عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2021 ~ 06:44 PM
افتراضي
  ãÔÇÑßÉ ÑÞã 8
 
الصورة الرمزية جاروط
 
الإدارة
تاريخ التسجيل : Aug 2014
معدل تقييم المستوى : 10
جاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really niceجاروط is just really nice


تفسير ابن كثير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : 7]
قد تقدم الحديث فيما إذا قال العبد : ( اهدنا الصراط المستقيم ) إلى آخرها أن الله يقول : هذا لعبدي و لعبدي ما سأل .
و قوله : ( صراط الذين أنعمت عليهم ) مفسر للصراط المستقيم . و هو بدل منه عند النحاة ، و يجوز أن يكون عطف بيان ، و الله أعلم .

(والذين أنعمت عليهم ) هم المذكورون في سورة النساء ، حيث قال :
( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما ) [ النساء : 69 ، 70 ] .

و قال الضحاك ، عن ابن عباس : صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك و عبادتك ، من ملائكتك ، و أنبيائك ، و الصديقين ، و الشهداء ، و الصالحين ؛ و ذلك نظير ما قال ربنا تعالى :
( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ) الآية [ النساء : 69 ] .

و قال أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس : ( صراط الذين أنعمت عليهم ) قال : هم النبيون .
و قال ابن جريج ، عن ابن عباس : هم المؤمنون .
و كذا قال مجاهد .
و قال وكيع : هم المسلمون .
و قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم النبي صلى الله عليه و سلم و من معه .
و التفسير المتقدم ، عن ابن عباس أعم ، و أشمل ، والله أعلم .

و قوله تعالى : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )
[ قرأ الجمهور : غير بالجر على النعت ، قال الزمخشري : و قرئ بالنصب على الحال ، و هي قراءة رسول الله صلى الله عليه و سلم و عمر بن الخطاب ، و رويت عن ابن كثير ، و ذو الحال الضمير في ( عليهم ) و العامل : ( أنعمت ) و المعنى ]
اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم و نعتهم ، و هم أهل الهداية و الاستقامة و الطاعة لله و رسله ، و امتثال أوامره و ترك نواهيه و زواجره.
( غير صراط المغضوب عليهم) ، [ و هم ] الذين فسدت إرادتهم ، فعلموا الحق و عدلوا عنه ، و لا صراط الضالين و هم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق ، و أكد الكلام ب " لا " ليدل على أن ثم مسلكين فاسدين ، و هما طريقتا اليهود و النصارى .

و قد زعم بعض النحاة أن ( غير ) هاهنا استثنائية ، فيكون على هذا منقطعا لاستثنائهم من المنعم عليهم و ليسوا منهم ، و ما أوردناه أولى ، لقول الشاعر :
كأنك من جمال بني أقيش يقعقع عند رجليه بشن

أي : كأنك جمل من جمال بني أقيش ، فحذف الموصوف و اكتفى بالصفة ، و هكذا ،( غير المغضوب عليهم ) أي : غير صراط المغضوب عليهم .

اكتفى بالمضاف إليه عن ذكر المضاف ، و قد دل عليه سياق الكلام ، و هو قوله تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ) ثم قال تعالى : ( غير المغضوب عليهم ) و منهم من زعم أن ( لا ) في قوله : ( ولا الضالين ) زائدة ، و أن تقدير الكلام عنده : غير المغضوب عليهم و الضالين ، و استشهد ببيت العجاج :

في بئر لا حور سرى و ما شعر

أي في بئر حور .
و الصحيح ما قدمناه .
و لهذا روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " فضائل القرآن " ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر بن الخطاب ، :
أنه كان يقرأ : غير المغضوب عليهم و غير الضالين . و هذا إسناد صحيح ، [ و كذا حكي عن أبي بن كعب أنه قرأ كذلك ] و هو محمول على أنه صدر منه على وجه التفسير ، فيدل على ما قلناه من أنه إنما جيء بها لتأكيد النفي ، [ لئلا يتوهم أنه معطوف على الذين أنعمت عليهم ) ] ، و للفرق بين الطريقتين ، لتجتنب كل منهما ؛ فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق و العمل به ، و اليهود فقدوا العمل ، و النصارى فقدوا العلم ؛ و لهذا كان الغضب لليهود ، و الضلال للنصارى ، لأن من علم وترك استحق الغضب ، بخلاف من لم يعلم . و النصارى لما كانوا قاصدين شيئا لكنهم لا يهتدون إلى طريقه ؛ لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه ، و هو اتباع الرسول الحق ، ضلوا ، و كل من اليهود و النصارى ضال مغضوب عليه ، لكن أخص أوصاف اليهود الغضب [ كما قال فيهم :
( من لعنه الله وغضب عليه ) ] [ المائدة : 60 ]
و أخص أوصاف النصارى الضلال [ كما قال : ( قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل " ] ) [ المائدة : 77 ] ، و بهذا جاءت الأحاديث و الآثار . [ و ذلك واضح بين ] . قال الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت سماك بن حرب ، يقول : سمعت عباد بن حبيش ، يحدث عن عدي بن حاتم ، قال :
جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأخذوا عمتي و ناسا ، فلما أتوا بهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم صفوا له ، فقالت :
يا رسول الله ، ناء الوافد و انقطع الولد ، و أنا عجوز كبيرة ، ما بي من خدمة ، فمن علي من الله عليك.
قال : من وافدك ؟
قالت : عدي بن حاتم.
قال : الذي فر من الله و رسوله !
قالت : فمن علي ، فلما رجع ، و رجل إلى جنبه ، ترى أنه علي ، قال :
سليه حملانا ، فسألته ، فأمر لها ، قال : فأتتني
فقالت : لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها ، فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه ، و أتاه فلان فأصاب منه ، فأتيته فإذا عنده امرأة و صبيان أو صبي ، و ذكر قربهم من النبي صلى الله عليه و سلم ، قال : فعرفت أنه ليس بملك كسرى و لا قيصر ، فقال :
يا عدي ، ما أفرك أن يقال لا إله إلا الله ؟
فهل من إله إلا الله ؟
قال : ما أفرك أن يقال : الله أكبر ، فهل شيء أكبر من الله عز و جل ؟ .
قال : فأسلمت ، فرأيت وجهه استبشر ، و قال : المغضوب عليهم اليهود ، و إن الضالين النصارى . و ذكر الحديث ، و رواه الترمذي ، من حديث سماك بن حرب ، و قال : حسن غريب لا نعرفه إلا من حديثه .
قلت : و قد رواه حماد بن سلمة ، عن سماك ، عن مري بن قطري ، عن عدي بن حاتم ، قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله : ( غير المغضوب عليهم ).
قال : هم اليهود
( ولا الضالين )
قال : النصارى هم الضالون .
و هكذا رواه سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم به .
و قد روي حديث عدي هذا من طرق ، و له ألفاظ كثيرة يطول ذكرها .
و قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن بديل العقيلي ، أخبرني عبد الله بن شقيق ، أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه و سلم و هو بوادي القرى ، و هو على فرسه ، و سأله رجل من بني القين ، فقال :
يا رسول الله ، من هؤلاء ؟
قال : المغضوب عليهم - و أشار إلى اليهود - و الضالون هم النصارى .
و قد رواه الجريري و عروة ، و خالد الحذاء ، عن عبد الله بن شقيق ، فأرسلوه ، و لم يذكروا من سمع النبي صلى الله عليه و سلم . و وقع في رواية عروة تسمية عبد الله بن عمر ، فالله أعلم .

و قد روى ابن مردويه ، من حديث إبراهيم بن طهمان ، عن بديل بن ميسرة ، عن عبد الله بن شقيق ، عن أبي ذر قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المغضوب عليهم قال : اليهود ، [ قال ] قلت : الضالين ، قال : النصارى .
و قال السدي ، عن أبي مالك ، و عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، و عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، و عن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : ( غير المغضوب عليهم ) هم اليهود ،( و لا الضالين ) هم النصارى .

و قال الضحاك ، و ابن جريج ، عن ابن عباس : ( غير المغضوب عليهم ) اليهود ، ولا الضالين ) [ هم ] النصارى .

و كذلك قال الربيع بن أنس ، و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، و غير واحد ، و قال ابن أبي حاتم : و لا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافا .

و شاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم ، و النصارى ضالون ، الحديث المتقدم ، و قوله تعالى في خطابه مع بني إسرائيل في سورة البقرة :
( بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين ) [ البقرة : 90 ].
و قال في المائدة ( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ) [ المائدة : 60 ].
و قال تعالى : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) [ المائدة : 78 ، 79 ] .

و في السيرة عن زيد بن عمرو بن نفيل ؛ أنه لما خرج هو و جماعة من أصحابه إلى الشام يطلبون الدين الحنيف ، قالت له اليهود : إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله . فقال : أنا من غضب الله أفر .
و قالت له النصارى : إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من سخط الله فقال : لا أستطيعه . فاستمر على فطرته ، و جانب عبادة الأوثان و دين المشركين ، و لم يدخل مع أحد من اليهود و لا النصارى ، و أما أصحابه فتنصروا و دخلوا في دين النصرانية ؛ لأنهم وجدوه أقرب من دين اليهود إذ ذاك ، و كان منهم ورقة بن نوفل ، حتى هداه الله بنبيه لما بعثه آمن بما وجد من الوحي ، .

( مسألة ) : و الصحيح من مذاهب العلماء أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد و الظاء لقرب مخرجيهما ؛ و ذلك أن الضاد مخرجها من أول حافة اللسان و ما يليها من الأضراس ، و مخرج الظاء من طرف اللسان و أطراف الثنايا العليا ، و لأن كلا من الحرفين من الحروف المجهورة و من الحروف الرخوة و من الحروف المطبقة ، فلهذا كله اغتفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك و الله أعلم .
و أما حديث : أنا أفصح من نطق بالضاد فلا أصل له و الله أعلم .

"فصل"

اشتملت هذه السورة الكريمة و هي سبع آيات فضلها ، على حمد الله و تمجيده و الثناء عليه ، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا ، و على ذكر المعاد و هو يوم الدين ، و على إرشاده عبيده إلى سؤاله و التضرع إليه ، و التبرؤ من حولهم و قوتهم ، و إلى إخلاص العبادة له و توحيده بالألوهية تبارك و تعالى ، و تنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل ، و إلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم ، و هو الدين القويم ، و تثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة ، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين ، و الصديقين ، و الشهداء ، و الصالحين .

و اشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة ، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة ، و التحذير من مسالك الباطل ؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة ، و هم المغضوب عليهم و الضالون .
و ما أحسن ما جاء إسناد الإنعام إليه في قوله تعالى :
( صراط الذين أنعمت عليهم )
و حذف الفاعل في الغضب في قوله تعالى : ( غير المغضوب عليهم ) و إن كان هو الفاعل لذلك في الحقيقة ، كما قال تعالى :
( ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ) الآية [ المجادلة : 14 ] ، و كذلك إسناد الضلال إلى من قام به ، و إن كان هو الذي أضلهم بقدره ، كما قال تعالى :
( من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ) [ الكهف : 17 ] .
و قال : ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأعراف : 186 ] .
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه سبحانه هو المنفرد بالهداية و الإضلال ، لا كما تقوله الفرقة القدرية و من حذا حذوهم ، من أن العباد هم الذين يختارون ذلك و يفعلونه ، و يحتجون على بدعتهم بمتشابه من القرآن ، و يتركون ما يكون فيه صريح في الرد عليهم ، و هذا حال أهل الضلال و الغي ، و قد ورد في الحديث الصحيح :
إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم . يعني في قوله تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ) [ آل عمران : 7 ] ، فليس - بحمد الله - لمبتدع في القرآن حجة صحيحة ؛ لأن القرآن جاء ليفصل الحق من الباطل مفرقا بين الهدى و الضلال ، و ليس فيه تناقض و لا اختلاف ؛ لأنه من عند الله تنزيل من حكيم حميد .

"فصل"

يستحب لمن قرأ الفاتحة أن يقول بعدها : آمين [ مثل : يس ] ، و يقال : أمين . بالقصر أيضا [ مثل : يمين ] ، و معناه : اللهم استجب ، و الدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد و أبو داود ، و الترمذي ، عن وائل بن حجر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم قرأ : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فقال : آمين ، مد بها صوته ، و لأبي داود : رفع بها صوته ، و قال الترمذي : هذا حديث حسن .
وروي عن علي ، وابن مسعود و غيرهم .

و عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا تلا ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قال : آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول ، رواه أبو داود ، و ابن ماجه ، و زاد : يرتج بها المسجد ، و الدارقطني و قال : هذا إسناد حسن .

و عن بلال أنه قال : يا رسول الله ، لا تسبقني بآمين . رواه أبو داود . و نقل أبو نصر القشيري عن الحسن و جعفر الصادق أنهما شددا الميم من " آمين " مثل : ( آمين البيت الحرام ) [ المائدة : 2 ] .

قال أصحابنا و غيرهم : و يستحب ذلك لمن هو خارج الصلاة ، و يتأكد في حق المصلي ، و سواء كان منفردا أو إماما أو مأموما ، و في جميع الأحوال ؛ لما جاء في الصحيحين ، عن أبي هريرة - - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة ، غفر له ما تقدم من ذنبه.
و لمسلم : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا قال أحدكم في الصلاة : آمين ، و الملائكة في السماء : آمين ، فوافقت إحداهما الأخرى ، غفر له ما تقدم من ذنبه . [ قيل : بمعنى من وافق تأمينه تأمين الملائكة في الزمان ، و قيل : في الإجابة ، و قيل : في صفة الإخلاص ] .
و في صحيح مسلم عن أبي موسى مرفوعا : إذا قال ، يعني الإمام : ( ولا الضالين ) ، فقولوا : آمين . يجبكم الله .
و قال جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما معنى آمين ؟
قال : رب افعل .
و قال الجوهري : معنى آمين : كذلك فليكن ، و قال الترمذي : معناه : لا تخيب رجاءنا ، و قال الأكثرون : معناه : اللهم استجب لنا ، و حكى القرطبي عن مجاهد و جعفر الصادق و هلال بن كيسان : أن آمين اسم من أسماء الله تعالى، و روي عن ابن عباس مرفوعا و لا يصح ، قاله أبو بكر بن العربي المالكي .
و قال أصحاب مالك : لا يؤمن الإمام و يؤمن المأموم ، لما رواه مالك عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة :
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و إذا قال ، يعني الإمام : ( ولا الضالين ) ، فقولوا : آمين . الحديث .
و استأنسوا - أيضا - بحديث أبي موسى : و إذا قرأ : ( ولا الضالين ) ، فقولوا : آمين .

و قد قدمنا في المتفق عليه : إذا أمن الإمام فأمنوا و أنه عليه الصلاة و السلام كان يؤمن إذا قرأ ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) و قد اختلف أصحابنا في الجهر بالتأمين للمأموم في الجهرية حكمه ، و حاصل الخلاف أن الإمام إن نسي التأمين جهر المأموم به ، قولا واحدا ، و إن أمن الإمام جهرا فالجدير أنه لا يجهر المأموم و هو مذهب أبي حنيفة ، و رواية عن مالك ؛ لأنه ذكر من الأذكار فلا يجهر به كسائر أذكار الصلاة .
و القديم أنه يجهر به ، ورهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، و الرواية الأخرى عن مالك كما تقدم : حتى يرتج المسجد .

رو لنا قول آخر ثالث : إنه إن كان المسجد صغيرا لم يجهر المأموم ، لأنهم يسمعون قراءة الإمام ، ورإن كان كبيرا جهر ليبلغ التأمين من في أرجاء المسجد ، و الله أعلم .

و قد روى الإمام أحمد في مسنده ، عن عائشة ، ا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكرت عنده اليهود ، فقال : إنهم لن يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها و ضلوا عنها ، و على القبلة التي هدانا الله لها و ضلوا عنها ، و على قولنا خلف الإمام : آمين ، و رواه ابن ماجه ، و لفظه :
ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام و التأمين ، و له عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول : آمين ، فأكثروا من قول : آمين و في إسناده طلحة بن عمرو ، و هو ضعيف .

و روى ابن مردويه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : آمين : خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين .
و عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أعطيت آمين في الصلاة و عند الدعاء ، لم يعط أحد قبلي إلا أن يكون موسى ، كان موسى يدعو ، و هارون يؤمن ، فاختموا الدعاء بآمين ، فإن الله يستجيبه لكم .

قلت : و من هنا نزع بعضهم في الدلالة بهذه الآية الكريمة ، و هي قوله تعالى :
( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ) [ يونس : 88 ، 89 ] ، فذكر الدعاء عن موسى وحده ، و من سياق الكلام ما يدل على أن هارون أمن ، فنزل منزلة من دعا ، لقوله تعالى : ( قد أجيبت دعوتكما ) [ يونس : 89 ] ، فدل ذلك على أن من أمن على دعاء فكأنما قاله ؛ فلهذا قال من قال : إن المأموم لا يقرأ لأن تأمينه على قراءة الفاتحة بمنزلة قراءتها ؛ و لهذا جاء في الحديث : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ، و كان بلال يقول : لا تسبقني بآمين . فدل هذا المنزع على أن المأموم لا قراءة عليه في الجهرية ، و الله أعلم .

و لهذا قال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن محمد بن سلام ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير ، عن ليث بن أبي سليم ، عن كعب ، عن أبي هريرة ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا قال الإمام : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فقال : آمين ، فتوافق " آمين " أهل الأرض " آمين " أهل السماء ، غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه ، و مثل من لا يقول : آمين ، كمثل رجل غزا مع قوم ، فاقترعوا ، فخرجت سهامهم ، و لم يخرج سهمه ، فقال : لم لم يخرج سهمي ؟ فقيل : إنك لم تقل : " آمين .


ÊæÞíÚ




  رد مع اقتباس