منتديات حزن العشاق - كتاب (انت تؤثر في الكون)

دراسه في كتاب (انت تؤثر في الكون) الصادر حديثا عن دار الشمس للطباعة والنشر ـ بغداد يتعرض الباحث ( عبد الكريم حسن احمد) الى جملة قضايا تدور بشأن العلاقة بين النفس الانسانية والمادة مشيرا الى وجود رابطة وثيقة الصلة وتأثير متبادل بينهما، ضمن معادلة ثنائية انعكاسية، وعلى ضوء هذه الفرضية، يرى ان النفس بأمكانها ان تؤثر على مادة الكون وهذا التأثير قد يكون على شكل تغيرات ايجابية اوسلبية، ويربط بين المفاهيم النفسية وقوانين الفيزياء والكيمياء التي تخضع اليها المادة. ومن بين ذلك، يبين ان الامراض التي تصيب الانسان والتغيرات التي تحدث في البيئة الخارجية هي على علاقة وثيقة بما يحدث في النفس الانسانية من تغيرات، ويشير في مؤلفه في الفصول الثلاثة الاولى التي تعد من ضرورات البحث وتمهيدا أو مدخلا للوصول الى جوهر الدراسة وفهم فرضيات الفصول اللاحقة، الى تطور علم النفس على وفق تتبع تاريخي، فضلا عن وجهات النظر المختلفة والمعاصرة بشأن علم النفس،كونه علما مستقلا، منها رؤية علم النفس السلوكي، والدينامي، والمعرفي، والانساني، والوجودي، بعد اشارته الى هذا الميدان الذي يختلف عن باقي العلوم الاخرى، من حيث وسائل القياس وصعوبة ثبات ودقة مايراد بحثه، كونه يتعامل مع ظاهرة الانسان المعقدة بطبيعتها، وعن موضوعة النفس مع بدنها يستعرض الباحث طائفة من اراء الفلاسفة وتصورات العلماء والدارسين والمشتغلين بهذا المجال، من امثال ديكارت، جون اكلكس، روجر بنروز، وغيرهم ممن بقيت هذه الموضوعة محل شك و اختلاف بينهم، بالاضافة الى علاقة الانسان بالمادة الخارجية أو التاثير فيها أو مايسمى بالادراك فوق الحسي ومحاولات جوزيف راين بهذا الحقل، ومادار حول ذلك والذي مازال يخضع لوجهات نظر متعددة ومتضاربة.
وضمن الاطار النظري يتناول الباحث مقدمة اولية تعريفية لعناصر الجهاز العصبي للانسان شملت الخلية العصبية والمادة السنجابية والمادة البيضاء، موضحا طبيعة الجهاز العصبي من حيث التشريح والوظائف، وفسلجة هذا الجهاز الدقيق للانسان، كما يفرد جانبا الى فسلجة الحواس وانواعها وتاثيراتها بما يحيطها.
وفي معرض بحثه عن النفس التي تتكون من العقل الواعي المبني على القدرات العليا، كالادراك والتركيز، يبين ان هذا الجزء يراعي الواقع ويسايره، والجزء الثاني المتمثل بالعقل الآلي،يعمل على تسجيل البيانات التي تتكون عند التعرض الى المنبهات، حيث يكون مختصا برغبات واهواء الفرد وحاجاته وهذا بطبيعته لايراعي الواقع، ويتكون من احاسيس ومشاعر متضادة، هما الــلذة والالم، الى جانب الفكر الذي ينطوي على نوعين من المعلومات الحسية والشعورية، مشيرا الى مســتويات الادراك العقلي وهي خمسة مستويات، اذ يتباين فيـــــها الادراك، منها مســــــتويات الاحتمال, ومســـتوى التــــوتر ومستوى الهياج عند التعرض للمنبهات.
موضحا المعادلة الانعكاسية بين المادة والفكر من خلال العمليات العقلية بين المنبه وصدور الاستجابة وما ندعوه بالتأثيرالمتبادل الطبيعي، حيث تكون النتيجة اما ارتفاع درجة حرارة الخلايا ويثار احساس الالم أوالمشاعر السلبية أو انخفاض الحرارة وعندها يثار احساس اللذة أو المشاعر الايجابية، وترتبط المعلومات الحسية مع المعلومات الشعورية في معادلة خاصة، وعليه فان التعرض للمنبهات يؤدي الى احداث فكري ويكون بذلك تأثير المادة في الفكر، اما عند التعرض الى معلومة حسية فأن هذا يؤدي الى تكوين باقي المعلومات الشعورية ونتيجة لذلك يرتفع احد الاحساسين الالم أو اللذة ثم تتكون معلومات حسية مقابلة للمعلومات الشعورية، كما يحدث للمعلومات الحسية انعكاس نحو احدى جهتين ماديتين، وهما مادتا الجسم او مادة الكون وينتج ما مفاده ان الفكر يؤثر في المادة.
وبعد تسليط الضوء والتعرف على البناء النفسي وتحديد العناصر والوحدات النفسية المشتركة والتعرف على العمليات العقلية، يوضح بشكل تفصيلي كل مايتصل بالشخصية وانواعها وبنائها ونموها، وما لها من تأثير في الكون أو المادة الخارجية، الى جانب الاضطرابات الانسانية المختلفة ومنها الامراض البدنية والنفسية والعقلية، وكذلك الاضطرابات الكونية، مثل الزلازل والهزات والتغيرات المناخية والجفاف، وعلاج الاضطرابات الانسانية والكونية، مبينا بالدقة والتحديد مصطلحات البحث، وممهدا للمبادئ الاولية عند كل مبحث، ما يمنح العرض والتحليل حيوية, واستنتاجات، مبوبة بتنظيم واضح، ينطوي على قدر من الاشتغال الجاد و المنظم، ويولي الباحث اهتماما بالغا بآلية التاثير بين النفس والمادة وهو جوهر البحث، مشيرا الى حدوثه في احد اجزاء الارض أو احد اجزاء المنظومة الشمسية، وكذلك حدوثه في المادة من تمدد وانكماش، حيث ان الطاقة الحرارية المنعكسة من الناس تتسلط على ذرات المادة بتوجيه من عملية الانعكاس وتؤثر في ألكتروناتها وتعمل على رفعها وخفضها، لذلك فأن الارض تتعرض بالاضافة الى حرارة الشمس، الى ارتفاع وانخفاض في درجة حرارتها، نتيجة تاثير المجتمعات الانسانية التي تسكن عليها.ويؤكد في هذا الصدد، انه في الاحوال الطبيعية التي لاتظهر فيها ازمات ومشاكل مختلفة، تتوازن الحرارة المنبعثة من نفوس الشخصيات المضطربة الحارة مع كميات البرودة المنبعثة من افراد الشخصية المضطربة الباردة وبالتالي لايحدث تاثير واضح على درجة حرارة الارض، ويحدث خلاف ذلك، وفي الظروف غير الطبيعية، ما يحدث خلل في توازن الحرارة.
ومن الموضوعات الاخرى التي يناقشها الباحث، ظاهرة الاحتباس الحراري، من حيث الاسباب والمعالجات، فضلا عن الجفاف والتصحر وتأثيرها على عملية البناء الضوئي، ونظرة وتفسير الى الاضطرابات بصورة عامة، وادوار الاضطراب واصنافها، بحسب علاقتها بالفرد، وتبعا لمصادر تكوينها الى جانب علاجاتها، بعد تفسير الشخصية وانماطها المختلفة، كالشخصية المستقرة والمضطربة الباردة والمضطربة الحارة بالاضافة الى سماتها الى جانب محاور اخرى ذات صلة بموضوع البحث.
وعلى العموم يأتي هذا الاصدار وما طرحه من فرضيات واستنتاجات، يشكل اسهامة جديدة بحاجة الى دراسة واغناء، وخصوصا في جانب الذكاء الصنعي وعلم النفس المعرفي، وصولا للكشف عن (فيزياء النفس).