الروشتة
القت نظرة على الروشتة التي بين يديها ، و سالت دمعة على خدها ، كأنها وابل من حميم بركان ، جالت بخاطرها أيام كان للعز فيها سلطان ، و كانت الأيام لا تعرف إلا الضحك لديها ، و جلست على حجر بالقرب من باب البنك ، و كلما نظرت إلى الروشتة تتحدر قطرات الجمان من عينيها ، فقال لنفسها :
ءأسأل هؤلاء القوم ، و قد يظنون بي الظنون ، و كيف أسألهم يا ربي ، و بابك لا يغلق . ######### خلف مقود سيارته جلس ، و قد حار به الدليل ، صار يتأمل المارة أمامه ، و تذكر شتلته ، كلهم بنين و بنات ، راح يستعرضهم واحدا ، واحدا ، و هو يمضغ علكته بين أسنانه على مهل ، فهو لم يكن في عجلة من أمره ، فلم يزل على وقت السمر زمنا طويل . هم بإلقاء اللبانة على قارعة الطريق ، و لكنه احجم في آخر لحظة ، تذكر أن هذه قد تلصق برجل أحدهم ، فيسبه ، و يسب والديه ، و معلميه ، توقف هنا فكره قليلا ، و قال لنفسه : والدي ؟ ! ! ما ذنبهما ؟ ! و لو يعلمان هذا ما كان وفرا لي هذا المبلغ لإبدده ، ثم يكون جزاءهما اللعن ، يا لي من وقح ، أهذا جزء الوالدين مني ؟ ! و معلمي ، هم ايضا ، كان كل حرصهم أن يزرع في نفسي الخير ، و هم لا يعرفون ، و لكن كانت رسالة أدوها بأمانة ، و تركوا لي عقلي لأبحث عن الخير ، و الفضيلة ، فهل ارد إليهم الإحسان بالإساءة ، إني إذا لفي ضلال مبين ، هكذا جال به فكره ، و ما زالت قطعة العلكة بيده ، لا شعوريا سحب منديلا من علبة المناديل التي أمامه ، ثم لفى بها العلكة جيدا ، ثم وضعها بالقرب منه ، و قال سوف القيها في صندوق القمامة ، هكذا كانوا يعلموني ، فلم اعرف قيمة ذلك إلا اليوم . رفع بصره ، فتعجب ! ما لهذه المرأة تبكي ، و تنظر في الورقة التي بين يديها ، اتراه خبر وفاة عزيز لديها ، فالجمتها المفاجأة ، أم أنها ورقة طلاق ، و انهالت عليه الأسئلة ، فاحتار ، فعزم أن يرى بنفسه الأمر . تسلل على مهل حتى لا تراه ، فتغلق الورقة ، قال لنفسه علي أن أستطيع أن اقدم لها خدمة ، أو أسري عن نفسها بعض الشيء . وقف خلفها ، و تأمل ما بيدها ، فسالت دموع عينيه ، و لم يستطع الوقوف ، فجلس بقربها ، و قال لها : يا والدة تسمحي لي ، و قبل ان ترد عليه امسك بالروشتة بين يديه ، و قال لها ، قومي معي ، و لا تخافي ، و لا تسأليني من أنا . فوالله ما أنا إلا عبد سخره الله لك . |
رد: الروشتة
كالعادة إبداع رائع
وطرح يستحق المتابعة شكراً لك بإنتظار الجديد القادم دمت بكل خير |
يسلم احساسك
يسرني رؤية حرفك ودي و تحياتي حفظك الله |
صح لسانك الله يعطيك العافيه تحياتي وتقديري |
قصه جميله عاشت ايدك
|
الساعة الآن 01:16 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
منتديات حزن العشاق