسلها ثلاثاً، ثم يفيض الماء على مقدم رجله اليسرى و يدلكه كذلك .
و منها :
أن يبدأ من رؤوس الأصابع في اليدين و الرجلين .
و منها :
أن يبدأ بمقدم الرأس في المسح .
و منها :
الترتيب في المضمضة، و الاستنشاق، فيقدم، المضمضة على الاستنشاق .
و منها :
المبالغة في المضمضة و الاستنشاق إلا أن يكون صائماً، فتكره المبالغة، كما تقدم .
و منها :
أن يضع الماء في أنفه و يجذبه بنفسه حتى يصل إلى أعلى الأنف .
و منها :
عدم الإسراف في الماء إذا كان يعتقد أن ما زاد عن الثلاث مطلوب منه في الوضوء و إلا كان عدم الإسراف مندوباً لا سنة :
و منها :
إعادة غسل اليدين مع غسل الذراعين إلى المرفقين، فغسل اليدين أولاً سنة، ثم إعادة غسلهما مع الذراعين سنة أخرى، فلو غسل يديه أولاً، ثم غسل وجهه، و غسل ذراعيه من كوع يده إلى المرفقين، فقد جاء بالفرض، و ترك السنة، فهذه سنن الوضوء عند الحنفية.

المالكية قالوا :
سنن الوضوء المؤكدة التي يثاب المكلف على فعلها، و لا يعاقب على تركها هي :
أولاً :
غسل اليدين إلى الرسغين :
و الرسغ - مفصل الكف - و كيفية غسل اليدين تتبع الماء قلة و كثرة، فإن كان الماء قليلاً، و هو ما لا يزيد عن صاع، كما تقدم في "مباحث المياه" و لم يكن جارياً، فإن أمكن الإفراغ منه الصفحة، فلا تحصل السنة إلا بغسلهما قبل إدخالهما فيه، و لو كانتا طاهرتين و نظيفتين، فإن أدخلهما في الإناء قبل غسلهما في هذه الحالة، أو أدخل إحداهما فعل مكروهاً، و فاتته سنة الغسل، و إن كان الماء كثيراً أو جارياً، فإن السنة تحصل بغسلهما مطلقاً، سواء كان الغسل داخل الماء، أو خارجه.
أما إذا كان الماء قليلاً، و لا يمكن الإفراغ منه، كالحوض الصغير، فإن كانت يداه نظيفتين أو عليهما وساخة، لا يتغير الماء بهما إذا أدخلهما فيه، فإنه يغترف بيديه، أو إحداهما، و يغسل خارجه، و تحصل السنة بذلك، فإن كانت يداه غير نظيفتين، و خاف تغير الماء بإدخالهما فيه، احتال على الأخذ منه بفمه، أو بخرقة نظيفة، فإن لم يكن ذلك، تركه و تيمم، إن لم يجد غيره . ثانياً:
المضمضة :
و هي إدخال الماء في الفم و طرحه، فلو دخل الماء فمه بدون قصد، أو أدخله، و لم يحركه، أو أدخله، و حركه، و لم يطرحه، بأت ابتلعه، فإنه لا يكون آتياً بالسنة، و في ذلك مخالفة للحنفية الذين قالوا: إن السنة تحصل بدخول الماء و لو لم يطرحه، أو يحركه .
ثالثاً: الاستنشاق :
و هو جذب الماء بنفسه إلى داخل أنفه، و لا تحصل السنة عندهم إلا بجذبه بالنفس، خلافاً للحنفية .
رابعاً: الاستنثار :
و هو طرح الماء من الأنف بالنفس، بأن يضع إصبعيه السبابة، و الإبهام من يده اليسرى على أعلى مارن أنفه عند إنزال الماء منها، و إذا كان بأنفه قذارة متجمدة من مخاط و غيره، أخرجها بخنصر يده اليسرى .
خامساً: مسح الأذنين ظاهراً و باطناً.
و يدخل في ذلك صماخ الأذنين .
سادساً:
تجديد الماء لمسح الأذنين فلا يكفي في السنة أن يمسح بالبلل الباقي من مسح الرأس، خلافاً للحنفية، و الأفضل في كيفية المسح عندهم أن يدخل أطراف سبابته في صماخي الأذنين - داخل الأذن - و يضع إبهاميه خلفهما، و يثني إصبعيه السبابة، و الإبهام، و يديرهما حتى يتم مسحهما ظاهراً و باطناً، و إذا مسحهما بأي كيفية أخرى أجزأه، إنما المطلوب تعميمهما بالمسح .
سابعاً:
الترتيب بين أعضاء الوضوء، بأن يقدم الوجه على اليدين، و اليدن على الرأس، و الرأس على الرجلين، كما قال الحنفية .
ثامناً:
مسح الرأس إن بقي بيده بلل من المسحة الأولى، و إلا فلا يسن .
تاسعاً:
تحريك خاتمه الذي يصل الماء إلى ما تحته، و للمالكية في هذا تفصيل حسن، و ذلك لأنهم قالوا :
إن الخاتم إما أن يكون لبسه مباحاً، أو حراماً، أو مكروهاً، فإن كان مباحاً - للرجل ما كان فضة، و كان وزنه لا يزيد عن درهمين، و كان واحداً غير متعدد، فإنه لا يجب تحريكه سواء كان ضيقاً أو واسعاً، و سواء وصل الماء إلى ما تحته، أو لم يصل، و هذا الحكم عام في الوضوء و الغسل، على أنه إن نزعه بعد تمام وضوئه، أو غسله، فإنه يجب عليه غسل ما تحته إن كان ضيقاً، و ظن أن الماء لم يصل إلى ما تحته .
أما إذا كان حراماً - و هو ما اتخذ من ذهب، أو من فضة تزيد على درهمين، أو كان متعدداً، كأن لبس خاتمين، أو أكثر - فإن كان واسعاً أجزأه تحريكه، و لا يفترض عليه دلك ما تحته بيده، بل يكتفي بدلك ما تحته بالخاتم نفسه، أما إن كان ضيقاً، فإنه يجب نقله من محله حتى يتمكن من دلك ما تحته، و مثل المحرم في ذلك الحكم الخاتم المكروه، و هو ما كان من نحاس، أو رصاص، أو حديد.
هذا في الرجل، أما المرأة فإنه يباح لها أن تلبس ما شاءت من حلي. سواء كان متخذاً من ذهب أو غيره. فإذا لبست أساور أو خلاخل فلا يجب عليها تحريكها و إن لم يصل الماء إلى ما تحتها
سواء كانت ضيقة أو واسعة. إلا أنها إذا نزعتها بعد تمام الوضوء أو الغسل فإنها يجب عليها غسل ما تحتها إن كانت ضيقة. و ظنت عدم وصول الماء إليه.

أما الحنفية فقد قالوا:
إن تحريك الخاتم الواسع مندوب لا سنة. كما سيأتي في "المندوبات" فإن كان الخاتم ضيقاً. يمنع من وصول الماء إلى ما تحته. فإن تحريكه فرض. لا فرق بين أن يكون مباحاً أو غير مباح. فلا يغتفر عندهم للمرأة أن تلبس الخاتم الضيق. أو الأسورة الضيقة التي لا يصل الماء إلى ما تحتها. على أنهم لا يشترطون الدلك. كما تقدم، فهذه هي سنن الوضوء المؤكدة عند المالكية.

الشافعية قالوا:
سنن الوضوء كثيرة و قد عرفت أن الشافعية لا يفرقون بين السنة و المندوب و المستحب. و نحو ذلك و سنن الوضوء أو مندوباته، أو مستحباته، أو فضائله، كثيرة عندهم:
فمنها الاستعاذة. كأن يقول :
أعود بالله من الشيطان الرجيم. و نحو ذلك .
و منها التسمية في أول الوضوء :
و يبدأ بها عند غسل الكفين. و أقل التسمية أن يقول :
بسم الله. أو بسم الله الرحمن الرحيم. فلو أتى بذكر غيرها، فإنه لا يكون آتياً بالسنة. لأن الشارع قد طلب منه التسمية بخصوصها. خلافاً للحنفية. كما تقدم في مذهبهم.
و يأتي بالتسمية و لو كان جنباً، فإن تركها عمداً. أو سهواً في أول الوضوء. فإنه يأتي بها في أثنائه. أما إذا فرغ من الوضوء و تشهد و دعا فقد فات وقتها. فلا يأتي بها كما قال الحنفية .
و منها أن ينوي بقلبه سنن الوضوء عند التسمية :
و هذه النية غير نية رفع الحدث. فقد عرفت أن نية رفع الحدث فرض. و لا تكفي إلا عند غسل الوجه .
و منها غسل الكفين إلى الكوعين.
و يبدأ في غسلهما وقت التسمية. و نية السنن. فيجتمع بين الثلاثة.
و تحصل سنة غسل اليدين بغسلهما ثلاث مرات خارج الإناء إذا كان الماء في إناء يمكن أن يصب منه الماء على يديه، كالإبريق و نحوه، فإن كان الإناء مفتوحاً به ماء قليل، فإنه يصح أن يغسلهما في ذلك الماء، إذا تيقن طهارتهما؛ أما إذا شك في الطهارة، فإنه يكره وضعهما في الإناء و غسلهما فيه، فإذا تيقن نجاستهما، فإنه يحرم عليه وضعهما في الإناء، بل يجب عليه أن يغسلهما ثلاث مرات، قبل إدخالهما في الإناء، و هذا الغسل للتطهير من النجاسة، فلا تحصل به سنة غسل اليدين، و عليه بعد ذلك أن يغسلها ثلاثاً لتحصل له سنة الوضوء .
و منها تقديم غسل اليدين على المضمضة، فلو أتى بالمضمضة أولاً، ثم غسل يديه، لا يحصل سنة غسل اليدين .
و منها المضمضة، و هي أن يضع الماء في فمه قبل أن يغسل منخريه، و لا يشترط إدارة الماء في فمه، و لا طرح الماء من فمه، بل السنة تحصل بمجرد وضع الماء في فمه، بحيث لو ابتلعه فقد أتى بالسنة، إنما الأكمل أن يحرك فمه بعد وضع الماء فيه، ثم يطرح الماء .
و منها الاستنشاق بعد المضمضة، و تحصل السنة بمجرد إدخال الماء في الأنف، سواء جذبه بنفسه إلى أعلى الأنف.
ثم طرحه بعد ذلك أو لا، إنما الأكمل أن يجذبه بالنفس، ثم يطرحه بعد ذلك، و الأفضل في كيفية المضمضة و الاستنشاق أن يضع الماء في كفه، ثم يتمضمض بجزء منه، و يستنشق بالجزر الآخر، يفعل ذلك ثلاث مرات، فيتمضمض و يستنشق بثلاث غرف، كل غرفة يقسمها بين المضمضة و الاستنشاق .
و منها استقبال القبلة إذا كان يتوضأ من مكان يمكنه فيه استقبالها .
و منها أن يضع الإناء المفتوح عن يمينه، و يضع غيره عن يساره .
و منها أن يدعو بالدعاء الوارد في الوضوء عند غسل يديه، و هو أن يقول بعد التسمية :
الحمد لله على الإسلام و نعمته، الحمد لله الذي جعل الماء طهوراً، و الإسلام نوراً، رب أعوذ بك من همزات الشياطين، و أعوذ بك رب أن يحضرون اللهم احفظ يديَّ من معاصيك كلها .
و يقول عند المضمضة:
اللهم أعني على ذكرك و شكرك، و حسن عبادتك .
و يقول عند الاستنشاق :
اللهم أرحني رائحة الجنة .
و عند غسل الوجه :
اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه و تسود وجوه .
و عند غسل يده اليمنى :
اللهم أعطني كتابي بيميني، و حاسبني حساباً يسيراً .
و عند غسل اليسرى:
اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، و لا من وراء ظهري .
و عند مسح رأسه :
اللهم حرم شعري و بشري على النار، و أظللني تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك .
و عند مسح الأذنين :
اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
و عند غسل الرجلين:
اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الأقدام .
و أن يقول عند الفراغ من الوضوء:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا محمداً عبده و رسوله، اللهم اجعلني من التوابين، و اجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك و أتوب إليك .
يقول ذلك و هو مستقبل القبلة، رافع يديه و وجهه إلى السماء، ثم يقرأ سورة القدر.
و هذا الدعاء وافق على بعضه الحنفية، إلا أنهم لم يعدوه سنة، بل قالوا:
إنه مستحب أو مندوب، أما المالكية فإنهم لم يذكروا هذا الدعاء لا في السنن و لا في الفضائل، كما ستعرفه.
و من السنن عند الشافعية الاستياك؛ و هو تنظيف الأسنان بأي شيء لا يضر، سواء كان من عود الأراك المعروف، أو كان - فرشة - أو غير ذلك، على أنهم قالوا:
إن الاستياك بالإصبع لا يكفي، و له أن يقدم الاستياك على غسل كفيه، فإذا فعل ذلك فليس له أن ينوي الاستياك. و من السنن أن يقول عند الاستياك:
اللهم بيض به أسناني، و شدّ به لثاتي، و ثبت به لهاتي، و بارك لي فيه يا أرحم الراحمين .
و كيفية الاستياك أن يبدأ بالجانب الأيمن من فمه ثم بالأيسر، و أن يمر به على رؤوس أضراسه، و سقف حلقه، و سطح لسانه، و يسن أن يمسح به أسنانه عرضاً، و يسن أن يمسكه باليد اليمنى، بأن يجعل إصبعه الخنصر من أسفله، و البنصر و الوسطى و السبابة فوقه، و يسن غسل السواك ثلاثاً إذا تلوث، أو تغيرت رائحته، و يكره أن يزيد طوله على شبر .

و من السنن عند الشافعية أن يبدأ بمقدم الأعضاء، بشرط أن يتوضأ من مكان يغترف منه الماء بنفسه، كحلة، أو ميضأة، أو نحو ذلك، أما إذا توضأ من مكان ينزل منه الماء على يده بدون أن يغترف هو منه، كما إذا توضأ من حنفية، أو إبريق، أو كان يصب له الماء شخص، فإنه يبدأ في اليدين من
المرافق، و يبدأ في الرجلين من الكعبين، عكس الحالة الأولى، و أن يغترف الماء لوجهه بكفيه معاً، و أن لا بلطم وجهه بالماء، و تخليل اللحية الغزيرة، و تعميم الرأس بالمسح، و مسح الأذنين ظاهرهما و باطنهما بماء جديد، و دلك الأعضاء و التيامن في الوضوء، كما تقدم، و إطالة الغرة، و التحجيل، على ما تقدم، و تثليث الأقوال و الأفعال في الوضوء ما عدا ألفاظ النية، و الموالاة لغير صاحب السلس. فإنه يجب عليه الموالاة؛ كما تقدم، و السكوت عن الكلام بغير ذكر الله إلا لحاجة، و عدم الاستعانة على الوضوء بالغير إلا لحاجة، و ترك تنشيف الأعضاء إلا لحاجة؛ و ترك نفض الماء إلا لحاجة، و الشرب من بقية ماء الوضوء و تحريك خاتمه الواسع، أما الضيق الذي يمنع وصول الماء إلى ما تحته فإنه يجب تحريكه حتى يصل الماء إلى ما تحته، و لا فرق في الخاتم بين أن يكون مباحاً أولا؛ وفاقاً للحنفية. و خلافاً للمالكية.

الحنابلة قالوا:
سنن الوضوء، أو مندوباته؛ أو مستحباته هي كالآتي :
أولاً:
استقبال القبلة .
ثانياً:
السواك عند المضمضة، و يندب أن يستاك عرضاً بالنسبة لأسنانه؛ و طولاً بالنسبة إلى لثاته و فمه، و أن يستاك بيده اليسرى، و يساك على أسنانه و لثته و فمه. و أن يكون العود ليناً غير ضار و يكره أن يستاك بعود يابس، و السواك سنة في جميع الأوقات، إلا بعد الزوال، بالنسبة للصائم فإنه مكروه، سواء أكان العود رطباً، أم يابساً؛ أما قبل الزوال فإنه يسن له أن يستاك لعود يابس، و يباح له الاستياك قبل الزوال أيضاً بالرطب، و يتأكد الاستياك عند كل صلاة، و عند الانتباه من النوم، و عند تغير رائحة الفم، و عند الوضوء، و عند قراءة القرآن، و عند دخول المسجد، و عند دخول منزله، و عند خلو المعدة من الطعام، و عند اصفرار الأسنان، و يسن أن يبدأ بجانب فمه الأيمن، من ثناياه إلى أضراسه، و يكره أن يستاك بريحان، و برمان، و قصب، و نحوه مما يضر باللثة .
ثالثاً :
غسل الكفين ثلاثاً، على ما تقدم .
رابعاً :
تقديم المضمضة و الاستنشاق على الوجه .
خامساً:
المبالغة فيهما لغير الصائم .
سادساً:
دلك جميع الأعضاء التي ينبو عنها الماء .
سابعاً:
إكثار الماء في غسل الوجه، لما فيه من الشعر. و الأشياء الغائرة و البارزة .
ثامناً:
تخليل اللحية الغزيرة عند غسله .
تاسعاً:
تخليل أصابع اليدين و الرجلين إذا وصل الماء في الغسل إليها بدون دلك. و إلا كان التخليل واجباً .
عاشراً:
تجديد الماء لمسح الأذنين .
حادي عشر:
تقديم الأيمن على الأيسرر.
ثاني عشر:
إطالة الغرة، و التحجيل .
ثالث عشر:
الغسلة الثانية، و الثالثة إن عمت الأولى .
رابع عشر:
استصحاب نيته إلى آخر الوضوء بقلبه .
خامس عشر:
نية سنن الوضوء عند غسل كفيه إلى الكوعين .
سادس عشر:
النطق بألفاظ النية سراً، بحيث يحرك بها لسانه و شفتيه، و يسمع نفسه دون غيره، و أن لا يستعين بغيره فيه .
سابع عشر:
أن يقول عند فراغه من الوضوء، رافعاً بصره إلى السماء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن سيدنا محمداً عبده و رسوله. اللهم اجعلني من التوابين، و اجعلني من المتطهرين، و اجعلني من عبادك الصالحين. سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت. أستغفرك و أتوب إليك.

هذا. و معنى الغرة هو أن يزيد في غسل وجهه عن القدر الواجب. بحيث يغسل شيئاً من مقدم الرأس.
و معنى التحجيل هو أن يزيد في غسل اليدين. يأن يغسل شيئاً من العضو الذي فوق مرفق الذراع، و يزيد في غسل الرجلين، فيغسل شيئاً من ساقه الذي فوق كعبيه، و قد ورد في الحديث الصحيح ما يدل على ذلك) .


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس